بعدما حسمت إسرائيل معركتها في
القدس بفرض سيطرتها على المدينة، تستعد لمعركة السيطرة على
المسجد الأقصى مستغلة انشغال المجتمع الدولي بالثورات التي يشهدها العالم العربي، ومن خلال إتمامها شبكة الأنفاق وشروعها باستحداث الجسر العسكري في باب المغاربة.
وتستمر تل أبيب بالدفع بالمستوطنين ليصلوا إلى البلدة القديمة في القدس الشرقية ومشارف الأقصى، حيث يقطن بتخومه نحو ثلاثة آلاف مستوطن.
ودأب الاحتلال على استهداف قيادات الفصائل الفلسطينية، فبعد قراره بإبعاد عددا من قيادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يستهدف الآن قيادات بالجبهة الشعبية من خلال إبعاد بعضهم أو فرض الإقامة الجبرية على آخرين، بهدف تقويض نشاط الحركات الفلسطينية.
|
الجسر العسكري في باب المغاربة المتاخم للأقصى
|
طرد وإبعاد
يُشار إلى أن نواب القدس يواصلون اعتصامهم في مقر الصليب الأحمر للشهر السابع على التوالي، عقب أوامر الطرد الصادرة بحقهم.
وبالمقابل رفضت الداخلية الإسرائيلية تجديد الإقامة لمطران الكنيسة الإنجيلية الأسقفية بالأراضي المقدسة والشرق الأوسط سهيل دواني، بادعاء تزييف مستندات لِنقل أراض يهودية لفلسطينيين.
وأُبعد رئيس قسم المخطوطات بالأقصى المبارك الدكتور ناجح بكيرات، بموجب أمر عسكري عن تخوم المسجد لمدة ثلاثة أشهر.
الحاضنة الصهيونية
وفي تصريح للجزيرة نت أوضح بكيرات أن القدس توجد بعين الحاضنة الصهيونية التي تستغل الصمت العربي والإسلامي والتخاذل الدولي وانشغال العالم بالثورات، لتتفرد بالمدينة وسكانها ومقدساتها.
ولفت إلى أنه منذ مطلع العام الجاري ومع نجاح الثورة التونسية، أعلن الاحتلال عن رباط الكرد كحائط مبكى صغير، وهدم عقار أمين الحسيني (يرحمه الله) الذي يعتبر رمز النضال الوطني الفلسطيني.
ويضيف بكيرات أنه مع اندلاع الثورة المصرية، استهدف الاحتلال مساجد القدس، حيث سعى لإسكات صوت الأذان والتحكم به، وواصل بناء وتوسيع الكنس على حساب العقارات العربية والإسلامية.
وتابع بأن ممارسات الاحتلال طالت كذلك القصور الأموية التي دمرت وطُمست، ودشن نفقا يربط سلوان بساحة البراق، وتمت مصادرة آخر ما تبقى من آثار وأوقاف إسلامية بمحيط الأقصى، ووظفت بمشاريع التهويدية والسياحية.
|
توسيع وافتتاح المزيد من الكنس في تخوم الأقصى
|
واقعة الأقصى
وكشف بكيرات النقاب عن تدشين الاحتلال مشروع الأنفاق حيث حفر 25 نفقا، وباتت إسرائيل تبسط سيادتها على بطن الأرض وظاهرها، وتتحكم بالحياة اليومية للمقدسيين.
ولفت إلى أن المعركة وإن كانت بباطن الأرض وعبر الأنفاق، فإنها تسير باتجاه الأقصى، مؤكدا ترقب اللحظة التي يخرج اليهود من قلب ساحات المسجد.
وعن الوضع بالقدس، أكد بكيرات أن سلطات الاحتلال تعمدت شل الحركة التجارية بالبلدة القديمة وضرب الاقتصاد الفلسطيني.
وخلص إلى القول إن إسرائيل حسمت معركة القدس، وما تبقى هو واقعة الأقصى والسكان الذين يتعرضون للترهيب والقمع والذل والإبعاد.
|
ناجح بكيرات: إسرائيل حسمت معركة القدس، وما تبقى هو واقعة الأقصى
|
هدم وإخلاء
وسخّرت إسرائيل مختلف أذرعها السياسية لإحكام سيطرتها على القدس والأقصى، لتنفيذ مخططات استيطانية قديمة، كما حظرت أي نشاط اجتماعي وسياسي للفلسطينيين بالمدينة.
وكثفت سلطات الاحتلال من أوامر الهدم والإخلاء للمنازل الفلسطينية، لترحيل وتغييب البعد العربي والروحي والعقائدي عن مشهد المدينة واستبداله بالتراث اليهودي.
مسؤول ملف القدس بحركة فتح حاتم عبد القادر اعتبر أن إسرائيل قد تكون تمكنت من حسم معركة القدس عبر تزييف الوقائع والجغرافيا وتكثيف وجودها الاستيطاني، من خلال تهويد المعالم والإطاحة بالرموز الإسلامية والمسيحية، لإثبات الحق المزعوم لليهود بالمدينة.
لكنه أكد في الوقت نفسه في حديثه للجزيرة نت، أن الدولة العبرية فشلت في تثبيت تهويد المسار الديمغرافي وتغيير التركيبة السكانية، بحيث لا تزال أغلبية فلسطينية تعيش بالقدس الشرقية حيث يقطنها ثلاثمائة ألف فلسطيني مقابل مائتي ألف مستوطن.
|
حاتم عبد القادر حذر من تصعيد المشاريع الاستيطانية
|
مقاومة شعبية
وحذر عبد القادر من تصعيد المشاريع الاستيطانية، ومحاولات الاحتلال خلق أغلبية يهودية، من خلال حملة تطهير عرقي، بسحب الهويات والإبعاد وهدم المنازل والاستيلاء على العقارات.
وشدد على أن المعركة لم تحسم بعد، وأن السياسات الإرهابية لن تخيف المقدسيين ولن تثنيهم عن المقاومة الشعبية بالدفاع عن وجودهم وحقهم التاريخي في المدينة.
ودعا مسؤول ملف القدس بفتح العالمين العربي والإسلامي للخروج عن صمتهما وتقديم الدعم المالي والمعنوي والسياسي للمقدسيين، ليتسنى لهم الصمود وحسم المعركة.
كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية كاملة حيال ممارسات الاحتلال، مؤكدا أن الواجب يحتم على العالم التدخل الفوري، وكف يد إسرائيل عن مخالفاتها للقوانين الدولية.
المصدر