أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
إذا تم وضع المدخل الشمالي الشرقي لسيناء تحت عدسة مكبرة، فسوف يتضح أن مثلث سيناء هو العقدة التي تلحم إفريقيا بآسيا ، وأن المثلث الشمالي منها، والذي يحده جنوباً الخط من السويس إلى رفح تقريباً، هو حلقة الوصل المباشرة بين مصر والشام. وبمزيد من التحديد، فان المستطيل القاعدي الشمالي، الواقع إلى الشمال من خط عرض 30ْ تقريباً، هو إقليم الحركة والمرور والوصل، في حين أن المثلث الجنوبي أسفل هذا الخط، هو منطقة العزلة والفصل. الأول يحمل شرايين الحركة المحورية والحبل السري بين القارتين، والثاني هو منطقة الطرد والالتجاء التي آوت إليها بعض العناصر المستضعفة أو المضطهدة .
ولما كان طريق الخطر الخارجي البري إلي مصر هو الشام أساساً ، وكانت سيناء تحتل النقطة الحرجة بين ضلعي الشام ومصر اللذين يكونان وحدة استراتيجية واحدة، أصبحت سيناء "طريق الحرب" بالدرجة الأولى، لأنها معبر أرضي، وجسر استراتيجي معلق أو موطأً، عبرت عليه الجيوش منذ فجر التاريخ عشرات، وربما حرفياً مئات، المرات جيئة وذهاباً. (تحتمس الثالث وحده عبر 17 مـرة !) رابعاً: جغرافية سيناء العسكرية
وكقاعدة جيوستراتيجية، تتلخص أبعاد المستطيل الشمالي أساساً في ُثلاثيتين من المحاور الاستراتيجية الفقْرية، كل منهما مركبة على الأخرى، واحدة عرضية، والأخرى طوليه.
الأولى تتعلق بطرق المواصلات والحركة وخطوط الاقتراب بين الشرق الفلسطيني والغرب المصري، ما بين الساحل وبداية المثلث الجنوبي من سيناء.
والثانية تمثل خطوط الدفاع الأساسية عن مصر النيل، والتي تمتد من الشمال إلى الجنوب وتتعاقب عبر سيناء من الحدود إلى القناة.
والثلاثيتان بتعامدهما وتقاطعهما تنسجان معاً الشبكة الفعالة والحاكمة في أي صراع مسلح على مسرح سيناء والتي تحدد مصيره إلى أبعد الحدود. محاور سيناء الاستراتيجية
فإذا بدأنا بثلاثية المحاور، وجدنا ثلاث مجموعات من الطرق الشريانية العرضية التي ت ستحيل الحركة الميكانيكية خارجها
محور الشمال، الذي يوازي الساحل.
محور الجنوب، الذي يصل بين زاوية البحر المتوسط قرب رفح ورأس خليج السويس.
محور الوسط، الذي يترامى كقاطع بين زاوية البحر المتوسط وبين منصف قناة السويس عند بحيرة التمساح.
وبنظرة عامة يمكن رؤية أن الطرق الثلاثة ترسم معاً شكل مروحة أو حزمة مجمّعة في أقصى الشمال الشرقي، قرب التقاء الحدود السياسية وساحل البحر المتوسط. ومفتوحة في الغرب والجنوب الغربي بطول قناة السويس. غير أننا إذا أضفنا فرعاً جنوبياً أقصى للمحور الجنوبي، يمتد ما بين رأسي خليجي السويس والعقبة، لتحول النمط العام إلى شكل حرف (Z.)
ويُعد محور الشمالأو الساحلي الطريق التاريخي، طريق القوافل، الذي عبرته جيئة وذهاباً عشرات الجيوش فضلاً عن قوافل التجار، والذي يرسمه خط السكة الحديدية الوحيد عبر شبه الجزيرة، ويجاوره طريق بري رئيسي، وإن يكن صعباً نوعاً للسيارات. ينحصر المحور ويتحدد بين مستنقعات الساحل الرخوة الهشة من الشمال، وبحر رمال الكثبان الشاسعة المفككة التي لا يمكن أن تخترقها المركبات الميكانيكية من الجنوب. الطريق غني بالآبار وموارد المياه نسبياً، ولكن الإنجليز في الحرب الأولى اضطروا إلى تعزيزه بأنبوب من مياه النيل عبر القناة.
أما ساحل البحر المتاخم، فضحل رسوبي لا يصلح لاقتراب أو رسو السفن الكبيرة، وإن أمكن للسفن الصغيرة أن تدخل موانيه الرئيسية. غير أن الطريق البحري ليس منافساً أو بديلاً للمحور الأرضي. ومن الناحية الأخرى تستطيع المدفعية البحرية الحديثة بعيدة المدى، أن تقصف من عمق البحر وتضرب أجناب المحور. كذلك يمكن لوحدات القوات الخاصة والضفادع البشرية، أن تتسلل إليه من البحر لتضرب مراكزه. وهذا ما فعلته القوات البحرية المصرية الفدائية والخاصة مراراً وبنجاح كبير في حرب أكتوبر.
ويبدأ المحور من القناة عند القنطرة، التي تحدد نهاية بحيرة المنزلة الجنوبية وبداية أول أرض صلبة بعدها، وتستمد القنطرة اسمها من أنها كانت "قنطرة العبور" على فرع النيل البيلوزي في العصور العربية الوسطى. ومن القنطرة يتجه المحور باتجاه الشمال الشرقي، موازياً لسهل الطينة الرخو وبعيداً عنه، ثم ينثني شرقاً قرب بالوظة ، ثم يمر برمانة ، فقاطية، ثم بير العبد على طرف بحيرة البردويل. ومن البحيرة يمضي المحور إلى العريش، فالشيخ زويد، فرفح حيث يتصل بطريق الساحل في فلسطين.
ونظراً لأهمية المحور التاريخي، نجد كثيراً من معارك مصر، أو بالأحرى معارك مصر في سيناء، دارت غالباً ـ إن لم نقول دائما ـً في نهايتيه في أقصى الشرق والغرب، أو رفح وبيلوزيوم (الفرما) على الترتيب. حدث هذا في العصر البطلمي، وتكرر أيام الرومان، ومراراً مع العرب.
ويمكن القول بصفة عامة: إن المحور الشمالي كان أهم خط استراتيجي في سيناء في العصور القديمة، ولكنه في العصر الحديث، عصر الحرب الميكانيكية، فقد هذه الصدارة للمحور الأوسط.
أما محور الوسط، فهو المحور القاطع الذي يمتد بين الإسماعيلية وأبو عجيلة. وهو العمود الفقري بلا نزاع في محاور سيناء الاستراتيجية الثلاثة، ويعد اليوم طريق الخطر الأول بلا شك. وقد كان محور تحرك القوات البريطانية بين مصر وفلسطين دائماً، كما ركزت عليه إسرائيل في كل عدوان شنته ويرجع ذلك إلى أنه صالح تماماً لتحرك الحملات الميكانيكية الثقيلة، إذ يترامى على صلب السهول الهضبية الثابتة وإن اعترضته بعض حقول الكثبان الرملية. هذا إلى أنه يؤدي مباشرة إلى قلب الدلتا في مصر عن طريق وادي الطميلات. وهو كذلك يؤدي شرقاً إلى قلب هضبة فلسطين الداخلية، ومن هنا كان يعرف "بطريق الشام". وينحصر المحور بين نطاق الكثبان الرملية وبعض كتل الجبال المنعزلة في الشمال، وبين القاطع الجبلي الأساسي في الجنوب. ومن هنا يتحكم في، أو تتحكم فيه، فتحة جبلية حاسمة تعد مفتاح المحور كله.
يبدأ المحور على القناة إزاء الإسماعيلية، التي تصبح بذلك الهدف الطبيعي الأول لكل من يهاجم مصر والقناة من الشرق. وبعدها يتبع ممر الحتمية المهم الذي يقع بين جبل الحتمية شمالاً، وجبل أم خشيب جنوباً. ثم يستمر المحور شرقاً حتى يصل إلى مضيق الجفجافة الذي يُعد الفتحة الحاسمة بين جبل المغارة في الشمال، وكتلة جبل يلق الصعبة في الجنوب. وبعد المضيق يتجه شمال شرق حيث تحدده فتحة أخرى ثانوية تنحصر بين جبل لبنى في الشمال وجبل الحلال في الجنوب. وبعد ذلك يستمر المحور حتى يصل إلى أبوعجيلة، حيث يتصل المحور الأوسط بالمحور الشمالي لأول مرة في الرحلة، ومن هناك يؤدي إلى قلب إسرائيل.
المحور الجنوبي، يمتد ما بين السويس والقسيمة. وهو خط اقتراب أقل أهمية من محور الوسط، إذا لا يصلح إلا للحملات الخفيفة، كما يعتبر غير مباشر وبعيد نسبياً عن أقطاب الصراع على جانبي سيناء. وهو بعيد عن الكثبان الرملية، ولكن تعترضه العوائق الجبلية، وإن أفاد من فتحاتها كما يفيد من بطون روافد وادي العريش.
يبدأ المحور من السويس التي تستقطب كل الأهمية الاستراتيجية لرأس الخليج، وذلك باعتبارها مدخل القناة، ومركز عمراني وصناعي، فضلاً عن أنها تؤدي بطرق السيارات والسكة الحديدية المباشرة إلى القاهرة رأساً. ومن السويس يتجه المحور إلى الكوبري والشط، وبعدهما يصل إلى ممر متلا، الفتحة الجليلة الحاكمة للمحور بأسره والتي منها يمكن تحديد الحركة عليه وإيقاف الزحف المعادي فوقه.
ومن هنا تأتي أهمية الممر الدفاعية القصوى عن السويس فالقناة فالقاهرة . وبعد الممر يتجه المحور شمال شرق إلى أعالي وادي البروك، الذي يستفيد منه المحور، ويتبعه هو وأودية أخرى مجاورة، ومنها يمضي إلى الجنوب من جبل الحلال إلى أن يصل إلى القصيمة قرب الحدود مباشرة. وهنا من القصيمة يتصل المحور الجنوبي الأوسط شمالاً عند أبوعجيلة، وبذلك يصب المحور هو الآخر في قلب وسط فلسطين.
تلك هي محاور سيناء الاستراتيجية الأساسية الثلاثة، إلا أن هناك محوراً فرعياً (أو رابعاً) يخرج من المحور الجنوبي متجهاً إلى رأس النقب على نهاية خليج العقبة. فبعد ممر متلا، تتجه هذه الشعبة ناحية الجنوب الشرقي، مارة بنخل على وادي العريش الرئيسي وفي قلب شبه الجزيرة. وبعد ذلك تصل إلى التمد على وادي العقبة، وأخيراً إلى رأس النقب على الحدود قرب طابا المصرية والعقبة الأردنية (وبينهما الآن إيلات إسرائيل).
وعند التمد تخرج من المحور شعبة نحو الشمال الشرقي إلى الكونتيلا، آخر النقاط العسكرية المصرية الداخلية على الحدود جنوباً.
هذا المحور هو بالطبع طريق الحج القديم، "درب الحج"، الذي فقد أهميته بعد تحول الحج إلى طريق السويس البحري، فضلاً عن الطريق الجوي. وهو يسير على أرض صلبة ولكنها صعبة. ومن الواضح أن الطريق غير مباشر وبعيداً للغاية عن مركز مسرح القتال، لكنه وارد دائماً كبديل أو كمفاجأة استراتيجية، وقد استغله العدو الإسرائيلي في حرب يونيو إلى أبعد حد. والواقع أن أخطار هذا المحور العسكرية يمكن أن تزداد بتقدم وتزايد العمران في النقب وزحفه نحو الجنوب مستقبلاً. خطوط الدفاع الإستراتيجية
هناك ثلاثة خطوط دفاعية أساسية محددة بوضوح كامل، تتعاقب من الشرق إلى الغرب، أي من حدود مصر الشرقية حتى قناة السويس على الترتيب، .
الخط الأول قرب الحدود ويكاد يوازيها.
خط المضايق من السويس إلى البردويل.
خط قناة السويس نفسها.
ويُعد كل خط من هذه الخطوط بمثابة "خط حياة" لمصر، لذا يحتاج إلى نظرة فاحصة عليه أولاً، ثم بعد ذلك إلى نظرة متكاملة في إطار الشبكة الدفاعية كلها.
ويقع خط الدفاع الأول، قرب الحدود السياسية بدرجة كبيرة، ويمتد أساساً من رأس خليج العقبة حتى زاوية أو كوع البحر المتوسط في منطقة العريش. يبدأ الخط بطابا ورأس النقب على الخليج في منطقة حرجة استراتيجياً، إذ تتقارب في دائرة صغيرة حدود أربع دول : مصر، وفلسطين المحتلة، (إسرائيل حالياً)، والأردن، والسعودية. وتمثل رأس النقب مجمع مروحة الطرق الطبيعية والأودية التي تبدأ من العريش ومن رفح ومن جنوب فلسطين. ثم يمتد الخط إلى الكونتيلا، التي تقع على هضبة عالية مشرفة على المنخفضات والطرق والأودية المحيطة. وهي بهذا نقطة حصينة للغاية، كما تمتلك مصادر المياه الوحيدة في منطقتها. وبعد الكونتيلا يستمر الخط نحو الشمال الغربي حتى يصل إلى القصيمة إلى الداخل قليلاً من حدود مصر السياسية. ومنها يتتبع جزر وادي العريش ماراً بأبو عجيلة، وبعدها يحفه جبل لبنى من الغرب، ثم يمر ببئر لحفن التي يصل بعدها مباشرة إلى مدينة العريش. والقطاع الأخير يراوح ارتفاعه بين متوسط إلى منخفض، ويبدو كالعنق أو الرقبة العريضة بين سلسلة مرتفعات وهضاب الضهرة الداخلية وبين البحر المتوسط، ومن ثم يمثل الممر الطبيعي بين سهول سيناء وسهل فلسطين.
والجزء الأكبر منه يخترق نطاق الكثبان الرملية، مما يحدد مسارات الحركة بشدة ويحصرها في خطوط ضيقة على الساحل أو في الداخل.
وعلى الرغم من أن هذا القطاع الشمالي المنخفض لا يتجاوز أكثر من ثلث الخط الدفاعي كله، فإنه يعد بصورة مطلقة مركز الثقل والخطر فيه، لأن نهايات محاور سيناء الاستراتيجية الثلاثة تجتمع عنده: رفح على المحور الشمالي، أبوعجيلة على المحور الأوسط، القصيمة على المحور الجنوبي. فهو بمثابة يد مروحة المحاور، أو ربطة الحزمة، أو "زر" سيناء الاستراتيجي. ولم يكن غريباً لذلك أن يعتبره بعض العسكريين القاعدة الاستراتيجية الحقيقية للدفاع عن مصر.
بعيداً إلى الداخل، وعلى بعد بين 32 : 75 كم من قناة السويس، يقوم خط الدفاع الثاني والأوسط عن سيناء. ويمتد محوره في قلبها من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، وقطباه الطاغيان هما ممر متلا في الجنوب ومضيق الجفجافة في الشمال. أما بقيته فليست أكثر من امتداد لهما على الجانبين حتى البحر شمالاً والخليج جنوباً. إنه أساساً خط المضايق أو الممرات ، ومن هذه الصفة ـ تحديداً ـ يستمد أهميته الفائقة.
يبدأ الخط من دائرة رأس خليج السويس، ويشمل منطقة مدينة السويس نفسها، والكوبري والشط، ثم عيون موسى من حولها شمالاً وجنوباً، وربما امتد إلى سدر. ثم يرتبط بمجموعة الأودية الصحراوية المحلية حتى يصل إلى الحاجز الجبلي الأشم والأصم الذي يقف كالحائط المرتفع، جبل الراحة في الجنوب وجبل حيطان في الوسط، ثم جبل أم خشيب فالختمية شمالاً.
وواضح أن الخط جبلي للغاية وبالغ الوعورة والمنعة في القطاع الجنوبي، بينما يتحول إلى بحر من الرمال المفككة والمستنقعات السبخة في قطاعه الشمالي.
وهو من ثم بكامله غير صالح لاختراق أو عبور القوات الميكانيكية على الإطلاق، إلا من خلال فتحاته المحددة بصرامة. وبهذا تحكمه تلك الفتحات الجبلية تماماً، فيحكم هو بدوره حركة أو تقدم الجيوش أو الغزاة، وسواء من شرق سيناء إلى غربها، أو من غربها إلى شرقها.
وهو بهذا الوضع يناظر بين خطوط الدفاع الطولية الثلاثة المحور الأوسط بين محاور الحركة العرضية الثلاثة، كلاهما الأوسط ويتوسط قلب المسرح العسكري الأساسي في سيناء. وعند تقاطعهما بالفعل يتحدد واحد من أخطر مواقع سيناء الاستراتيجية، وهو مضيق الجفجافة. والواقع أن مضيق الجفجافة في جانب، وممر متلا في الجانب الآخر، وما بينهما من ممرات ثانوية، تؤلف في مجموعها منطقة المضايق التي تمثل بغير جدال المفاتيح الاستراتيجية الحاكمة لسيناء كلها.
لهذا كله يُعد هذا الخط بالإجماع الخط الدفاعي الحاكم والفاصل بين الخطوط الثلاثة. فالسيطرة علية تحدد وتحسم المعركة، سواء عن يمينه أو يساره .
فمن يسيطر عليه، يجد الطريق مفتوحاً بلا عقبات تذكر إلى قناة السويس. كما يجد أن المعركة إلى الشرق منه إنما هي بقايا مقاومة لا تلبث أن تكتسح حتى الحدود.
أما من يخسره فعليه أن يتوقع الهجوم فوراً على قناة السويس غرباً، أو الاكتساح والارتداد إلى الحدود شرقاً .
أما خط الدفاع الثالث. والأخير أيضاً، فهو قناة السويس، ومنطقة البرزخ بصفة عامة قديماً قبل شق القناة. هي "خاصرة " مصر الاستراتيجية كلها بلا استثناء، حيث يتقارب بحراها أشد التقارب. فهي عنق الزجاجة، وعلى جانبها تبدو سيناء كحجرة أمامية للقاعة الكبرى مصر النيلية. بينما هي نفسها تُعد العتبة أو الباب الداخلي بينهما. والبرزخ يعد من الواجهة الفيزوغرافية استمراراً لسهول شمال سيناء بشقها الشمالي المنخفض والجنوبي المرتفع. وهو يربط في تدرج بين سيناء والدلتا، ممتداً ما بين المنزلة المسطحة في الشمال وخليج القلزم أو السويس في الجنوب. وكان يتوسط هذا البرزخ مجموعات البحيرات الداخلية المغلقة، التمساح والمرة. وإلى الشمال منها كان الفرع البيلوزي القديم يخترق البرزخ إلى نهايته عند بيلوزيوم (الفرما) على البحر. وكانت القنطرة على النهاية الجنوبية للبحيرة هي نقطة عبور الفرع.
وإلى جانب هذه الموانع الطبيعية الجزئية، كثيراً ما أقامت مصر الفرعونية والعربية خطاً محصناً يتألف من سلسلة من المخافر والقلاع والمواقع الأمامية ... الخ .
كان آخر وأحدث هذه الخطوط خط بارليف وملحقاته، الذي سحقته مصر في 6 أكتوبر إلى الأبد.
وفيما عدا هذا، كانت مهمة الدفاع عن منطقة البرزخ، تُستقطب نهائياً في نقطتين استراتيجيتين على طرفيه:
في الجنوب السويس، وكانت بصيغة أو بأخرى ذات صبغة عسكرية عبر التاريخ دائماً، منذ كليزما (أو كلوزوما ، وتعني نهاية الطريق) البطلمية، إلى القلزم الإسلامية حتى السويس الحديثة.
في الشمال فهناك بيلوزيوم القديمة، أو الفرما العربية التي كانت قلعة دائماً ومسرح كثير من المواقع العسكرية الفاصلة في تاريخ مصر، مناظرة في ذلك لرفح والعريش على الطرف المقابل لسيناء. فقد حاصرها عمرو بن العاص عند فتح مصر طويلاً قبل أن تسقط، ثم دمر قلعتها ليؤمن مؤخرته قبل أن يغادرها إلى داخل الوادي.
ومنذ أن شُقت قناة السويس تغيرت الخريطة الطبيعية للمنطقة، ومعها تغيرت الخريطة الجيوستراتيجية. فبعد شق القناة تحول البرزخ الطبيعي إلى مضيق صناعي، وصرفت البحيرات الداخلية إلى البحر ولم تعد مغلقة.
أما إستراتيجياً فقد أصبحت القناة مانعاً مائياً صناعياً وهي في حكم المانع الطبيعي، لاسيما بعد توسيعها المطرد. أصبحت خندقاً مائياً بالغ الطول، وفيه تصب نهايات محاور سيناء الاستراتيجية الثلاثة عند نهايتها ومنتصفها، أي أمام السويس والإسماعيلية والقنطرة على الترتيب. قواعد المعادلة الاستراتيجية
لو نظرنا إلى خطوط سيناء الدفاعية الثلاثة، نرى أن الخط الأول أكثرها تعرضاً للخطر، وأقلها مناعة. ولأنة شديد القرب من الحدود السياسية فهو لا يتمتع بعمق استراتيجي كاف. ولكن لهذا السبب بالذات، ينبغي أن تتمسك به مصر وتستميت دائماً في الدفاع عنه، لأن انهيار هذا الخط ينقل ضغط العدو فوراً إلى الخط الثاني أو الأوسط.
الخط الثاني هو خط المضايق، وهو معقل سيناء الحقيقي ومُفتاحها الحاكم. والصمود فيه يُمَكّن من إعادة استرداد الأرض المفقودة شرقه، واستعادة السيطرة على الخط الأول، فضلاً عن أنه ـ بداهةـ الضمان الأخير والوحيد للمحافظة على القناة، خط الدفاع الأخير.
وعلى هذا فإن خط المضايق هو عامل فاصل في صف المُدافع إذا احتفظ به، وفي صف المهاجم إذا استولى عليه. أما فقدانه فيعني على الفور أن تتحول الشُقة الواسعة بينه وبين القناة إلى أرض معركة فاصلة، ولكنها صعبة إلى أقصى حد. فهذه الشُقة المثلثة، ذات أرض فسيحة وصلبة مكشوفة تصلح مسرحاً مثالياً لحرب الدبابات في سيناء. كما تعد بدورها "أفضل مصيدة للدبابات في العالم كله" كما كان العدو الإسرائيلي يسميها. فإذا لم يَحْسِمْ المدافع المعركة لصالحه، أصبح العدو على ضفة القناة مباشرة وباتت القناة مهددة، فضلاً عن تعطلها إلى حد الشلل التام.
ومعنى هذا وبوضوح أن قيمة القناة كخط دفاعي، إنما تُستمد في التحليل الأخير من قيمة المضايق الحاكمة. ومع إمكانية صمود الدافع وراء القناة، فإن احتمالات عبورها ليست، كما أثبتت التجربة أكثر من مرة، مستبعدة تماماً. وهذا يعني في الحقيقة تهديد الوادي نفسه.
mood128
عمـــيد
الـبلد : العمر : 33المهنة : سياسىالمزاج : اخر تمامالتسجيل : 09/12/2010عدد المساهمات : 1507معدل النشاط : 1591التقييم : 37الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
شكرا على المجهود يارائد أنا بمزح بس. لما شفت الرد كبير جدا جاتني جلطة و ما قريتو و حبيت امزح معك اسمي إباد و الإسم الحركي إياديا على طريقة يوتوبيا مدينة أفلاطون الفاضلة (عسى أن تصبح مدننا كلها فاضلة) تحياتي