بدأ الحلم الأمريكي ينقلب إلى كابوس يقض مضاجع الأمريكيين وينذر
بانضمام الولايات المتحدة الوشيك إلى دول العالم الثالث؛ من حيث الفقر
والبطالة والاقتصاد المتدهور والفجوة بين الفقراء والأغنياء، بعد أن كان
المحافظون الجدد الأمريكيون يحلمون في إقامة نظام عالمي جديد تهيمن عليه
بلادهم!
فقد أغرى الحلم الأمريكي المحافظين الجدد بشن حروب
على العرب والمسلمين، من أجل نهب ثرواتهم، والسيطرة على الأنظمة الحاكمة،
وحماية أمن الكيان الصهيوني، وإقامة إمبراطورية أمريكية تهيمن على منطقتنا
العربية والإسلامية، لكي يستمر الحلم الأمريكي. فهُزمت الولايات المتحدة
في العراق وأفغانستان، وخسرت أموالها، وتفاقمت ديونها. وبعبارة أخرى، أدت
السياسات الخرقاء للمحافظين الجدد إلى سحق الطبقة الوسطى في المجتمع
الأمريكي، وهي الطبقة التي تعتمد عليها عجلة الاقتصاد الأمريكي، فزادت
الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وأصبحت الولايات المتحدة تواجه ظاهرة جديدة
اسمها "الفقراء الجدد".
ويعد الحلم الأمريكي الروح الوطنية
للشعب الأمريكي، والهدف القومي للولايات المتحدة. وقد صاغ المؤرخ والكاتب
الأمريكي "جيمس تراسلو أدامز" عام 1931 الحلم الأمريكي في كتابه "الملحمة
الأمريكية" بكلمات تعني الحياة الأفضل والأكثر ثراء، والرخاء والازدهار،
والعدل والمساواة، وإتاحة الفرصة المناسبة لكل أمريكي طبقاً لقدراته
وإمكاناته. ولقد اضمحل هذا الحلم تماماً وثبت أنه مجرد حلم، بعد أن مسح
المحافظون الجدد وجود الطبقة الوسطى في المجتمع الأمريكي، وهي الطبقة التي
تحرك عجلة الاقتصاد والتطور التكنولوجي والعسكري والأكاديمي. وفي ظل
الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه الولايات المتحدة؛ تكاد عجلة الاقتصاد
الأمريكي تتوقف، وكذلك التطور التكنولوجي العسكري الذي كانت تعول عليه
الولايات المتحدة في بسط نفوذها وهيمنتها على الأمم المستضعفة.
وللوقوف عن كثب حول حقيقة انقلاب الحلم الأمريكي إلى كابوس وقرب انضمام
الولايات المتحدة إلى دول العالم الثالث؛ أنقل بعض ما ورد في تقرير نشرته
"غلوبال ريسيرش" حول هذا الموضوع بعنوان "هل تصبح الولايات المتحدة من دول
العالم الثالث؟"، حيث أكد التقرير أن الولايات المتحدة تعاني من ارتفاع
معدل البطالة وتدهور اقتصادها وتعاظم ديونها، واتساع الفجوة بين الفقراء
والأغنياء بوتيرة مذهلة، والمسح المنهجي لوجود الطبقة الوسطى، ما يؤكد أن
الولايات المتحدة أصبحت على حافة الانزلاق إلى دول العالم الثالث. وفيما
يتعلق بالتفاوت الشديد في الدخل بين الأمريكيين وعدم المساواة بينهم؛ يقول
التقرير إن 1% من الأمريكيين يملكون 37% من إجمالي الثروة القومية
الأمريكية.
أما بالنسبة للتشرد والبطالة؛ يؤكد التقرير أن
نحو 20% من سكان مدينة "فنتورا" بولاية "كاليفورنيا" – وهي منتجع فاخر –
يتعرضون لخطر التشرد، وأن عدد المستفيدين من برنامج الوجبات المجانية تضاعف
في الأشهر القليلة الماضية، وأن كثيراً ممن كانوا يوماً ما أغنياء ذهبوا
بسياراتهم من نوع "بي ام دابليو" لاستلام الوجبة المجانية، وأن كثيراً ممن
صاروا فقراء وفقدوا منازلهم يضطرون إلى المبيت داخل سياراتهم الغالية
المتوقفة في زوايا المدينة.
ويقول التقرير إن ولايات
وحكومات محلية عديدة تواجه عجزاً هائلاً في ميزانياتها، ففي "هاواي"؛ تم
إغلاق المدارس يوم الجمعة لتوفير بعض المال للولاية، وفي ولاية "جورجيا"؛
قامت إحدى المحافظات بالتخلص من جميع خدمات الحافلات العامة، وفي مدينة
"كولورادو سبرنغ" التي يقطنها 380 ألف نسمة؛ تم إطفاء الأضواء في ثلاثة
شوارع لتوفير الكهرباء. ويقول التقرير إن الولايات المتحدة، التي وصل
العجز في ميزانيتها إلى أكثر من 90% من الناتج القومي الإجمالي، مهددة بعصر
جليدي اجتماعي أكثر حدة من أي شيء مر عليها منذ "الكساد الكبير".
وفي
مقال بعنوان "انهيار مستويات المعيشة في الولايات المتحدة"؛ قال الكاتب
المختص بأخبار الاقتصاد الأمريكي "كريستين فيستال" إن الفقر في الولايات
المتحدة يزداد بكل المقاييس، فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل 15 مليون
أمريكي، وزاد التشرد في بعض المدن الأمريكية بنسبة 50%، ووصل عدد الأشخاص
الذين يحصلون على كوبونات الطعام (فود ستامبس) إلى 38 مليون أمريكي. وذكر
الكاتب؛ وفقاً للمحلل السابق في المكتب الاتحادي للإدارة والميزانية
"ريتشارد بافير"، أن البيانات المتاحة عن معدلات التوظيف والأجور وكوبونات
الطعام تشير إلى أن 5.7 مليون شخص أصبحوا رسمياً فقراء في 2009. وبذلك وصل
العدد الإجمالي للأشخاص الذين تقل دخولهم عن خط الفقر الاتحادي إلى أكثر
من 45 مليون نسمة، أي أن 15% من الأمريكيين يعيشون تحت خط الفقر.
وبشكل
عام؛ لا تستطيع الأسر الأمريكية الحصول على مستوى معيشة مقبول لحد ما إلا
إذا حصل الزوجان على وظيفة واحدة على الأقل لكل منهما وقام أحدهما على
الأقل بعمل إضافي لتلبية الاحتياجات الضرورية للأسرة. إنه الكابوس
الأمريكي!
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الهدف من شراء السعودية أسلحة
أمريكية بستين مليار دولار هو التخفيف من الكابوس الأمريكي، لكن هذه الصفقة
لن توقف سقوط الولايات المتحدة ولن تعيد الروح للحلم الأمريكي!