ويكيليكس: مبارك يعتبر أن الإصلاحات الواسعة عبارة عن «دعوة مفتوحة للتشدد».
تكشف
برقيات دبلوماسية أميركة سربها موقع «ويكيليكس» المواقف الأميركية من
السياسة المصرية، ومن الرئيس حسني مبارك، في الوقت الذي تجتاح فيه
الاحتجاجات المناطق المصرية مطالبة «بإسقاط النظام».
وكشفت البرقيات أن السفيرة الأميركية لدى مصر مارغريت سكوبي، نصحت وزيرة
الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال اجتماعها مع مبارك، في آذار عام
2009، بأن تتجنب ذكر اسم المعارض أيمن نور، على الرغم من الإدانات، وبينها
ما صدر في واشنطن، بعد سجنه عام 2005. واقترحت سكوبي أن تفتح موضوع الكاتب
المصري الأميركي سعد الدين إبراهيم، الناقد لمبارك، والذي فر من القاهرة
بعد إدانته «بتشويه سمعة البلاد».
كما توضح البرقية قلق الدبلوماسيين الأميركيين الذي طرح مرات عديدة مع
المسؤولين المصريين، بشأن المعارضين والمدونين. وتذكر أن قوات الأمن
المصرية كانت تستخدم التعذيب بطريقة «روتينية ووحشية» بحق المحتجزين
الإسلاميين والناشطين المعارضين والمدونين المعارضين للنظام. ونقلت عن مصدر
مطلع قوله إن «عناصر الشرطة كانوا يستخدمون الصدمات الكهربائية لتعذيب
المتهمين، وضرب المحامين الذي يدافعون عن موكليهم، كما تتعرّض النساء
لاعتداءات جنسية». كما تظهر الوثائق أن مبارك يعتبر أن الإصلاحات الواسعة
عبارة عن «دعوة مفتوحة للتشدد».
وعلى الرغم من عدم وضوح ما قالته كلينتون لمبارك أثناء اللقاء في شرم
الشيخ، إلا أنها تحدثت بلغة عامة حين سألها مراسل قناة عربية حول تقرير
وزارة الخارجية الأميركية الذي ينتقد وضع حقوق الإنسان في مصر. وردت «نتمنى
أن يتم العمل بروحية ما نطرحه، وبأن يكون هناك تحسينات تشمل الجميع»،
مضيفة انه يعود للشعب المصري أن يقرر مستقبل الرئاسة.
ولا تترك البرقيات السرية، التي تغطي السنة الأولى من رئاسة باراك أوباما،
أي شك حول قيمة مبارك كحليف للولايات المتحدة، حيث أنها تشير إلى كيفية
مساندته لواشنطن في مواجهة طهران، ودوره كوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين،
ودعمه للحكومة العراقية، بالرغم من رفضه للغزو الأميركي عام 2003.
وسراً، ضغطت سكوبي على وزير الداخلية المصري حبيب العادلي للإفراج عن ثلاثة
مدونين وقس قبطي. وطلبت منح ثلاث مجموعات أميركية مناصرة للديموقراطية
تصريحاً رسمياً بالعمل في البلاد، لكن تم رفض هذا الأمر.
وتظهر تقارير نقدا للسيدة الاولى سوزان مبارك حيث جاء في واحد انها واثناء
رحلة لسيناء قامت مبارك باستخدام حافلة تبرعت بها وكالة التنمية الامريكية
تم شراؤها من اجل نقل الاطفال لمدارسهم. وأظهرت برقية أخرى قلق قوات الأمن
المصري بشأن وجود ناشطين أميركيين في سيناء، حيث قامت بتسجيل اجتماع عقد
بين دبلوماسيين وأعضاء في مجلس محلي بشكل سري.
لكن غالبية البرقيات تصف التعاون بين الولايات المتحدة ومصر. حيث حاولت
كلينتون خلال زيارتها عام 2009 إعادة إحياء محادثات السلام الفلسطينية ـ
الإسرائيلية، ومبارك كان الأساس في هذه المحاولة. وتفصل البرقيات جهوده
للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الإسرائيليين وحركة حماس في غزة، فضلاً عن
الضغوط الأميركية عليه لكبح تهريب الأسلحة لحماس عبر الأنفاق.
وتشير البرقية إلى أن كلينتون نقلت إلى مبارك أن اوباما يريد الانخراط مع
إيران، لكن الرئيس المصري توقع فشل هذا الأمر. وأفادت برقية مؤرخة في أيار
2009، قبل زيارة مبارك للبيت الأبيض، أن المسؤولين المصريين قالوا
للدبلوماسي الأميركي دينيس روس، خلال زيارته القاهرة، «يجب أن نكون مستعدين
للمواجهة من خلال العزل».
وكباقي الزعماء العرب، تصور البرقيات مبارك على انه «مهووس» بالشأن
الإيراني، بحيث قال لدبلوماسيين أميركيين إن خطرها «قد يمتد من الخليج إلى
المغرب» عبر حماس و«حزب الله»، معتبرا أن هذه المجموعات، خاصة حماس، تهدد
حكمه بشكل مباشر.
وتنقل برقية عن مبارك قوله لقائد قوات الاحتلال الأميركي في العراق الجنرال
ديفيد بتراوس، في 29 حزيران 2009، أن «الحكومة الإيرانية أرادت تأسيس
مجموعات داخل مصر للتأثير عليها». وقال بتراوس، من جهته، إن الولايات
المتحدة ترد على مخاوف دول الخليج بنشر المزيد من صواريخ «باتريوت» وزيادة
عديد المقاتلات من طراز «أف ـ 16» في المنطقة.
وبالرغم من التعاطف الأميركي الواضح مع القلق الأمني الذي ينتاب مبارك،
فإنه لم يكن لدى الدبلوماسيين الأميركيين أي شك بإمكانية وجود خطر يتهدد
سلطة الرئيس المصري. وتشير برقية، مؤرخة في أيار 2009، إلى الاحتجاجات التي
عمت مصر عام 2008 حول الخبز، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1977، وان زيادة
نفوذ جماعة الإخوان المسلمين أجبرت الحكومة على «اعتماد تكتيكات قاسية ضد
الأفراد والجماعات»، لكن سكوبي تصف مبارك وكأنه المنقذ الوحيد «فهو مجرب
وواقعي، فهو يترك بعض الأفراد يعانون لكنه لا يخاطر بإمكانية حصول فوضى
شاملة».
وتعرض برقية أخرى تعود إلى آذار 2009 تحليلا متشائما من أفق حركة «6
أبريل»، وهي مجموعة من الشباب، متمركزة عبر موقع «فيسبوك»، وتلقى اهتماما
واسعا لمناقشتها السياسة الحيوية، كما ساعدت على تعبئة الاحتجاجات التي
اجتاحت مصر في اليومين الماضيين.