القصة المتكررة التي ترددها الأوساط الاعلامية والسياسية والأمنية
الإسرائيلية عن رجل الأعمال المصري أشرف مروان منذ أعوام لم تخرج عن وصفه
بالعمالة المزدوجة ، هذه المرة وتزامنا مع الذكرى الـ44 للنكسة تظهر قصة
جديدة يحكيها شمعون مندس مقدم احتياط إسرائيلي ونشرتها مجلة "همذراح
هتيخون" للشئون العسكرية يؤكد فيها أن مروان عمل في خدمة المخابرات
المصرية كأكبر عملية خداع بالتاريخ الاستخباراتي العالمي.
مندس يعتمد في رؤيته للقصة على دحض مزاعم كتاب ظهر مؤخرا اتهم مروان
بالعمالة للقاهرة وتل أبيب هو كتاب "الملاك" الإسرائيلي ،المقدم يبني
قصته على ما اسماه "الفهلوة والخداع " الذي يتميز به المواطن المصري منذ
آلاف السنين ومنذ بدأ النيل يجري في واديه لينتقل بعد ذلك الى مروان الذي
قام بتجنيد تسيبي زامير رئيس الموساد خلال فترة حرب اكتوبر وقام بتنويم
باقي النخبة السياسية والاستخباراتية والعسكرية في اسرائيل تنويما
مغناطيسيا .
حالة الجدل التي تدور الآن في تل ابيب حول الجهة التي عمل لصحالها اشرف
مروان حسمها مندس بأن المصريين هم ملوك الخداع في العالم يدل على ذلك
تعبيراتهم الشعبية مثل "انت عايز الحق والا ابن عمه" " بصراحة" ، مندس
يؤكد ان المصري حينما يريد اقناع الاخر يستخدم التعبيرات السابقة ، مندس لا
ينسى الاستشهاد باستكتشات "الخواجة بيشو وابو لمعة الأصلي " ليقول لك أن
المصريين يمكن ان يبيعوا لك البحر وبعد دفعك الثمن تتفاجأ أنهم باعوا لك
"جرادل" مليئة بالماء المالح ويبررون لك بان البحر لا يمكن اعطاءه لك إلا
بالتقسيط .
الانتقادات للمؤسسة الاستخباراتية لا يخلو منها مقال مندس " غير
مؤهلين للاعتراف بانهم كانوا ضحايا لمناورة عسكرية ونفسية مركبة مصرية ،
سوء حظنا ان قادة تل ابيب مصابين بالسذاجة والغرور ، رئيس الموساد كان أول
الساقطين في مصيدة الحمقى التي نصبها المصريون ووقعت بعده النخبة
السياسية والعسكرية" ، " الاسطورة التي نسجت حول الموساد بأنه لا يخطئ ليست
الا مسرحية زائفة " هذه بعض الجمل التي أوردها في مقاله انتقادا للتخبة
الاسرائيلية .
عدة ثغرات في كتاب الملاك بني عليها مندس نظريته عن خدمة مروان
للمخابرات المصرية ، أولها أنه لو كان اشرف مروان عميل اسرائيلي لكان
اتصل بالمسئول الاستخباري عنه في باريس وإخباره بشأن الحرب بدلا من
الانتظار قبل يوم منها ومقابلة رئيس الموساد في لندن لابلاغه بنفس
المعلومة ، مندس اعتمد على لقاءات رئيس "الفرع الاستخباري رقم 6" الخاص
بمصر ـ بمصريين عرضوا خدماتهم على تل ابيب قبل ظهور مروان يدل هذا وفقا
لمندس على "قيام القاهرة بمحاولات سابقة لخداعنا قبل ظهور مروان "، في
النهاية يقول المقدم احتياط لحكومته نصيحة اسماها بشريعة الاستخبارات التي
يجب دائما اتباعها :"ممنوع الاعتماد على مصدر واحد لمعلومات" لماذا قتل
المصريون مروان؟ يختتم مندس مقاله مجيبا لأنه "كان سيسبب لهم فضيحة ويقوم
بنشر مذكراته ولأنهم خافوا من ذكره تفاصيل الخداع المصري".