يلقي رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتقليفة خطابا وصف بـ " المهم " مساء الجمعة عبر التلفزيون، من المنتظر أن يكشف خلاله عن قرارات بشأن الإصلاح السياسي، و ذلك بمناسبة حلول السنة الثالثة لإعادة انتخابه رئيسا للبلاد لعهدة ثالثة .
و ذكر بيان لرئاسة الجمهورية الجمعة أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة " سيلقي خطابا للأمة الجمعة من خلال النشرة الرئيسية للتلفزيون الجزائري على الساعة الثامنة مساء ( السابعة بتوقيت غرينيتش ) يعلن خلاله عن قرارات هامة تتعلق بالإصلاح السياسي والإقتصادي " كان قد وعد بها في رسالته بمناسبة ذكرى عيد النصر 19 مارس بمستغانم .
و أوضح البيان أن هذه القرارات تتعلق بـ " تعزيز المسار الدمقراطي و تسريع المخططات التنموية ".
و لم يفصح البيان عن فحوى هذه القرارات ، غير أن الظروف التي جاءت فيها توحي بعزم رأس الدولة على إجراء إصلاحات جذرية وشاملة قد تطال الدستور الحالي أو المؤسسات المنتخبة والحكومة كما وعد سابقا .
و جاءت هذه الخطوة مفاجئة من بوتفليقة بعد أن كان متوقعا الإعلان عن برنامج الإصلاحات السبت، من ولاية تلمسان مسقط رأسه بمناسبة افتتاحه لتظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة الإسلامية .
و التزم الرئيس بوتفليقة في آخر زيارة له إلى ولاية تمنراست لتدشين مشروع ضخم للتزويد سكان الجنوب بالماء صمتا مطبقا عكس به توقعات عن استغلاله هذه الخرجة الميدانية لإعلان نظرته للأوضاع .
و تعد هذه الخطوة من القاضي الأول في البلاد الثانية منذ انطلاق شرارة الثورات العربية ، كانت الأولى شهر فيفري الماضي، عندما أقر مجلس الوزراء رفع حالة الطوارىء المطبفة في البلاد منذ 19 سنة، إلى جانب الإعلان عن إجراءات لفائدة فئة الشباب البطال .
و تدخل عهدة بوتفليقة الثالثة عامها الثالث السبت 16 أفريل، وسط مطالب بالاصلاح السياسي والإقتصادي، و حركات احتجاجية تجتاح عدة قطاعات للمطالبة بتحسين الوضع الأجتماعي للعمال والموظفين .
و تطالب أحزاب سياسية فاعلة في الساحة بما فيها تلك المشكلة للتحالف الرئاسي والحكومة ، بضرورة الشروع في إصلاحات سياسية و اقتصادية ، تجنب البلاد" القفز نحو المجهول " في حال انتقال شرارة الثورات العربية إلى الجزائر التي خرجت لتوها من أزمة متعددة الأوجه دخلت فيها مطلع التسعينيات من القرن الماضي .
و رغم لجوء بعض الأحزاب والمنظمات إلى الشارع للضغط على السلطة من أجل إقرار إصلاحات سياسية و اقتصادية بشكل عاجل ، إلا أن الجزائر سجلت لأول مرة" تقاربا "في المواقف بين أقطاب المعارضة الرئيسية و أحزاب السلطة بشأن ضرورة الذهاب إلى إصلاحات جذرية في هدوء و تبصر بشكل يجنب البلاد الدخول في متاهات أخرى هي في غنى عنها .
و طفا على السطح في الآونة الاخيرة طرحان بشأن مسيرة الإصلاح في الجزائر الاول يدعو إلى فرضه عبر الشارع من أجل تغيير جذري للنظام، أما الثاني و هو الأكثر توافقا و يتعلق بضرورة إشراك النظام القائم في الإصلاحات كشرط أساسي لنجاحها و الحفاظ على استقرار البلاد .
اعلان تعديل دستوري أهم مطلب يوجد توافق سياسي حوله
و شهدت الساحة السياسية في الجزائر خلال الآونة الأخيرة نقاشا واسعا حول أولويات الإصلاح السياسي و طريقته، و في الوقت الذي تدعو أحزاب و شخصيات معارضة إلى الانطلاق من نقطة الصفر و تنظيم انتخابات لمجلس تأسيسي توكل إليه مهمة إقرار دستور جديد للبلاد وكذا الإشراف على الإصلاحات ، و هو طرح ترفضه بعض أحزاب التحالف الرئاسي باعتبار أنه يمحي كل ما تم إنجازه منذ الإستقلال لكنها لا تمانع في إجراء تعديل جذري للدستور و تعديل الحكومة .
و تؤكد المؤشرات الموجودة في الساحة السياسية أن إعلان تعديل جذري لدستور 1996 ( تم تعديله جزئيا عام 2008 بفتح العهدات الرئاسية ) سيكون أهم خطوة يعلن عنها رئيس الجمهورية في هذا الخطاب، رغم عدم الكشف لحد الآن عن محتواه .
و يدعم هذا الطرح وجود توافق بين أحزاب المعارضة و الحكومة حول ضرورة إعادة النظر في الدستور الحالي، فضلا عن أن الرئيس بوتفليقة كان قد أشار إلى الملف في خطابه بمناسبة افتتاح السنة القضائية ، وقبلها عام 2009 عندما كشف أن التعديل الجزئي للدستور سيتبع بتعديلات أشمل لم تكن الظروف آنذاك تسمح بها .
و من المنتظر أن يحسم هذا المشروع أيضا في الجدل القائم حول شكل نظام الحكم مستقبلا ، وهنا يوجد خلاف بين القوى السياسية حتى تللك المشكلة للتحالف الرئاسي حول النظام الأنسب لحكم الجزائر بين البرلماني الذي تتبناه حركة مجتمع السلم و معها أحزاب معارضة و النظام الرئاسي الذي يتمسك به طرفا التحالف الآخرين و هما جبهة التحرير الوطني و التجمع من الوطني الديمقراطي .
ويشار إلى أن بوتفليقة أجرى في نوفمبر 2008 تعديلا جزئيا على الدستور عبر البرلمان أهم ما جاء فيه فتح عدد العهدات الرئاسية التي حددها دستور 1996 في ولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة ( سمحت له بالترشح لعهدة ثالثة بين 2009 و 2014 )، كما ألغى التعديل منصب رئيس الحكومة و استبدل بالوزير الأول الذي أصبح بصلاحيات محدودة ، كما تضمن التعديل مواد تحمي رموز الثورة وترقية الحقوق السياسية للمرأة .
و وصل الرئيس بوتفليقة ( 74 ) إلى الحكم عام 1999 بصفته مرشح " الإجماع الوطني " كما فاز بعهدة ثانية عام 2004 ليترشح عام 2009 لولاية ثالثة بعد تعديل جزئي للدستور سمح له بتمديد ولايته الرئاسية .
http://www.echoroukonline.com/ara/national/72906.html
يجدر الذكر أن هذا الخطاب الموجه للأمة هو الاول من نوعه منذ عامين