كثر الكلام هذا الايام على الدولة البرلمانية ورغبة قطاع كبير فى المعارضة ان تكون الدولة برلمانية لا رئاسية
فرأيت ان اوضح للبعض الفرق بين الدولتين
النظام البرلماني:
النظام البرلماني هو نوع من انواع الحكومات
النيابية ويقوم على وجود مجلس منتخب يستمد سلطته من سلطة الشعب الذي انتخبه ويقوم
النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات على أساس التوازن والتعاون بين
السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وتتكون السلطة التنفيذية في هذا النظام من طرفين
هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ عدم مسؤولية رئيس الدولة أمام البرلمان أما
مجلس الوزراء أو الحكومة فتكون مسؤولة أمام البرلمان أو السلطة التشريعية ومسؤولية
الوزراء اما أن تكون مسؤولية فردية أو مسؤولية جماعية بالنسبة لأعمالهم.
يؤخذ بهذا النظام في الدول الجمهورية أو الملكية
لأن رئيس الدولة في النظام البرلماني لا يمارس اختصاصاته بنفسه بل بواسطة وزرائه.
ومع أن السلطة التشريعية لها وظيفة التشريع فإن
للسلطة التنفيذية الحق في اقتراح القوانين والاشتراك في مناقشتها أمام البرلمان
كذلك فيما يتعلق بوضع السياسات العامة من حق السلطة التنفيذية لكنها تمتلك الحق في
نقاش السياسات وابداء الرأي فيها كما تمتلك السلطة التشريعية الحق في مراقبة اعمال
السلطة التنفيذية والتصديق على ما تعقده من اتفاقيات.
لذلك فمعظم العلاقة بين السلطتين مبنية على
التوازن والتعاون أما ما يتعلق برئيس الدولة في النظام البرلماني فقد اختلف
الفقهاء حول دوره في النظام البرلماني ويكون معظم دوره سلبياً ويكون مركزه مركز
شرفي ومن ثم ليس له ان يتدخل في شؤون الادارة الفعلية للحكم وكل ما يملكه في هذا
الخصوص هو مجرد توجيه النصح والارشاد الى سلطات الدولة لذلك قيل ان رئيس الدولة في
هذا النظام لا يملك من السلطة الا جانبها الاسمي اما الجانب الفعلي فيها فيكون للوزراء.
لذلك فرئيس الدولة يترك للوزراء الادارة الفعلية
في شؤون الحكم وهو لا يملك وحده حرية التصرف في أمر من الأمور الهامة في الشؤون
العامة أو حتى المساس بها وهذا هو المتبع في بريطانيا وهي موطن النظام البرلماني حتى
صار من المبادئ المقررة ان (الملك يسود ولا يحكم).
فالنظام البرلماني المولود في بريطانيا انتقل الى
القارة الاوروبية في القرن التاسع عشر ارسيت قواعده في فرنسا بين عامي (1814-1840م)
أي تحت الملكية واعتمدته بلجيكا عام (1831م) وهولندا في نهاية القرن التاسع عشر
وكذلك النرويج والدنمارك والسويد بين عامي (1900م-1914م) وكانت فرنسا في عام 1875م
الدولة الاولى في العالم التي ارست جمهورية برلمانية.
أي أن الوظيفة الفخرية لرئيس الدولة والمجردة من
السلطات الفعلية ساعدت في الإبقاء على ظاهر ملكي لنظام هو في الحقيقة نظام
ديمقراطي، وبعد حرب 1914م انتشر النظام البرلماني في دول أوروبا الوسطى والجديدة
التي انشاتها معاهدة فرساي.
ويختلف الفقهاء حول الاختصاصات لرئيس الدولة، وذلك
لتكليف البرلمان الاختصاصات الرئيسية للوزراء، ونستدل على بعض الآراء لهذه المهام
في النظام البرلماني.
الوزارة هي السلطة الفعلية في النظام البرلماني
والمسؤولة عن شؤون الحكم أما رئيس الدولة فانه غير مسؤول سياسياً بوجه عام فلا يحق
له مباشرة السلطة الفعلية في الحكم طبقاً لقاعدة (حيث تكون المسؤولية تكون السلطة)
وفي رأي اخر ان اشراك رئيس الدولة- ملكاً أو رئيساً للجمهورية- مع الوزارة في
إدارة شؤون السلطة لا يتعارض مع النظام البرلماني بشرط وجود وزارة تتحمل مسؤولية
تدخله في شؤون الحكم.
لذلك نرى من خلال الجانب العملي فإن الوزارة في
النظام البرلماني هي المحور الرئيسي الفعال في ميدان السلطة التنفيذية حيث تتولى العبء
الاساسي في هذا الميدان وتتحمل المسؤولية دون سلب رئيس الدولة حق ممارسة بعض
الاختصاصات التي قررتها أو تقررها بعض الدساتير البرلمانية في الميدان التشريعي أو
التنفيذي ولكن شريطة أن يتم ذلك بواسطة وزارته الامر الذي يوجب توقيع الوزراء
المعنيين الى جانب رئيس الدولة على كافة القرارات المتصلة بشؤون الحكم الى جانب
صلاحية حضور رئيس الدولة اثناء اجتماعات مجلس الوزراء ولكن بشرط عدم احتساب صوته
ضمن الاصوات.
لذلك يفرق الوضع الدستوري في بعض الدول بين مجلس
الوزراء والمجلس الوزاري حيث يسمى المجلس بمجلس الوزراء اذا ما انعقد برئاسة رئيس
الدولة ويسمى بالمجلس الوزاري اذا ما انعقد برئاسة رئيس الوزراء.
ورئيس الدولة هو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء
ويقيلهم ولكن حقه مقيد بضرورة اختيارهم من حزب الأغلبية في البرلمان- ولو لم يكن
رئيس الدولة راضياً- فالبرلمان هو الذي يمنح الثقة للحكومة وتختلف الحكومات في
النظام البرلماني بقوة اعضائها والاحزاب المشتركة في الائتلاف حيث تسود الثنائية
الحزبية عند وجود التكتلات المتوازنة في البرلمان.
وفي النظام البرلماني رئيس الدولة هو الذي يدعو لإجراء
الانتخابات النيابية وتأتي بعد حل المجلس النيابي قبل انتهاء فترته أو عند انتهاء
الفترة القانونية الى جانب أن بعض الدساتير تمنح لرئيس الدولة الحق في التعيين في
المجلس النيابي أومجلس الشورى أو حل البرلمان.
النظام الرئاسي:
إن مبدأ الفصل بين السلطات قد اتخذ المعيار لتمييز صور الأنظمة
السياسية الديمقراطية النيابية المعاصرة ويتضح النظام الرئاسي في شدته وتطبيقه
بأقصى حد ممكن في دستور الولايات المتحدة الامريكية من حيث حصر السلطة التنفيذية في
يد رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب والفصل الشديد بين السلطات فرئيس الجمهورية في
النظام الرئاسي منوط به السلطة التنفيذية وهذا ما نصت عليه الفقرة الاولى من
المادة الثانية من دستور الولايات المتحدة الامريكية حيث جاء فيها (تناط السلطة
التنفيذية برئيس الولايات المتحدة الامريكية) وهو الذي يشغل هذا المنصب لمدة أربع
سنوات قابلة للتجديد بانتخاب جديد ولا يجوز بعدها تجديد هذه الولاية بأية صورة من
الصور.
لذلك يصبح رئيس الدولة هو صاحب السلطة التنفيذية بشكل كامل لانه لا
يوجد مجلس وزراء في النظام الرئاسي كما هو كائن في النظام البرلماني او في النظام
النصف رئاسي ولا توجد قرارات تخرج عن ارادة غير ارادته مثل ذلك عندما دعا الرئيس
الامريكي (لنكولن)
مساعديه (الوزراء) الى اجتماع وكان عددهم سبعة اشخاص حيث اجتمعوا على رأي مخالف
لرأيه فما كان منه إلا ان رد عليهم بقوله المشهور (سبعة «لا» واحد «نعم» ونعم هي التي تغلب) لذلك نرى ان رئيس الدولة الامريكية هو
صاحب السلطة الفعلية والقانونية للسلطة التنفيذية على المستوى الوطني والمستوى الدولي.
فعلى المستوى الوطني يناط بالرئيس حماية الدستور وتطبيق القوانين واقتراح مشروعات
القوانين ودعوة الكونجرس الى عقد دورات استثنائية وتوجيه رسائل شفوية للكونجرس
وتعيين كبار القضاة وتعيين المساعدين (الوزراء) وكبار الموظفين. اما على المستوى
الدولي فرئيس الدولة هو المسؤول بصورة اساسية عن علاقات الولايات المتحدة
الامريكية بالدول الاجنبية وهو الذي يعين السفراء والقناصل وهو الذي يستقبل السفراء
الاجانب ويجري الاتصالات الرسمية بحكوماتهم ولذلك قيل بان رئيس الولايات المتحدة
الامريكية هو الدبلوماسي الاول. لذلك اصبح من المهم جداً في الانظمة الجمهورية
التقيد دستورياً في النظام الرئاسي ان يتولى الشعب انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق
الاقتراع العام سواء كان مباشراً او غير مباشر ومن هنا تأتي مكانة وقوة رئيس
الدولة الذي يتساوى فيها مع البرلمان شرعيته الديمقراطية والشعبية.
ولكن وبالرغم من القاعدة الشعبية التي تستند اليها مشروعية اختيار
رئيس الدولة إلا ان نجاحه في مهامه وصلاحياته يتوقف على حكمته وكياسته في القيادة
بل وقدرته على كسب المؤيدين في الكونجرس فهو يعتمد بشكل كبير على انصاره حزبياً في
البرلمان والسعي الى تكوين اغلبية برلمانية تدعمه في سياساته وقراراته.
فمن تؤيدوا البرلمانية ام الرئاسية
ارجو التفاعل لان ده مستقبل البلد