تسلّط البرقيات الصادرة عن السفارة
الأميركية في الرياض الضوء على عدد من المواضيع، تصنّفها على أنها تمثّل
تهديداً فعلياً للاستقرار في السعودية، بينها مسألة انتقال السلطة في
المملكة، وما تسبّبه من خلافات بين الأمراء السعوديين الطامحين للوصول إلى
منصب الملك
جمانة فرحات
تكشف برقيات ويكيليكس، التي حصلت عليها
«الأخبار»، عن إيلاء البعثات الدبلوماسية الأميركية اهتماماً كبيراً
لتحديات انتقال السلطة في السعودية، نظراً إلى ما يمثله الاستقرار في
المملكة من أهمية قصوى للأمن القومي الأميركي. وتظهر البرقيات الأميركية أن
الاهتمام بدأ خلال عهد الملك فهد، واستمر إلى ما بعد تولّي الملك الحالي
عبد الله بن عبد العزيز السلطة، نظراً إلى تقدم سنّ أبناء مؤسس المملكة عبد
العزيز آل سعود، وحتمية تسلّم الجيل الجديد للحكم خلال المرحلة المقبلة من
تاريخ المملكة، وما يثيره هذا التحول من هواجس أميركية، في ظل وجود طامحين
كثر يأملون الجلوس على كرسيّ الحكم.
ومع ظهور أولى بوادر اعتلال صحة الملك فهد، بدأت السفارة الأميركية في
الرياض تولي اهتماماً لمسألة كيفية انتقال السلطة داخل العائلة الحاكمة.
وفي وقت بدت فيه السفارة الأميركية في الرياض في البرقية (95RIYADH5221)
أكثر اطمئناناً إلى عدم حصول تعقيدات في عملية انتقال السلطة من خلال
محاولة إبعاد وليّ العهد، عبد الله بن عبد العزيز، تنقل برقية ثانية
(98JEDDAH1247) صادرة عن القنصلية الأميركية في جدة تعمّد أعضاء في العائلة
الحاكمة ثني الملك الفهد عن اتخاذ قرار بالتخلي عن العرش في عام 1998
نتيجة الحالة الصحية المتردية التي كان يعانيها، لمصلحة وليّ عهده عبد
الله.
ونقلت البرقية عن أحد الصحافيين السعوديين ومسؤول سعودي رفيع المستوى
متقاعد قولهما إن أشقاء الملك فهد السديريين، وأنسباءه الإبراهيميين، هم من
أقنع الملك بعدم التنحي، بعدما سلم السلطة لولي العهد عبد الله بعد الجلطة
الدماغية التي تعرض لها. ووفقاً للصحافي السعودي، «حاول الملك فهد التخلي
عن العرش، لكن المحيطين به من العائلة حرصوا على أن لا يحصل ذلك»، فيما
نقلت البرقية عن بعض المراقبين السعوديين حديثهم عن قيام بعض المحسوبين على
تيار الملك فهد بدور رئيسي في صياغة السياسات التي كان يتولى ولي العهد
إقرارها، من خلال ترويجهم لرغبات المقربين من الملك فهد.
واستطراداً، تحدثت البرقية عن «أعداء وحلفاء» داخل الأسرة الحاكمة، مشيرةً
إلى أن معظم محدثي السفارة يشعرون بأن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل
حليف قويّ لعبد الله، وأن الأخير يثق به ويستشيره في السياسة الخارجية وفي
عدد من المسائل الأخرى، مرجحين أن يترك الفيصل وزارة الخارجية للعمل
مستشاراً للملك عند تسلّم عبد الله السلطة.
أما العائلة السديرية، فقد رأت البرقية، نقلاً عن المراقبين، أن أعضاءها
«يتلاعبون بعبد الله ويسعون إلى المنافسة على السلطة من وراء الكواليس».
ونقلت عن أحد المراقبين توصيفه للأمراء السعوديين على النحو الآتي: «نايف
مهووس بالأمن، والأمير سلمان لديه جواسيس، وكل شخص في القصر يتجسس على
الآخر». ويضيف المراقب إن بندر بن سلطان، الذي كان في تلك الفترة يعمل
سفيراً للمملكة في واشنطن، «رجل أميركا»، وينظر إليه على أنه متعهد المصالح
الأميركية في السعودية، و«مكروه جداً هنا ومن العائلة الحاكمة». كذلك اتهم
المراقب نفسه بندر بأنه «قرد أسود» لن يصبح أبداً ملكاً بسبب أصول والدته.
ومع تولّي عبد الله بن عبد العزيز العرش بسلاسة بعد وفاة الملك فهد، غاب
موضوع الخلافة عن برقيات السفارة، ليعود بقوة في عام 2006 مع إصدار الملك
نظام هيئة البيعة، مثيراً تساؤلات عن مدى قدرة النظام الجديد على تنظيم
الخلافات على الحكم داخل العائلة الحاكمة، وتأمين انتقال سلس للسطة بعدما
تغيرت بعض قواعد اللعبة. فعامل الأقدمية في العمر كمحدد رئيسي لأي مرشح
محتمل تراجع إلى حدٍ كبير، فيما تضمّن نظام هيئة البيعة مجموعة من المواد
تسمح بإقصاء الملك ووليّ عهده عن العرش ضمن شروط محددة، ما يفتح المجال على
مصراعيه أمام احتمالات الصراع على العرش بين أمراء آل سعود، الأمر الذي
دفع أحد الإعلاميين السعوديين في الوثيقة (09RIYADH1434) إلى وصف المملكة
بأنها «بلد في طور التحول»، تواجه عدة أسئلة عن مستقبلها، مشيراً إلى أن من
«الواضح أنه خلال السنوات العشر المقبلة، سيكون هناك قائد جديد من الجيل
الجديد من الأمراء». ويضيف «الأمر المقلق جداً، لا أحد يعرف من سيكون هذا
الشخص».
ومن هذا المنطلق، تطرقت البرقية (06RIYADH8921) تفصيلاً إلى من أطلقت عليهم
«الرابحون والخاسرون» من النظام الجديد، بعدما شبهت العائلة الحاكمة
السعودية بأنها «مثل شركة فورت موتور. اسم العائلة على الباب، وهي الدولة
الوحيدة حالياً في العالم التي أنشئت وسُمّيت لعائلة».
الرابحون
أول الرابحين الذين تحدثت عنهم هو وليّ العهد سلطان، بعدما رأت أنه
بناءً على النظام القديم، كان بإمكان الملك، على الأقل نظرياً، استبدال
سلطان بوليّ عهد آخر، أما من خلال النظام الجديد فقد ثبّت سلطان في مكانه،
ولا سيما بعدما أقر النظام في مادته الثالثة سريان «أحكام نظام هيئة البيعة
على الحالات المستقبلية، ولا تسري أحكامه على الملك ووليّ العهد
الحاليين».
إلا أن مرض ولي العهد سلطان، واضطراره إلى البقاء خارج البلاد مدة طويلة
بين العلاج في الولايات المتحدة والنقاهة في المغرب، دفعا الدبلوماسية
الأميركية الى الحديث عن سيناريوات وفاة سلطان في البرقية (08RIYADH1757)،
ولا سيما أنه «منذ تاريخ تأسيس المملكة الحديثة، لم يتوفّ الوريث قبل
الصعود إلى العرش»، وبالتالي فإنه ليست هناك سابقة يمكن الاعتماد عليها
لتوضيح التوقعات عمّا سيحدث بوفاة سلطان، مرجحة أن يكون بقاء العديد من
أبناء المؤسس عبد العزيز على قيد الحياة، عائقاً أمام انتقال السلطة إلى
الجيل الجيد من الأحفاد المنتظرين.
وتوضح البرقية أن «لائحة المرشحين المؤهلين ظاهرياً تضم ثلاثة من إخوة وليّ
العهد: نايف وسلمان ونائب وزير الداخلية أحمد»، فيما يعدّ سلمان المنافس
الأقوى... أما اللاعبون الآخرون فهم المستشار الملكي لعبد الله (نجله عبد
العزيز) ورئيس الاستخبارات مقرن بن عبد العزيز، إضافة إلى كل من رئيس هيئة
البيعة الحالي مشعل، والأمير طلال. لكن السفارة رأت أنه رغم امتلاكهم صوتاً
قوياً، فإن أياً من هؤلاء لا يمكن اعتباره مستقيماً كفايةً ليستحق لقب
خادم الحرمين الشريفين، مؤكدة أن «المناورات، بلا شك، بدأت، وأن الحملات
ستدور خلف الأبواب المغلقة»، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنها محصورة بقواعد
آل سعود الفريدة الغامضة والقبلية لبناء توافق الآراء.
لذلك، لم تكن عودة ولي العهد إلى المملكة بعد انقضاء فترة العلاج مطمئنة
للولايات المتحدة، متسائلة عن قدرته الفعلية على استئناف واجباته الرسمية
فعلياً، نظراً الى جدية مرضه وعمره (09RIYADH1617)، رغم تشكيكها في الوقت
نفسه بالشائعات التي تحدثت عن عودة سلطان إلى المملكة ليموت في بلاده بعدما
فشل علاجه من السرطان، وعن رغبته في التخلي عن مسؤولياته في الحكم.
والتشكيك الأميركي مرده أولاً إلى كراهية آل سعود لكسر العادات، إذ إن أياً
من أولياء العهود السابقين لم يقدم على الاستقالة، وبالدرجة الثانية تأتي
هيئة البيعة التي لن تبحث في خلافة الملك أو ولي العهد إلا في حالة الوفاة.
وبخلاف سلطان، توضح البرقية (06RIYADH8921) أنه بمن بقي من أفراد العائلة
الحاكمة فإن الموهبة، لا الأقدمية، باتت المحدد الرئيسي لوصولهم إلى منصب
الملك. وتضيف البرقية «العديد من الأبناء الصغار، وحتى أحفاد الملك عبد
العزيز، بات لديهم إمكانية واقعية لأن يتبوّأوا منصب الملك. فالأمراء
المنحدرون من أبناء عبد العزيز المتوفون، باتوا يشعرون بأنهم متساوون مع
أبناء مؤسس المملكة الأحياء. كذلك، فإن الأمراء المنحدرين من الأبناء
المنبوذين، مثل الأمير مشاري بن عبد العزيز، الذي قتل دبلوماسياً
بريطانياً، أو سعد بن عبد العزيز، الذي اغتال نجله الملك فيصل، لديهم تصويت
متساوٍ مع أي شخص آخر في هيئة البيعة».
ووفقاً للبرقية، أعطت هذه الترتيبات الجديدة دفعاً لأحفاد المؤسس عبد
العزيز الذين يحتلون مناصب رفيعة، ومن بينهم محمد بن سعود، مشعل بن سعود،
خالد بن فيصل، سعود بن فيصل، تركي بن فيصل، محمد بن فهد، فيصل بن بندر،
متعب بن عبد الله، خالد بن سلطان، فهد بن سلطان، بندر بن سلطان، محمد بن
نايف وعبد العزيز بن سلمان.
رابح إضافي من خارج العائلة الحاكمة تطرقت إليه البرقية، وتحديداً «عملية
التطور السياسي التدريجي في المملكة»، بعدما رأت أن إنشاء هيئة البيعة يمثل
خطوة باتجاه الإصلاح السياسي، واستقرار أكبر، واستبدال القواعد الشخصية
بالمؤسسات. وأكدت البرقية أن هذا الأمر يحظى باستحسان رجال الأعمال
المقتنعين بأن «يقيناً أكبر يشجع الاستثمار»، فيما نقلت البرقية عن
الليبراليين اعتقادهم بأنه «مع حل مسألة الخلافة، فإن الملك عبد الله
سينتقل إلى التركيز على الإصلاح السياسي، ومن هذا المنطلق رأت السفارة
الأميركية في الرياض أن السعودية مستقرة من المصالح القومية الأميركية،
ولذلك فإن الولايات المتحدة هي أيضاً رابحة».
الخاسرون
وفي موازاة الرابحين، رجّحت البرقية أن تراجع دور الأقدمية، وعدم امتلاك
الملك الحق في تعيين خليفته، يجعل كلاً من الأمراء مشعل بن عبد العزيز،
عبد الرحمن بن عبد العزيز، ونايف بن عبد العزيز، غير سعداء بالترتيبات
الجديدة. فالأمير مشعل الذي سبق أن اعترض أكثر من مرة، متحدثاً عن أحقيته
في تولي منصب ولي العهد، باتت رغبته في ظل النظام الجديد صعبة التحقيق.
وتحدثت البرقية، في الوقت نفسه، عن عملية تعويض غير مباشرة ينالها الأمير
مشعل، حيث تنافس شركته الدولية، إلى جانب شركائها الألمان والصينيين، على
مشاريع رئيسية في المملكة تقدر تكلفتها بمليارات الدولارات.
وطموحات مشعل الملكية كانت موضع نقاش في برقية ثانية تعود إلى عام 1995،
وتحمل الرقم (95RIYADH5405). والبرقية التي تحدثت عن التباين بشأن عمر مشعل
بن عبد العزيز، والتساؤلات التي طرحت في تلك الفترة عن حقيقة ما إذا كان
أصغر من سلطان، قبل أن تخلص إلى أنه بناءً على «أدلة مؤكدة»، فإن الأميرين
مشعل وعبد المحسن بن عبد العزيز هما أكبر من سلطان. ونقلت عن مستشار ولي
العهد في ذلك الحين (عبد الله)، الشيخ عبد المحسن التويجري، حديثه عن عدم
رضى شديد عبّر عنه مشعل نتيجة اختيار سلطان نائباً ثانياً لرئيس الوزراء في
عام 1982. ووفقاً للتويجري، فإن قرار انتقاء سلطان اتخذه بسرعة ثلاثة
أشخاص فقط، هم: فهد، عبد الله وسلطان، وهو ما استتبع إبداء مشعل امتعاضه
لبندر بن عبد العزيز الذي تبنى قضيته.
وتضيف البرقية، في السنوات اللاحقة صالح مشعل نفسه بحقيقة أن إخوته يجدونه
يفتقر إلى الميزات التي يرغبون في توافرها بالملك، والتي حددتها البرقية
بثلاث: عدم نسب والدته السعودي، سجله الباهت كموظف حكومي وسمعته الجدلية.
أما الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز، الأخ الشقيق لسلطان، والشقيق الأصغر
بعد وليّ العهد الحالي، فكان يرى نفسه أيضاً أنه التالي على لائحة
الانتظار. وتوضح البرقية (09RIYADH1434) أنه على الرغم من أن عبد الله بن
عبد العزيز يحتل المرتبة الثانية من حيث الأقدمية، فإن حظوظه ضعيفة بسبب
تاريخه الحكومي، حيث أقيل مرتين من عمله حاكماً، ما أثار تساؤلات عن قدرته
على المنافسة. ونقلت البرقية (07RIYADH296) عن أحد المصادر المطلعة على ما
يجري داخل دائرة العائلة الحاكمة حصول محادثة حادة بين حاكم الرياض الأمير
سلمان، الذي يعدّ بمثابة مرجع للخلافات العائلية، وشقيقه عبد الرحمن بن عبد
العزيز، الذي اعترض على ترتيبات الخلافة الجديدة. ووفقاً للمصدر، طلب
الأمير سلمان من شقيقه أن «يصمت ويعود إلى العمل».
وبين طموحات مشعل واعتراضات عبد الرحمن، يبرز وزير الداخلية نايف بن عبد
العزيز، الذي كان يأمل منذ صعود الملك عبد الله إلى سدة العرش، أن يسمّى
نائباً ثانياً، قبل أن يتحول هذا المنصب إلى منصب اختياري للملك. ولفتت
البرقية (06RIYADH8921) إلى أن نايف كان يعوّل على أشقائه سلطان أو عبد
الرحمن لتوفر لهم إمكان اختيار من سيتولى منصب ولي العهد بمجرد أن يصبح
أحدهم ملكاً، إلا أنه مع تحوّل الأمر إلى يد هيئة البيعة، خسر نايف ما
سمّته «المسار الداخلي للعرش».
ومع تحقق رغبة الأمير نايف عام 2009، في الحصول على منصب النائب الثاني، لم
تبد برقيات السفارة الأميركية واثقة من أن تعيينه سيعني حتماً انتقاله
لخلافة أخيه سلطان.
وتشير البرقية (09RIYADH496) إلى أن الملك اضطر إلى خطوة التعيين بعدما بقي
المنصب شاغراً منذ وصوله إلى السلطة عام 2005، فولي العهد سلطان «بجميع
المقاصد والنوايا عاجز، والملك يريد السفر إلى الخارج ولا بد من وجود أحد
يبقى يكون مسؤولاً، ونايف استناداً إلى أسبقيته بين أبناء عبد العزيز
ومنصبه وزيراً للداخلية كان، نظراً للعادات، المرشح الأفضل لهذا العمل».
وتوضح برقية ثانية (09RIYADH482) المزيد من التفاصيل عن هذه النقاط، لتنقل
عن مساعد وزير الداخلية، محمد بن نايف، قوله للسفير الأميركي إن تعيين
والده «لا ينبغي أن ينظر إليه من منظور الخلافة، بل كضرورة إدارية». سبب
إضافي يفسّر عدم ميل السفارة الأميركية إلى النظر إلى تعيين نايف كإشارة
على أنه «ولي العهد المنتظر»، يتمثل في قيام الملك، بالتزامن مع إصداره
مرسوم تعيين نايف نائباً ثانياً، بتعيين نجله، مشعل بن عبد الله، حاكماً
لمنطقة نجران، الحدودية مع اليمن، بعدما كان المنصب شاغراً لعدة أشهر في
أعقاب إعفاء سلفه من منصبه نظراً لفشله في إدارة ملف التوتر بين السكان
الشيعة الإسماعيليين. وأكدت السفارة أن المنصب «حساس، والتعيين أثار الدهشة
نظراً لفتوة مشعل بن عبد الله (يبلغ تقريباً 35 عاماً)، وعدم خبرته (كان
يعمل في وزارة الخارجية)».
وتضيف السفارة عن تعيين نايف «نحن لا نميل لرؤية هذا التعيين كجزء من تعويض
أوسع لاسترضاء المحافظين الذين يعارضون إصلاحات الملك. وبينما ينظر إلى
نايف على نطاق واسع بأنه محافظ، هذا الامر ليس مفاجئاً لوزير انشغاله
الكامل منصبّ على تعزيز النظام والنظام». وتضيف أن معظم المراقبين كانوا
يرون ولي العهد السابق، عبد الله، محافظاً ورجعياً أكثر مما برهن أنه كذلك
ملكاً.
ومن داخل العائلة السديرية، ترى البرقية (09RIYADH1434) أنه إلى جانب
الأمير نايف، فإن الأمير سلمان يعد الخيار المنطقي الاكثر ترجيحاً من ابناء
عبد العزيز للوصول إلى العرش، لكنه ليس كذلك على ارض الواقع، بسبب كونه
أخاً شقيقاً للامير نايف. وتوضح البرقية انه اذا كان يمكن للتاريخ أن يرشد
حول كيفية تطور الأحداث، فمن المحتمل أن تقدم بقية العائلة على رفض إمكان
وجود ملكين متعاقبين من السديريين، إذا انتقل نايف إلى منصب الملك.
ومع ذلك، نقلت البرقية (06RIYADH8921) عن بعض المسؤولين اعتقادهم بأن حاكم
الرياض سلمان بن عبد العزيز يتمتع بالقدر الكافي من الاحترام ليفوز
بالانتخابات داخل الهيئة. أما الأمير أحمد بن عبد العزيز، فرأت البرقية أنه
يعمل في ظل نايف من خلال منصبه نائباً لوزير الداخلية، مشيرةً إلى أن أصغر
السديريين السبعة من الممكن أن يلاقي ترشيحه اعتراضات من الأشخاص
المعترضين على تركيز أكثر للسلطة في يد ذلك الفرع من العائلة.
ومن خارج الأشقاء السديريين، وصفت البرقية الأمير صطام، الذي يشغل منصب
نائب أمير منطقة الرياض، بأنه المرشح السري، وبأنه بدأ يرفع من مكانته خلال
تغيب الامير سلمان، فيما وصفت الأمير مقرن رئيس الاستخبارات بأنه لغز،
مرافق دائم للملك، وينظر إليه على انه غير مناسب بسبب والدته اليمنية. لكن
البرقية رجحت أنه عندما يحين الوقت فإن اصول والدته لن تكون عائقاً.
وعلى وقع طموحات عدد من الامراء السعوديين، علقت السفارة على نظام هيئة
البيعة مرجحةً أن لا يسبّب تغيير طبيعة الحكم في السعودية، وأن هدفه
الرئيسي تفادي صراعات الخلافة التي يمكن ان تهدد الدولة السعودية، وخصوصاً
أن العديد من كبار الأمراء السعوديين يتقدمون في السن، بينما تتزايد
التهديدات الإقليمية للنظام. ولذلك رأت السفارة أن النظام الجديد معد
لتسهيل عملية انتقال السلطة من أبناء الملك عبد العزيز للأحفاد الأكثر
موهبة، لا للعامة.
أخيراً، خلصت السفارة الأميركية إلى التأكيد أن مسار انتقال السلطة في
المملكة كان تاريخياً منيعاً ضد التدخل الخارجي، وإذا كان يمكن للتاريخ أن
يكون مرشداً، فإن أي مرشح سينبثق سيكون قادراً على الاعتماد على دعم إخوته،
وستكون اولويته الأولى تقوية موقعه لضمان استمرارية حكم آل سعود. علاوةً
على ذلك، سيسعى أي ملك قادم إلى حماية المصالح السعودية من خلال الشراكة
الحاسمة مع الولايات المتحدة.
الأمراء يشكون خفض امتيازاتهم
أظهرت البرقية (07RIYADH296) أن النقاشات والخلافات داخل الأسرة الحاكمة
السعودية خلال السنوات القليلة الماضية لم تكن مقتصرة على قانون البيعة.
وبعدما وصفت العائلة الحاكمة السعودية بأنها عائلة، وفي الوقت نفسه حزب
سياسي، تحدثت البرقية نفسها عن محاولة الامير سلمان إلى جانب وزير الداخلية
الأمير نايف مواجهة الملك بشأن لجوئه إلى التقليل من الامتيازات وتحديداً
عملية تخصيص الأراضي، التي جنى بعض الامراء من ورائها أرباحاً تقدر بملايين
الدولارات، ما دفع ولي العهد سلطان للوقوف إلى جانب الملك.
وأكد سلطان لأشقائه أن تحدّي الملك خط أحمر لن يتخطاه، مشدداً على أن
الاستقرار والأمن الداخلي هما الهدفان الأبرزان للعائلة الحاكمة. وأضاف
«إذا تحدينا عبد الله فأين سينتهي الأمر». ونقلت السفارة عن أحد مصادرها
تحليله لخطوة سلطان بالقول «الملك عبد الله جيد وحكيم» ولكن سلطان «ذكي
وداهية».
وخلصت السفارة الى القول إن ما فعله ولي العهد يشير بوضوح الى أن ولي العهد
يدعم أو على الاقل لا يعارض في العلن جهود الملك عبد الله الإصلاحية، وأنه
«الآن بما أن عبد الله أصبح ملكاً، وولي العهد سلطان، كأي رقم اثنين، يقف
باستقامة خلف رئيسه».
إقصاء المفتي عن هيئة البيعة
نقلت البرقية (06RIYADH8921) عن مصادر مطلعة في عام 2006 أن المسوّدة
الأولى لنظام هيئة البيعة كانت تتضمّن إعطاء كلٍ من مفتي السعودية عبد
العزيز الشيخ ورئيس مجلس الشورى صالح بن حميد، حق التصويت في الهيئة، من
دون أن يبصر هذا التوجه النور.
وفيما شككت السفارة في اعتبار البعض أن رفض تعيين أشخاص من غير الأسرة
الحاكمة في هيئة البيعة تحول عن الشراكة التاريخية القائمة بين آل سعود
والمؤسسة الدينية، أكدت أن من الواضح أن العلماء لم يمنحوا دوراً أساسياً
في تحديد ملوك المملكة القادمين، وأن المؤسسة الدينية خاب أملها أكثر من
هذا القرار، بالمقارنة مع الديموقراطيين.
يشار إلى أن نظام هيئة البيعة يمنح أعضاء الهيئة الحق في إجبار الملك على
نقل صلاحياته لولي العهد في حال المرض مؤقتاً أو الدعوة لمبايعة ولي العهد
في منصب الملك في حال صدور تقرير طبي يفيد بعجزه الدائم عن ممارسة
صلاحياته، وصولاً إلى إنشاء مجلس مؤقت للحكم في حال ثبوت عجز الملك ووليّ
العهد عن ممارسة سلطاتهما مؤقتاً تمهيداً لاختيار ملك جديد.
http://www.al-akhbar.com/node/12063