التفجير الذي وقع في مستودعات الذخيرة في بنغازي أبقى المتمردين في ليبيا بدون مصادر تسليح وعتاد
فبينما شرعت القوات الموالية للقذافي ليلة السبت وصباح السبت 5 آذار بهجوم مضاد على طول الجبهات تقريبا وعلى امتدادا خليج سرت حيث تقع هناك المدن الليبية الرئيسية، فإنّ هناك أوساط في الولايات المتحدة وبريطانيا تتحدث عن استعدادات عسكرية للحرب بدون أن تتوفر لكل من واشنطن ولندن معلومات استخباراتية حقيقية حول ما يجري في الميدان.
المصادر الاستخباراتية الخاصة بنا تشير أنّه لا توجد بحوزة الأمريكان معلومات استخباراتية لا عن القوات التي تقاتل إلى جانب القذافي وأبنائه وأنّ معلوماتهم أقل عن قوات المعارضة.
المعلومات الاستخباراتية التي تتدفق من واشنطن وعلى الأخص من ضباط استخبارات أمريكان مرافقين لقوى المعارضة هي معلومات مبتورة ومليئة بالتناقضات لأنّه ليس لدى الأشخاص المتواجدين في الميدان وضوح عن قادة القوات وفي حالة وجود مثل هؤلاء القادة فممن يتلقون الأوامر؟
الصورة التي ارتسمت نهاية هذا الأسبوع تشير إلى أنّ هناك مجموعات من المدنيين المسلحين والتي تنتظم على شكل ميليشيات صغيرة تقاتل قوات القذافي وأنّها تتخذ على عاتقها قرارات بشأن محاولات السيطرة على منطقة إستراتيجية أو مدينة معينة أو محاولة الدفاع عنها ضد قوات القذافي.
عموما قوات القذافي غير المتواجدة في المكان أو التي لا تظهر إطلاقا تتقدم إليها قوات المعارضة لتعلن عن الانتفاضة وعن الانتصارات،
مثل هذه الظاهرة حدثت يوم الرابع من آذار وفي ليلة السبت وصباح السبت عندما أعلنت قوات المعارضة أنّها نجحت في السيطرة نهائيا على مدينة بريقة وأنها في طريقها غربا من أجل السيطرة على مدينة النفط المهمة رأس لانوف.
في هاتين المدينتين كان بوسع هذه القوات أن تعزل القذافي وقواته عن مصادر الطاقة ولم تكن لتسمح لقوات القذافي بالاستمرار في تصدير 500 ألف برميل يوميا (ثلث الصادرات النفطية الليبية) وهو ما يمكنه من ضمان عائدات رغم العقوبات التي فرضت عليه أي حوالي 700 مليون دولار من أجل تمويل المجهود الحربي الخاص به، بيد أنّ المصادر العسكرية الخاصة بنا تشير إلى أنّ هذه التطورات التي تمت تغطيتها على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام الغربية لم تحدث على الإطلاق.
أجزاء من مدينة بريقة فقط هي تحت سيطرة قوات المعارضة وأن جزء صغير جدا لا ينطوي على أهمية عسكرية بالنسبة للقوات التي أعلنت احتلال رأس لانوف وصلت إلى نقطة تبعد 15 كلم من المدينة التي توجد فيها المنشآت النفطية وهي تعسكر في الصحراء التي تتعرض للقصف والغارات الجوية من قبل طائرات القذافي.
وخلال ليلة الجمعة إلى السبت تلقت قوات المعارضة ضربة شديدة ولسبب مازال مجهولا وغير واضح، حدث انفجار في مستودعات السلاح الرئيسية التي بحوزتهم بالقرب من بنغازي والتي سيطروا عليها منذ الأسبوع الثالث من شهر فبراير وقد تم تدمير جميع الأسلحة والعتاد بداخلها.
عدة مصادر غربية أعلنت أن الانفجار حدث نتيجة لعدم وجود خبرة لدى المتمردين في التعامل مع هذه الأسلحة، مصادر أخرى ذكرت أن مخربا انتحاريا أرسل من قبل الموالين للقذافي نجح في الدخول إلى هذه المخازن وتفجيرها والنتيجة التي أسفر عنها هذا التفجير أنّ قوات المعارضة بقيت بدون مصادر تسليح وعتاد.
المعلومات الاستخباراتية حول ما يجري في صفوف قوات القذافي قليلة جدا، القوات الوحيدة التي تقاتل إلى جانب معمر القذافي هي ثلاثة ألوية تعتبر ألوية النخبة الليبية، التي تقع تحت إمرة اثنان من أبناء القذافي خميس ومعتصم ووزير الدفاع الليبي اللواء أبو بكر يونس جابر، المعلومات الاستخباراتية عن ألوية النخبة قليلة جدا الأمر القليل الواضح والمعروف عنها هي أنّها تشكل القوة العسكرية الأكثر تنظيما والأكثر فاعلية وهي لواء خميس أو اللواء رقم 32 في الجيش الليبي الذي يخوض منذ يوم السبت هجوما واسعا تستخدم فيه الدبابات وصواريخ "جراد" ضد القوات المتمردة في اليوم التالي تقع على بعد 30 كلم غربي العاصمة طرابلس.حتى يوم السبت يبدو أن أفراد لواء خميس نجحوا في السيطرة على المدينة.
مصادرنا في واشنطن تشير إلى أنّه في ظل هذا الوضع حيث لا تتوافر لدى الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) ووزير الدفاع (روبرت جيتس) ووزيرة الخارجية (هيلاري كلينتون) معلومات استخباراتية ولو في الحد الأدنى المطلوب حول ما يجري في الميدان من أجل اتخاذ القرارات المطلوبة حيال ليبيا.
وتأسيسا على ذلك أمر الرئيس (أوباما) بإقامة لجنة استخباراتية عليا لإدارة الأزمة الليبية تتشكل من ممثلين عن وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون ومجلس الأمن القومي NSC ووكالة الاستخبارات المركزية CIA.
مهمة هذه اللجنة هي تركيز جميع المعلومات الاستخباراتية التي تتدفق من ليبيا وإعداد خريطة استخباراتية جديدة لكي يستطيع الرئيس (أوباما) استنادا إلى هذه المعطيات أن يقرّر ويحدد سياسته اتجاه ليبيا، المصادر العسكرية والاستخباراتية الخاصة بنا تشير إلى أنّ تشكيل هذه اللجنة ربما يعدّ الطريق الأقصر والأكثر نجاعة من أجل حلّ أو تجاوز الخلافات العميقة السائدة بين الرئيس (أوباما) ووزيري الدفاع والخارجية بالنسبة للسياسة التي ينبغي اتخاذها حيال ليبيا. فينما يؤيد (أوباما) التدخل العسكري الأمريكي المحدود فإنّ (جيتس) و(كلينتون) يعارضان ذلك بشدّة.
مصادرنا تذكر أنّ هذه الخلافات حول المسألة الليبية تؤثر أيضا على مواقف واشنطن إزاء ما يحدث في مناطق التوتر الأخرى في الشرق الأوسط وعلى الأخص في مصر والعربية السعودية.
في مصر طرأ تدهور خطير على الوضع حيث راحت المجموعة العسكرية في القاهرة تفقد السيطرة والمبادرة حول ما يجري وأنّ المبادرة عادت مرة أخرى إلى مجموعة المتظاهرين المختلفة في الشارع المصري.
في الليلة الواقعة بين يوم الجمعة والسبت سيطر آلاف المتظاهرين على مقر جهاز أمن الدولة في الإسكندرية ولا زالوا يسيطرون عليه، كما يلاحظ رسوخ متعاظم لقوة حركة الإخوان المسلمين في أنحاء مصر حيث تشير الأنباء من داخل مصر عن حدوث انقلاب داخلي هادئ داخل الحركة مكّن الشبان المتمردين من تبوأ موقع الصدارة في الحركة.
وضع المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لدى واشنطن عن المعارضة المصرية هو أفضل من المعلومات الاستخباراتية المتوفرة عن ليبيا لكن هذه المعلومات توصف بأنّها غير كافية ولا يمكن لصانعي القرار في واشنطن أن يحصلوا على صورة واضحة ما يمكن أن يحدث فعلا خلف المجموعات المختلفة ومن يوجه نشاطها .
المملكة السعودية وهي أكبر مصدّر للنفط في العالم تعيش حالة الغليان وخاصة في مناطق إنتاج النفط حيث يقيم حوالي 2 مليون شيعي تنتشر مظاهر الاحتجاج حيث تجري وبشكل يومي تقريبا مظاهرات يقودها الشيعة حيث يطرحون بين الحين والآخر مطالب جديدة أخرى وأن هذه المظاهرات تأخذ طابعا معاديا للولايات المتحدة يزداد حدة.
الخبر الذي نشر يوم السبت الخامس من شهر آذار في جريدة وول ستريت جورنال بأنّ إدارة (أوباما) قررت تبني سياسة جديدة تتأسس على هدف إسناد وتأييد بقاء الأنظمة الحليفة القديمة التي هي على استعداد لإدخال تعديلات ديمقراطية في بلادها، هذا يتناقض مع ما يحدث في الميدان، بعد أن كانت إدارة (أوباما) قد طالبت وبشكل حازم مما أدّى في النصف الثاني من شهر يناير إلى إبعاد أحد حلفائه الرئيسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط حسني مبارك، فإنّ هناك شك كبير في أن تجد إدارة (أوباما) حاكما واحدا في المنطقة سيثق بهذه السياسة ويتعاون معها.
مصدر