أبدى المستشار جودت الملط -رئيس جهاز المحاسبات- استياءه الشديد مِن شائعة
تقديمه لاستقالته اليوم، وذلك في اتصال هاتفي أجراه منذ قليل ببرنامج
"الحياة اليوم"، مؤكّدا أنه قد سمع بهذه الإشاعة، وهو بمنزله اليوم الساعة
الحادية عشرة صباحا.
وحكى الملط عن تفاصيل إغلاق الجهاز لمدة يومين
قائلا: "حينما حدث الحريق اتصلت برئيس الوزراء والخارجية ومكتب المشير،
وأبلغتهم أن هناك خطرا على المستندات الموجودة بالجهاز، وبالفعل أُغلق
الجهاز لمدة يومين الخميس والأحد، ويوم الإثنين أرسلنا تقريرا للنائب
العام".
وأضاف: "مِن يتهمونني بالتقصير وإخفاء تقارير عن إهدار
المال يغضبونني ويستفزونني كثيرا؛ لأنهم يحملون الجهاز مسئولية كبيرة جدا
ليست مِن مسئولياته أو تخصصاته؛ فالجهاز غير مسئول عن ثروات الفاسدين، أو
تقديم تحريات عن الأفراد، ولا يدخل في اختصاصه التفتيش عن المعتقلين".
وأكّد
الملط على الفساد الذي عاصره في كل من حكومة الدكتور أحمد نظيف وعاطف عبيد
فيما مضى، قائلا: "خلال فترة أحمد نظيف قدّمت ألف تقرير يؤكّد إهدار المال
العام، وهذه التقارير لم يناقش منها إلا البعض بمجلس الشعب، وانتهى أمرها
إلى المقولة الشهيرة: ننتقل إلى جدول الأعمال".
ووجّه سيادة
المستشار رسالة لأصحاب الأقلام ممن يتهمونه بالتقصير قائلا: "لو كنت أتستّر
على الفساد؛ فما هو المقابل؟ فأنا مُحرج مِن أن أذكر أنني ما زلت أعيش
بشقة بالإيجار مساحتها 120 مترا، ولا أمتلك سيارة؛ فالسيارة الحكومية التي
تقلّني عفى عليها الزمن، ولا أمتلك أي عقار آخر في أي منطقة داخل مصر؛
فلماذا سأفعل ذلك ولصالح مَن؟!!".
وأضاف: "راتبي بعد العمل لمدة 43
عاما في القضاء و 12 في الجهاز، وأنا في مرتبة نائب رئيس وزراء حتى الآن،
يعادل مرتب 10 فراشين ومعاونين بالجهاز".
كما تحدّث الملط عن
التقارير التي قدّمها إلى مجلس الشعب والتي بلغ الفرق فيها بين المصروفات
والإيرادات عن سنة واحدة فقط من عام 2009 حتى 2010 مبلغ 124 ألف مليون
جنيه، وأدّى الأمر إلى اشتباكي مع وزراء عديدين، والبعض من حكومة الحزب
الوطني.
وأشار إلى أن الفرق بين الدين العام الداخلي والخارجي وفقا
لحسابات البنك المركزي المصري أن صافي الدين العام الداخلي يوم 30 يونيو
الماضي 188 ألف مليون جنيه، مؤكّدا أن هذا الرقم غير الذي خرج به وزير
المالية من قبل، إلى جانب أن مديونية وزارة المالية وصلت إلى 121 مليون
جنيه.
وأوضح الملط أن كل ما حدث مِن قبل قد تمّ الإبلاغ به، ولم
يلقَ له أي اعتبار قائلا: "لم يهتم أحد بما قدّمته سواء للألف تقرير الذي
قدّمها المركز أثناء حكومة نظيف أو عبيد، إلى جانب التجاوزات التي قدّمت؛
بسبب علاج الكثير من الوزراء على نفقة الدولة بمبالغ فاحشة".
وأضاف:
"لم أسمع من المسئولين سوى الصمت، ولم أسمع من كتّاب الصحف إلا أنني
مقصّر، بالرغم من أنني كُرّمت خارج بلادي، إلا أنني أهان ببلدي، ولن أقول
إلا: لا إله إلا الله، وأنا حاليا أتلقّى مكالمات تهديد؛ فحواها توقف عن
كشف الفساد وإلا...".
وهنا قام عصام شرف -رئيس الوزراء الحالي-
بمكالمة هاتفية ليرد فيها على ما قاله المستشار جودت الملط، قائلا:
"يُشرّفني أن أتحدّث إليك يا سيادة المستشار؛ فأنت قيمة للبلد، ورمز يحتذى
به، وتاج فوق رؤسنا، وقد تعوّدت أن أراك قويا، فأرجوك لا تحزن أو تغضب".
وأضاف: "إن شاء الله هنكمّل فيها، وماتزعلش، وامسحها فيّ، وربنا يثبّتك، وتقدم كل الخير لينا".
وختم
المستشار الملط حواره شاكرا عصام شرف على ما فعله، قائلا: "كلامك يمسح
جزءا مما أعانيه، أرجو من الناس أن يفهموا مسئوليتهم القادمة؛ فمصر تحتاج
للصناعة؛ لأنها لن تقوم إلا عندما يعمل أبناؤها، فأنا لا أعلم إلى أين مصر
ذاهبة".