فضيلة الشيخ
في بعض الوحدات الخاصة بالجيوش ( الصاعقة )
يدربون الجنود على أكل الميتات والحشرات وشرب المياه النجسة لكي يتعود
الجنود على ذلك فإذا وقعوا في الأسر أو تحت ظروف صعبة استطاعوا التأقلم
والتعايش.
فما حكم هذا؟
وهل يجوز أكل ذلك ؟
وجزيتم خيراً
الجواب
وجزاك الله خيرا .
لا يجوز ذلك ؛ لأنه لا
يجوز أكل الميتة ولا أكل الحشرات ، ولا شُرب النجاسات ، إلاّ عند الضرورة
بأن يَخاف الإنسان على نفسه مِن الهلاك .
وسُئل شيخنا العثيمين رحمه الله :
في بعض الجيوش الإسلامية تُخْتار فِرَقٌ تُدَرَّبُ على أكل الحيات، والضفادع، وشُرْب بَولهم ، بحجة أن ذلك يُقَويهم، فهل هذا يجوز ؟
فسأل الشيخ : بَول الإنسان نفسه ، أم بول هذه الأشياء ؟ فأجاب السائل : بَول الإنسان نفسه .
فأجاب الشيخ رحمه الله :
هذا لا يجوز ، ولا
يَحِلّ ، ولا يُمْكِن أن يكون استحلال المعصية سببا للنصر أبدا ، بل
المعصية سبب للخذلان . أرأيت قول الله تعالى: (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ
وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا
تُحِبُّونَ) ؟ يشير سبحانه وتعالى إلى غزوة أحد ، وليس فيها إلاَّ مَعصية
واحدة ، ومع ذلك خُذِل أشرف جيش على وَجه الأرض مِن وقت خَلْق آدم إلى أن
تقوم الساعة ، وذلك بسبب هذه المعصية ؛ وسببها أن الرسول عليه الصلاة
والسلام رَتَّب الجُنْد ، وقال لِخَمسين رجلاً مِن الرُّمَاة : كونوا هنا
.. في مكان مُهِمٍّ ليحموا ظهور المسلمين ، ولِمَّا انكشف المشركون
وانهزموا، وجَعَل المسلمون يَجمعون الغنائم نَزَل أكثر هؤلاء الرماة ؛
لأنهم ظنوا أن المسألة انتهت، فَذَكَّرهم أميرهم بِقَول الرسول عليه الصلاة
والسلام : " لا تَبْرَحُوا " ، أي : عن مكانكم ، سواءً كانت لنا أو علينا ؛
ولكنهم رضي الله عنهم ، وتجاوز عنهم ، وعفا عنهم لم يَمْتَثِلُوا ، بل
نَزَلُوا ، فَحَصَلَت الهزيمة بعد أن كان النصر في أول النهار للمسلمين ،
وذلك من معصية واحدة . فكيف بالذي يقول : اشرب بَولك، وكُل الحيات، وما
أشبه ذلك ؟! هذا لا يقوله مسلم ؛ بل الذي يظهر لي أن هذا مُتَلَقّى مِن
الكفار الذين لا يُحَرِّمون ما حَرَّم الله ورسوله .
فقال السائل: هذا موجود في فِرَق الصاعقة الموجودة في بعض الدول الإسلامية !
فقال الشيخ رحمه الله :
حتى ولو وُجِد في أي مكان ، فهذا لا يَحِلّ لهم أبدا ، فالمحرمات لا تجوز
إلاَّ عند الضرورة ، فإذا جاءت الضرورة عَرَف الإنسان كيف يأكُل ويَشْرب ،
أما أن نَجْعَله في حال الاختيار يَشرب البول ، ويأكل الحرام ، خوفا مِن أن
يحتاج إلى ذلك ، فلا ! بل نقول : إذا حَلَّت الضرورة في تلك الساعة فقد
أباح الله للإنسان أن يأكل ما حَرَّم الله عليه ، كما قال تعالى : (وَقَدْ
فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)
.
والله تعالى أعلم .