أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:42

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Basmala
السلام عليكم ورحمة الله

لكى نفهم جميعاً حقيقة ما يسمى
حالياً بالفتنة الطائفية فى مصر والعالم الاسلامى بجميع أبعادها وأحداثها
وايضاً أسباب تلك الفتنة ومتى بدأت هذه الفتنة ونتعرف على المحرضين عليها
أحضرت لكم هذا الكتاب القيم والبالغ الاهمية (الفتنة الطائفية ... متى وكيف ولماذا ؟) للدكتور محمد عمارة المفكر الاسلامى الشهير وعضو مجمع البحوث الاسلامية بالازهر الشريف ...

http://www.dr-emara.com/Books/050.pdf

هذه بعض المقتطفات من هذا الكتاب البالغ الاهمية :


إن الحكام الأجانب ـ بمن فيهم
الإنجليز ـ لم يحجموا عن استخدام الأقلية القبطية في أغلب الأحيان ليحكموا
الشعب ويستنزفوه بالضرائب ـ وهذه ظاهرة نلاحظها في سوريا أيضًا، حيث ظهرت
أبحاث "جب" و"بولياك" كيف أن هيمنة أبناء الأقليات في المجال الاقتصادي قد
أدت إلى إثارة قلاقل دينية خطيرة بين النصارى والمسلمين في دمشق سنة 1860م،
وبين الموارنة والدروز في جبال لبنان سنة 1840م وسنة 1860م .

ونهاية الحملات الصليبية قد أعقبتها،
في أماكن عديدة، أعمال ثأر وانتقام ضد الأقليات المسيحية ـ ولاسيما الأرمن
ـ التي تعاونت مع الغازي..

بل إن كثيرًا ما كان موقف أبناء الأقليات أنفسهم من
الحكم الإسلامي، حتى عندما كان يعاملهم بأكبر قدر من التسامح، سببًا في
نشوب قلاقل طائفية، فعلاوة على غلو الموظفين الذميين في الابتزاز، وفي
مراعاتهم وتحيزهم إلى حد الصفاقة، أحيانًا، لأبناء دينهم، ما كان يندر أن
تصدر منهم استفزازات طائفية بكل معنى الكلمة.."

تلك شهادة شاهد من أهلها على حجم .. ومُدد.. وأسباب التوتر الديني والطائفي وتاريخنا الإسلامي.



وإذا نحن نظرنا ـ تحديدًا ـ إلى عامل "الغواية الاستعمارية" لشرائح من أبناء الأقليات الدينية
ـ في الشرق الإسلامي ـ بعصرنا الحديث.. فإننا نستطيع أن نشير إلى "محطات"
في التوترات التي صنعتها هذه الغواية ـ بعد قرون من مثيلاتها التي صنعتها
الغزوة الصليبية (489 ـ 690هـ ـ 1096 ـ 1291م) في تاريخنا الوسيط.(1)

ـ فبونابرت (1769 ـ 1821م) الذي قاد الحملة الفرنسية على مصر (1213هـ ـ 1798م) والشام..
والذي حلم بإعادة إمبراطورية الإسكندر الأكبر (356 ـ 323ق.م) الشرقية..
وتحقيق حلم الملك الصليبي القديس لويس التاسع (1214 ـ 1270م).. قد أعلن ـ وهو في طريقه من مرسيليا إلى الإسكندرية ـ أنه سيجند 20.000 من أبناء الأقليات المسيحية في مصر والشرق، ليتخذ منهم مواطئ أقدام لغزوته وإمبراطوريته الاستعمارية الفرنسية..


ولقد أثمرت غوايته الاستعمارية هذه ثمرات مرة، عندما سقط في مستنقعها قطاع من الأرثوذكس المصريين ـ الأقباط (2) ـ الذين كانوا "فيلقًا قبطيًا" ضم ألفين من شباب الأقباط ـ تزيا بزي الجيش الغازي، وحارب معه ضد الشعب المصري.. تحت قيادة "المعلم" يعقوب حنا (1745ـ 1801م) ـ الذي أصبح "جنرالاً" في الجيش الفرنسي الغازي ـ والذي يسميه الجبرتي (1167ـ 1237هـ ـ 1754 ـ 1822م) ـ وهو مؤرخ العصر ـ :"يعقوب اللعين"!..

ولقاء هذه الخيانة ـ التي تركت جراحات عميقة في الصف الإسلامي.. وفي الوحدة الوطنية
ـ والتي بدأت مسيرة السقوط في غواية التبعية للاستعمار الغربي، والمراهنة
على دعمه لتغيير هوية الأمة وانتمائها الحضاري.. أعطى بونابرت وخلفاؤه
للأقلية النصرانية ـ من القبط والشوام ـ بمصر ـ الوزن الأكبر في إدارة شئون
البلاد تحت الاحتلال الفرنسي.. كما عهد الجنرال "كليبر" (1753ـ 1800م) ـ الذي خلف بونابرت في قيادة الحملة وحكم مصر ـ إلى المعلم يعقوب حنا:

".. إن يفعل بالمسلمين ما يشاء!..
فتطاولت النصارى، من القبط ونصارى الشوام، على المسلمين بالسب والضرب،
ونالوا منهم أغراضهم، وأظهروا حقدهم، ولم يبقوا للصلح مكانًا، كما صرحوا
بانقضاء ملة المسلمين وأيام الموحدين"!.

وبعد مشاركة
"الفيلق القبطي" للفرنسيين الغزاة في إبادة 7/1 الشعب المصري ـ (300.000 من
شعب كان تعداده أقل من 3.000.000) ـ احتفلوا بانتصارات بونابرت على أهل
"غزة" (1213هـ 1799م).. وكما يقول الجبرتي:

".. فأظهر النصارى الفرح والسرور،
في الأسواق والدور، وأولموا في بيوتهم الولايم، وغيروا الملابس والعمايم،
وتجمعوا للهو والخلاعة، وزادوا في الشناعة"!.(3)

وفي حماية المستعمر الفرنسي، وفي ظلال سيوفه، أظهروا الكيد للأغلبية المسلمة.. وبعبارة الجبرتي:
".. فترفع أسافل النصارى من القبط
والشوام والأروام واليهود، فركبوا الخيول، وتقلدوا السيوف بسبب خدمتهم
للفرنسيس، ومشوا بالخيل، وتلفظوا بفاحش القول، واستذلوا المسلمين مع عدم
اعتبارهم للدين، إلى غير ذلك مما لا يحيط به الحساب، ولا يسطر في الكتاب،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"!.(4)

ـ ولم تنته هذه الغواية ـ وهذا
السقوط ـ بهزيمة الحملة الفرنسية على مصر، وجلاء جيشها (1216هـ ـ 1801م)..
ورحيل المعلم يعقوب حنا وزمرته مع جيش الاحتلال.. وإنما خلف يعقوب ـ عقب
هلاكه ـ من سموا أنفسهم "الوفد المصري" ـ أي اللاعربي واللاإسلامي ـ الذي ذهب إلى فرنسا ـ بقيادة "نمر أفندي"
ـ عارضًا العمالة على الإمبراطورية الفرنسية، حتى بعد هزيمتها!.. ومعلنًا
عن استعداده لتطبيق القانون الفرنسي بمصر، بدلا من القانون الوطني والفقه
الإسلامي!.. بل وعارضا تسخير الكنيسة الأرثوذكسية المصرية لتحقيق حلم فرنسا
الكاثوليكية اختراق إفريقيا دينيًا!..

وفي هذا الصدد، عرض هذا "الوفد المصري":
"الولاء لبونابرت".. وقالوا له :"إن الوفد المصري، الذي
فوضه المصريون الباقون على ولائهم لك، سيشرع لمصر ما ترضاه لها من نظم
عندما يعود إليها من فرنسا.. وإن الجمهورية الفرنسية اليوم ـ إذا أرادت ـ
يمكنها عن طريق الأمة المصرية، التي ستكون موالية لها، مد نفوذها نحو أواسط
إفريقيا، وبذلك تحقق ما عجزت عن تحقيقه الملكية"!.(5)

ـ وفي الوقت الذي كان هذا "الوفد المصري" يراهن على فرنسا المهزومة.. كان المعلم يعقوب ـ قبيل هلاكه ـ قد كتب "وصيته" إلى انجلترا الاستعمارية، لتحل محل فرنسا في ضم مصر إلى السيطرة الغربية، لتغيير هوية مصر، وانتمائها، وعلاقاتها الإقليمية والدولية.. فطلب ـ في هذه "الوصية" ـ التي بعث بها إلى وزير الحرب الإنجليزي ـ أن ترث انجلترا مصر من الدولة العثمانية.. وقال:
"توشك الإمبراطورية العثمانية على
الانهيار، ولذا فيهم الإنجليز، قبل أن تقع الواقعة، أن يلتمسوا لأنفسهم من
الوسائل المؤكدة ما يكفل لهم الإفادة من ذلك الحدث عند وقوعه، فيحققوا
مصالحهم السياسية.

وإذا كان من
المستحيل عليهم أن يستعمروا مصر ـ كما استحال ذلك من قبل على فرنسا ـ فيكفي
أن تخضع مصر المستقلة لنفوذ بريطانية، صاحبة التفوق في البحار المحيطة
بها، إن بريطانيا لها من سيادتها البحرية ما يجعلها تستأثر بتجارة مصر
الخارجية، ويضمن لها بالتالي أن يكون لها ما تريد من نفوذ فيها.. إن مصر
المستقلة لن تكون إلا موالية لبريطانيا.. ومن ثم فعلى بريطانيا أن تعمل على
استقلال مصر، وهذا الاستقلال لن يكون نتيجة وعي الأمة، ولكنه سيكون نتيجة
تغيير جبري تفرضه القوة القاهرة على قوم مسالمين جهلاء!..

وللدفاع عن هذا الاستقلال.. فإن
المصريين يمكنهم أن يعتمدوا على قوة أجنبية تعمل لحسابهم، يتراوح عددها بين
12.000 و15.000 جندي، يكفون تمامًا لصد الترك عن الصحراء، والسجق المماليك
داخل مصر.."!(6)

فالوصية اليعقوبية، هي باستقلال مصر
عن ذاتها الحضارية، وماضيها وحاضرها الإسلامي، ومحيطها القومي والحضاري ـ
أي الانسلاخ عن العروبة والإسلام ـ.. وإخضاعها لنفوذ انجلترا، لتكون موالية
لبريطانيا، التي تستأثر بتجارتها الخارجية.. هذا "الاستقلال" الذي تفرضه
القوات الأجنبية على المصريين "المسالمين الجهلاء"!.. كما قال المعلم يعقوب
اللعين!..

هذا عن جبهة الأقلية الأرثوذكسية بمصر، في أولى محطات السقوط في غواية الاستعمار الغربي ـ في عصرنا الحديث ـ ..

***

وعلى جبهة الأقليات اليهودية.. رمى بونابرت حبال هذه الغواية الاستعمارية أيضًا، وذلك عندما أذاع ـ وهو على أسوار عكا (1213 ـ 1799م) ـ نداءه إلى يهود العالم، طالبًا منهم التأييد والدعم لطموحاته الاستعمارية في الشرق الإسلامي، لقاء إعادة زرعهم في فلسطين.. فقال في هذا النداء:
"أيها الإسرائيليون، أيها الشعب
الفريد.. انهضوا بقوة، أيها المشردون في التيه.. لابد من نسيان ذلك العار
الذي أوقعكم تحت العبودية، وذلك الخزي الذي شل إرادتكم لألفي سنة..

إن فرنسا تقدم
لكم يدها الآن حاملة إرث إسرائيل.. إن الجيش الذي أرسلتني العناية الإلهية
به.. قد اختار القدس مقرًا لقيادته، وخلال بضعة أيام سينتقل إلى دمشق
المجاورة، التي استهانت طويلاً بمدينة داود وأذلتها..

يا ورثة فلسطين الشرعيين، إن الأمة الفرنسية.. تدعوكم إلى إرثكم بضمانها وتأييدها ضد كلا الدخلاء"!(7)

تلك كانت "المحطة الأولى" من محطات الغواية الاستعمارية للأقليات الدينية الشرقية في عصرنا الحديث.
----------------------------------------------------------------

* هوامش:

1ـ انظر كتابنا (الدراما التاريخية وتحديات الواقع المعاصر) طبعة القاهرة ـ مكتبة الشروق الدولية سنة 2005م.
2ـ القبطي هو المصري.. فالمسلمون المصريون هم: أقباط
مسلمون. والمسيحيون ـ النصارى ـ المصريون هم: أقباط مسيحيون.. لكننا ـ
مجاراة للخطأ الشائع ـ سنستخدم مصطلح الأقباط للتعبير عن النصارى.

3ـ الجبرتي : (عجائب الآثار في التراجم والأخبار) جـ 5 ص 134 و136 ـ طبعة القاهرة سنة 1965م.
4ـ الجبرتي: (مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس) ص117 ـ طبعة القاهرة سنة 1969م.
5ـ المصدر السابق ص112.
6ـ د. أحمد حسين الصاوي: (المعلم يعقوب بين الحقيقة والأسطورة) ص129و132 ـ طبعة القاهرة سنة 1986م.
7ـ المصدر السابق. ص123 ـ 125 ـ ملحق رقم 6.



الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 1_612754_1_34

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Salah_el_din_sitadle
.
.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:43

[size=21]تابع
[/size]

وبعد احتلال الإنجليز لمصر (1299 ـ 1882م) كانت "المحطة الثانية" للغواية الاستعمارية للأقلية الأرثوذكسية ـ القبطية ـ التي حاولت بعث مشروع المعلم يعقوب حنا ـ مشروع : سلخ مصر عن العروبة والإسلام.. واستخلاصها للأقباط المسيحيين!..

لقد اجتمعوا على تأييد الاحتلال الإنجليزي .. والاستعانة به.. والاستنجاد
بأوروبا المسيحية لإحداث هذا الانقلاب على الإسلام والمسلمين..


وبعد مقتل بطرس غالي باشا (1846 ـ 1910م) ـ الذي كان يسعى إلى تحقيق ذلك الهدف بالتدريج الناعم ! ـ عقدوا المؤتمر القبطي ـ في أسيوط ـ 4 مارس سنة 1911م ـ لاستعجال تحقيق هذا الانقلاب..
ولإدراك هذه الحقيقة.. والمقاصد الحقيقية لهذا المؤتمر،
علينا أن نقرأ ما كتبه أعظم علماء الأمة وعيًا بحقيقة حركات "الإحياء
القومي": اليهودية.. والمسيحية في الشرق الإسلامي.. وهو الإمام الشيخ محمد رشيد رضا (1282 ـ 1354هـ ـ 1865 ـ 1935م)، الذي نبه إلى مخاطر حركة الإحياء اليهودي الصهيوني سنة 1910م ـ وإلى تحالفها مع الاستعمار الغربي ـ قبل غيره ـ وربما دون غيره ـ من العلماء والمفكرين والساسة في تلك الفترة..(1)


ونبه إلى مخاطر حركة الإحياء القبطية سنة 1911م.. فكتب ـ بمناسبة انعقاد المؤتمر القبطي ـ الذي استهان بخطره كثير من الكتاب ـ كتب يقول :

"إنهم يتحدثون عن ما يسمونه المسألة
القبطية في مصر.. بل والثورة القبطية!.. ويريدون أن لا يذكر اسم الإسلام
والإسلامية في أمور الحكومة ولا غيرها من المصالح العامة.. وإنما عن
الوطنية والمصرية..

إن القبط يعملون كل شيء للقبط، باسم القبط، ويعبرون عن أنفسهم بالأمة القبطية،
ويسمون البلاد المصرية بلادهم وبلاد آبائهم وأجدادهم.. ويطلبون ما يطلبون
من المناصب والأعمال في الحكومة للقبط باسم القبط على أنها حق للقبط..


والمشهور أن نسبة القبط إلى المسلمين في هذا القطر هي نسبه من خمسة إلى ستة في المائة.. وهم يمتلكون ثلاثين في المائة من ثروة البلاد.. ومعظم أعمال الحكومة المصرية ومصالحها في أيدي القبط.. وهذا هو الذي أطمع القبط في جعل حكومة مصر قبطية محضة في يوم من الأيام..

ولقد أجمع القبط على تأييد الاحتلال.. وألفوا مؤتمرًا قبطيًا عامًا في أسيوط ـ التي سماها بعضهم (عاصمة القبط)..

وتقول القبط: إن لنا من الحقوق في هذه الحكومة ما ليس لغيرنا، لأننا سكان البلاد الأصليين.

ويجيبهم المسلمون على هذا بأربعة أجوبه:

1ـ إننا لا نسلم أنكم سكان البلاد الأصليين.. وقد صرح المسلمون بهذا، وأيدوه بأقوال مؤرخي الإفرنج .

2ـ إذا سلمنا أنكم من سلالة قدماء المصريين، فإن لنا أن
نتبع فيكم سنة أرقى الحكومات المسيحية علمًا وعدلاً وحرية في سكان بلادها
الأصليين، وهي حكومة الولايات المتحدة، فهل ترضون أن تكون حقوقكم في هذه
البلاد كحقوق هنود أمريكة في حكومتها الآن، وهم أهلها الأصلاء من غير
خلاف؟.


3ـ إنكم تقولون أن أكثر مسلمي هذه البلاد منكم، وأقلهم من
العرب والترك والشركس، فلا فريه لكم في هذا النسب الشريف على جمهور
المصريين المسلمين، ولهم المزية عليكم بكثرتهم، وكون الحاكم العام من أهل
دينهم، وذلك سبب للترجيح متبع في الحكومات المسيحية الراقية.


4ـ إن طول زمن الإقامة في بلد لا يقتضي التفضيل في الحقوق،
وقصره لا يقتضي الحرمان من شيء منها متى كان القوم الذين طالت مدتهم أو
قصرت من أهل البلاد المقيمين فيها الخاضعين لشريعتها وقوانينها..


لقد كان بنو إسرائيل دخلاء في مصر وفضلهم الله تعالى في
كتبه على آل فرعون، ثم فضل الله العرب واصطفاهم بإرسال رسول منهم مثلما
اصطفى إخوتهم بني إسرائيل من قبلهم بإرسال رسول منهم ـ كما أشار إلى ذلك في
سفر تثنية الاشتراع ـ فيكف تُطالب حكومة مصر، التي تدين الله تعالى، أن
تميز الشعب المفضول في كتب الله على الشعب الفاضل، بل الشعبين الفاضلين؟!..


إن النسب الفرعوني، الذي تُدلّ به القبط، غير مسلم لهم،
وإذا سُلِّم جدلا فهو لا يقتضي تفضيلهم على اليهود، بل اليهود أشرف منهم
نسبًا لأنهم ينتسبون إلى أنبياء الله تعالى، والقبط تنتسب إلى الفراعنة
الوثنيين أعداء الله تعالى.


إن القبط شرذمة قليلة في أمة كبيرة، تأكل من ثمراتها زهاء ثلاثين في المائة، وهي زهاء خمسة أو ستة في المائة..
وتستنجد جرائد أوروبا ووقسوتها ليلزموا الدولة الإنكليزية أن تنصر الفئة القليلة، لأنها مسيحية، على الفئة الكثيرة الإسلامية.. وقد وعدهم بعض القسيسين والسياسيين لينفذون لهم ذلك..
ولقد طفقوا يطعنون في جرائدهم طعنًا صريحًا في سلف المسلمين وخلفهم، ودينهم وآدابهم ولغتهم..

وهم يريدون أن يثبوا على الوظائف الإدارية
العالية كما وثبوا في القضاء. يريدون أن تترك الحكومة العمل في يوم الأحد.
يريدون أن تدرس الديانة المسيحية في الكتاتيب والمدارس كلها..


إن المسيحية قد فصلت الحكومة من الدين، كما يقولون، وأمرت
أن يُعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله، والإسلام ذو شريعة وسياسة، فما بال
الذين يأمرهم دينهم بالخضوع لكل حاكم وإن كان وثنيًا كقيصر الروم في زمن
المسيح، عليه السلام، قد أصيبوا بهذه الشره في السياسة؟!..


إنه لا يضر من يشارك المسلمين في الخضوع لشريعتهم أن كانوا
يدينون الله بهذا الخضوع وهو لا يدين الله به، فإن حقوقه على المسلمين
المكفولة بها تكون حينئذ مضمونة بقوة الحكومة في الظاهر وقوة الاعتقاد في
النفس. وحقوقهم عليه لا تكون مضمونة إلا في الظاهر فقط، فالمسلم المتدين لا
يأكل حق غيره وإن أمن عقاب الحكومة، وغير المسلم قد يأكل حق المسلم
المحكوم به إذا أمن العقاب، لأن وجدانه لا يعارضه في ذلك إذا اعتقد أن
الحكم لا يجب الخضوع له.


ولقد كان من مقاصد بطرس غالي باشا التمهيد لإلغاء المحاكم الشرعية،
وجعل الحكم في الأمور الشخصية من خصائص المحاكم الأهلية، لأن طلبة الحقوق
يتعلمون الفقه الإسلامي، فهو يريد أن يتعود المسلمون بالتدريج حكم لابسي
الطرابيش في القضايا الشرعية، حتى لا يبقى للمسلمين في الحكومة المصرية شيء
من المشخصات الملية..


ولقد أراد القبط أن لا يذكر اسم الإسلام والإسلامية في أمور الحكومة ولا غيرها من المصالح العامة.. ليكون الانتقال من إسلامية إلى "مصرية" مدرجة إلى الانتقال من "مصرية" إلى "قبطية"..

أليس من الذل والهوان أن نرضى بالانتقال من الإسلامية إلى "مصرية" ليكون ذلك مدرجة إلى الانتقال من "مصرية" إلى "قبطية"؟!..

مع أن في الجزائر البريطانية كثير من الكاثوليك ولا تسمح
الحكومة لهم بأن يلقنوا مذهبهم في مدارسها، بل المذهب الذي يدرس فيها هو
مذهب البرتستانت الذي عليه ملك الإنجليز وأكثر الشعب الإنكليزي، فهل تسمح
هذه الحكومة الحرة بأن يدرس في مدارسها دين اليهود من رعاياها وهي لا تسمح
بتدريس مذهب الكاثوليك من مدارس دينها؟؟


ولا نشرح ما يشترط على ملك الإنكليز أن يقوله عند تتويجه من
الطعن في الكاثوليكية والبراءة منها، ولا منع الحكومة الإنكليزية
الكاثوليك من إظهار بعض شعائر مذهبهم في عيد الفصح أو غيره، وقس على ذلك
سائر دول أوربة..


لقد اشتهرت مصر بأنها بلاد العجائب، وحق لها أن تشتهر بذلك،
فمسلموها يقفون أرضهم حتى على أديار القبط، وينفقون من ريع أوقافهم الخاصة
على تعليم القبط، وحكومتهم تسمح للقبط بأن يعلموا دينهم في مدارسها، وهو
ما لا نظير له في الحكومات الأوروبية التي تقتدي بها.


والقبط تشكون من ظلمهم، وتستغيث بأوربة منهم، وتُدلّ عليهم بنسبها، وتدعي أنها صاحبة البلاد، وأنها أجدر بحكمها.

وفي هذه البلاد معاهد تديرها الحكومة، وينفق عليها من أوقاف المسلمين المحبوسة على تعليم أولادهم خاصة،
والحكومة تقبل في هذه المعاهد أولاد القبط فتعلمهم على نفقة المسلمين
مخالفة في ذلك شرط الواقف لأجلهم، فهل تسمح القبط بإنفاق قرش واحد من
أوقافها على تعليم مسلم؟!.


إن أمر المسلمين في تسامحهم مع القبط وترجيحهم لهم على أنفسهم لغريب لم يعهد له نظير في الأرض..
وقف الخديوي الأسبق إسماعيل باشا واحدًا وعشرين ألف فدان على تعليم أولاد المسلمين، وهي الأرض التي تمسى "تفتيش الوادي" ووقف جده من قبله ثلاثة آلاف فدان على تعليم أولاد القبط، فكان عطاؤه للقبط أكثر، لأنه لا يبلغون ثمن المسلمين، فاستأثرت القبط بما وقف عليها وشاركت المسلمين فيما وقف عليهم، ثم ترفع جرائدهم عقيرتها مستغيثة بأوربة المسيحية من ظلم المسلمين لهم في التعليم!.

ومن هذا القبيل مساعدة أوقاف المسلمين للجامعة المصرية
بخمسة آلاف جنيه في كل سنة، وهي مفتحة الأبواب للقبط وغيرهم، وطلبتها من
غير المسلمين لا يقل عددهم عن المسلمين.


لقد علمنا بالقياس المطرد المنعكس:

أن القبط ـ وهم شرذمة قليلة: من خمسة إلى ستة في المائة من السكان ـ والذين يملكون 30% من ثروة البلاد ـ لا يأخذون شيئًا إلا ويطلبون ما بعده، فلا يجاب طلب إلا ويعقبه طلب، ولا ينتهي أرب إلا إلى أرب،
ولا يقنع هذه الفئة القليلة العدد، الكثيرة النشاط، الكبيرة الطمع، إلا أن
يكون الحكم والنفوذ في هذه البلاد خالصًا لهم من دون المسلمين
.."(2)


***

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:45

تلك كانت "المحطة الثانية" من محطات الغواية الاستعمارية لقطاعات مؤثرة ومتنفذة من الأقلية القطبية الأرثوذكسية.. التي حملت وسعت إلى سلخ مصر من العروبة والإسلام..
والعودة بها إلى الماضي السحيق.. ليكون "الحكم والنفوذ في مصر خالصًا
للقبط من دون المسلمين" ـ كما قال الشيخ رشيد رضا، الذي كان أعمق وأوعى من
صور هذه المحطة من محطات الغواية الاستعمارية لهذه الشرذمة القليلة، التي
لم تقنع وهي 5% من السكان بامتلاك 30% من ثروة البلاد!..


***

أما على جبهة الأقليات اليهودية:
فلقد تفاعلت هذه الغواية الاستعمارية ـ التي أطلقها
بونابرت.. والتي رعتها انجلترا ـ حتى أفضت إلى قيام الحركة الصهيونية
الحديثة.. والوكالة اليهودية.. ووعد بلفور سنة 1917م.. وقيام الكيان
الصهيوني على أرض فلسطين سنة 1948م.(3)


ــــــــــــــــــــــ
* هوامش:

1ـ انظر ذلك بكتابنا: (من أعلام الإحياء الإسلامي) ص 50 ـ 60 طبعة القاهرة ـ مكتبة الشروق الدولية سنة 2006م.
2ـ رشيد رضا (المنار) جـ 2 مجلد 14 ص 108 ـ 114 ،159 و160 ـ في 30 صفر سنة 1329هـ ـ أول مارس سنة 1911م.
وجـ 3 مجلد 14 ص202 ـ 226 ـ في 29 ربيع الأول سنة 1329هـ ـ 30 مارس سنة 1911م.
3ـ انظر في ذلك كتابنا: (في فقه الصراع على القدس وفلسطين) طبعة القاهرة دار الشروق سنة 2007م.



الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Salah_el_din_sitadle

.
.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:46

تابع


وعلى الجبهة المصرية.. جاءت ثورة 1919م فداوت الكثير من جراحات تلك النزعات الطائفية العنصرية الانعزالية..

ـ فاجتمعت الأمة وأجمعت ـ بدياناتها المختلفة: الإسلام والمسيحية واليهودية
ـ وتياراتها الفكرية المتنوعة ـ إسلاميين وعلمانيين ـ على الهوية "العربية
الإسلامية" لمصر.. وتم النص على ذلك في دستور سنة 1923م :

"الإسلام هو الدين الرسمي للدولة.. واللغة العربية هي لغتها الوطنية والقومية"..

ـ وأعلن ابن مصر البار مكرم عبيد (1889 ـ 1961م) ـ وهو أحد أبطال ثورة سنة 1919م وقادتها ـ عن عروبة مصر والمصريين ـ حتى قبل قيام جامعة الدول العربية سنة 1945م ـ فكتب سنة 1939م يقول:
"المصريون عرب.. وتاريخ العرب سلسلة متصلة الحلقات، لا، بل هو
شبكة محكمة العقد.. ورابطة اللغة، والثقافة العربية، والتسامح الديني، هي
الوشائج التي لم تقضمها الحدود الجغرافية، ولم تنل منها الأطماع السياسية
منالا، على الرغم من وسائلها التي تتذرع بها إلى قطع العلاقات بين الأقطار
العربية واضطهاد العاملين لتحقيق الوحدة العربية التي لا ريب في أنها أعظم
الأركان التي يجب أن تقوم عليها النهضة الحديثة في الشرق العربي.

وأبناء العروبة في حاجة إلى أن يؤمنوا بعروبتهم وبما فيها من عناصر قوية استطاعت أن تبني حضارة زاهرة.
نحن عرب، ويجب أن نذكر في هذا العصر دائمًا أننا عرب، وحدت بيننا الآلام
والآمال، ووثقت روابطنا الكوارث والأشجان، وصهرتنا المظالم وخطوب الزمان.
نحن عرب من هذه الناحية، ومن ناحية تاريخ الحضارة العربية في مصر، وامتداد
أصلنا السامي القديم إلى الأصل السامي الذي هاجر إلى بلادنا من الجزيرة
العربية..
فالوحدة العربية حقيقية قائمة موجودة لكنها في حاجة إلى تنظيم، فتصير كتلة واحدة، وتصير أوطاننا جامعة وطنية واحدة.."(1)

هكذا تحدث مكرم عبيد باشا ـ حديث العالم ـ عن عروبة مصر والمصريين حضارة.. بل
ومن ناحية الجنس والعرق.. فالأصل القديم للمصريين سامي.. وهم قد تواصلوا
مع الساميين العرب الذين هاجروا إلى مصر في التاريخ السابق على ظهور
الإسلام
.(2)

كما تحدث ـ سياسيًا ـ عن الوحدة العربية، التي يجب أن تجعل كل أوطان العالم العربي "جامعة وطنية واحدة"..
وهذه الحضارة، التي أسهمت مصر في بنائها وبلورتها، والتي تنتمي إليها هي "عربية.. إسلامية".. وعن إسلامية مصر الوطن والحضارة أعلن مكرم عبيد فقال:
"نحن مسلمون وطنًا، ونصارى دينًا.. اللهم أجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصارًا.. واللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين"(3)

ـ نعم.. حدث هذا بفعل تأثيرات ثورة سنة 1919م.. وتطلع الكثيرون إلى مستقبل تتجاوز فيه الأقلية الأرثوذكسية شباك الغواية الاستعمارية..

لكن قطاعات مؤثرة من نخب هذه الأقلية قد ظلت متطلعة إلى السير على ذلك الطريق.. طريق الغواية الاستعمارية..
والاستعانة بالغرب ـ وخاصة الثقافي والحضاري (أي التغريب) ـ لإلحاق مصر
بالغرب، وتحويل رسالتها و"بوصلتها" الحضارية عن قبلة "العروبة والإسلام".. فلقد ظل "مشروع المعلم يعقوب" يخايل هذه القطاعات من النخبة النصرانية المصرية ـ العلمانية منها والكهنوتية ـ حتى لقد أطلقوا على هذا "المشروع" وصف:

"المشروع الأول لاستقلال مصر"..دون الكشف عن طبيعة هذا
"الاستقلال" ـ الذي لم يكن استقلال عن الاستعمار الغربي ـ العدو التاريخي
لمصر والشرق ـ وإنما كان استقلال عن الهوية العربية والإسلامية لمصر .. أي
عن "الذاتية" و"الرسالة الحضارية" لمصر ـ .

ويشهد على هذه الحقيقة، ما كتبه الدكتور لويس عوض

(1915 ـ 1989م) عن المعلم يعقوب ـ بعد قرابة القرنين من هلاكه ـ .. فلقد وضعه في مصاف عظماء الأمة وأبطالها، من مثل:
محمد علي باشا الكبير (1184 ـ 1265هـ ـ 1770 ـ 1849م)..
وعلي بك الكبير (1140 ـ 1187هـ ـ 1728 ـ 1773م).. وجمال عبد الناصر (1336 ـ
1390 هـ ـ 1918 ـ 1970م)!!..

كما وصف لويس عوض اللغة العربية بأنها "لغة دخيلة.. وميتة.. وأنها الأغلال التي يجب تحطيمها"!..(4)

وذلك فضلاً عن هجومه على عروبة مصر.. وعلى العروبة عامة.. ووصفه لها بأنها "عنصرية.. وفاشية..وأسطورة من الأساطير"(5)

ـ ومن قبل لويس عوض، دعا سلامة موسى (1888 ـ 1958م) إلى الذوبان الكامل في الغرب ـ حتى عندما كان هذا الغرب يحتل مصر! ـ .. ودعا إلى الانسلاخ الكامل عن العروبة والإسلام، فقال:
".. أنا كافر بالشرق، مؤمن بالغرب.. وإذا كانت الرابطة
الشرقية سخافة، فإن الرابطة الدينية وقاحة!.. ونحن نريد العامية، لغة
الهكسوس، لا العربية الفصحى، لغة التقاليد العربية والقرآن"!
(6)

.. وهكذا ظل "مشروع المعلم يعقوب": سلخ مصر عن العروبة والإسلام، وتغريبها.. يخايل قطاعات من النخبة الأرثوذكسية..

***

لقد بدأ التغريب ـ في الشرق ـ مسيحيًا.. جاءت به
مدارس الإرساليات التنصيرية الفرنسية التي أقامتها فرنسا على أرض لبنان،
والتي استقطعت فيها العديد من أبناء الطائفة المارونية ـ الكاثوليكية.. ذات
الهوى الفرنسي! ـ
.. وذلك لصناعة نخبة تقدم النموذج الحضاري الغربي إلى الشرق، ليكون بديلاً عن النموذج الحضاري الإسلامي.. وذلك عن طريق تخريج "جيش ـ ثقافي ـ متفاني في خدمة فرنسا في كل وقت"!..
وحتى "تنحني البربرية العربية ـ (!!!) ـ لا إراديا أمام الحضارة المسيحية
لأوروبا"! ـ بتعبير القناصل الفرنسيين ببيروت في القرن التاسع عشر ـ
(7)

وإذا كان التغريب قد تعدى نطاق الطوائف المسيحية الشرقية، فشمل قطاعات من النخب المسلمة،
فلقد ظل ـ في الإطار الإسلامي ـ خيار قطاع محدود من النخبة، بينما تطور ـ
على الجانب المسيحي ـ ليصبح خيار المؤسسات الفاعلة، التي رأته البديل عن
النموذج الإسلامي، وخاصة بعد تصاعد المد الإسلامي عقب إفلاس النموذج
العلماني ونماذج التحديث على النمط الغربي..

فلما حدث تغرب الكنائس الوطنية الشرقية ـ
بتأثير الحداثة الغربية.. والمذاهب المسيحية الغربية.. ومجلس الكنائس
العالمي ـ عمت بلوى تغرّب مراكز التوجيه الديني والعلماني لدى أغلبية
المسيحيين الشرقيين!.. على حين ظل التغريب في النخبة المسلمة نتوءًا شاذًا
لا تأثير له في الشارع الإسلامي.. فلما تعاظم "اليقظة الإسلامية المعاصرة"
دُفعت هذه النخبة المسلمة المتغربة إلى "نفق الإفلاس"!..

ـــــــــــــــــــــــ

* هوامش:

1ـ مكرم عبيد ـ مجلة (الهلال) عدد إبريل سنة 1939م.
2ـ للمقريزي كتاب نفيس في هذا الموضوع، عنوانه: (الإعراب عمن نزل بأرض مصر من الأعراب). تحقيق: د. عبد المجيد عابدين ـ طبعة القاهرة.
3ـ صحيفة (الوفد) عدد 21/1/1993م.
4ـ د. لويس عوض (تاريخ الفكر المصري الحديث) جـ 1 ص 183و184و186و194و197و209ـ طبعة دار الهلال ـ القاهرة سنة 1969م.
5ـ الأهرام في 8و20 إبريل، 11 مايو 1978م، و(السياسية الدولية) عدد أكتور سنة 1978م.
6ـ سلامة موسى (اليوم والغد) ص 5 ـ 7 ، 200 و201 طبعة القاهرة سنة 1928م.
7 ـ من محفوظات أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية لسنوات 1840 ـ
1842، 1848 ، 1897 ، 1898م. انظر: محمد السماك (الأقليات بين العروبة
والإسلام) طبعة بيروت سنة 1990م.




الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Salah_el_din_sitadle

.
.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:47

تابع




ولقد كانت إقامة المشروع الصهيوني على
أرض فلسطين سنة 1948م بداية لتطور "نوعي.. وكمي" في مشروع الغواية
الاستعمارية للأقليات ـ الدينية.. والقومية ـ في الشرق الإسلامي.. لمزيد من
التفتيت للعالم الإسلامي،
على النحو الذي يحوله إلى "فسيفساء ورقية" مشغولة "بالألغام" الداخلية المتفجرة فيما بينها.. وذلك حتى يتحقق الأمن للكيان الصهيوني ـ في المحيط العربي والإسلامي ـ فيقوم بالشراكة والوكالة في مشروع الهيمنة الاستعمارية الغربية على عالم الإسلام..

وفي التخطيط ـ المعلن ـ لهذا التطور "النوعي.. والكمي" لهذه الغواية
الاستعمارية.. لأبناء الأقليات ـ الدينية.. والقومية ـ كي تتحرك ـ متحالفة
مع الاستعمار والصهيونية ـ ضد العروبة والإسلام.. وضد وحدة الأمة وتكامل
دار الإسلام ـ في هذا التخطيط كتب المستشرق الصهيوني "برنارد لويس" Bernard Lewis في مجلة البنتاجون ـ مجلة وزارة الدفاع الأمريكية ـ Executive Intelligence research projectـ داعيا إلى مزيد من التفتيت للعالم الإسلامي ـ من باكستان إلى المغرب، على أسس دينية وقومية ومذهبية، وذلك لإنشاء اثنين وثلاثين كيانًا سياسيًا جديدًا في الشرق الإسلامي..

دعا إلى تقسيم العراق إلى دول ثلاث:
كردية.. وسنية.. وشيعية..
وتقسيم السودان إلى دولتين: زنجية.. وعربية..
وتقسيم لبنان إلى خمس دويلات: مسيحية.. وشيعية.. وسنية.. ودرزية.. وعلوية..
وتقسيم مصر إلى دولتين: إسلامية.. وقبطية..
وكذلك بقية أنحاء العالم الإسلامي.. وذلك ليصبح العالم الإسلامي ـ وفق تعبيره ـ "برجًا ورقيًا" ومجتمعات فسيفسائية ـ مجتمعات الموزايك Mosaic Society ..
ثم قال:
"ويرى الإسرائيليون: أن جميع هذه الكيانات لن تكون فقط
قادرة على أن تتحد، بل سوف تشلها خلافات لا انتهاء لها.. ونظرًا لأن كل
كيان من هذه الكيانات سيكون أضعف من إسرائيل، فإن هذه ـ إسرائيل ـ ستضمن
تفوقها لمدة نصف قرن على الأقل"!(1)


ـ وعندما بدأت إسرائيل ـ أوائل خمسينيات القرن العشرين ـ تحقيق هذا المخطط ـ على جبهة المارونية السياسية بلبنان ـ تحدث ديفيد بن جوريون (1886 ـ 1973م) ـ أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني ـ تحدث سنة 1954م ـ عن:

"ضرورة تثبيت وتقوية الميول الانعزالية
للأقليات في العالم العربي، وتحريك هذه الأقليات، لتدمير المجتمعات
المستقرة، وإذكاء النار في مشاعر الأقليات المسيحية في المنطقة، وتوجيهها
نحو المطالبة بالاستقلال والتحرر من الاضطهاد الإسلامي"!!
(2)


ـ وفي عقد الثمانينيات، من القرن العشرين، نشرت المنظمة الصهيونية العالمية ـ في مجلتها الفصلية "كيفونيم" Kivunim ـ الاتجاهات ـ عدد 4 فبراير سنة 1982م ـ أي إبان الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990م) ـ فقالت عن هذا المخطط التفتيتي المعلن:

"إن تفتيت لبنان بصورة "مطلقة" إلى خمس
مقاطعات إقليمية هو سابقة للعالم العربي بأسره، بما في ذلك مصر وسوريا
والعراق وشبه الجزيرة العربية.. إن دولاً مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد
منها ـ (في المغرب) ـ لن تبقى على صورتها الحالية، بل ستقتفي أثر مصر في انهيارها وتفتتها، فمتى تفتتت مصر تفتت الباقون ـ (!!) ـ إن رؤية دولة قبطية مسيحية في صعيد مصر، إلى جانب عدد من الدول ذات سلطة أقلية ـ مصرية، لا سلطة مركزية "كما هو الوضع الآن، هو مفتاح هذا التطور التاريخي"


وخلصت هذه الاستراتيجية الصهيونية إلى الهدف.. فقالت:

"إن
هذا هو ضمان الأمن والسلام في المنطقة بأسرها في المدى الطويل.. ففي العصر
النووي لا يمكن بقاء إسرائيل إلا بمثل هذا التفكيك، ويجب من الآن فصاعدًا
بعثرة السكان، فهذا دافع استراتيجي، وإذا لم يحدث ذلك، فليس باستطاعتنا
البقاء مهما كانت الحدود"!
(3)


ـ وفي تسعينيات القرن العشرين، دعا "مركز بارايلان للأبحاث الاستراتيجية" ـ التابع لجامعة بارايلان الإسرائيلية ـ إلى ندوة، عقدت في 20 مايو سنة 1992م،
وشاركت فيها وزارة الخارجية الإسرائيلية، بواسطة "مركز الأبحاث السياسية"
التابع لها، وأسهم فيها باحثون من "مركز ديان" ـ التابع لجامعة تل أبيب ـ
وذلك لبحث "الموقف الإسرائيلي من الجماعات الإثنية والطائفية في منطقة
الشرق الأوسط".. ولقد ناقشت هذه الندوة أحد عشر بحثًا.. وخلصت أبحاثها وتوصياتها إلى:


"أن هذه الأقليات..
هي شريكة إسرائيل في المصير، ولابد من أن تقف مع إسرائيل في مواجهة ضغط
الإسلام والقومية العربية، أو تبدي استعداد لمحاربتها أو مقاومتها، فهي
حليف وقوة لإسرائيل.."(4)


***

هكذا تم التخطيط لهذا التطور "النوعي.. والكمي" في الغواية
"الاستعمارية ـ الصهيونية" للأقليات ـ الدينية.. والقومية.. والمذهبية ـ في
وطن العروبة وعالم الإسلام.. وتم الإعلان عن هذا التخطيط ـ في الوثائق
التي قدمنا بعض فقراتها ـ .. وبدأت التطبيقات لهذا التخطيط متزامنة مع
إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين..



ـــــــــــــــــــــ

* هوامش:

1ـ محمد السماك (الأقليات بين العروبة والإسلام) ص131و133و143 طبعة بيروت سنة 1990م.
2ـ د. سعد الدين إبراهيم (الملل والنحل والأعراق) ص740 ـ 748 ـ طبعة
القاهرة سنة 1994م. ـ (وهو ينقل عن مذكرات موشى شاريت ـ رئيس وزراء إسرائيل
في ذلك التاريخ)ـ.
3ـ (الأقليات بين العروبة والإسلام) ص140 ـ 144.
4ـ (ندوة الموقف الإسرائيلي من الجماعات الإثنية والطائفية في العالم
العربي) ص6 ـ10 ، 27. ترجمة الدار العربية للدراسات والنشر ـ طبعة القاهرة
سنة 1992م.




الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Salah_el_din_sitadle

.
.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:49

تابع



وتبعًا لهذا التطور
"النوعي.. والكمي" في مخطط الغواية والتفتيت.. شمل التخطيط والتنفيذ أقليات
قومية إسلامية، مع الأقليات الدينية غير المسلمة..


ـ فالملا مصطفى البرزاني (1321 ـ 1399هـ ـ 1903 ـ 1979م) ـ الزعيم الإقطاعي الكردي ـ زار إسرائيل سرًا في ستينيات القرن العشرين.. فبدأ ـ بهذه الزيارة ـ التحالف بين النزعة القومية العلمانية الكردية وبين الاستعمار والصهيونية منذ ذلك التاريخ..

الأمر الذي أفضى إلى قيام الكيان الكردستاني في شمال العراق، تحت الحماية الأمريكية، وبدعم صهيوني، منذ الحصار الأمريكي للعراق سنة 1991م.. والذي تصاعد بعد غزو العراق سنة 2003م.. وهو الكيان الذي مثل انقلابًا، على وحدة العراق فحسب، وإنما على الهوية العربية والإسلامية للأكراد ـ الذين خدموا الإسلام والعربية عبر التاريخ الإسلامي ـ حتى أن مدارس وجامعات هذا الكيان الكردي تخرّج عشرات الآلاف من الأكراد الذين لم يدرس واحد منهم حرفًا من لغة القرآن الكريم!..

ـ وفي المغرب العربي، حيث الأمازيغ ـ الذين قادوا تاريخيًا نشر الإسلام والعربية بشمالي إفريقيا ـ قامت ـ وتقوم ـ فرنسا الاستعمارية برعاية "أكاديمية" أمازيغية" لإحياء اللغة الأمازيغية.. التي هي عبارة عن عدة لهجات ـ و"صناعة" أبجدية لهذه "اللغة" لتكون بديلاً للغة القرآن الكريم، وسُلَّما لفرنسة لسان الأمازيغ!.. بل ويتحدث البعض حتى عن انفصال الأمازيغ سياسيًا عن العرب في تلك الأقطار!.

ـ وعلى الجبهة المارونية ـ في لبنان ـ أفلحت الغواية "الصهيونية ـ الاستعمارية" في تحريك "المارونية السياسية" التي جرّت لبنان إلى حرب أهلية دامت خمسة عشر عامًا
(1975 ـ 1990).. وتركت جراحات لم تندمل حتى هذه اللحظات.

وهكذا شمل مخطط التفتيت لوطن العروبة وعالم الإسلام تحريك
الأقليات القومية الإسلامية في اتجاه الانفصال.. والانسلاخ عن العروبة،
والانتماء الحضاري "العربي ـ الإسلامي".. وذلك بدلا من اختيار الحل
الإسلامي، الذي يسلك الوطنيات.. والقوميات في إطار جامعة الإسلام، وتكامل
دار الإسلام.


الجزء الاهم فى الكتاب


أما على الجبهة المصرية.. التي قالت عنها "استراتيجية إسرائيل في الثمانينات" ـ من القرن العشرين ـ :

"إنه إذا تفتتت مصر تفتت الباقون"!..
فلقد بدأ يتخلق في صفوف النصارى الأرثوذكس ـ عقب الحرب
العالمية الثانية ـ ومع نجاح "الإحياء اليهودي" الذي اتخذ شكل الكيان
الصهيوني الذي أقيم سنة 1948م على أرض فلسطين ـ.. بدأ يتخلق تيار "طائفي ـ عنصري ـ انعزالي"
يسعى إلى تغيير هوية مصر، وخلعها من المحيط العربي الإسلامي، واستبدال
اللغة القبطية باللغة العربية، وتسويد المسيحية فيها بدلاً من الإسلام.. أي
بدأ البعث والإحياء لمشروع المعلم يعقوب حنا من جديد!..


نعم.. بدأ تخلق هذه النزعة الطائفية.. والسعي إلى تحقيق هذا
الحلم ـ الذي يبدو مجنونًا! ـ .. وتناثرت وتراكمت وتكاملت ـ في الطائفة
الأرثوذكسية ـ تحديدًا ـ الأفكار والوقائع التي تقود في هذا الاتجاه..
اتجاه تفتيت مصر، وتغيير هويتها القومية والحضارية.. والارتداد بها إلى
الوراء أربعة عشر قرنًا!..


ـ فيكتب القمص "سرجيوس" (1883ـ 1964م) في مجلة "المنارة" ـ بتاريخ 6/12/1947م ـ يقول:

"إن أرض الإسلام هي الحجاز فقط، وليست البلاد التي يعيش فيها المسلمون"!

ـ ويعترف "نظير جيد" (الاسم الحقيقى للبابا شنودة) ـ في مقال له بمجلة "مدارس الأحد" ـ بتاريخ يناير سنة 1952م ـ بتزعمه لجماعة ذات نزعة طائفية سنة 1948م ـ العام التالي لتخرجه من الجامعة! ـ ..
حتى لقد ذهب إليهم ـ أي إلى جماعة نظير جيد ـ نجيب اسكندر باشا ـ وزير الصحة في حكومة النقراشي باشا (1305 ـ 1368هـ ـ 1888 ـ 1948م) قائلاً لهم ـ كجماعة ـ :

"لحساب من تعملون؟!.. أنتم تهددون وحدة العنصرين"!..

كما يعلن نظير جيد ـ في هذا المقال ـ :

"إن المسلمين قد أتوا وسكنوا معنا في مصر"! ـ أي أن المسلمين المصريين جالية محتلة لمصر منذ أربعة عشر قرنًا!
(1)

ـ وفي أول شهر توت ـ رأس السنة الفرعونية ـ وعيد الشهداء
عند الأرثوذكس سنة 1669ق ـ 11 سبتمبر سنة 1952م ـ تتبلور هذه النزعة
الطائفية العنصرية الانعزالية في (جماعة الأمة القبطية) التي استقطبت خلال عام واحد 92.000 من شباب الأرثوذكس.. والتي أعلنت عن "مشروع قومي"، وليس مجرد مطالب لأقلية دينية، أعلنت:


أن الأقباط يشكلون أمة (2).. ويطلبون حذف النص الدستوري الذي يقول إن الإسلام دين الدولة!.. وإن اللغة العربية هي لغتها!.. وذلك ليكون الدستور مصريًا.. وليس عربيًا ولا إسلاميًا.. وإعلان "أن
مصر كلها أرضنا التي سلبت منا بواسطة العرب المسلمين منذ 14 قرنًا.. وأننا
سلالة الفراعنة.. وديانتها هي المسيحية.. وسيكون دستورنا هو الإنجيل..
وتكون لغتنا الرسمية هي اللغة القبطية..


وكان لهذه الجماعة علمها وزيها الخاصين بها.. وكان المعلم يمثل صليبًا منصوبًا في الإنجيل.. كما كان لها نشيد خاص تنشده في جميع الاحتفالات والاجتماعات.. كما افتتحت في المحافظات مدارس لتعليم اللغة القبطية بالمجان!!(3)

ولقد حاولت هذه الجماعة ـ الطائفية.. العنصرية ـ ضم قيادة الكنيسة إلى هذا المخطط.. فلما رفض البابا يوساب الثاني
(1946 ـ 1956م) ذلك، اختطفوه.. وذهبوا به إلى دير صحراوي.. وأجبروه على التنازل عن البابوية!..

فلما اعتقلت حكومة ثورة يوليو بعض قيادات
هذه الجماعة ـ وفي مقدمتهم المحامي إبراهيم هلال ـ وحلت التنظيم في 24
إبريل سنة 1954م ـ وأحالتهم إلى المحاكمة
..

دخلت قيادات أخرى من هذا الاتجاه الطائفي الانعزالي ـ في مقدمتهم نظير جيد ـ إلى الدير في 18 يوليو سنة 1954م.. سالكة طريق الرهبنة، لتصل إلى قمة الكنيسة في 14 نوفمبر سنة 1971م.. ولتحقق ـ "بالانتخاب" ـ سيطرة هذه النزعة الطائفية العنصرية على الكنيسة.. بعد أن فشل تحقيق هذه السيطرة ـ سنة 1954م ـ "بالانقلاب"!!..

[size=25]ـ ولقد بدأ ـ منذ ذلك التاريخ ـ مسلسل "الفتنة الطائفية"، الذي قادته الكنيسة.. الأمر الذي يطرح السؤال ـ الذي لم يلتفت إليه الكثيرون ـ وهو:


لماذا لم تكن بمصر المعاصرة فتنة طائفية قبل هذا التاريخ ـ نوفمبر سنة 1971م ـ؟!:

وعلى أرض الواقع ـ واقع الفتنة الطائفية ـ توالت الحوادث والأحداث:

ـ فتم الخروج بالكنيسة ـ لأول مرة ـ عن رسالتها الروحية
ونهجها التاريخي.. وتحويلها إلى حزب سياسي.. ودولة داخل الدولة ـ وأحيانًا
فوق الدولة ـ .. وسحب المسيحيين من مؤسسات المجتمع والدولة إلى "دولة
الكنيسة ومجتمعها"..


ـ وبدأ تفجير وقائع الفتنة الطائفية ـ بداية بأحداث الخانكة في نوفمبر سنة 1972م ـ منتهزة فرصة انشغال الدولة بالإعداد لحرب أكتوبر سنة 1973م.. مع استمرار وقائع هذه الفتنة الطائفية، في ظل الحماية الأمريكية، والتدخل الأمريكي في شئون مصر الداخلية، بدعوى حماية المسيحيين من الاضطهاد!.. ولقد استمرت وقائع هذه الفتنة، رغم تغير قيادة الدولة.. وتعاقب الحكومات.. وتغير المواقف من الجماعات والأحزاب!..

ففي 17 و18 يوليو سنة 1972م عقدت قيادة الكنيسة مؤتمرًا بالإسكندرية، اتخذت فيه قرارات طائفية
ـ لا علاقة لها بالرسالة الروحية للكنيسة ـ وأبرقت بهذه القرارات إلى
مؤسسات الدولة "بلهجة صدامية"، مهددة "بالاستشهاد" إذا لم تستجب الدولة
لهذه المطالب!..


2ـ وفي نفس التاريخ ـ 18/7/1972م ـ وعلى هامش المؤتمر ـ تم
الإعلان للخاصة ـ في محاضرة بالإسكندرية ـ بالكنيسة المرقسية الكبرى ـ
حضرها خاصة الخاصة من رجال الدين وبعض الأثرياء ـ تم الإعلان عن معالم المشروع الطائفي العنصري الانعزالي، الذي يطمع في تغيير الهوية.. والواقع.. والخريطة.. والحضارة.. والتاريخ.. ـ بالنسبة لمصر ـ !..


تلك المحاضرة التي قال فيها كبيرهم (البابا شنودة) :

"إن الخطة موضوعة لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد..
لقد عادت أسبانيا إلى أصحابها المسيحيين بعد أن ظلت بأيدي المستعمرين المسلمين قرابة ثمانية قرون..
وفي التاريخ المعاصر عادت أكثر من بلد إلى أهلها بعد أن طردوا منها منذ قرون طويلة؟!..
والمطلوب:

مقاطعة المسلمين اقتصاديا، والامتناع عن التعامل المادي معهم امتناعا مطلقًا إلا في الحالات التي يتعذر فيها ذلك..
والعمل على زحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم، وتشكيك
الجموع الغفيرة منهم في كتابهم وصدق محمد.. مع التزام الهدوء واللباقة
والذكاء في ذلك، منعًا لإثارة حفيظة المسلمين أو يقظتهم.. مع مجاملتهم في أعيادهم حيثما يكون الاختلاط..

واستثمار النكسة والمحنة الحالية لصالحنا، فلن نستطيع إحراز
أية مكاسب أو أي تقدم نحو هدفنا إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل سواء بالسلم
أو الحرب!..


والعمل على:
أـ تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة.
ب ـ وتشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين (65%من الأطباء والقائمين على الخدمات من شعب الكنيسة)..
جـ ـ ووضع الحوافز للأسر المسيحية الفقيرة لزيادة الإنجاب.
د ـ والتنبيه على العاملين بالخدمات الصحية كي يضاعفوا الخدمات الصحية لشعبنا، لتقليل نسبة الوفيات، وعمل العكس مع المسلمين..
هـ ـ وتشجيع الزواج المبكر وتخفيض تكاليفه، بتخفيف رسوم فتح الكنائس ورسوم الإكليل بكنائس الأحياء الشعبية.
و ـ وتحريم إسكان المسلمين في عمارات المسيحيين.. وطرد المخالفين من رحمة الرب ورعاية الكنيسة.
وذلك لجعل شعب الكنيسة نصف الشعب المصري في مدة 12 أو 15
سنة من الآن، ليتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة منذ
الاستعمار العربي والغزو الإسلامي لبلادنا"(4)


3ـ وتم احتفال الكنيسة بذكرى القمص سرجيوس ـ الذي كتب في
صحيفة "المنارة" بتاريخ ـ 6/12/1947 ـ داعيًا إلى اعتبار الحجاز فقط هي دار
الإسلام.(5)


4ـ وفي 18 نوفمبر سنة 1972م ـ إبان أحداث الخانكة ـ وفي قمة حرج الدولة وهي تجاهد للقيام بحرب أكتوبر ـ ومع اقتراب عام على تولي البابا شنودة البابوية ـ حرض البابا رجال الكهنوت على التظاهر والصدام العنيف مع الدولة ـ وهما أمران غير مسبوقان في تاريخ الكنيسة حتى في ظل الاضطهاد الروماني!! ـ ..
وقال لرجال الكهنوت:
ـ "أنتم كم؟"
ـ فقالوا: مائة وستون.
ـ فقال لهم : عايزكم ترجعوا ستة عشر كاهنًا. والباقي يفترشون الأرض افتراشًا، ويستشهدون"(6)

وكان هذا إعلانًا عن سياسة الصدام الكنسي مع الدولة المصرية لأول مرة في تاريخ الكنيسة وتاريخ مصر الإسلامية!..

5ـ وفي 17/1/1977م عقدت قيادة الكنيسة مؤتمرات دعت إليه "ممثلي الشعب القبطي"
ـ حسب تعبيرها ـ . وضم هذا المؤتمر يجمع الآباء كهنة الكنائس، والمجلس
الملي، ورؤساء وأعضاء الجمعيات والهيئات القبطية، والأراخنة أعضاء مجالس
الكنائس وكان هذا المؤتمر تتويجًا لمؤتمرات تحضيرية عقدت في 5و6و7 سنة
1976م وفي 17/12/1976م.. واتخذ هذا المؤتمر القرارات التي تعلن عن "المشروع السياسي للكنيسة"،

من:
بناء الكنائس .. إلى معارضة توجه الدولة نحو الشريعة الإسلامية
ـ (رغم أنه تطبيق لنص دستوري متفق عليه) ـ إلى التمثيل السياسي والنيابي
والإداري والوظيفي للأقباط في مجلس الوزراء، ومجلس الشعب، والمحليات،
والمحافظين، ومختلف مؤسسات الدولة والقطاع العام.. وحتى طلب القضاء على
التوجه الإسلامي في الجامعات!.. ـ كما تحدث المؤتمر باسم "أقدم وأعرق
سلالات مصر"!!(7).. ثم الاعتراض ـ أواخر سنة 1979م ـ على تقنين الشريعة الإسلامية، والتهديد بإسالة "الدماء للركب من الإسكندرية إلى أسوان"!


6ـ وإبان اشتعال الحرب الأهلية في لبنان (1975 ـ 1990م) ذهب
شبان أرثوذكس ـ تحت سمع الكنيسة وبصرها .. وفي ظل صمت الرضى! ـ إلى لبنان،
وحاربوا في صفوف المارونية السياسية، المتحالفة مع إسرائيل
ضد عروبة لبنان ووحدته وانتمائه القومي والحضاري!.. حاربوا مع "الكتائب اللبنانية".. وهكذا أصبح للكنيسة المصرية مسلحون ومقاتلون، لأول مرة في التاريخ!!..(8)





ـــــــــــــــــــــــ

* هوامش:

1ـ انظر نص هذا المقال في كتاب: د. سليم نجيب (الأقباط عبر التاريخ) ـ تقديم: مجدي خليل ـ طبعة القاهرة ـ دار الخيال سنة 2001م.
2ـ لقد لاحظت استخدام "بونابرت" مصطلح "الأمة القبطية" في مراسلاته مع خونة
النصارى الذين تعاونوا معه.. وكذلك استخدامهم لهذا المصطلح ـ انظر: عادل
جندي "المخططات الخطيرة" ـ صحيفة "وطني" في 2/7/2006م.
3ـ (الأقباط عبر التاريخ) ص184و185.
4ـ الشيخ محمد الغزالي (قذائف الحق) ص57 ـ 65 ـ طبعة صيدا ـ المكتبة
العصرية ـ لبنان ـ بدون تاريخ ـ (ولقد حدثني الشيخ الغزالي ـ عليه رحمة
الله ـ أن أحد ضباطا الأمن القومي قد جاءه بنص المحاضرة، مكتوبًا بالقلم
الرصاص.. وأعطاه للشيخ إبراءًا لذمته أمام الله.. ولقد أعطى الشيخ صورة من
المحاضرة للشيخ عبد الحليم محمود.. ثم نشر خبر هذه المحاضرة بكتابه (قذائف
الحق) ـ الذي صودر بمصر ـ وطبع خارجها.
5ـ المرجع السابق. ص57 ـ 65.
6ـ القمص اندراوس عزيز (الحقائق الخفية في الكنيسة القبطية) ص 27. والنقل عن: ممدوح الشيخ ـ صحيفة (الأسبوع) في 28/2/2000م.
7ـ د. محمد مورو (يا أقباط مصر انتبهوا) ص259 ـ 273. طبعة القاهرة سنة 1998م.
8ـ يشير أبو سيف يوسف إلى تعاطف الهيئة القبطية الأمريكية ـ التي تكونت في
أمريكا سنة 1974م ـ مع "الكتائب اللبنانية" وإلى تعاون مجلتها ـ (الأقباط) ـ
مع الصهاينة.. وقولهم عن الإسلام إنه أخطر على الغرب ـ المسيحي ـ اليهودي ـ
من الشيوعية ـ انظر (الأقباط والقومية العربية) ص172 ـ والنقل عن (التطور
الفكري لدى جماعات العنف الدينية في مصر) ص242و336 وانظر كذلك ـ محمد جلال
كشك (ألا في الفتنة سقطو) ص34 طبعة القاهرة سنة 1982م.
[/size]





الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Salah_el_din_sitadle


.
.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:50

تابع


وفي عقد الثمانينيات ـ من القرن العشرين ـ أقام بعض أقباط المهجر ـ في ألمانيا ـ "حكومة منفى"!.. كبالونة اختبار، وسابقة ليس لها نظير في التاريخ!..

وصمتت الكنيسة
ـ صمت "يلعب بكل الأوراق" ـ .. ولقد سألت البابا شنودة في أحد لقاءاتنا ـ
بنقابة الأطباء ـ عن الموقف من هذا الذي أعلن عنه في ألمانيا؟.. فقال: إنهم
مجانين.. لكنه قالها لي ـ وفيما بيننا ـ .. وصمت عن الإدانة العلنية لهذه المؤشرات الطائفية العنصرية الانعزالية.. ولا نقول "الحرمان الديني"، الذي كثيرًا ما استخدمه ضد المعارضين لانحراف الكنيسة إلى الطريق الذي جرها إليه!..

8ـ ثم توالت أحداث التوتر الطائفي.. والتوجه الصدامي للكنيسة مع الدولة ـ لأول مرة في تاريخها ـ والتي بلغت الذروة في أحداث مارس سنة 1981م، عندما اضطر رئيس الجمهورية إلى عزل البابا من إدارة الكنيسة، وتعيين لجنة خماسية من رجال الكهنوت لإدارتها..

9ـ وحتى بعد
تجاوز هذه الأزمة، وإعادة الدولة للبابا.. فلقد استمر إعلان الكنيسة عن
التحدي لمؤسسات الدولة.. ورفض تنفيذ أحكام القضاء.. والتصريح بأن الكنيسة فوق القانون!..

10ـ وزاد لعب الكنيسة بورقة أقباط المهجر.. والصمت على جماعاتهم وجمعياتهم التي تطالب "بتحرير مصر من العروبة والإسلام"!.. والتي تدعو للتدخل الأجنبي في شئون مصر، والضغط على حكومتها.. والتهديد ـ علنًا ـ بإحداث "دارفور جديد ـ قبطية ـ " في مصر!..
وتسييرهم للمظاهرات التي تسيء إلى صورة مصر وسمعة نظامها السياسي
وأغلبيتها المسلمة.. ودفع النواب والشيوخ الصهاينة في الكونجرس الأمريكي
إلى تقديم مشاريع القوانين التي تدين مصر وتطلب فرض العقوبات الأمريكية
والدولية عليها! ـ بدعوى اضطهادها.. بل وإبادتها للأقباط!!ـ..(1)

11ـ كذلك صمتت الكنيسة ـ صمت الرضي والمباركة ـ عن اعتماد الكونجرس الأمريكي ـ بالقانون رقم 2764 ـ لـ 50% من المعونات الأمريكية غير العسكرية ـ المخصصة لمصر ـ وذلك لتمويل وتقوية المنظمات القبطية ـ التي تسمي نفسها منظمات حقوقية للمجتمع المدني ـ وعددها 40 منظمة! ـ من وراء ظهر الحكومة المصرية! ـ .. وكذلك لمساعدة القرى المصرية التي تسكنها نسبة عالية من الأقباط، بدعوى "تطوير جالية الأقباط المسيحيين"!!.. وتوجيه أغلب المعونات الأمريكية التي تقدم للقطاع الخاص المصري لتكوين "جيل من شباب الأعمال الأقباط"!!..

نعم.. لقد صمتت الكنيسة ـ صمت الرضي والمباركة ـ عن هذه الممارسات الأمريكية، التي حولت الأقباط إلى "جالية" تمولها أمريكا..
والتي أعادت إلى الأذهان قرارات الكونجرس الأمريكي بتمويل المعارضة
العراقية التي تحالفت مع أمريكا لغزو العراق ـ بدعوى تحرير المضطهدين فيه ـ
سنة 2003م! ـ ..

لقد صمتت
الكنيسة عن ذلك، رغم نشر أنبائه في صحيفة "المصري اليوم ـ 2/8/2007م ـ
و10/8/2007م وفي صحيفة "الدستور" ـ 7/8/2007م.. بل وكتابة الكاتب الوطني
الليبرالي صلاح الدين حافظ أربع مقالات في (الأهرام) حول هذا الموضوع
البالغ الخطورة!(2)

12ـ وفي الوقت
الذي كان هذا المشروع الطائفي العنصري الانعزالي ـ الذي تقوده الكنيسة ـ
يقيم شقاقًا وفصامًا نكدا مع الوحدة الوطنية لمصر، ومع الهوية العربية
والإسلامية لشعبها.. كانت الكنيسة تتوجه غربًا، طالبة الدعم الغربي لهذا
المشروع..

أ ـ فلقد انضمت الكنيسة إلى "مجلس الكنائس العالمي" ـ الذي أقامته المخابرات الأمريكية سنة 1948م أداة في الحرب الباردة ضد الشيوعية ومعسكرها الاشتراكي.. وذلك بعد تاريخ طويل من الرفض المسيحي المصري للانضمام لهذا المجلس!.

ومجلس الكنائس العالمي هذا هو صاحب الدعوة إلى "ضرورة تدخل الكنائس داخل البلاد المستقلة حديثًا في سياسة بلادها"..
ولذلك ابتدع نظرية لاهويتة تقول بأن نشاط الدولة في كل نواحيه ـ السياسية
والاقتصادية والاجتماعية ـ هو تحت سلطان الله، ولابد للكنائس من العمل على
توجيه نشاط الدولة الوجهة التي تتفق وإرادة الله والتي تنطلق مع اتجاه
الكنائس الغربية:"(3) وهو توجه انقلابي ـ قام به هذا المجلس ـ على المسيحية
ورسالة كنائسها!..

ويكفي أن نعلم أن جون فوستردلاس
(1888 ـ 1959م) قد أعلن من على المنصة في الاجتماع التأسيسي لهذا المجلس:
"أن نبشر بالمسيحية فهذا معناه أننا نبشر بالحضارة الغربية"!(
4)

ب ـ وأصبحت الكنيسة ـ بواسطة أقباط المهجر
ـ مدافعة عن "العولمة الأمريكية" التي أهدرت تراث الإنسانية في الشرعية
الدولية والقانون الدولي والاحترام لسيادة الدولة الوطنية والقومية..
فأدبيات أقباط المهجر ـ الذين تلعب الكنيسة بأوراقهم ـ تدافع عما تسميه
أمريكا "التدخل الإنساني في الشئون الداخلية للدول".. بدعوى أننا في "عصر
الدول المنقوصة السيادة"!!.. كما دافعت ـ هذه الأدبيان ـ عن غزو أفغانستان
والعراق والصومال.. وناصبت المقاومة الإسلامية العداء!..

جـ ـ كذلك،
تفاوضت الكنيسة مع الفاتيكان.. وتم الإعلان عن التقارب بين الكنيستين ـ في
10 مايو سنة 1973م ـ في ختام أول زيارة يقوم بها بابا الأرثوذكس المصريين
إلى الفاتيكان ـ من 4 إلى 10 مايو سنة 1973م ـ .. وتم التأكيد على هذا
التقارب في "بيان تاريخي مشترك" في 22 يونيو سنة 1979م.(5)

13 ـ وزاد ثقل
"الخارج" على "الداخل" في "رعية الكنيسة".. فأصبح التأثير الأكبر على
سياستها وتوجهاتها لأقباط المهجر، المتحالفين ـ في جملتهم ـ مع مراكز الضغط
الصهيونية ومع اليمين الديني والمحافظين الجدد والمسيحية الصهيونية في
أمريكا.. الأمر الذي جعل قيادة الكنيسة تصمت ـ صمت الرضي والمباركة ـ عن
الأنشطة المعادية لمصر من قبل الجمعيات القبطية في الخارج.

ولقد أثرت هذا
"المتغير" الجديد ـ زيادة نفوذ أقباط المهجر ـ على "الطابع الوطني" ـ
التاريخي ـ للكنيسة الأرثوذكسية المصرية.. فأصبح هواها مع "الخارج ـ
الغربي" أكثر مما هو مع "الداخل الوطني والقومي"!..

14ـ وفي مواجهة الكنيسة لهوية الأمة، وإسلامية حضارتها، ومع تصاعد تيار اليقظة الإسلامية.. زادت الكنيسة من تحالفها ـ غير المقدس ـ مع "غلاة العلمانيين" ضد التوجهات الإسلامية.. بل لقد انزلقت ـ لأول مرة في تاريخها ـ إلى المناطق الحساسة والخطرة .. فمارست ـ وهي أقلية ـ نقد عقائد الأغلبية (6).. ووقعت في استفزازات التنصير لبعض فقراء المسلمين..

وتركت ـ عمليًا.. وهي التي تملك مفاتيح "الحرمان الديني" ـ المجال مفتوحا للفضائيات التي تستفز المسلمين وتفتري على عقائدهم.. الأمر الذي فضح تحالفها مع حركة التنصير الغربية للمسلمين، ووضعها في خندق واحد مع المخططات الغربية المعادية للإسلام والمسلمين.

15 ـ ومارست
الكنيسة ـ لأول مرة في تاريخها ـ إنتاج وعرض وتوزيع المسرحيات التي تهاجم
الإسلام ـ دين الدولة والأغلبية ـ وتسيء إلى رموزه ومقدساته.. وفتحت
قاعاتها لمحاضرات كنسية تتهجم على رسول الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وعلى الإسلام.. بل وطبعت للكنيسة ـ ووزعت بالمجان ـ كتبًا لبعض غلاة
العلمانيين تقدح في الإسلام وتاريخه وأمته وحضارته
.. وتهيل التراب على اليقظة الإسلامية الحديثة والمعاصرة.. كما أنتجت الأفلام ـ الشرائط "المدبلجة" التي تفتري على عدد من رموز علماء الإسلام؟!..

16 ـ وفي سنة 2004م.. وعندما أسلمت السيدة وفاء قسطنطين
ـ وكانت زوجة لكاهن محافظة البحيرة ـ أصرت الكنيسة على استردادها للكنيسة ـ
وهو قهر "واغتصاب ديني"!.. وسيرت كذلك، المظاهرات ـ في المهاجر ـ وفي
المقر البابوي ـ بالقاهرة ـ وفي كثير من الكنائس .. وأرسلت
منظمات قبطية في المهجر رسائل استدعاء الحماية "لأرييل شارون" رئيس وزراء
إسرائيل ـ قائلين له: لقد حمى أجدادنا يوسف ـ عليه السلام ـ فتعال لتحمي
الأقباط المصريين!!..

وبهذه الخيانة الوطنية والقومية والحضارية هتف المتظاهرون في مقر البابوية ـ بالقاهرة ـ تحت سمع الكنيسة وبصرها ـ هتفوا بهتافات:
"تعال احمنا يا شارون"!!
"يا أمريكا فينك فينك.. أمن الدولة بينا وبينك"!!..
واعتدى هؤلاء المتظاهرون بالحجارة على قوات الأمن،
وأوقعوا في ضباطها وجنودها الإصابات!.. فكظمت غيظها ـ وهي التي اعتادت
الفتك بالإسلاميين! ـ .. ولما حدث وقبضت قوات الأمن على بعض هؤلاء المتظاهرين المعتدين.. غضب رأس الكنيسة، واعتكف في الدير، وأعلن الصيام الاحتجاجي، حتى أفرجت الشرطة عن الذين اعتدوا عليها.. وطلبوا حماية أمريكا وإسرائيل!!..

***

إلى غير ذلك.. ومثل ذلك.. من الاستفزازات لمشاعر الأمة.. والصدامات مع الدولة.. الأمر الذي رفع درجات الحرارة في التوتر الطائفي.. وأظهر الكنيسة في صورة "الدولة" التي تتحدى شرعية الدولة الوطنية، وهوية الأمة القومية والحضارية.. مما أدى إلى وضع رعية الكنيسة في صورة "الجالية" التي تستقوي بالأعداء على الأمة والدولة، وتستعديهم ليتدخلوا في شئون مصر، ولينتقصوا من سيادتها واستقلالها..

ولقد أثمرت
ممارسات الكنيسة هذه تكريس العزلة لأبنائها عن المجتمع، وإحاطتهم بكراهية
غير مسبوقة في تاريخ العلاقة الوطنية والقومية والحضارية بين المسلمين
والمسيحيين.

وهذا هو الذي كانت تريده الكنيسة من وراء مشروعها الطائفي العنصري الانعزالي، الساعي إلى تفجير الشقاق بين المسيحيين والمسلمين!..


***

ـ ولقد ساعد الكنيسة على أن تصبح "دولة داخل الدولة" ـ لها "مشروعها السياسي ـ القومي ـ الانفصالي" ـ استقلالها المالي عن الدولة.. وهو الذي ضمن لها استقلال القرار وحرية الحركة في التخطيط والتنفيذ..

ـ فنظام ثورة يوليو سنة 1952م الذي استولى على الأوقاف الخيرية الإسلامية ـ ومنها أوقاف الأزهر والمساجد ـ قد ترك للكنيسة أوقافها..

ولقد أدى هذا
التطور الخطير إلى تبعية المؤسسات الإسلامية للدولة، ومن ثم خضوعها
لسياستها ولأجهزتها الأمنية.. بينما ظلت "دولة الكنيسة" ومؤسساتها بعيدة عن
هذه الرقابة، وهذه القيود..

ولقد زاد من
هذا الاستقلال المالي للكنيسة، أن مصر التي أصدرت ـ بعد ثورة يوليو سنة
1952م ـ عدة قوانين للإصلاح الزراعي ـ ألغت بها الإقطاع، قد تركت الكنيسة لتكون الإقطاعي الوحيد والكبير في مصر!.. فالأديرة ـ التي كانت وظيفتها تاريخيًا: العبادة، والانقطاع عن الدنيا وأهلها ـ قد
غدت دوائر إقطاعية، ومؤسسات إنتاج زراعي، ضمت الآلاف المؤلفة من الأفدنة،
التي أحاطتها الأسوار العالية، لتتم خلفها العديد من الأنشطة البعيدة عن
رقابة الدولة والمجتمع ـ حتى لقد فوجئت الدولة ـ في بعض المنازعات بين هذه
الأديرة وبين الأهالي على حيازة الأرض الزراعية ـ فوجئت بالرهبان الذين يحملون السلاح ويطلقون النيران!.. كما حدث في "دير أبو فانا" بمحافظة المنيا، في مايو سنة 2008م!..


لقد ألغت الدولة المصرية الإقطاع.. وتركت "دولة الكنيسة" لتكون الإقطاعي الأكبر والوحيد في البلاد!..
الأمر الذي دعم من الاستقلال المالي للكنيسة، وأتاح لها سلطانها ماليًا ـ
دعمته المساعدات الخارجية.. والتمويل الأجنبي ـ فزاد من دعم المشروع السياسي الطائفي الانعزالي الذي ترعاه منذ 14 نوفمبر سنة 1971م!..

وزادت
المفارقات في هذا الميدان منذ عقد التسعينيات من القرن العشرين، عندما أدت
المواجهة بين الدولة وبين بعض الجماعات الإسلامية إلى "تأميم المساجد"
وإخضاعها بالكامل للسلطة الأمنية.. بينما زادت حرية الكنيسة وحرية النشاط
في مؤسساتها..

ـ فأصبحت المساجد تغلق عقب الصلاة.. بينما الكنائس مفتوحة آناء الليل وأطراف النهار!..
ـ وأصبح منبر المسجد مؤممًا ومقيدًا.. ومنبر الكنيسة حرًا!..
ـ وغدا اعتكاف الشباب المسلم ليالي معدودة بالمساجد في
شهر رمضان من المحظورات.. وفي حال السماح به ـ تحت رقابة الأمن.. وبإذن منه
يصبح بمثابة الطريق لوضع الشباب المعتكف في قوائم المشبوهين والمراقبين
والمرشحين للاعتقالات!.. بينما كل أبواب الحريات مفتوحة أمام الشباب
المسيحي للانخراط في كل ألوان النشاط الكنسي ـ الديني والدنيوي على حد
سواء! ـ .. حتى لقد ناديت، وتمنيت ـ منذ عقد التسعينيات ـ أن تتساوى مساجد
مصر بكنائسها!!..

ـ
كما أصبحت كل قيادات المؤسسات الإسلامية ـ في الأزهر والأوقاف ـ معينة..
وتحت رقابة الأمن ـ بينما كل القيادات الكنيسة طليقة من أية قيود
.. الأمر الذي أدى إلى تحجيم العمل الإسلامي.. وإلى تمدد سلطان الكنيسة في البلاد!..


ـــــــــــــــــــــــ


هوامش :

1ـ مثل مشروع القرار 1303 ـ يوليو سنة 2008م ـ انظر صحيفة الدستور في 30/7/2008م.
2ـ صلاح حافظ: (الأهرام) "عن المعونة والمعانيين
والمتعاونين" ـ في 1/8/2007م. ـ ومقال "المعونة الأمريكية والتمييز بين
المسلمين والمسيحيين" في 8/8/2007م. ـ ومقال "الاستخدام السياسي للمعونات
الأجنبية" في 15/8/2007م. ـ ومقال "من المسئول: حكومتنا أم حكومتهم؟" في
29/8/2007م.

3ـ د. وليم سليمان قلادة (الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار الصهيونية) ص61 و62 ـ طبعة القاهرة ـ دار الكاتب العربي ـ بدون تاريخ.
4ـ محمد حسنين هيكل (خريف الغضب) ص284ـ طبعة القاهرة سنة 1948م.
5ـ (الأقباط عبر التاريخ) ص48 ـ 155.
6ـ انظر رسالة البابا شنودة (القرآن والمسيحية) مطبعة
المجد ـ محرم بك ـ الإسكندرية .. وكذلك ما كتبه في ديسمبر سنة 1970م ـ
(الهلال) عقب توليه البابوية. وحواره مع سناء السعيد بصحيفة "الدستور" ردا
على د. زغلول النجار ـ ـ وراجع في ذلك: د. محمد جمعة عبد الله (رد افتراء
المبشرين على آيات القرآن الكريم) ص 93 ـ 199 طبعة سنة 1985م.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:51

بعض الصور عن الاديرة وخاصة دير أبو مقار البالغ الضخامة (2700 فدان) :

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 14918080
الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 767434943

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 999118342

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 80973864

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 50121443

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 66951751

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 14548980

خلف الدير
الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 5555555k

على يساري الآن تـرعة وصلت إلى عمق الصحراء لتمد أراضي الدير بالمياه !!
الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 9999de

جزء صغير من مزرعة الأبقار
الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 860590259

على اليمين (بحيرة ) كما نرى مزرعة الأسماك ..
الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 1111111i

المبنى البعيد (مصنع منتجات الألبان) ..
الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 0000000000000w
.
.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:52

تابع

وعلى الجانب الفكري.. والتنظير للمشروع الطائفي العنصري الانعزالي للكنيسة الأرثوذكسية المصرية.. بدأت التنظير للفصام مع هوية مصر العربية والإسلامية،
فبعد إجماع الأمة ـ مسلمين ونصارى ويهود وعلمانيين ـ على النص ـ في دستور
سنة 1923م ـ على أن دين الدولة المصرية هو الإسلام، وأن لغتها هي العربية..
وبعد إعلان مكرم عبيد باشا (1889 ـ 1961م) عن عروبة مصر والمصريين، حتى
قبل قيام جامعة الدول العربية.. وقوله سنة 1939م:
"المصريون عرب.. والوحدة العربية من أعظم الأركان التي يجب أن تقوم عليها
النهضة الحديثة في الشرق العربي.. إنها حقيقة قائمة وموجودة، لكنها في حاجة
إلى تنظيم لتصير البلاد العربية كتلة واحدة، وتصير أوطاننا جامعة وطنية
واحدة.."(1)

وإعلانه عن أن الإسلام هو هوية مصر الحضارية، بالنسبة لكل أبنائها وأديانها.. وقوله:
"نحن مسلمون وطنًا، ونصارى دينًا. اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصارًا. واللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين.."(2)

وبعد موافقة 63% من مسيحيي مصر على تطبيق الشريعة الإسلامية ـ بما فيها الحدود ـ في المنظومة القانونية المصرية سنة 1985م.(3)

بعد هذه الحقائق الشاهدة على الوحدة الوطنية المصرية ـ على أسس قومية وحضارية ـ وجدنا النزعة العنصرية الطائفية الانعزالية ـ التي تبلورت عقب الحرب العالمية الثانية.. والتي أعلنت عنها (جماعة الأمة القبطية)
ـ في ظلال نجاح المشروع العنصري الصهيوني ـ .. وجدنا هذه النزعة تجد
طريقها إلى كتابات القيادات الكهنوتية في الكنيسة الأرثوذكسية، على النحو
الذي يتحدث عن "مسألة ومشكلة قومية قبطية".. وليس "مطالب لأقلية مسيحية" هي
جزء أصيل في نسيج الشعب المصري..

ـ فيكتب الأنبا غريغريوس (1919 ـ 2002م) ـ الرجل الثاني في الكنيسة.. وأسقف التعليم والبحث العلمي والدراسات العليا ـ فيقول:


"إن اللغة القبطية هي لغتنا.. وهي تراث الماضي، ورباط الحاضر، وهي من أعظم الدعائم التي يستند إليها كيان الشعب المسيحي.. وهي السور الذي يحمينا من المستعمر الدخيل"!!(4)
فيتحدث عن لغة "مختلفة" عن اللغة القومية لمصر.. وعن ثقافة مختلفة عن الثقافة العربية.. وعن شعب مسيحي، متميز عن الشعب المصري، وعن المسلمين المصريين ـ أي 95% من المصريين ـ كمستعمر دخيل!!.. أي يفصح ـ باسم الكنيسة ـ عن تبني هذه الكنيسة للمشروع القومي القبطي الذي أعلنته (جماعة الأمة القبطية) سنة 1952م!..

ـ ويدعو الدكتور كمال فريد إسحق ـ أستاذ اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية، التابع للكنيسة ـ "إلى أن تكون اللغة القبطية هي اللغة القومية لمصر" ـ (!!!) ـ وليست اللغة العربية..(5)
ـ أما عميد هذا المعهد ـ معهد الدراسات القبطية ـ الدكتور رسمي عبد الملك ـ فيدعو إلى:

"أن يكون محو أمية الشعب المصري باللغة القبطية، لا العربية"!!.. ويعلن عن مخطط إحلال اللغة القبطية محل اللغة العربية.. وكيف أنه "يوجد في كل كنيسة فصل لتعليم اللغة القبطية"!!..
أي أننا ـ في مصر ـ بإزاء نظام تعليمي، فيه آلاف الفصول الدراسة التي تعمل
الكنيسة ـ بواسطتها ـ على تغيير اللغة القومية ـ التي نص عليها الدستور..
ومثلت ركنًا من أركان ثوابت الهوية المصرية منذ نحو أربعة عشر قرنًا..
والتي اختارها الشعب المصري اختيارًا حرًا!!..

كما أعلن عميد معهد الدراسات القبطية ـ هذا ـ أن المجال سيفتح لرسائل
الماجستير والدكتوراه في اللغة القبطية، ولعمل إحصائيات حول المتحدثين
باللغة القبطية في تعاملهم اليومي داخل المنزل.. وأكد وجود أعداد كبيرة تقبل على تعلم اللغة القبطية، وعائلات لا تتحدث في منازلها إلا باللغة القبطية"!!(6)

أي أننا أمام انقلاب ـ فكري وعملي ـ على الهوية العربية لمصر.. بلورته (جماعة الأمة القبطية) سنة 1952م.. وترعاه وتنفذه الكنيسة الأرثوذكسية بعد استيلاء التيار الطائفي العنصري الانعزالي على قياداتها في 14 نوفمبر سنة 1971م.
ـ وإذا كان الأنبا مرقس ـ المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية.. وعضو المجمع المقدس.. ورئيس لجنة الإعلام بهذا المجمع أي "وزير إعلام الكنيسة".. وأسقف شبرا الخيمة ـ قد أعلن:
"أن مصر هي بلد الأقباط، وهم أصحابها"!!(7)..
فإنه قد طالب بأن يكون أول شهر توت ـ عيد النيروز الفرعوني ـ إجازة رسمية
للدولة المصرية، باعتباره عيد رأس السنة الفرعونية(8) ـ وهو ـ للتذكرة ـ
اليوم الذي أعلن فيه عن قيام (جماعة الأمة القبطية) سنة 1952م ـ التي أعلنت أن قضية المسيحيين ـ في مصر ـ هي "قضية قومية" ـ قضية لغة.. وثقافة.. وعنصر.. وأرض مغتصبة منذ أربعة عشر قرنًا ـ!!..

ـ وإذا كانت أدبيات الشعب المصري تتحدث عن "الشعب المصري" و"الأمة العربية"
و"الحضارة الإسلامية".. أي عن الوطنية والعروبة والإسلام باعتبارها هوية
مصر والمصريين جميعًا ـ بكل دياناتهم ـ.. فإن أدبيات الكنيسة الأرثوذكسية دائمة الاستخدام لمصطلحات :

"الشعب القبطي" و"الأمة القبطية" و"شعب الكنيسة" و"الشعب المسيحي"!.. حتى لقد أعلن الأنبا توماس ـ عضو المجمع المقدس.. وأسقف القوصية ـ في محاضرته بمعهد "هديسون" الأمريكي بواشنطن ـ في 18 يوليو سنة 2008م ـ وهو المعهد التابع للمحافظين الأمريكيين الجدد، واليمين الديني ـ أعلن الأنبا توماس على العالم.. وأمام سمع الكنيسة وبصرها ـ أعلن:

ـ "أن الشخص القبطي يشعر بالإهانة إذا قلت له إنك عربي"!
ـ "وأن اللغة القبطية هي اللغة الأم لمصر"!
ـ "وأن الأقباط يعانون ويحاربون خطري التعريب والأسلمة"!
ـ "وأنهم قد وجدوا ثقافتهم تموت، ووجدوا أنفسهم مسئولين عن حمل ثقافتهم
والمحاربة من أجلها حتى يأتي الوقت الذي يحدث فيه انفتاح وتعود دولتنا
لجذورها القبطية.. وحتى يأتي هذا الوقت، فإن الكنيسة تقوم بدور الحاضنة
للحفاظ على هذا التراث القومي المختلف"!
ـ "وأن المسلمين قد خانوا الأقباط منذ الاحتلال العربي لمصر"!
(9)

وهكذا أفصح هذا الأسقف ـ في هذه المحاضرة ـ ربما أكثر من غيره ـ عن أن
القضية هي قضية قومية.. وليست قضية مطالب لأقلية دينية.. فهي ـ كما جاء في
المحاضرة التي صمتت عنها الكنيسة صمت الرضى ـ بل ودافع عنها رموز كبار فيها
ـ هي ذات القضية التي أعلنت عنها (جماعة الأمة القبطية) سنة 1952م.. قضية:
لغة.. وثقافة.. وعنصر.. ووطن محتل وأرض مغتصبة منذ أربعة عشر قرنًا!!..

لذلك، وجب التوقف أمام أهم الدعاوى التي جاءت بهذه المحاضرة:
(صيحة الأقباط ضد التعريب والأسلمة)!..
فنحن ـ بإزاء الدعاوى التي جاءت بهذه المحاضرة ـ لسنا فقط أمام انقلاب على
الانتماء للعربية ـ اللغة القومية لمصر ـ وعلى الدستور والعقد الاجتماعي
والحضاري الذي توافق عليه المصريون والتزموا به منذ قرون ـ أي أمام "نزعة
خوارجية" على ثوابت العقد الذي ارتضته الجماعة الوطنية المصرية.. وإنما نجد
أنفسنا ـ علاوة على كل ذلك ـ أمام انقلاب على الحقائق العلمية التي تعارف
عليها علماء المصريات واللغات في مصر والعالم أجمع..

ـ فليس صحيحًا أن اللغة القبطية ـ التي جاء الفتح الإسلامي فوجدها بمصر ـ هي اللغة الأم للمصريين.. وإنما هي المسخ الهجين الذي مثل التغريب اللغوي الذي أحدثه الغزو الإغريقي في لغة المصريين..
فكانت أثرًا من آثار هذا التغريب اللغوي، ولم تكن خالصة الوطنية.. فضلاً
عن أنها كانت المرحلة الرابعة من المراحل الكبرى لتطور اللغة المصرية.. ولم
تكن اللغة الأم بحال من الأحوال.. ذلك أن اللغة المصرية القديمة قد مرت بمراحل أساسية أربعة، قبل مرحلة سيادة اللغة العربية في مصر.. وهذه المراحل هي:

1ـ مرحلة الهيروغليفية: وهي اللغة المقدسة، المكتوبة بالصور.. والتي تعتبر
اللغة المكتوبة الأم للمصريين ـ في التاريخ المعروف ـ والتي عبروا بها عن
الكلام الشفهي.. ولقد ظلت أداة الكتابة على المباني الأثرية بعد أن حلت
الكتابات المختصرة محلها في الحياة العامة، بحيث لم يعد يفهمها إلا الكهنة.

2ـ مرحلة الهيراطيقية: وهي الكتابة المختصرة التي حلت محل الهيروغليفية ـ
التي ظلت خاصة بالكتابة على المباني الأثرية ـ.. ولقد استعمل الخط
الهيراطيقي حوالي سنة 2000 ق.م.

3 ـ مرحلة الديموطيقية: وهي اللغة المصرية الدارجة، ذات الخط المختصر الذي
استعمله المصريون القدماء من حوالي سنة 700 ق.م حتى القرن الثالث
الميلادي..
وخط هذه الديموطيقية هو اختصار للهيروغليفية.. وتطور للخط الهيراطيقي الذي
استعمل حوالي سنة 2000 ق.م.. وهذه الديموطيقية هي التي وردت على حجر رشيد
تالية للهيروغليفية.

4ـ مرحلة اللغة القبطية: وهي لهجة أكثر منها لغة..
تطورت عن اللغة الدارجة الديموطيقية.. ومثلت آخر مراحل اللغة المصرية
القديمة ـ الهيروغليفية ـ كما مثلت مرحلة تغريب اللغة المصرية، حيث زاحمتها اللغة اليونانية
الغازية.. فمنذ حكم الملوك البطالمة الإغريق (323 ـ 30ق.م) غدت اللغة
المصرية تكتب بحروف يونانية، ولم يبق من حروفها المصرية سوى سبعة أحرف لم
يجدوا لها نظير في الأحرف اليونانية.. كما استخدمت في قواعدها اللغة
اليونانية.. ودخلها الكثير من الكلمات والمصطلحات اليونانية.. فغدت
"هجينًا" غير خالصة الوطنية المصرية(10)..

وذلك فضلا عن أنها لم تكن اللغة المصرية الأم بحال من الأحوال.
ولذلك، فإن هذه الدعوة إلى إحلال اللغة القبطية محل العربية ـ والحديث عن أنها هي "اللغة الأم" لمصر والمصريين، هو "كذب" في العلم، كما هو "خروج" عن ثوابت الهوية والحضارة والتاريخ بالنسبة لكل المصريين.

ونحن نسأل الدعاة إلى هذا الانقلاب القومي والحضاري ـ بمن فيهم أصحاب الأصوات العالية في المهاجر ـ :

ـ أية فوضى يمكن أن تحدث في العالم لو انتشرت الدعوات لعودة الأمم والشعوب إلى ماضيها السحيق الذي تجاوزه التاريخ؟!.
ـ ولم لا تدعون الأمريكان ـ الذين يحتضنون دعاواكم، لحاجة في نفس يعقوب ـ
إلى أن يعودوا إلى اللغة الأم لأمريكا ـ لغة الهنود الحمر ـ خصوصًا مع قرب
العهد بسيادتها في تلك البلاد؟!.
.. وكذلك الأمر في أمريكا الجنوبية.. واستراليا.. ونيوزيلانده؟!.. الخ.. الخ..

أم أن أمر هذه الدعوة الشاذة خاص ـ عندكم ـ بالكيد للعروبة والإسلام؟! ـ
اللذين اعتنقهما المصريون جميعًا ـ المسلمون منهم والمسيحيون واليهود ـ؟!.

لقد غيرت كل شعوب الدنيا ـ تقريبًا ـ لغاتها أو ديانتها.. أو غيرتهما
معًا.. فهل يجوز لعاقل أن يدعوا اليوم كل الجماعات اللغوية ـ والتي تبلغ
ألف جماعة لغوية ـ إلى العودة إلى اللغات الأم، التي تكلمت بها في تاريخها
القديم؟!..

ثم.. ما هو المفهوم الدقيق لمصطلح "الأم" و"القديم"؟!.. وهل تقودنا مثل هذه
الدعوات ـ المجنونة ـ إلى السعي للعودة إلى اللغة الأم ـ الحقيقية ـ لغة
آدم عليه السلام؟!..
إن إيطاليا قد غيرت لغتها ودينها.. وكذلك صنعت فرنسا.. وألمانيا..
وإسبانيا.. وهولندا.. وبلجيكا.. وكذلك الشعوب في أمريكا الشمالية
والجنوبية.. وفي آسيا وإفريقيا ـ .. فهل يجوز لأقلية ـ أو حتى أغلبية ـ في
شعب من هذه الشعوب أن تدعو للانقلاب على الواقع والهوية والذاتية اللغوية
والقومية والحضارية، وتطلب الهجرة إلى مكونات التاريخ السحيق؟!

إن فارقًا كبيرًا بين الدراسات الأكاديمية المتخصصة للغات القديمة.. لأسباب
تاريخية ومعرفية ـ وبين الدعوة إلى الانقلاب على الحاضر ـ الذي غدى هوية..
وقومية.. حضارة.. وثقافة ـ والهجرة إلى "القديم"، الذي غيرته وتجاوزته كل
هذه الشعوب.

ـ ثم.. هل صحيح ما قاله الأنبا توماس ـ في محاضرته ـ :
"إن مصر كانت تدعى دائمًا "إجيبتوس"؟.. وأن العرب لم يحسنوا نطق اسمها، فسموها "إجيبت" أي قبط؟!"


ـ إن هذا الذي قاله الأنبا توماس هو عين الجهل والكذب.. فمصر كان اسمها
"مصر" دائمًا.. هكذا جاء اسمها في العهد القديم، وفي العهد الجديد، وفي
القرآن الكريم ـ قبل الفتح الإسلامي لمصر.. بل وقبل الاحتلال الإغريقي لها ـ
في القرن الرابع قبل الميلادـ ..

ولقد ذُكرت باسمها ـ مصر ـ في كتاب يوحنا النقيوسي ـ وهو شاهد عيان على
الفتح الإسلامي لمصر ـ وفي كتاب (فتوح مصر وأخبارها) لابن عبد الحكم (257هـ
870م).. وكذلك في كل كتب التاريخ العربية والإسلامية، التي أفردت بابًا
ثابتًا لـ "فضائل مصر" خصّت به كنانة الله في أرضه.

وإذا جاز الأنبا توماس أن يجهل كتب التاريخ المصري ـ وهذا غير جائز ـ فكيف
تأتى له أن يجهل كتابه المقدس ـ بعهديه القديم والجديد ـ ؟!

لقد ورد اسم مصر، ومصرايم، ومصري، ومصريات، ومصرية،
ومصريون، ومصريين، في الكتب المقدسة عند هذا الأسقف ـ العهدين القديم
والجديد ـ أكثر من سبعمائة مرة
!(11)

ـ كذلك، قال الأنبا توماس ـ عضو المجمع المقدس.. وأسقف القوصية ـ في محاضرته:
"لن أقبل أن أكون عربيًا.. فأنا لست عربيًا عرقًا.. وإذا توجهت إلى قبطي وقلت له: إنه عربي، فإن هذا تعتبر إهانة"!!(12)

ـ وهذا فكر عنصري، يتحدث عن العرق ـ حديث الفاشية والنازية ـ والسؤال: هل
هذا الأنبا مسيحي؟!.. وهل لفكره هذا أدنى علاقة بالمسيحية؟!.. أم أن النزعة
العنصرية قد قلبت حتى المسيحية عند هذه الشرذمة الطائفية الانعزالية؟!..

إنه يتناسى أن الحديث عن "النقاء العرقي" لأي جماعة بشرية هو محض خلافة ـ
ناهيك عن تناقضه مع كل ألوان الإيمان الديني ـ سماويًا كان أم وضعيًا هذا
الإيمان ـ ..

كما يتجاهل ـ هذا الأنبا ـ أن مصر حكمها الإغريق والرومان والبيزنطيون عشرة
قرون، اختلطت فيها الدماء والأنساب والأعراق والسلالات.. ولو قرأ هذا
الأنبا تاريخ الحملة الفرنسية، والغرام الذي قام بين المعلم يعقوب حنا وبين
الجنرال "ديزيه"..

و"الانفتاح" الذي تحدث عنه الجبرتي بين نساء بعض الطوائف وبين جنود الحملة
الفرنسية!.. لربما انصرف عن هذا الحديث عن النقاء العرقي!..(13)

ثم.. هل المسلمون المصريون وافدون على مصر من شبه الجزيرة العربية ـ من نسل عدنان وقحطان؟!

إن الدراسة "الديموجرافية" ـ التي صدرت عن المعهد الوطني للدراسات
الديموجرافية بباريس ـ تؤكد أن سكان شبه الجزيرة العربية إبان الفتح
الإسلامي لم يتعدوا المليون.. وأن سكان الدولة التي أسسها الفتح الإسلامي ـ
في مصر والشام والعراق وفارس ـ قد بلغوا 29.000.000 ـ وإذا أضيف إليهم
سكان شمال إفريقيا بلغ سكان تلك الدولة ـ يؤمئذ ـ نحو 40.000.000 ـ ومن ثم
فلو هاجر كل عرب شبه الجزيرة ـ المليون ـ لما غيروا من التركيبة
الديموجرافية للبلاد التي فتحها المسلمون!(14)
إذن.. فالعرب في مصر هم المصريون الذين تعربوا لغويًا.. وليسوا وافدين من خارج مصر.. وكذلك حال العرب في كل البلاد التي اختار أهلها التعريب اللغوي والثقافي والحضاري..

ولو قرأ ـ هذا الأنبا ـ ما كتبه الأسقف يوحنا النقيوسي لعلم أن أكثر من نصف الشعب المصري ـ عند الفتح ـ قد بادر إلى الدخول في الإسلام قبل تمام الفتح وقبل دخول عمرو بن العاص (50ق.هـ ـ 43هـ ـ 574 ـ 664م) إلى الإسكندرية.. فالنصارى
الموحدون ـ أتباع آريوس (265 ـ 336م) الذين كانوا يؤمنون ـ كما يقول يوحنا
النقيوسي ـ "إن المسيح مخلوق".. وكذلك المصريون الذين كانوا على الديانة
الوثنية القديمة.. كل هؤلاء المصريين دخلوا الإسلام.. والنقيوسي يوجه إليهم
الانتقادات، ويصب عليهم اللعنات!..

فالمصريون المسلمون هم ـ كالذين ظلوا على نصرانيتهم ـ أحفاد الفراعنة.. والجميع قد تعرب لغة وثقافة بعد ذلك.. وبالتدرج..

وإذا كانت المسيحية ترفض التمييز بين الناس على أساس العرق والدم.. فإن
الإسلام قد بلغ القمة في ذلك، عندما أكد أن الناس جميعًا قد خلقوا من نفس
واحدة.. وأن البشر قاطبة مرجعهم لآدم ـ عليه السلام ـ.. كما أكد رسول
الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن دعوى الجنس والعرق هي دعوى الجاهلية..
وأنها مفتنة..
وأن العروبة ليست عرقًا وإنما هي اللسان: "ليست العربية بأحدكم من أب أو أم، وإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي" ـ (15)

ـ كما يقول هذا الأسقف:
"لقد قام بعض الناس، لأسباب معينة ـ الضرائب.. أو الضغوط .. أو الطموحات ـ بالتحول إلى الإسلام"

ـ وهو ـ بهذا القول ـ يتجاهل حقائق التاريخ ـ وهي صلبة عنيدة! ـ ..

فمصر عند الفتح الإسلامي ـ الذي حررها وحرر نصرانيتها
من القهر الروماني والبيزنظي ـ لم تكن كلها مسيحية أرثوذكسية.. وإنما كانت
خارطتها الدينية تشمل خمس ديانات:

1ـ اليهودية.
2ـ النصرانية الآريوسية الموحدة، والتي تقول عن المسيح ـ عليه السلام ـ إنه "مخلوق" ـ كما نص على ذلك يوحنا النقيوسي في تاريخه ـ ..
3ـ والديانة اليونانية القديمة ـ الوثنية.. وفلسفتها ـ .
4ـ والمسيحية الكاثوليكية الرومانية ـ مذهب المستعمرين البيزنطيين ـ.
5ـ والمسيحية الأرثوذكسية ـ التي كانت محظورة، بلا شرعية، ولا كنائس ولا
أديرة ـ حتى حررها الفتح الإسلامي.. وحرر بطركها بنيامين (39هـ 659م) وحرر
كنائسها وأديرتها..

وإذا كان المسيحيون الكاثوليك قد رحلوا ـ بعد الفتح ـ مع الجيش البيزنطي..
وإذا كان اليهود المصريون قد ظلوا ـ في جملتهم ـ على يهوديتهم.. فإن
النصارى الأريوسيين ـ الموحدين ـ .. وكذلك المصريون الوثنيون ـ الذين
عانوا من اضطهاد النصارى عليهم ـ قد دخلوا الإسلام بمجرد بدء الفتح
الإسلامي.. وحتى قبل فتح المسلمين للإسكندرية..

ويؤكد النقيوسي هذه الحقيقة ـ حقيقة أن الشعب المصري ـ لم يكن كله
أرثوذكسيًا، عندما يشير إلى الصراعات بين المكونات الدينية لهذا الشعب، قبل
الفتح وأثناءه ـ الصراعات بين اليهود والنصارى.. ومناصرة اليهود للفتح
الإسلامي.. والصراعات الأرثوذكسية الوثنية.. والصراعات العقدية بين أهل
الوجه البحري.. ومحاربة أهل مصر لأهل الوجه البحري.. كما يتحدث عن انضمام
الوثنيين ـ الذين "كانوا يكرهون المسيحيين" ـ إلى الجيش الإسلامي،
والمحاربة في صفوفه (16)

ويصادق العلامة سير توماس أرنولد (1864 ـ 1930م) على شهادة شاهد العيان الأسقف يوحنا النقيوسي، فيقول:

"وليس هناك شاهد من الشواهد على أن تحول القبط عن دينهم
القديم ودخولهم في الإسلام على نطاق واسع كان راجعًا إلى اضطهاد أو ضغط
يقوم على عدم التسامح من جانب حكامهم الحديثين. بل لقد تحول كثير من هؤلاء
القبط ـ (أي المصريين) ـ إلى الإسلام قبل أن يتم الفتح، حيث كانت
الإسكندرية ـ حاضرة مصر يومئذ ـ لا تزال تقاوم الفاتحين ، وسار كثير من
القبط على نهج إخوانهم بعد ذلك بسنين قليلة"
(17)



ـــــــــــــ


* هوامش:

1ـ مجلة (الهلال) عدد إبريل سنة 1939م.
2ـ صحيفة (الوفد) عدد 21/1/1993م.
3ـ (استطلاع الرأي العام في مصر حول تطبيق أحكام الشريعة
الإسلامية على جرائم الحدود) ص84 ـ المركز القومي للبحوث الاجتماعية
والجنائية ـ طبعة القاهرة سنة 1985م.

4ـ غريغريوس ـ مقال عنوانه "اللغة القبطية والألحان القبطية" ـ صحيفة (وطني) في 30/7/2000م.
5ـ صحيفة (الدستور) في 2/7/2008م.
6ـ المرجع السابق. نفس التاريخ.
7ـ صحيفة (المصري اليوم) في 19/1/2007م.
8ـ صحيفة (المصري اليوم) في 25/8/2008م. ـ (وفي نفس
التاريخ) ـ أول توت سنة 1726ق ـ 11 سبتمبر سنة 2008م ـ عقدت الكنيسة "مؤتمر
القبطيات" ـ الذي شاركت فيه أبحاث إسرائيلية ـ ومنعت الإعلاميين من حضور
جلسات المؤتمر ومناقشاته، "لأن المناقشات الدائرة بداخل المؤتمر يمكن أن
يقال فيها أشياء تفسر إعلاميًا بشكل طائفي"؟!! ـ صحيفة (المصري اليوم) في
18 سبتمبر سنة 2008م ـ.

9ـ صحيفة (الدستور) و(المصري اليوم) و(البديل) ـ في
20/7/2008م ـ نقلاً عن وكالة "أمريكا إن أربيك". وانظر ـ كذلك ـ ترجمة
المحاضرة ـ في (الدستور) في 13/8/2008م ـ وأيضًا ترجمة محمود الفرعوني لهذه
المحاضرة على موقع "مصريون ضد التمييز" على شبكة المعلومات العالمية.

10 ـ (الموسوعة الأثرية العالمية) إشراف: ليونارد كوتريل ـ
ترجمة: د. محمد عبد القادر محمد، د. زكي اسكندر. مراجعة: د. عبد المنعم أبو
بكر ـ طبعة القاهرة سنة 1977م. وانظر ـ كذلك ـ: د. أحمد عثمان ـ مجلة
(الهلال) عدد يونيو 1995م.

11ـ انظر فهرس الأعلام في (فهرس الكتاب المقدس) ص 676 و677 طبعة بيروت سنة 2005م.
12ـ ولقد أيد الأنبا مرقس ـ "وزير إعلام الكنيسة" ـ وعضو المجمع المقدس الأنبا توماس في نفي عروبة المصريين، وقال:
"نحن بالفعل لسنا عربًا، ولكننا مصريون" ـ فانطلق من المفاهيم العرقية للعروبة والمصرية ـ انظر صحيفة (المصري اليوم) في 21/9/2008م.
13 ـ في دراسة ـ للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية
ـ عن الأصول العرقية للشعب المصري ـ تقول هذه الدراسة: إن 6% من المصريين
عرب جاءوا مع الفتح و2% قبائل بربرية جاءت مع الفاطميين و2% بدو من سكان
البلاد الأصليين و2% بوهيميون و88% لعائلات مسيحية تحول 90% منهم إلى
الإسلام ـ انظر" د. كامل عبد الفتاح بحيري (التطور الفكري لدى جماعات العنف
الدينية في مصر) ص 230 طبعة شبين الكوم ـ سنة 2008م.

14ـ فيليب فارج، يوسف كرباج (المسيحيون واليهود في التاريخ
الإسلامي العربي والتركي) ترجمة: بشير السباعي. طبعة دار سينا ـ القاهرة
سنة 1994م.

15 ـ رواه ابن كثير عن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه.
16ـ يوحنا النقيوسي (تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي) ص 125و129
و206ـ 209 و223 ترجمة ودراسة وتعليق: د. عمر صابر عبد الجليل ـ طبعة
القاهرة سنة 2000م.

17ـ توماس أرنولد (الدعوة إلى الإسلام) ص123 و124 ـ ترجمة:
د. حسين إبراهيم حسن، د. عبد المجيد عابدين، إسماعيل النحراوي ـ طبعة
القاهرة سنة 1970م. ـ (ويؤكد "بتلر" على هذه الحقيقة ـ حقيقة أن النصارى
المصريين الموحدين وجدوا في الإسلام النصرانية الحقيقية ـ فيقول: "لقد
وجدوا في الإسلام المسيحية الحقة التي بشر بها المسيح والحواريون، ومن ثم
لم يحسوا أنهم يخونون المسيح باعتناقهم الإسلام" (فتح العرب لمصر) ص387 ـ
ترجمة: محمد فريد أبو حديد ـ طبعة الهيئة العامة للكتاب سنة 1999م.



الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Salah_el_din_sitadle

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امبراطورالميكانيكا

رقـــيب أول
رقـــيب أول
امبراطورالميكانيكا



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
المهنة : مهندس عسكرى
المزاج : متزن
التسجيل : 16/02/2010
عدد المساهمات : 353
معدل النشاط : 430
التقييم : 10
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:54

إذاً.. فنحن ـ بعد هذه الإشارات إلى:
ـ مخطط الفتنة الطائفية.. وجذورها منذ مطلع العصر الحديث.. وفي ظل الغواية الاستعمارية..
ـ وبعض وقائع أحداث تلك الفتنة.. في طورها الذي صاحب قيام الإحياء اليهودي الصهيوني..
ـ والفكر العنصري المنظر لهذه الفتنة ـ

واجدون أنفسنا ـ بعد هذه الإشارات ـ
أمام انقلاب، ليس على هوية بلادنا ـ الوطنية.. والقومية.. والحضارية ـ
فحسب.. بل أمام انقلاب طال ـ كذلك ـ طبيعة المسيحية ذاتها، وطبيعة الرسالة
التاريخية لكنيستها ـ كما عرفتها الدنيا وتعارفت عليها عبر التاريخ..


وإذا كانت هذه إشارات ـ مجرد إشارات ـ
لمعالم هذا الانقلاب الطائفي العنصري الانعزالي، الذي تبلور تياره في
أوساط النخبة الأرثوذكسية عقب الحرب العالمية الثانية.. في ظلال ـ
وبالموازاة مع ـ نزعات الطائفية والعنصرية التي انتعشت بعد النجاح في إقامة
الكيان الصهيوني على أرض فلسطين..

فإننا لا
نبالغ إذا قلنا : إننا بإزاء انقلاب طائفي.. تقوده الكنيسة الأرثوذكسية على
مقومات الهوية الوطنية والقومية والحضارية لمصر.. وعلى تاريخها
..
ورسالتها التي حملتها وتحملها إلى العالمين.. وأمام "حلم مجنون" بإعادة
عقارب الساعة إلى ما قبل أربعة عشر قرنًا.. وذلك طمعًا في تكرار ما حدث على
أرض فلسطين بأرض الكنانة!..

إننا أمام أقلية دينية، لا تتجاوز نسبتها 5.8% من السكان.. يقودها
تيار طائفي عنصري انعزالي يسعى إلى إدارة عقارب التاريخ والجغرافيا
والهوية إلى الوراء، في انسجام تام مع مخطط التفتيت والفوضى الخلاقة الذي
ترعاه الإمبريالية الأمريكية والعنصرية الصهيونية والصليبية العالمية.. غير
عابئ بالأغلبية المسلمة.. بل ولا حتى بقطاعات من عقلاء المسيحيين المصريين الذين يرفضون الانخراط في هذا الاتجاه..


***

ـ وكما سلطنا الأضواء على المخطط
"الإمبريالي.. الصليبي.. الصهيوني" لإعادة تفتيت وشرذمة العالم الإسلامي ـ
بما فيه مصر.. بل وخاصة مصر ـ بواسطة الأقليات الدينية والقومية والمذهبية ـ
.. وسلطنا الضوء ـ كذلك ـ على الشرائح التي سقطت في مستنقع الخيانة الذي
رسمه هذا المخطط..

فإننا ـ إعمالا للمنهج القرآني:{ليسو سواء} ـ قد سلطنا الضوء على مواقف العقل والحكمة الوطنية التي عبرت عنها أصوات رموز دينية ومدنية بين هذه الأقليات..
أولئك الذين أعلنوا أن هذه الأقليات هي جزء أصيل من النسيج الوطني والقومي
والحضاري للأمة العربية الإسلامية.. وأن مشكلاتهم هي مشكلات الأمة..
وطموحاتهم هي طموحات الأمة.. ومصيرهم لا ينفصل عن مصير الأمة.. وأمنهم
وأمانهم في مشروع الأمة الحضاري والنهضوي..

نعم.. لقد سلطنا الأضواء على مواقف هؤلاء العقلاء الحكماء.. الذين قالوا ـ بلسان الأنبا موسى ـ أسقف الشباب بالكنيسة الأرثوذكسية ـ :

"نحن، كأقباط، لا
نشعر أننا أقلية، لأنه ليس بيننا وبين إخواننا المسلمين فرق عرقي "إثني"
لأننا مصريون، وأتجاسر وأقول: كلنا أقباط، بمعنى أنه يجري فينا دم واحد من
أيام الفراعنة، ووحدة المسألة العرقية تجعلنا متحدين مهما اختلفنا.

هناك طبعًا التمايز الديني، لكن يظل
الأقوى والأوضح الوحدة العرقية. ولا نشعر، نحن الأقباط، بشعور الأقلية
البغيض الذي يعاني منه غيرنا.. نحن أقلية عددية فقط، ولكن هذا لا يجعلنا
نشعر أن هناك شرخًا بيننا وبين إخواننا المسلمين.

من جهة الهوية
العربية، نحن مصريون عرقًا، لكن الثقافة الإسلامية هي السائدة الآن، كانت
الثقافة القبطية هي السائدة قبل دخول الإسلام، وأي قبطي يحمل في كثير من
حديثه تعبيرات إسلامية، يتحدث بها ببساطة ودون شعور بأنها دخيلة، بل هي جزء
من مكوناته.

نحن نحيا العربية لأنها هويتنا الثقافية،
ومقتنعون بالطبع بأن فكرة العروبة فكرة سياسية واقتصادية وثقافية،
بالإضافة لوحدة المصير المشترك.. والعلاقة بين الجذور والعروبة علاقة
تناصرية.. هذه دوائر متداخلة..

ومصر دائما
دولة مسلمة ومتدينة، ولكن بدون تطرف، ولو عشنا، كمسلمين وأقباط، وفي إطار
الصحوة الدينية المصحوبة بصحوة وطنية فسيكون المستقبل أكثر من مشرق.

نحن، في مصر، نسيج واحد، وسعداء
بذلك، وهذه حماية استراتيجية لنا كأقباط، ونحن نرفض المسيحية السياسية، لأن
المسيح قال:"مملكتي ليست بالعالم".. ولو حدثت المسيحية السياسية تصبح
انتكاسة على المسيحية..

وتقسيم مصر فكرة مستحيلة، وغير مسيحية، ولو فكرنا في ذلك معناه أننا نجهز أنفسنا للإبادة.. إنها فكرة غبية.. فكرة صهيونية من أجل تفتيت مصر.."(1)


هكذا تحدث صوت العقل والحكمة، على لسان الأنبا موسى، من داخل الكنيسة الأرثوذكسية.

ـ ومن داخل الكنيسة الكاثوليكية.. تحدث صوت العقل والحكمة، على لسان الأنبا يوحنا قلته، نائب البطرك الكاثوليكي في مصر.. فقال:
"أوافق تمامًا على أن أكون مصريًا.. مسيحيًا، تحت حضارة إسلامية.
أنا مسلم ثقافة مائة في المائة..

أنا عضو
في الحضارة الإسلامية كما تعلمتها في الجامعة المصرية.. تعلمت أن النبي،
صلى الله عليه وسلم، سمح لمسيحيي اليمن أن يصلوا صلاة الفصح في مسجد
المدينة.. فإذا كانت الحضارة الإسلامية بهذه الصورة.. التي تجعل الدولة
الإسلامية تحارب لتحرير الأسير المسيحي.. والتي تعلي من قيمة الإنسان
كخليفة عن الله في الأرض.. فكلنا مسلمون حضارة وثقافة..

وإنه
ليشرفني، وأفخر أنني مسيحي عربي، أعيش في حضارة إسلامية.. في بلد إسلامي..
وأساهم وأبني، مع جميع المواطنين، هذه الحضارة الرائعة.."(2)

ـ وغير أصوات العقل والحكمة عند بعض رجال الكهنوت.. وجدنا هذه المواقف العاقلة والحكيمة بين عقلاء المسيحيين العلمانيين ـ أي غير الأكليروس..

فالدكتور غالي شكري (1935 ـ 1998م) يكتب فيقول:

"إن الحضارة الإسلامية هي
الانتماء الأساسي لأقباط مصر.. وعلى الشباب القبطي أن يدرك جيدًا أن هذه
الحضارة العربية الإسلامية هي حضارتنا الأساسية.. إنها الانتماء الأساسي
لكافة المواطنين.

صحيح أن لدينا حضارات عديدة،
من الفرعونية إلى اليوم، ولكن الحضارة الإسلامية قد ورثت كل ما سبقها من
حضارات، وأصبحت هي الانتماء الأساسي، والذي بدونه يصبح المواطن في ضياع..

إننا ننتمي ـ كعرب من مصر ـ
إلى الإسلام الحضاري والثقافي، وبدون هذا الانتماء نصبح في ضياع مطلق..
وهذا الانتماء لا يتعارض مطلقًا مع العقيدة الدينية. بالعكس ـ لماذا؟ لأن
الإسلام وحد العرب، وكان عاملاً توحيديًا للشعوب والقبائل والمذاهب
والعقائد.."(3)

ـ وفي نفس الموقف العاقل والحكيم ـ والعميق ـ نجده عند المفكر الحضاري الدكتور أنور عبد الملك.. الذي كتب يقول:

"إن أي إنسان عاقل يدرك أن مصر هي أقدم أمة وحضارة في التاريخ قاطبة.
ومنذ الفتح العربي الإسلامي دخلنا بالتدريج في إطار دائرة أسميناها ـ
منذ خمسين عامًا ـ الدائرة العربية، ولكنها في الواقع هي دائرة الحضارة
الإسلامية، التي تتمركز حول مبدأ واحد هو "التوحيد" الذي يتفق بشكل مطلق مع
خصوصية مصر. فالحياة العامة في مصر بها قبول بالسليقة للتوحيد، ناتج من
وحدة الأمة المصرية منذ ما يزيد على ثلاثة آلاف سنة، وبالتالي فالإطار
الحضاري للإسلام يشمل المرحلة القبطية، "أي المسيحية المصرية"، كما أن
لغتنا هي العربية، لغة القرآن"(4)

ـ ونفس الموقف العاقل والحكيم ـ والواعي ـ نجده عن المفكر الحضاري والمناضل السياسي الدكتور رؤوف نظمي ـ (محجوب عمر) ـ الذي قال عن المرجعية الإسلامية الواحدة، والموحدة، لكل الأمة:

"الأمة مرجعيتها واحدة، وهي
الإسلام، بما له من تراث وعقائد وأصول.. والأساس هو أن يكون للأمة مرجعية
واحدة، فإذا كانت الأمة الإسلامية فمرجعيتها الإسلام، وإذا كانت
كونفوشيوسية، فمرجعيتها الكونفوشيوسية..

إن أغلبية الأمة مسلمون، والمطلوب هو توجيه الجهود للعمل مع الأغلبية
التي لا تزال على مرجعيتها التاريخية، على تراثها الحضاري، وعلى عقيدتها..

نحن لدينا دستور يقول: إن دين
الدولة هو الإسلام، وكافة مواد القانون تكون في حدود الشريعة، والمطلوب
فقط ترويج هذا الفهم لإطلاق طاقات الإبداع في المشروع الحضاري..

وإذا كانت المرجعية الإسلامية
هي مرجعية الجميع، تنتهي المشكلة. فالمطلوب أن يكون مشروعنا حضاريًا، من
حضارتنا، وحضارتنا إسلامية، فالمطلوب أن يكون الإسلام هو المرجعية العامة
للجميع"(5)

ـ ونفس الموقف العاقل والحكيم نجده واضحًا وحاسمًا عند الكاتب صادق عزيز.. الذي قال:

"إن مصر دولة إسلامية منذ
دخلها الإسلام، ويومها كان المسلمون هم الأقلية، وكان الأقباط هم الأغلبية،
ومع ذلك كانت إسلامية. بل إن مصر في تاريخها لم تكن دولة "قبطية" حتى من
قبل الإسلام، فهي تقع دائمًا تحت الحكم الروماني أو البيزنطي أو المقدوني،
أما الحكم القبطي فلم نسمع عنه أبدًا.. وفيما عدا الأحوال الشخصية فإن
أحكام الشريعة الإسلامية لا تتعارض إطلاقًا مع المسيحية، وذلك لعدة أسباب
أهمها:

1ـ أنه إذا كانت الدولة
إسلامية، فالقوانين الوضعية يجب أن تكون إسلامية، وعلينا قبول ذلك، بل
والترحيب به، عملاً بقول المسيح: "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله"

2ـ أن أحكام الشريعة الإسلامية تنطبق في كثير جدًا من الأحوال مع شريعة العهد القديم، وهي ما جاء المسيح لا لينقضها.. بل ليكملها..
3ـ أن المسيحية لم تأت بأحكام وقوانين وضعية، عملا بقوله ـ (المسيح) ـ :
"مملكتي ليست في هذا العالم"، ومن ثم ترك للحكام أو لقيصر وضع الأحكام
الأرضية، وأمرنا أن نعطي ما للحكام للحكام.."(6)

فمصر دولة إسلامية.. مرجعيتها
الإسلام، منذ دخلها الإسلام قبل أربعة عشر قرنًا.. ولم تكن دولة قبطية حتى
قبل دخول الإسلام إليها، لأن المسيحية ليست دولة، ومملكة المسيح ليس في
هذا العالم.. والعروبة هي الهوية الثقافية والقومية لمصر..

وليس في مصر مشكلة "عرقية ـ
إثنية"، لأن شعبها نسيج عرقي ووطني واحد: مصريون أسلموا ـ هم الأغلبية
الساحقة ـ ومصريون ظلوا مسيحيين ـ وهم الأقلية في الدين فقط.. أي في
الاعتقاد، أما في منظومة القيم والأخلاق والثقافة فالجميع مسلمون حضاريًا..

والمسيحية السياسية تعني "تجهيز المسيحيين للإبادة"!..

***

هذا هو موقف العقلاء والحكماء ـ من المسيحيين المصريين ـ من رجال الكهنوت ومن العلمانيين..


لكن السؤال ـ المطروح اليوم ـ وأمام تصاعد النزعة الطائفية العنصرية الانعزالية التي تقودها الكنيسة
ـ أين موقف هؤلاء العقلاء الحكماء؟!.. ولماذا الصمت على هذا المشروع
الطائفي، الذي "يجهز المسيحيين للإبادة" ـ كما قال الأنبا موسى؟!..

نحن نعلم درجة القمع التي يمارسها الكاهن الأكبر
(البابا شنودة) إزاء المعارضين لسلطاته المستبدة.. ونعلم تأثير سلاح
"الحرمان الديني" الذي استخدمه ويستخدمه بإسراف غير مسبوق ضد من تحدثه نفسه
بالخروج على هذه النزعة الطائفية التي دفع الأقباط في مستنقعها..

لكن.. ومع أخذ كل ذلك في
الاعتبار.. فإن القضية قضية وطن وأمة وحضارة ومصير ـ ولابد من موقف واضح
وشجاع ومعلن لإنقاذ الأقباط وكنيستهم من هذا المنزلق الخطير الذي يوشكون
على التردي فيه!..

***


ــــــــــــــــــــ

* هوامش:

1ـ د. سعد الدين إبراهيم (الملل والنحل والأعراق) ص529 ـ 534.
2ـ الأنبا يوحنا قلته: من حوار دار عقب محاضرة لي ـ في
جمهور من النخبة المسيحية، الممثلة لمختلف الطوائف ـ دعت إليها "اللجنة
المصرية للعدالة والسلام" ـ عنوانها: "أثر البعد الديني في الاشتراك في
العمل العام"، بفندق الحرية ـ بمصر الجديدة ـ بتاريخ 9 نوفمبر سنة 1991م ـ
انظر كتابنا (الإسلام والسياسة) ص136 طبعة مكتبة الشروق الدولية ـ القاهرة
سنة 2008م.

3ـ صحيفة (الوفد) عدد رجب سنة 1413هـ ـ 21 يناير سنة 1993م.
4ـ صحيفة ( أخبار الأدب) في 30/4/2000م.
5ـ مجلة (منبر حر) عدد خريف سنة 1989م ـ ص41و42 ـ بيروت.
6ـ جمال بدوي (الفتنة الطائفية: جذورها وأسبابها. دراسة تاريخية ورؤية تحليلية) ص137 ـ 141 ـ طبعة القاهرة سنة 1992م.





الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 1_612754_1_34

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Salah_el_din_sitadle

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sameh71

عريـــف
عريـــف



الـبلد : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ 01210
التسجيل : 22/01/2011
عدد المساهمات : 54
معدل النشاط : 49
التقييم : 2
الدبـــابة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
الطـــائرة : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11
المروحية : الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Unknow11

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty10

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Empty

مُساهمةموضوع: رد: الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟   الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟ Icon_m10الخميس 3 فبراير 2011 - 13:40

نشكر ربنا ان الفتنة الطائفية في مصر فشلت لقوة الشعب المصري
و لكن ماذا نفعل في الفتنة المصرية في الوقت الحالي بين معارض و مؤيد لنظام الرئيس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الفتنة الطائفية ...متى وكيف ولماذا ؟

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الطائفية في المجتمعات العربية - الجزء الأول
» ملف الفتنة الطائفية في مصر . متجدد ... أرجوا التثبيت
» حزب الله وحركة التوحيد الإسلامية يحذرون من الفتنة الطائفية
» من ؟ ولماذا ؟ وكيف ؟ ضرب اليرموك
» جهاز مبتكر لكشف الطائفية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: الدراسات العسكرية الاستراتيجية - Military Strategies-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019