في ظل القيادة اليمينية الاسرائيلية الحاكمة في اسرائيل من الصعب طرح السؤال:هل صفقة الطائرات هذه من أجل تعزيز ثقة اسرائيل بنفسها وتحسين قدراتها القتالية وتعويضها عن الإخفاقات التي سجلتها في حروبها الأخيرة واستعادة هيبة الردع عندها لتشجيعها على المضي قدما في عملية (السلام) التي لم تبدأ بعد؟ واعطاء جرعة حياة للمفاوضات التي تصر اسرائيل على إفشالها، فلو كانت الأمور كذلك لسمعنا قيادات اسرائيل بوزن وزير الدفاع يهود باراك يتحدث عن السلام في هذه المناسبة بدلا من القول أن هذه الطائرات ستثبت أن اسرائيل أقوى قوة ردع على شعاع 10 آلاف كم من القدس، أي تتجاوز حدود محيطها العربي والإسلامي، لذلك يمكن استبدال السؤال بسؤال آخر: ما هي دلالات الصفقة وهل هي من أجل تسريع الحرب؟ وضد من؟
اولى دلالات الصفقة أنها تأكيد على صحة الوعود الأمريكية الدائمة بالحفاظ على أمن اسرائيل والإلتزام الأمريكي الفعلي بتعزيز مكانة اسرائيل العسكرية كأكبر قوة مهيمنة حتى في ظل التعنت الاسرائيلي ورفضها تجميد الإستيطان مما يؤدي الى مزيد من ادارة الظهر للمفاوضات والتمرد على قرارات الشرعية الدولية، وهو ما يؤدي الى الإخلال بالتوازن بين الأولويات الدبلوماسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط وترفع وتيرة الأخطار الإسرائيلية، لما لهذه الطائرات من مزايا حربية استراتيجية في مقدمتها مزيدا من القوة ومزيدا من الردع كما تضاعف من تفوقها الجوي وتقدمها التكنولوجي النوعي في المنطقة والعالم .
الدلالة الثانية أنها تأتي متزامنة مع الحديث عن عرض سلسلة من الضمانات الأمريكية على اسرائيل لتشجيعها على تمديد فترة تجميد الإستيطان، وهو ما يجعل المرء يتسائل: إذا كان هذا ثمن تمديد فترة تجميد الإستيطان(غير الشرعي وغير القانوني) لأيام معدودة فما هو ثمن وقف البناء في المستوطنات بشكل عام ولا نقول غير ذلك؟؟
الدلالة الثالثة أن هذه الصفقة تأتي في اطار التحضيرللخيار العسكري الأمريكي الإسرائيلي ضد طهران، ويدلل على أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف على نفس المسافة التي تقف عليها اسرائيل من ايران، وتضمران ذات الأهداف في ظل تصاعد التوتر معها.
الدلالة الرابعة أنها تأتي بعد صفقة التسليح الأمريكية للسعودية، والصفقات الأخرى العربية وما أثارته اسرائيل من زوبعة واحتجاج واحراج للإدارة الأمريكية، على الرغم من الفارق الكبير بين مستوى الصفقات من حيث المزايا والقدرات والمواصفات والقيود والمحددات.
الدلالة الخامسة في توقيتها قبيل الانتخابات النصفية الأمريكية من جهة ومن جهة أخرى مع الرفض الاسرائيلي لكل النداءات الأمريكية والأوروبية للإنصياع للمطالب الدولية، وفي ظل تصاعد الإدانة الدولية للمارسات الإسرائيلية وجرائم الحرب التي ارتكبتها من جراء استخدامها الوحشي لذات المعدات الأمريكية، وكان يمكن للإدارة الأمريكية استخدامها كورقة ضغط على قيادة اسرائيل وإجبارها على تليين مواقفها، وتجنيب المنطقة شبح الحرب، لكنها لم تفعل وهو ما يثير القلق والإستنتاج بعدم تطابق أقوال الادارة الأمريكية مع أفعالها.
وأخيرا فإن هذه الصفقة تعزز الإعتقاد السائد في اسرائيل"طالما هناك سلاح جو في اسرائيل طالما أن هناك انتصار لها" وهو ما يشجعها على التوجه أكثر نحو الحرب والعدوان، وهو بالتأكيد سيدفع دول المنطقة الى السعي للذود عن نفسها بكل الوسائل المتاحة وبهذا تكون الإدارة الأمريكية قد شجعت على سباق التسلح بدلا من الحد منه وتبقي أبواب احتمالات الحروب مفتوحة على مصراعيها وفي كل الإتجاهات.