الاتفاق الأمني الصيني الأميركي اختتمت بواشنطن في العاشر من الشهر الجاري أعمال الجلسة الثالثة للحوار الإستراتيجي الصيني الأميركي الذي ناقش للمرة الأولى مسائل أمنية إقليمية ودولية تعكس اعترافا أميركيا صريحا بالدور الصيني على الساحة العالمية.
وعلى الرغم من عمومية البيان المشترك الصادر عن الجانبين بخصوص نتائج الحوار الأمني بين الطرفين، كشف معهد ستراتفور للدراسات الاستخبارية جملة من المواضيع الأمنية الهامة التي اتفق عليها في الحوار.
ويضيف المعهد أنه من بين أهم القضايا التي تم الاتفاق عليها القيام بمشاورات ثنائية مستمرة حول منطقة آسيا والحوض الهادئ في إشارة تعكس اعترافا أميركيا بتنامي النفوذ الصيني في المنطقة على نحو يعطي بكين مسؤولية أكبر في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
بناء الثقةوتشير ورقة ستراتفور إلى أن هذا التوافق بين الطرفين يعني بشكل واضح لا لبس فيه أن الولايات المتحدة تأخذ بعين الاعتبار المصالح الإستراتيجية الصينية في المنطقة مقابل طمأنة المخاوف الأميركية من تنامي
القوة العسكرية الصينية ولميزان القوى الإقليمي في آسيا والحوض الهادئ التي لا تعتبر الولايات المتحدة نفسها بعيدة عنها.
وانطلاقا من هذه القراءة الثنائية، يرى معهد ستراتفور أن إنشاء غرفة مشاورات ثنائية مستمرة بين الطرفين على الصعيد الأمني إنما يدل على رغبة الطرفين في عدم الوقوع في أخطاء سوء الفهم أو التفسير التي سبق أن وقعت في مناسبات عديدة وتحديدا في بحر الصين الجنوبي في السنوات الأخيرة، بما في ذلك عقود التسليح الأميركية
لتايوان التي تبقى العقدة الكبرى على هذا الصعيد من الحوار بين الجانبين.
ولخص المشاركون في جلسة الحوار عمل هذه اللجنة الاستشارية المشتركة في ثلاثة عناوين رئيسية هي "السلام والاستقرار والازدهار" حيث أكد الجانب الصيني أن عمل هذه اللجنة سيبدأ فورا عبر التعاون المباشر بين وزارتي خارجية البلدين.
وفي هذا الإطار، أوضح تقرير ستراتفور أن تنامي النفوذ الصيني في منطقة آسيا والحوض الهادئ يمثل تغيرا إستراتيجيا يغير من المعادلات الإقليمية القائمة في المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لاسيما مع تراجع النفوذ الاقتصادي الياباني في المنطقة لصالح التمدد الصيني.
العسكر والساسةوعلى الصعيد العسكري أكد الجانب الصيني في جلسة الحوار الأخيرة أن القيادة السياسية في البلاد هي التي تسيطر على المؤسسة العسكرية، وذلك في معرض رده على معلومات أميركية تشير إلى وجود تباين وجهات النظر بين العسكر والسياسيين كما جرى عندما أطلقت القيادة العسكرية مقاتلة جديدة لا يكتشفها الرادار في طلعة تجريبية بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس لبكين مطلع العام الجاري.
وفي إطار الجلسة الثالثة أيضا، ناقش الطرفان -كما يقول معهد ستراتفور- قضايا إستراتيجية هامة هي الانتشار النووي وتطوير الصواريخ وعسكرة الفضاء في إطار توضيح النوايا والأهداف لدى الطرفين وهو أمر شبيه بما كان يجري بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق خلال فترة الحرب الباردة.
وفي هذا الموضوع، توافق الطرفان على استكمال المشاورات الثنائية ليس من أجل النقاش فحسب بل الالتزام بإجراءات فعلية على الأرض من شأنها الحد من أي تصرف قد يرقى إلى مستوى التهديد الوشيك.
كما اتفق الطرفان على التعاون الثنائي في مجال مواجهة الكوارث الطبيعية مما يعني المشاركة معا في اختبار قدراتهما العسكرية بما في ذلك المناورات المشتركة للقيام بأعمال الإغاثة والإنقاذ.