ناك ذكرى بشعة مرت عليها عشر سنوات
تم فيها قتل عشرة آلاف مسلم في سربرنيتشا من قبل القوات
الصربية .. وكما نشر أن هذه الذكرى ستشارك فيها وفود من دول العالم ويتوقع أن
يرتفع عدد المشاركين في إحيائها إلى خمسين ألف شخص، وسبق هذا الاحتفاء مسيرة
جنائزية ضمت المئات من رفات الضحايا لنقلهم إلى موقع النصب التذكاري بشرق البوسنة،
وتم فيها إعادة دفن ستمائة وعشرة من ضحايا هذه المجزرة تتراوح أعمارهم بين أربعة
عشر عاماً وخمسة وسبعين عاماً!!
وكما نشر عبدالباقي خليفة في الشرق الأوسط في عددها رقم 9712 في 25/5/1426ه
عن قصة هذه المذبحة الشرسة التي توضح كيف يستهان بدماء
المسلمين أينما كانوا! ففي الفترة من «11 إلى 19 يوليو 1995م» تم القضاء على عشرة
آلاف بوسني على يد القوات الصربية المدعومة مادياً وعسكرياً من الحكومة اليوغوسلافية
وكي تتحقق صربيا الكبرى فلا مانع من سحق المواطنين وحرقهم والقضاء على تاريخهم
تماماً كما يحدث في فلسطين المحتلة منذ خمسين عاماً ولا يزال العدو الصهيوني يمعن
في سياسة الحرق والتدمير والقتل .. فقبل سنوات عشر تم في البوسنة قتل 200 ألف شخص
منهم عشرة آلاف من سربرينتشا فقط وخلفت تلك الحرب 150
ألف معاق وتم اغتصاب ما بين 30 - 50 ألف امرأة!! إضافة
إلى مليوني مهاجر! ناهيك عن تدمير ما يمثل 90? من البنية التحتية للبلاد!
وفي مقياس الأرقام
فقط كان هناك ثلاثة آلاف ضحية من المدنيين في سربرينتشا
وحدها خلال عاميْ 1992و 1993م، بسبب القتل وسوء التغذية وانعدام الأدوية والقنابل
الصربية! ورغم وضع سربرينتشا تحت الحماية الدولية بعد
أن استفحل أمر هذه الغطرسة الصربية والتمادي في اجتثاث هؤلاء من أرضهم إلا أن
الأمم المتحدة نزعت الأسلحة من سكان سربرينتشا التي
كانوا يدافعون بها عن أنفسهم أمام جبروت الجيش الصربي!!
واستمر هذا الجيش في
قصف سربرينتشا والتي يفترض أن القوات الأوكرانية مكلفة
بحمايتها ولكن الأمم المتحدة مرة أخرى أصدرت أمراً بسحب القوات الأوكرانية
واستبدالها بكتيبة هولندية لم تكن تقوم بالدفاع عن سربرينتشا
كما كانت السابقة!
وفي مساء المذبحة التي تشارك الآن «الأمم المتحدة» في إحياء ذكراها.. اشتد
القصف الصربي واستغاث سكان المدينة ولا مجيب لهم من الأمم المتحدة التي كانت تفضل
التفاوض مع الصرب على أن تمنح حلف شمال الأطلسي إذناً للقيام بغارات جوية ضد مواقع
الصرب! مع فرض القيود التي تم إحكامها على مدينة سربرينتشا
من نزع لسلاح أهلها وعدم الرد على جبروت القوات الصربية في حربها الإبادية ضد السكان العزل والمدنيين الآمنين في مدينتهم! بل
ومنع مساعدتهم من قبل القوات الهولندية! التي منعتهم من اللجوء إلى مواقعها بل
ومنعتهم من استخدام أسلحتهم للدفاع عن النساء والأطفال قبل وصول القوات الصربية ..!
وكما ذكر أن الرعب الذي اجتاح السكان دفعهم إلى الهروب إلى الغابات في طريقهم إلى توزلا هرباً من هذا الجحيم الدولي!! وهناك سقط الآلاف منهم في
يد القوات الصربية وتم قتلهم بالجملة! تماماً كما حدث مع
الأفغان الذين تم حشرهم في الحاويات وإطلاق النار عليهم!! وكما
تم في مذبحة جنين عندما جرفت الدبابات منازل السكان المدنيين الآمنين في منازلهم
وسوت بهم الأرض ودفنتهم أحياء أمام العالم وشاشات التلفاز!!
وهكذا نجد أن جبروت العدو والإرهاب الدولي
يتماثلان في كل زمن وكل مرحلة..
وكما ذكر عن مذبحة سربرينتشا أن الصرب استخدموا سيارات الأمم المتحدة وكانت
القوات الهولندية تمارس دور المتفرج فقط! بل ذكر أن الصحفيين الذين تمكنوا من لقاء
الناجين من هذه المجزرة الذين أنجاهم الله ووصلوا إلى توزلا
بعد أن أكلوا أوراق الشجر والأعشاب في رحلة الرعب التي مرت بهم.. مُنع هؤلاء الصحفيون من انتقاد الأمم المتحدة في تقاريرهم!!
وهكذا نجد أن هذه
المذبحة أسهمت فيها ليس القوات الصربية فقط بل متطوعون من روسيا والبلطيق وأوروبا
الشرقية وأيضاً القوات اليونانية التي كانت ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في
البوسنة أثناء الحرب!!
وبالطبع تم بعد ذلك
محاكمة ميلوسيفيتش لجرائم الحرب التي ارتكبها نظامه
ورغم صدور حكم محكمة لاهاي بالسجن 35 عاماً للجنرال الصربي راديسلاف
إلا أن رادوفان وراتكو
مهندسيْ المجزرة لا يزالان فارين.
?? مذبحة سربرينتشا تعتبر أكبر مجزرة عرفتها أوروبا بعد الحرب العالمية
الثانية.. وما نشر عنها أقل مما حدث من انتهاكات وإبادة عرقية.. ورغفم احتفاء المجتمع الدولي يوم أمس بهذه الذكرى الا أن آثارها العميقة ستبقى في جبهة كل من يدعي إدانة
الإرهاب في العالم.. فالإدانة ينبغي ألا تكون انتقائية
ترتبط بمراكز القوى في العالم..
? مذبحة سربرينتشا .. تحكيها قصص اغتصاب البوسنيات وقتل الأطفال
والشيوخ وتدمير البنى التحتية.. وتحكيها
رفات الضحايا ممن تم العثور عليهم، ومن لم يتم ذلك لهم وغابوا في أديم
الغابات ..وستظل تلك القصص الشاهد الذي لا يغيب لمجازر حدثت.. وسواها
يحدث الآن في العراق وأفغانستان ولم يتوقف هذا النزيف في أرض فلسطين!!..