حذر أهم ثلاثة محللين في صحيفة "هآرتس" من أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، التي بقي فيها إيهود باراك وزيرا للدفاع بعدما تخلص من ضغوط حزب العمل وانفصل عنه، باتت حكومة يمينية ضيقة قد تشن حربا ضد إيران أو لبنان.
ورأى المحلل السياسي ألوف بن، في عدد هآرتس الصادر في 18 كانون الثاني/ يناير، أن "الخط المتشدد أمام إيران يكتل باراك ونتنياهو ويمنح جدوى لجلوسهما المشترك في قيادة الدولة، مدعومين برئيس أركان الجيش الجديد يوءاف غالانت الذي يعتبر مؤيدا لموقفهما، وسيسعى رئيس الحكومة ووزير الدفاع إلى إحباط المشروع النووي الإيراني في الوقت المتبقي من ولايتهما".
وأضاف أنه "من دون وجود باراك إلى جانبه، سيواجه نتنياهو صعوبة في دفع خطوات هجومية في الجبهة الإيرانية، لأنه لا يوجد لنتنياهو رصيد عسكري يمنحه صلاحية أمنية عليا مثلما كان لأرييل شارون، وفقط باراك مع رتبه وأوسمته (العسكرية)، وخبرته كرئيس حكومة سابق سيمنحه مظلة كهذه".
ووفقا لبن، فإن لنتنياهو وباراك رؤية مشتركة وأن "كلاهما يعتبران إسرائيل موقعاً لجبهة الغرب في قلب العالم الإسلامي المعادي، وكلاهما لا يصدقان العرب ويعتقدان أنه 'لا يوجد شريك' في الجانب الفلسطيني، وكلاهما يعتبران البرنامج النووي الإيراني خطرا كبيرا على إسرائيل ويؤيدان عملية عسكرية ضدها".
وأشار بن إلى أن "رجل الأمن الرفيع المستوى في حزب الليكود ورئيس أركان الجيش الأسبق، موشيه يعلون، يُعتبر معتدلاً فيما يتعلق بمسألة العملية العسكرية ضد إيران، ومثله أيضا الرمز الأيديولوجي لحكومة اليمين، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ونتنياهو لن يتمكن من التغلب على معارضتهما من دون التحليلات الحاسمة بمرافقة حركات يدوية دائرية لوزير الدفاع".
وتراجع رئيس الموساد السابق مائير داغان عن تقديراته قبل أسبوعين بأن إيران لن تنجح بالحصول على سلاح نووي قبل العام 2015 وإن شن هجوم ضدها، الآن، ليس في مصلحة إسرائيل؛ وقال أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، في 17 كانون الثاني/ يناير، إن إيران بإمكانها "تقصير الأزمنة" للحصول على قدرة نووية عسكرية.
وأضاف بن أن نتنياهو وباراك "سيكثران في الأسابيع المقبلة من الحديث عن دفع العملية السياسية، وبالتأكيد سيحاولان أن يفاجآ... لكن حتى عندما يتحدثان عن فلسطين فإن تركيزهما سيوجه لإيران وهذا هو هدفهما الحقيقي".
من جانبه، كتب المحلل العسكري عاموس هارئيل أنه بعد أن أعلنت الإدارة الأميركية عن فشل المحادثات التي أجرتها مع حكومة إسرائيل حول استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين وبعد انسحاب حزب العمل من الحكومة "تغيرت أجندة حكومة نتنياهو اليمينية الضيقة جدا".
وأضاف هارئيل أنه "يوجد لدى نتنياهو وباراك أجندة جديدة وعلى رأسها معالجة أكثر عدوانية لإيران، وبعد الانفجار السياسي الصغير الذي نفذاه (بانفصال باراك عن حزب العمل) قد يأتي الانفجار الأكبر في السياق الإيراني".
لكن المحلل السياسي عكيفا إلدار استبعد هجوما ضد إيران استنادا إلى تحليل داغان قبل أسبوعين، ونقل عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى وتلقى تحليلاته تقديرا كبيرا في الحلبة السياسية، قلقه من أن باراك ونتنياهو قد يشنان حرباً ضد لبنان.
وأشار المسؤول إلى "تكاثر التقارير حول العدد الكبير من الصواريخ التي بحوزة حزب الله، وحول مدياتها الطويلة، واستعدادات قيادة الجبهة الداخلية (في إسرائيل) لهجمات صاروخية على التجمعات السكانية".
وأردف: "خذ هذه التقارير وأضفها إلى التوتر في قيادة حزب الله والنظام في دمشق، في أعقاب تقديم الاتهام ضد المشتبهين بقتل رئيس حكومة لبنان رفيق الحريري، وضم إلى ذلك توقعات داغان بأن القنبلة النووية الإيرانية ليست وشيكة" وأن الإدارة الأميركية تعارض هجوما ضد إيران.
وتابع المسؤول السياسي الإسرائيلي أنه بعد ذلك "سيبقى نتنياهو مع الكابوس الفلسطيني الذي يعلّم إسرائيل دروسا في الدبلوماسية، ومع الرئيس (الأميركي باراك) أوباما الذي يواصل إزعاجه بالسوط المسمى 'اتفاق دائم'، وسيبقى أيضا مع التهديد الأكبر المتمثل بأفيغدور ليبرمان وتسيبي ليفني (رئيسة حزب كديما والمعارضة) اللذان لا يفوتان فرصة لدفعه إلى حلبة القتال بين المتدينين والعلمانيين".
وكتب إلدار أن الحلبة الأخرى التي تحدث عنها المسؤول هي بنظر "نتنياهو ومساعده باراك" الحلبة اللبنانية، مشيرا إلى أنه في منتصف الشهر المقبل (شباط/ فبراير)، سيبدأ غالانت مزاولة مهامه كرئيس أركان الجيش، وسيكون في خدمتهما بوصفه "نصير المعارك".
ولفت إلدار إلى أن غالانت أثبت خلال الحرب على غزة أنه "رجل صارم"، وأن "الخطر بأن مهاجمة لبنان ستستدعي هجمات صاروخية على إسرائيل لا تردع رجالا مثلهم، ولولا (معارضة) الأميركيين لأثبتوا لإيران من هو السيد هنا".
كذلك نقل إلدار عن مسؤول رفيع المستوى في جهاز الأمن الإسرائيلي، يعرف غالانت جيدا، قوله إن الأخير "يبتهج لدى التوجه إلى القتال" ووصف الثلاثية نتنياهو – باراك – غالانت بأنها "توافق فتاك".
وتوقع المسؤول السياسي أن "هجوما على حزب الله لن ينتهي بدون حرب مع سوريا، فسلوك دمشق منذ بداية التحقيق في قتل الحريري وحتى حل الحكومة اللبنانية عشية تقديم لوائح الاتهام، تدل على العلاقات الوثيقة بين نظام الأقلية العلوية والمنظمة الشيعية، وكلاهما قريبان جدا من إيران التي لن تتردد من محاربة إسرائيل حتى آخر نقطة دم الجنود السوريين والمواطنين اللبنانيين".