اللواء طلعت مسلم
اعتبارات الصفقة
مشتملات الصفقة
دلالات الصفقة إستراتيجيا
تأثيرها على الميزان الخليجي الإسرائيلي
أخطرت وكالة تعاون الدفاع الأمني الكونغرس الأميركي يوم 14 يناير/كانون الثاني 2008 متزامنة مع زيارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش باحتمال بيع مواد عسكرية لقوات أجنبية تشتمل على مجموعات ذيل من طراز "JDAM"، ومكونات قنابل وتخطيط مهام وتكامل طائرات ومطبوعات وكتيبات فنية، وقطع غيار وإصلاح، ومعدات دعم ومعونة هندسية وتعاقدية ومعونة فنية وعناصر ذات صلة ببرنامج دعم، وأن القيمة الإجمالية في حال تنفيذ كل الاحتمالات يمكن أن تصل إلى 123 مليون دولار.
وقد جاء هذا الإخطار بعد أن سبق أن أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية في الصيف الماضي عن تزويد منطقة الخليج بمعدات عسكرية تصل قيمتها إلى عشرين مليار دولار على مدى عشر سنوات.
وقد أعد مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ورقة خلفية مساعدة بواسطة أنتوني كوردسمان الباحث بالمركز. وقد تضمنت الورقة خطوطا عامة للصفقة والعناصر المعلنة حتى الآن عن مشتملاتها، ثم تصور الباحث لنتائج الصفقة مع التركيز على المملكة العربية السعودية.
وهنا يكون من المفيد النظر إلى ما أعلن عن الصفقة لتقدير قيمتها الدفاعية.
اعتبارات الصفقة
تؤكد الورقة أن تصورات الصفقة ليست ملزمة، وأنه يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي الشراء من مصادر أخرى، وأن مشتريات السعودية من الأسلحة كانت بمعدل 3.1 بلايين دولار سنويا في المدة ما بين 2003 و2006، وأن كل دول الخليج مجتمعة وقعت عقودا تسليحية بمتوسط 4.7 بلايين دولار سنويا، وأن ارتفاع أسعار البترول والشعور بالتهديد الإيراني ينتطر أن يزيد هذا المعدل بنسبة من 50 إلى 100%، وأن الولايات المتحدة ستحقق أقل من ربع إجمالي مشتريات المنطقة بينما تنافسها الأسلحة الأوروبية والروسية.
وتعتبر أن الصفقة ستجري في ظروف مختلفة تماما عن أي مبيعات سابقة حيث -وفقا لورقة كوردسمان- تعتبر دول الخليج وإسرائيل التهديد الإيراني الرئيسي الذي يبنون قواتهم لمواجهته، ويليه تهديد جماعات الإرهاب المتطرفة.
وتركز الصفقة المقترحة على احتياجات دول الخليج القائمة على المراجعة الممتدة المشتركة مع قيادة الولايات المتحدة المركزية، ومسؤولي الولايات المتحدة والضباط في واشنطن.
وأنهم يأخذون في اعتبارهم احتياج إسرائيل للاحتفاظ بهامش تفوقها النوعي النسبي لأي هجوم بواسطة جيرانها، وأنهم يجرون مناقشات ممتدة بين مكتب وزير الدفاع والعسكريين في الولايات المتحدة من جهة، والحكومة والعسكريين وأفراد السفارة الإسرائيلية من الجهة الأخرى.
ولقد وافقت الولايات المتحدة في صيف 2007 على برنامج يعطي لإسرائيل وحدها حوالي 30 بليون دولار ضمن التمويل العسكري الإجنبي للولايات المتحدة.
مشتملات الصفقة
لم تعلن التفصيلات الكاملة لمبيعات السلاح بعد إلى الجمهور، لكن عناصر مبيعات الأسلحة الرئيسية قد أعلنت على النحو التالي:
للإمارات العربية المتحدة
صواريخ باتريوت سطح جو، وللدفاع الصاروخي PAC-3 بقيمة 9 بلايين دولار. وطائرات داورية بحرية E-2C بقيمة 437 مليون دولار.
الكويت
صواريخ باتريوت سطح جو، وللدفاع الصاروخي PAC-3 بقيمة 1.4 بليون دولار.
المملكة العربية السعودية
تطوير AWACS بقية 310 ملايين دولار.
منظومة Sniper/Lantirn targeting pod لتحديد الأهداف وإدارة النيران بقيمة 220 مليون دولار.
900 مجموعة ذيل من طراز JDAM (ذخيرة هجوم مباشر مشتركة) ومكونات قنابل وتخطيط مهام وتكامل طائرات ومطبوعات وكتيبات فنية، وقطع غيار وإصلاح، ومعدات دعم ومعونة هندسية وتعاقدية ومعونة فنية وعناصر ذات صلة ببرنامج دعم بقيمة 123 مليون دولار.
كما يشتمل تطوير الأسطول الشرقي للسعودية على سفينة قتال ساحلية وكذا يقترح بيع صواريخ AIM-9X، لكن الأرقام غير متوفرة.
باقي دول الخليج
تشتمل المبيعات الإضافية على مقترحات ستعرض على البحرين وعمان وقطر بما فيها رابط 16 اتصال آمن للمساعدة في بناء قدرات دفاعية جماعية أكثر كفاءة.
دلالات الصفقة إستراتيجيا
يرى أنتوني كوردسمان أن العنصر الرئيسي بمقياس التكلفة هو نظام باتريوت سطح جو والدفاع الصاروخي، وهو نظام سبق بيعه للسعودية وأنه بالاشتراك مع نظم الولايات المتحدة للدفاع الجوي والصاروخي في البر والبحر في المنطقة يضع أساسا لنظام إقليمي للدفاع الجوي وضد الصواريخ التكتيكية، وهي القدرة الرئيسية المطلوبة لمهمة مواجهة الصواريخ الباليستية الإيرانية المتنامية.
المهمة التالية في الأهمية هي رفع مستوى القوات البحرية والجوية للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لحماية موانئها وبنيتها التحتية على الخليج وحماية حركة الناقلات وتدفق الواردات والصادرات.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/3879920E-D7CD-45B9-87BD-7D5F8AB3525C.htm
يعتبر بيع مجموعات ذيل JDAM أكثر عناصر الصفقة إثارة للجدل رغم أن الولايات المتحدة قد قامت بحل كل اهتمامات إسرائيل.
لا ينتظر وفقا لرأي الولايات المتحدة أن تجد المملكة العربية السعودية صعوبة في استيعاب الصفقة حيث تساعد مجموعات الذيل على رفع درجة دقة القنابل غير الموجهة خاصة في حالات الجو الرديئة.
كما تمكن طائرات القوات الجوية السعودية من طراز "أف 15 أس" من المشاركة بدرجة أكبر في عمليات ائتلاف، وتزيد من فرص التدريب وتزيد من قدرات طائرات "أف 15" العملياتية، وقدرتها على القيام بعمليات متبادلة مع القوات الجوية للولايات المتحدة ولمجلس التعاون الخليجي وقوات أي تحالف آخر.
وباختصار فإن الصفقة من وجهة النظر الأميركية ستسمح للقوات الجوية السعودية بالقيام بهجمات دقيقة ومؤثرة، وهو ما يمثل رفع مستوى إذا أصبحت القوات الجوية السعودية قادرة على القيام بمهام في منطقة الخليج بالتعاون مع قوات الولايات المتحدة، كما تعني أن هذه القوات (السعودية) ستكون لديها الدقة لضرب المجمعات أو القوات الإرهابية بأقل مخاطرة للتدمير بين المدنيين وفي المنشآت الاقتصادية ومنشآت الطاقة.
لا تخفي الورقة الأميركية الأهداف الحقيقية للصفقة المقترحة على الدول الخليجية، فهي تسعى إلى إقامة نظام دفاعي يعتمد على تسخير قوات دول الخليج لتحقيق أهداف الولايات المتحدة وليس دعم الدفاع الخليجي ضد تهديدات واردة أو محتملة، فالعنصر الأساسي في الصفقات هو نظام الدفاع الصاروخي، حيث يتكلف وفقا للقيمة المنشورة 10.4 بلايين دولار بينما يكلف باقي عناصر الصفقة لكل من الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة السعودية نحو بليون دولار فقط.
ولما كان مستبعدا أن تطلق إيران صواريخ على دول الخليج إذا لم تتعرض للتهديد منها، فإن هذا النظام يسعى إلى استخدام إمكانيات بشرية ومالية وعسكرية خليجية لخدمة المصالح الأميركية وحماية الوجود الأميركي في دول الخليج وفي مياهه.
أما طائرة التدريب الدورية فهي في حقيقتها لا تضيف شيئا بالنسبة لدول الخليج باعتبار أن مسحه يجري بواسطة القوات الأميركية فيه سواء بواسطة حاملات طائرات الأسطول الخامس الأميركي أو بواسطة القوات الجوية الأميركية من قواعدها في منطقة الخليج وبحر عمان والبحر العربي.
والإضافة هي استخدم إمكانيات خليجية لصالح الولايات المتحدة وأهدافها، وبما قد يضر بمصالح دول الخليج نتيجة لاحتمال استفزازها إيران من التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.
رغم ما يثار حول بيع مجموعات ذيل JDAM ورغم أنه يوحي بدرجة دقة أكبر لقنابل الطائرات، فإن هذا في الحقيقة لا يضيف إلى قدرات المملكة العربية السعودية الدفاعية شيئا في حال تعرضها للتهديد، وهو أمر مستبعد أصلا.
وفي نفس الوقت يمكن ملاحظة أن طائرت الولايات المتحدة الأميركية التي تستخدم هذه المجموعات، التي استخدمتها في كل من أفغانستان والعراق وتستخدمها إسرائيل، كثيرا ما أخطأت أهدافها وأصابت قواتها أحيانا وقوات حلفائها أحيانا أخرى، وأهدافا مدنية ليست لها سمات عسكرية ظاهرة للعيان في أغلب الأحيان.
أما مجموعة تحديد الأهداف Sniper/Lantirn targeting pod فقد نجم بيعها عن أن الولايات المتحدة قد وصلت إلى مجموعة بديلة تتفوق في قدراتها على مجموعة لانترن بمقدار عشرة أمثال قدراتها، وهي ما عرف باسم Sniper XR/ATP-Advanced Targeting Pod.
وبالتالي فإن الصفقة تشكل تخلصا من الطراز القديم وإخلاء الطريق للاستفادة من الوسيلة الجديدة، ولا تشكل إضافة حقيقية لقدرات القوة الجوية في المملكة العربية السعودية خاصة إذا كانت إسرائيل قد حصلت على النوع المتقدم الجديد.
أهم دلالات الصفقة المقترحة هي تهيئة قوات الخليج للمشاركة بدرجة أكبر في العمليات الائتلافية، وتحسين فرص تدريبها وزيادة قدراتها على المشاركة في تبادل العمليات أي المشاركة في عمليات تقودها الولايات المتحدة أو يقودها حلف شمال الأطلسي، أي أن المطلوب أن تقوم دول الخليج بتحمل جزء من التكلفة البشرية والمالية للعمليات الأميركية والأطلسية.
تأثيرها على الميزان الخليجي الإسرائيلي
من الواضح أن صفقة الأسلحة لدول الخليج قد صممت منذ البداية بحيث لا تخلّ بالتفوق الإسرائيلي على الدول العربية عموما ولا تحد من قدراتها على استخدام قواتها ضد أي دولة بما فيها دول الخليج، بل إن الصفقة المقترحة قد صممت بالتنسيق الكامل مع إسرائيل وبدون تنسيق مع أي دولة عربية.
ثم إن الولايات المتحدة الأميركية قد وافقت على تسليح إسرائيل بأسلحة تفوق الأسلحة المقترحة في الصفقة وتتغلب عليها قبل أن تعطيها لدول الخليج، وبالتالي فإن الميزان الإستراتيجي الخليجي الإسرائيلي يبقى مائلا بشدة لصالح إسرائيل