نشأتهكان حنبعل واحد من أبناء الزعيم القرطاجي حملقار برقا (وتعني "حملقار الصاعقة"). كان لا يزال طفلا عندما شارك أباه وصدربعل العادل والملك النوميدي نارافاس زوجيّ شقيقتاه في الحرب ضد المرتزقة وفي الغزو القرطاجي لأيبيريا.
بعد هزيمة قرطاجنة في الحرب البونيقية الأولى، تفرّغ حملقار لرعاية أسرته وتنمية ثروات قرطاجنة. مدعوماً من قادس،
بدأ حملقار في إخضاع قبائل شبه الجزيرة الأيبيرية. كانت قرطاجنة في ذلك
الوقت دولة فقيرة لدرجة أنها لم تتمكن من نقل قواتها عبر البحر إلى شبه
الجزيرة الأيبيرية؛ بدلا من ذلك، قاد حملقار جيشه نحو أعمدة هرقل ونقلها عبر مضيق جبل طارق. توسّل حنبعل إلى والده للذهاب معه، وعندئذ، طلب منه والده أن يقسم بأنه لن يكون صديقاً لروما، طالما كان على قيد الحياة.
[1][2] وأثناء غزو هسبانيا، لقي والده مصرعه في المعركة، وخلفه زوج شقيقة حنبعل صدربعل العادل في قيادته للجيش، وخدم معه حنبعل كضابط تحت قيادته.
عمل صدربعل على توطيد المصالح القرطاجية في أيبيريا، فوقّع على معاهدة مع روما تنص على ألا تتوسع قرطاجنة شمال نهر أبرة، طالما لن تتوسع روما
إلى الجنوب منه. كما سعى أيضا إلى تعزيز قوة القرطاجيين من خلال تقوية
علاقاتهم الدبلوماسية مع القبائل المحلية. وكجزء من تلك التحالفات رتب
صدربعل لزواج بين حنبعل وأميرة أيبيرية اسمها "إيميليس".
بعد اغتيال صدربعل العادل في عام 221 ق.م.، إختار الجيش القرطاجي حنبعل
قائداً له، وأقرت حكومة قرطاجنة ذلك. وبعد توليه القيادة، أمضى حنبعل عامين
في تعزيز مواقعه واستكمال احتلال هسبانيا في المنطقة إلى الجنوب من نهر أبرة.
خشيت روما من تنامي قوة حنبعل في أيبيريا، التي تحالف مع مدينة ساغونتو التي تقع على مسافة كبيرة إلى الجنوب من نهر أبرة، وإدعت أن المدينة تحت حمايتها.
[3] اعتبر حنبعل ذلك خرقا للمعاهدة التي وقعها صدربعل العادل مع الرومان، وقرر
حصار المدينة، التي سقطت بعد ثمانية أشهر. مما إعتبرته روما انتهاك واضح
للمعاهدة، وطالبت القصاص من قرطاجنة. ونظرا لشعبية حنبعل الجارفة، لم
تستنكر الحكومة القرطاجي قرارات حنبعل، عندما أعلن الحرب في نهاية العام.
وعندئذ، قرر حنبعل نقل الحرب إلى قلب إيطاليا بحملة سريعة عبر هسبانيا وجنوب بلاد الغال.يقول
المؤرخ الروماني تيتوس ليفيوس " سوف اروي الحرب التي علقت بالذاكرة أكثر
من كل الحروب.انها الحرب التي خاضها القرطاجيون بقيادة حنبعل ضد الشعب
الروماني.ذلك انه لم يحصل قط ان تصارعت مدن او شعوب أكثر قوة وعتا د ا ولم
يحصل ان توفر لروما وقرطاج قدرا أكبر من القوة والعظمة.اضف إلى ذلك ان كلا
من الدولتين لم تكن تجهل ما كان يقدر عليه خصمها من الناحية العسكرية ذلك
ان كلتيهما اعادتا الكرة بعد ان قيمتا بعضهما خلال الحرب البونية الاولى." -
تيتوس ليفيوس(60ق.م-17م) التاريخ الروماني.الباب الواحد والعشرون.الفصل
الأول. - حنبعل
[عدل] من أفكار حنبعلعندما حاول حنبعل قطع جبال الآلب
عمد إلى تدفأة أجساد رجاله أمام النار ثم دهنها بالزيت كي تبقى دافئة.وكان
قد قطع جبال الألب راكبا على فيل وبجآنبه حصآن وعندما ساله أحد
مرافقيه"لماذا معك"أجاب إنّ الفيل قويّ ولكنّه بطيء أمّا الحصان فيتسم
بالسرعة وهو انسب لحال الكر والفر في وقت المعارك.وكان أثناء عبوره لجبال
الالب إذا اعترضت سيره صخرة كبيرة تسد امامه الطريق عمد إلى تسخينها بالنار
ثم صب الخمر فوقها حتى تتصدع وتتفتت.ومن حيله الشهيرة انه في احدى الليالي
اراد الجيش الروماني تطويق القرطاجيين ليلا واخذهم على حين غرة ولكن حنبعل
تفطن للشرك الذي كان يقع تحضيره فامسك بقطيع من الاغنام وربط في قرونها
المشاعل الملتهبة ثم اطلقها فلما راى الرومان المشاعل ظنوا ان الجيش
القرطاجي يتحرك ليلا فذهبوا وراءهم بينما كان حنبعل وجيشه يعبرون الطريق
بسلام.و قد كان أحيانا يتموه بشعر مستعار ويذهب لاستقصاء أخبار العدو بنفسه
وكان يملك شبكة كبيرة من الجواسيس.
[عدل] هيئة أركان جيشهكانت هيئة أركان جيشه تتكون من: هانو بن هاملقار، ومهر بعل
(مار بال) قائد سلاح الفرسان البونيقي، الذي تقلد هذه القيادة منذ عهد
والد حنبعل أميلكار برقه، ويكن له حنبعل حبا فائقا، وهيرت، وسينهالوس
المصري كبير الأطباء، والاغريقيين سوسيلوس، ووسلينوس، وبوح الهندي منجم
الحملة، والاسبرطي سوسيليوس الذي علم حنبعل اليونانية.
[عدل] غزو روما وعبور جبال الألبفي سنة 218 ق.م قرر حنبعل التقدم بجيشه بعد أن ترك شقيقه صدربعل
(هزدروبال) علي رأس ولاية قرطاجنة بإسبانيا التي كانت تابعة لامبراطورية
قرطاج.
وقد قرر حنبعل الاسراع في بدء حملته البرية، بعد أن وصلته أنباء من
جواسيسه بأن الرومان يستعدون لتطبيق خطة بنقل الحرب الي أفريقيا في عقر دار
قرطاج.
كان حنبعل يقول لقادة أركان جيشه: في حالة وصولنا لنهر البو قبل فوات
الأوان، نستطيع أن نمسك بتلابيب جيوش الغزو الرومانية داخل إيطاليا نفسها،
فلا تصبح مدينة قرطاج ميدانا للحرب، وحينئذ تقع تكاليف الحرب ولأول مرة،
علي الرومان وعلي بلادهم فيكتوون بآلامها، ويحرقون بنارها.. فالسرعة ثم
السرعة.
[عدل] معركة تسينووخاض حنبعل أول معركة وهي معركة تسينو التي دارت علي شواطئ نهر تسينو.
حسمها حنبعل لصالحه بخطة سريعة لعب فيها الفرسان البونيقيون دورا حاسما
عندما طوقوا من الخلف كتائب الرومان الثقيلة بحيث لم تصمد برماحهم الطويلة
أمام حراب القرطاجيين القصيرة والخفيفة والنافذة، وما هي الا لحظات حتي سقط
القنصل ببليوس قائد الجيش تحت سنابك خيل هؤلاء الفرسان المردة. عاد هذا
القنصل لروما جريحا وهو يردد لخاصته كيف وقع من صهوة جواده وسط فرسان غرباء
لم ير مثلهم في حياته من قبل في سرعة الكر والفر، ويقصد الفرسان
[عدل] معركة تريبياووجهت روما جيشا ثانيا ضخما بقيادة قنصل جديد هو طيباريوس سمبرونيوس
لمسح هزيمة معركة تسينو، وأعد حنا بعل له فخا علي ضفاف نهر تريبيا حيث دارت
معركة تريبيا حسمها حنا بعل باختيار مكان المعركة وهو سهل غمره الفيضان
فأوحلت تربته ولم يره خصمه، اختاره وهو يردد قول أبيه هملقار برقة: دع
الأرض تقاتل عنك.
أمر حنا بعل خمسمائة من خيرة الفرسان النوميديين وأصدر توجيهاته لقائدهم
فقال له: توجهوا في بداية الليل الي معسكر العدو، اقتربوا من خنادقهم
راكضين، وعندما يتصدي لكم فرسانه، التحموا معهم في معركة، ثم ولوا هاربين
ممثلين اندحارا، فسيتبعكم العدو، وجهوه عند ذلك السهل الضحل حيث الكمين.
ووقع القائد الروماني في الفخ.. وانطلقت المعركة فأعطي القنصل الأمر ببدء
المعركة بتعقب النوميديين المراوغين... وهُزم الرومان شر هزيمة.
وأهم ما أسفرت عنه هذه المعركة تحالف حنا بعل مع شعب غال سيسالبين وانضم
له في الشهرين التاليين 14000 من مقاتليهم الأشداء، فاستقبلهم وهو يردد
قولته المشهورة: إذا أحرزت نصرا انضم اليك الجميع حتي خصومك، أما إذا حاقت
بك الهزيمة تخلي عنك حتي محبوك.
وبعد انقضاء شهري الشتاء قرر التوجه جنوبا نحو روما، ووقع في مستنقعات، وانتشرت الحمي بين جيشه وفقد نتيجة لاصابته بها احدي عينيه.
[عدل] موقعة ترازايمينفي اليوم الحادي والعشرين من شهر حزيران ـ يونيو 217 ق. م. تقدم جيش
روماني ضخم تعداده أربعون ألفا بقيادة جايوس فلامنيوس نحو بحيرة ترازايمين
تحت رقابة الفرسان البونيقيين، كان يلفه ضباب كثيف، وكان حنا بعل قد رصده
بواسطة جواسيسه من بعيد، وترصد للمكان الذي سيخرج منه وهو يسيطر علي
المرتفعات التي تشرف علي مكان مروره. وفجأة ومن خلال الضباب هاجم
القرطاجيون من مواقع مثالية، فكانت الصاعقة المفاجئة تحل علي رؤوس الرومان.
وأرسل حنا بعل بسائر فرقه لتهاجم في وقت واحد، وكان يراقب من موقع عال
فوق الطرف الأقصي من طريق البحيرة، وسد فرسان مهر بعل النوميديون، مصحوبين
بمشاة الأفارقة، مدخلَ شاطئ البحيرة الهلالي الشكل. وهكذا وقع القنصل في
نفس المصيدة الذي كان ينوي ايقاع حنا بعل فيها. وأطبقت كماشة الجيش
القرطاجي من كل ناحية، بحيث لم تجد كتائب الرومان مجالا للمناورة ولا حتي
للهروب. وما كادت تحل الساعة العاشرة صباحا حتي كانت موقعة بحيرة ترازايمين
قد انتهت. وصار بذلك ستة آلاف من الجنود الأشداء أسري حنا بعل. وهكذا تمكن
الجيش القرطاجي الذي أنهكته الحمي قبل أيام، بجياد هزيلة من إبادة جيش قوي
خارج للتو من معسكراته ينعم بالصحة والعافية، تمكن من هزمه وأسر خمسة عشر
ألفا من خيرة جنوده. وأطلق سراح الأسري من الشعوب الأخرى وهو يقول لهم: ما
جئت لأشن الحرب علي الشعوب المستعْمَـرة، بل ولا حتي علي الإيطاليين، وانما
جئت لأساعد الجميع ضد حكام روما الظالمين.
تجمعت جماهير روما بساحة الفوروم، بعد أن وصلت أنباء كوارث الهزائم.
وبقيت أبواب مجلس الشيوخ مغلقة أمام الجماهير، وبعد طول الحاح خرج اليهم
القنصل بومبونيوس ماثو بمفرده واعتلي درج مدخل المجلس، وألقي عليهم خطابا
يتكون من اثنتي عشرة كلمة: لقد قهر العدو جيوش روما في موقعة عظيمة مات
فيها أحد القنصلين.
[عدل] موقعة كناي العظمى مقال تفصيلي :معركة كاناي
واستمرت القوات الرومانية في تكتيك العرقلة، لكن حنا بعل بمجرد أن تأكد
أن جنوده أخذوا ما ينبغي أخذه من الراحة، واستوعبوا تدريبات عالية، قرر
المرور الي الاستدراج، وخلق سائر الظروف علي مدي أشهر لموقعة كناي العظمي
التي بدأت في فجر اليوم الثالث من شهر آب ـ أغسطس سنة 216 ق.م. قام حنا بعل
بمناورات علي مدي أشهر جعلت العدو يحرك قوات جبارة الي كناي.
كان منيوسياس روفوس صغير السن، وقام حنا بعل بمناورة فهم منها الضابط
الروماني أنه صار يخاف المواجهة ويهرب. وهكذا انطلت عليه مناورة حنا بعل
الذي أظهر تقهقرا منهزما زيادة في اتقان حبكة الاستدراج الكبير الذي يعده
لخصمه المغرور. كان حنا بعل يقود جيشا من أربعين الفا، بينما كان جيش عدوه
يتجاوز المائة ألف، نصفهم من المجندين حديثا، واعتبر أنه أقوي جيش علي
الإطلاق جمعته روما في تاريخها. وزيادة في الخديعة قام الفرسان النوميديون
في خفة الأشباح بغارة صدتها القوات الرومانية بنجاح، وتقهقر الفرسان مظهرين
انهزامهم، فقرر عند ذاك القنصلان فارو وأميليوس مطاردة العدو المنهزم،
وتقهقر القائد مهر بعل عبر نهر أوفيدوس هاربا وجيشا القنصلين بتعقبانه،
وضيق عليهما الخناق شيئا فشيئا فوق سهل كناي المكشوف، وذلك في اليوم الثالث
من شهر آب ـ أغسطس.
عندما التقي الجيشان أعطي حنا بعل إشارة البدء... ووجد الرومانيون
أنفسهم يقاتلون في ظروف مزدوجة السوء، كانوا منكفئين بعضهم علي بعض،
محصورين الكتف الي الكتف، بينما كان أعداؤهم يحومون حولهم بكامل حريتهم،
كانوا منهوكي القوي، يواجهون عدوا متجدد القوة شديد البأس. كان حنا بعل
يستعمل من بعيد إشارات معينة بدخان منطلق من حزم أعشاب خاصة تطلق دخانا
عاليا، وكل عدد من هذه المشاعل الدخانية يعني أمرا معينا. ولم تكد تحل
الظهيرة حتي اختفي الفرسان، فلم يبق فارس واحد بين مرتفعات كناي والمقر
الصخري المرتفع لقيادة حنا بعل، وبقيت في هذا الامتداد كتائب مشاة
الرومانيين مكدس بعضها علي بعض، في كتلة بشرية هائلة صماء. وانطلق الفرسان
النوميديون الخفاف كالبرق وعلي رأسهم قائدهم مهر بعل فسدوا ثغرة فرار العدو
المنهزم الهارب الي النهر. وكانت الأرض في سائر الاتجاهات ضد الرومان،
وتمعن حنا بعل في هذا الموج البشري، وردد، في نشوة، وصية والده هملقار
برقة: دع الأرض تقاتل عنك... وترك قادة وحداته ينفذون حرفيا خطته. وأبيد
هذا الجيش الضخم. وعندما طلب منه رجاله أن يستريح أجابهم: ينبغي علي الطهاة
أن يعدوا وجبة شهية، ويسخروا لها كل فنونهم، وتقدم مصحوبة بالخمر الي
الجنود من سائر الرتب، فقد آن للجيش أن يستريح.
وهنا صاح العجوز مهر بعل في غضب: حنا بعل.. اسمع لي جيدا، في خمسة أيام
يستطيع الجيش أن يتناول هذه الوجبة في روما نفسها، سيسبقك فرساني كالبرق
إليها، فيكتشف الرومانيون بحلولك بينهم من خلال هؤلاء الفرسان المردة قبل
أن يعلموا بخروجك اليهم... وتطلع حنا بعل مليا في وجه مساعده العجوز، ثم
أجابه: هذا مما يسهل قوله، ويبهج القلب سماعه، يا عمنا البطل، لكن امعان
التفكير في الأمر وتقليبه علي عدة وجوه، يحتاج الي وقت طويل. وهنا لم
يتمالك مهر بعل نفسه فصاح فيه في غضب، وقال له قولته الخالدة: حنا بعل..
لقد حبتك الآلهة بنعم كثيرة، فأنت تعرف كيف تحرز النصر، ولكنك لا تعرف كيف
تستخدمه وتستغله... واستمع حنا بعل لمساعده العجوز رفيق وصديق والده،
ومعلمه سائر أنواع القتال والفروسية والرياضة، تمعن مليا فيه ثم أمر باطعام
الرجال. وعند انتهاء جولته التفتيشية عاد الي مقر قيادته لينام نوما عميقا
بين حراسه.
ويعقب مؤرخو سيرة حنا بعل فيجمعون علي أنه لو عمل برأي القائد الفارس
مهر بعل لتمكن من احتلال روما وتغيير مجري التاريخ.. بدون حسم سريع ـ مثلما
يراه مهر بعل ـ لا أمل في أن يكسب القرطاجيون الحرب في النهاية، لأنهم
يقاتلون عدوا في بلاده، يملك تحت يده الشعب والغذاء والمال، بينما هو بعيد
عن قرطاج، قطعت عنه الامدادات من إسبانيا التي تمكن سيبيو من السيطرة
عليها، وعبر البحر المتوسط الذي تسيطر عليه الأساطيل الرومانية سيطرة
مطلقة، ولا أمل في أن ترسل قرطاج نجدات عبره لحنبعل. يذكر انه بعد هذه
المعركة ارسل حنبعل إلى قرطاج بثلاثة مكاييل من الخواتم الذهبية التي
انتزعها من جثث خمسة آلاف فارس روماني كغنيمة حرب ولتكون رمزا لانتصاره.
[عدل] تدمير قرطاجةانتهت هذه الملحمة البطولية ملحمة الدفاع عن قرطاج. واذا كانت هذه الحرب
أسفرت عن وفاة مدينة، فقد أكدت أن الإنسان أقوي من القهر، وأن ارادته لا
تردع بسهولة. ولقد تأثر لهذه المأساة حتي بعض المؤرخين الأوروبيين، يقول
وارمنغتون: ألقي سيبيو أميليانوس نظرة علي المدينة التي ازدهرت أكثر من
سبعمائة سنة منذ انشائها، والتي حكمت مناطق كثيرة، جزرا وبحارا، وكانت ثرية
في السلاح والأساطيل والفيلة والمال، مثل الامبراطوريات العظمي، بل والتي
فاقتها في الإقدام والشجاعة الفائقة. فبالرغم من أنها جردت من كافة أسلحتها
وسفنها، فقد صمدت أمام حصار شديد، ومجاعة دامت ثلاث سنوات، ووصلت الي
نهايتها بالتدمير الكلي.
ويروي المؤرخ اليوناني بوليبيوس الذي رافق القائد الروماني في عملية
التدمير، فيقول: أن سيبيو أمليانوس بكي تأثرا بما آل له عدوه، فاستعرض
أمامه الحقيقة المتمثلة في أن الأفراد والأمم والامبراطوريات نهايتها
محتومة، وكذلك نصيب مدينة طروادة العظيمة، ونهاية الامبراطوريات الأشورية،
والميدية، والفارسية، والتدمير الأخير لامبراطورية مقدونية الكبيرة. تمعن
في هذا كله ثم ردد بقصد أو بدون قصد، كلمات هكتور في الياذة هوميروس:
(سيأتي اليوم الذي تسقط فيه طروادة المقدسة، وكذلك الملك بريام وجميع رجاله
المسلحين معه)، وعندما سأل المؤرخ بوليبيوس، سيبيو، ماذا تقصد بهذا؟،
التفت اليه القائد الروماني وقال بتأثر: هذه لحظة عظيمة يا بوليبيوس..ان
الخوف يتملكني من أن نفس المصير سيكون لوطني في يوم من الأيام.
[عدل] حنبعل وسكيبيو الإفريقيامتاز حنبعل عن سكيبيو الإفريقي بـ:
- شخصيته الماكرة
- حسن معاملته لجنوده
- التفوق الاستراتيجي
- المرونة أثناء المعارك
- سجله الخالي من الهزائم أمام الرومان لفترة طويلة.
- رحلته إلى إيطاليا عبر جبال الألب والتي تعتبر مغامرة عسكرية كبرى.
طوال ستة عشر عاما في إيطاليا، قاد حنبعل قواته محققا ثلاث انتصارات
كبرى، جعلت روما في حالة من الفوضى والخوف. كما كانت معارك تريبيا وبحيرة
تراسمانيا وكاناي دليلاً آخر على كون حنبعل أفضل قائد أثناء الحروب البونيقية.
كان حنبعل مدركاً لكون الرومان يكونون في أفضل حالاتهم عندما يحاربون
على أرض أعدائهم، ولهذا السبب قام بهذه الخطوة الجريئة بنقل الحرب إلى بلاد
الرومان. من هذا المنطلق، كانت رحلته إلى إيطاليا. استطاع حنبعل استخدام
كل الموارد والتكتيكات الحربية لتحقيق النصر، دون أن يترك جانباً واحداً
للصدفة.