غلقت مكاتب التصويت في استفتاء جنوب السودان أبوابها بعد انتهاء اليوم الأول من عملية الاقتراع التي ستستمر لمدة أسبوع. وأكد عضو بعثة المراقبين الروس الى جنوب السودان، النائب في مجلس الاتحاد الروسي أسلام بيك أصلاخانوف يوم 9 يناير/كانون الثاني أن نسبة الإقبال تعد كبيرة بالمقارنة مع الإقبال في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في السودان. وقال البرلماني الروسي: "بالمقارنة مع الانتخابات الرئاسية التي جرت في أبريل/نيسان الماضي فإن الاقبال اليوم كبير جدا ولم يسبق لنا أن رأينا مثل هذا الإقبال الذي ينبع من رغبة المواطنين في حصول تغيير في حياتهم نحو الافضل، ففي نهاية المطاف ستتوقف إراقة الدماء، وأمل المواطنين كبير في القضاء على الفساد الاداري والمحسوبية. وقد رأينا المواطنيين يرقصون فرحا بهذا التغيير، أما نسبة الاقبال فوصلت في بعض المراكز الى 20% من المسجلين، وهي نسبة كبيرة مع العلم أن فترة الاقتراع ستستمر لمدة اسبوع".
من جانبه أكد رئيس مفوضية حقوق الإنسان في جنوب السودان لورينس كورباندي في حديث لـ"روسيا اليوم" أن كل السودانيين الجنوبيين حصلوا على إمكانية الإدلاء بأصواتهم خلال الاستفتاء، حيث فُتحت مكاتب التصويت ليس في جنوب السودان فحسب، بل وأيضا في شماله وثماني دول أخرى منها الولايات المتحدة وكندا وكينيا وأوغندا وعدد من دول جوار السودان الأخرى. وأشار كورباندي الى انه في حال صوت الناخبون لصالح الانفصال، ستقوم حكومة جنوب السودان بإنشاء مفوضية لوضع دستور انتقالي للدولة الجديدة، وهذا الأمر قد "وافق عليه جميع أحزاب جنوب السودان في الاجتماع بقيادة الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان في السنة الماضية".
وقد أدلى رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير بصوته مشيدا بـ"اللحظة التاريخية التي طالما انتظرها الجنوبيون". وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن كير كان في طليعة المشاركين في الاقتراع في مركز مجاور لضريح الزعيم التاريخي لجنوبيي السودان جون قرنق. وقال كير وهو يرفع أصبعه وصبغة الحبر عليه بعد أن شارك في الاقتراع "انها اللحظة التاريخية التي طالما انتظرها شعب جنوب السودان".
وكان السناتور الامريكي جون كيري في مركز الاقتراع لدى إدلاء كير بصوته ومعه أيضا الموفد الأمريكي سكوت غرايشون والممثل الأمريكي جورج كلوني.
وقال كير أيضا "أطلب من جميع الجنوبيين أن يكونوا صبورين في حال لم يتمكن أحدهم من المشاركة في الاقتراع اليوم".
وكان آلاف الجنوبيين اصطفوا في طوابير طويلة في جوبا منذ ساعات الصباح الاولى بانتظار دورهم للمشاركة في الاستفتاء.
وستتواصل عمليات الاقتراع لمدة أسبوع. ويأتي هذا الاستفتاء في إطار اتفاق السلام الذي وقعه طرفا النزاع في السودان في 2005 وانهى حربا أهلية أوقعت نحو مليوني قتيل طيلة نحو عشرين عاما.
وهذه العملية التي تجرى في ظل مراقبة دولية ومتابعة امريكية مباشرة من المقرر ان تعلن نتائجها بعد اسبوعين على أن تليها فترة انتقالية حتى التاسع من يونيو/حزيران القادم موعد الاعلان المرجح للدولة الجديدة.
وتجري عمليات التصويت في أكثر من 1600 مركز اقتراع بينها 175 مركزا في الشمال، إلا أن مراكز الاقتراع في الشمال شهدت إقبالا ضعيفا للجنوبيين المقيمين هناك، حسب التقارير المتوفرة.
وإذا وقع ما هو متوقع وجرى التصويت بنسبة 60 % لصالح الانفصال فإن السودان سيخسر ثلث أراضيه ونحو ربع سكانه، ويصير دولة جديدة بحدود غير مكتملة الترسيم، وستبقى المشاكل الأخرى على حالها، خصوصا في الشرق وإقليم دارفور في الغرب، الأمر الذي يضع الشمال في مواجهة مستقبل غير مأمون. وكذلك فإن التحديات التي سيواجهها الجنوب ليست بقليلة، وقد حذر الرئيس الأمريكي سابقاً جيمي كارتر من خيبات أمل كثيرة بعد تبدد "نشوة" الانفصال، مشدداً على وجوب اعتماد الديموقراطية حتى تكون الدولة الجديدة قابلة للحياة، والا تقع "كارثة".