د. خديجة مصطفى تثبت: عبدالحكيم عامر تم حقنه بمادة سامة فى «الوريد»
تنفرد «المصرى اليوم» بنشر الوثيقة المهمة التى أرفقتها عائلة عبدالحكيم عامر فى بلاغها للنائب العام، وتتضمن تقريراً علمياً للدكتورة خديجة مصطفى، أستاذ الطب الشرعى والسموم بجامعة عين شمس، يفند واقعة انتحار المشير وتقرير الطب الشرعى، وينتهى إلى أن المشير لم ينتحر، وأنه جرى تسميمه عن طريق الحقن الوريدى بمادة من أشباه القلويات، واستبعد التقرير أيضا تسمم المشير بمادة «الأكونيتين» كما انتهى تقرير الطب الشرعى آنذاك.
ودحض التقرير الكثير من النقاط الواردة فى التقارير الطبية وتقرير الطب الشرعى والتحاليل الكيماوية الخاصة بالواقعة، ومنها أن هناك عملية تجويع وتعطيش قام بها الأطباء المشرفون على متابعة الحالة الصحية للمشير.
واستند التقرير إلى مراجع علمية بارزة من الغرب والشرق منها «الطب الشرعى والبوليس الجنائى» للدكتور يحيى شريف والدكتور محمد عبدالعزيز سيف النصر والدكتور محمد عدلى مشالى، بجانب موسوعات علمية وطبية متخصصة شهيرة.
أولاً: الكشف الطبى بمستشفى المعادى للقوات المسلحة:
والثابت به إجراء الكشف الطبى على المشير وقت وصوله وتحديدا على الجهاز الهضمى ووجد سليما، مما يفيد بأنه تم فحص منطقة البطن، كما جاء فى مذكرة النيابة بأقوال الرائد طبيب حسن عبدالحى أحمد فتحى أنه حدد أجزاء الجسم التى كشف عليها بأنها الصدر والقلب والبطن والرقبة والذراعان (صفحة 15 من تقرير الطب الشرعى). وبالرجوع للحقائق العلمية نجد أنه لا يمكن بل يستحيل أن يتم الكشف على الجهاز الهضمى ووصفه بأنه سليم دون أن يتم فحص منطقة البطن كاملة بحدودها.
التحاليل الطبية الخاصة بورقة السيلوفان الملفوظة من فم المشير بمستشفى المعادى للقوات المسلحة والتى قام بها الرائد طبيب سليمان مدنى والرائد طبيب ثروت عبدالرحمن الجرف وموقعة من المقدم طبيب عبدالمنعم عثمان جميعها كانت نتائجها سلبية لكل من ورقة السيلوفان، وسلبية لجميع أنواع السموم المعروفة والمخدرات والمنومات.. إلخ..، وأكدتها التحاليل التى أجريت بالمعامل المركزية للخدمات الطبية للقوات المسلحة، وبناء عليه فإن المشير عبدالحكيم عامر قد غادر المستشفى خاليا تماما من سموم داخلية أو سموم خارجة ملتصقة بجسد سيادته.
وأود قبل أن ننتقل إلى مناقشة الأحداث فى استراحة المريوطية أن أشير إلى شىء من صنع القدر ألا وهو واقعة مرور المشير مستشفى المعادى قبل وصوله إلى الاستراحة كأنها إثبات ودليل أنه برىء من أى إدعاءات عن تعاطى أفيون أو سموم أو غيره.
ثانياً: مناقشة تقريرى طبيبى الاستراحة ط/ مصطفى بيومى حسانين وط/ إبراهيم على البطاطة:
«بدأت نوبتجية الطبيب مصطفى بيومى حسانين الساعة الخامسة مساء يوم 13/9/1967 فى استراحة المريوطية، حيث وصل السيد المشير قادما من مستشفى المعادى للقوات المسلحة، حيث تم إثبات حالته الصحية السليمة تماما، وحيث تم إثبات عدم حيازته أى سموم وكذا عدم تناوله أياً من السموم أو المخدرات، أثبت الطبيب مصطفى البيومى فى تقريره أنه فى الساعة التاسعة مساءً تقيأ سيادة المشير».
ولنا أن نطرح بعض التساؤلات:
ماذا عن الساعتين من 5 إلى 7 مساء؟ وهل كانت صحة المشير العامة كما كانت وقت مغادرته للمستشفى أم طرأ عليها تغير؟ وإن كان قد حصل فما هو ولماذا لم يتم تسجيله؟
ما هو تفسير الطبيب لسبب القىء الذى بدأ الساعة السابعة مساء؟
لماذا حاول الطبيب معالجة هذا القىء بحقن باسكوبان فى العضل مع العلم بأن الباسكوبان يحتوى على نظير الأتروبين (هيوسين) وهذا ليس بعلاج للقىء؟
قام بحقن المشير وريديا بالأتروبين، ونكرر أن الأتروبين ليس علاجاً للقىء، وهل عيب المحقن سبب وجيه لتغيير العلاج من باسكوبان فى العضل إلى أتروبين فى الوريد؟ والمثبت بالمراجع الطبية والمتعارف عليه فى الأوساط المهنية الطبية أن الأتروبين لا يجب حقنه وريديا إلا بحذر شديد وتحت ظروف معينة، فما هى الأسباب القوية التى اضطرت الطبيب أن يحقن الأتروبين فى الوريد؟
فى منتصف الليل طلب المشير قرصين دوريدن ليتمكن من النوم، ولكنه لم يستطع بلعهما نظراً للقىء، إذن مازال القىء مستمراً بعد الحقن الوريدى للأتروبين وانقضت سبع ساعات كاملة منذ وصوله الاستراحة. الساعة 10 صباحاً حضر الطبيب المناوب ليتسلم النوبتجية، الطبيب إبراهيم على البطاطة وقام الطبيبان سويا بالكشف على سيادة المشير لتسليم وتسلم النوبتجية وعلى الرغم من مرور 17 ساعة كاملة ظل يعانى طيلتها المشير.
كل هذا ويقرر الطبيبان ويثبتان أن حالة المشير الصحية جيدة وأن ضغطه 120/85 والنبض حوالى 90 فى الدقيقة والتنفس طبيعى!
مناقشة تقرير الطبيب/ إبراهيم على البطاطة:
بدأت نوبتجيته الساعة 10 صباحاً يوم 14/6/1967، وهنا وصفه الطبيب البطاطة أن سيادته كان هبطان.
وكلمة هبطان لا يجب لممارس مهنة الطب أن يدرجها فى تقريره الطبى لأنها كلمة لها من المدى الواسع.
ماذا كان ينتظر البطاطة ليستدعى د. شريف عبدالفتاح؟
الساعة الخامسة مساء أثبت الطبيب على البطاطة أنه ناظر المشير وعاوده الساعة السادسة «أى قبل دخول المشير فى غيبوبة خطرة بعشر دقائق فقط»، فوجده نائما طبيعياً ونبضه وتنفسه وحرارته وضغط دمه كلها طبيعية.
بعدها دخل دورة المياه ويقرر الطبيب أن الساعة حينئذ 20.6 على الرغم من أنه مسجل بدفتر الأحوال للاستراحة أن المشير دخل فى غيبوبة خطرة الساعة 10.6؟!
ثالثاً: مناقشة رأى السيد الدكتور كبير الأطباء الشرعيين الوارد بصفحة 50 من التقرير الطبى الشرعى:
وصف سيادته مقاسات الشريط الملصوق على جدار البطن 10.5 * 2.5سم وأنه وضع على أسفل جدار البطن الأمامى وفى اتجاه مستعرض من الناحية اليسرى أعلى رباط الأوربية بقليل. وأود أن أسأل أى ممارس لمهنة الطب يكشف على الجهاز الهضمى «أى منطقة البطن» دون أن يلحظ هذا الشريط اللصاق الذى به ثلاثة نتوءات صلبة.
ص52 فى قول الخبير «وجود آثار ضئيلة من الورق المعدنى فى المضبوطات من ورق السيلوفان التى لفظها السيد المشير والتى ثبت من الفحص إن أحداها تحتوى أفيوناً وأن أخرى يمكن القول بأنها تحتوى أفيوناً»، فهذا خلط لشىء من الحقيقة مع كثير من الزيف والباطل.
مما سبق نخلص إلى حقيقة تم تأكيدها بعد الوفاة أن المشير برىء تماما من تناول مزيج الموت مع الخمول العاطفى حيث إن معامل الطب الشرعى قطعت لاحقا بسلبية «القىء والورقة الملفوظة من فم المشير» للأفيون والأكونيتين ولأشباه القلويات والمخدرات والسموم المعدنية والمنومات والمهدئات.
الحقيقة والصواب كما نرى فيما يلى:
«حصول القىء المتكرر» وصف كبير الأطباء الشرعيين أن القىء «كان من وقت نقل سيادته للمستشفى» غير صحيح قطعيا حيث إن فريق الأطباء والممرضين بالمستشفى والمرافقين جميعهم وعلى رأس الجميع اللواء مرتجى مدير المستشفى كانوا يقومون بمحاولات لإقناع سيادة المشير أن يتقيأ بوضع خافض لسان ولكنه رفض ثم حاولوا إقناعه بعمل غسيل للمعدة ورفض ثم بعد إلحاح من الجميع شرب نصف كوب محلول بيكربونات الصودا كمقىء وقام ببذل مجهود بإرادته للقىء وفعلا تقيأ حوالى 150-200 سم3 سائل مصفر فى وعاء كلوى وأرسل للتحليل.
ونحن نشك ونشكك فى حدوث القىء المتكرر الوارد بتقريرى طبيبى الاستراحة حيث إنه ورد فى تقرير معاينة النيابة العامة ص 29 من تقرير الطب الشرعى السطر 16 وما بعده أن أرض الحجرة نظيفة من أى أثار للقىء وكذلك الحمام والمرحاض الإفرنجى والبيديه والحوضان الكبيران ولوحظ أن الحمام نظيف بوجه عام ووجدت النيابة العامة أن المياه مقطوعة فكيف يتخيل المرء بأنه هناك قىء متكرر مع عدم وجود آثار له ومع انقطاع المياه. «ثم جاء فى الفحص الطبى الشرعى الكامل «بدار التشريح» أن جميع الملابس على جثة سيادة المشير خالية من التمزقات ولم يميز بها أثر ظاهر لتلوث بالقىء، وورد بأقوال السيد الدكتور شريف عبدالفتاح فى ص 17 من تقرير الطب الشرعى «لم يلاحظ وجود آثار لهذا القىء ولم يخبره الدكتور بطاطة بما إذا كان احتفظ بشىء منه من عدمه ولم يخبره عن سبب هذا القىء».
ونخلص مما سبق سرده أننا نشك فى صحة أقوال وتقريرى الطبيبين المعالجين مصطفى بيومى وإبراهيم على واستكمالا لما بنى عليه السيد كبير الأطباء الشرعيين رأيه.
وهنا نحن نتساءل ماذا يقصد السيد كبير الأطباء الشرعيين بقوله إن الشريط اللصاق قد رفع عدة مرات فى أوقات متفاوتة؟ هل يقصد سيادته أن السيد المشير أخذ من السم جرعات متعددة على فترات متفاوتة؟ مع علمكم بالحقيقة العلمية الثابتة لعقار الأكونيتين أنه يختلف عن الديجيتوكسين بأن ليس له أثر تراكمى بمعنى أن الجرعات المتفاوتة لن تؤثر لاحقا بما يساوى مجموعة أثر الجرعة الفردية وأن الإنسان عندما يقرر الانتحار فسوف يتعاطى الجرعة القاتلة مرة واحدة.
وفى رأينا أن تعدد أثر الشريط اللصاق على جثة سيادة المشير إنما يدل على رفعه وإعادة لصقه بعد الوفاة فى محاولة لاختيار الوضعية المطلوبة والله أعلم.
وأرجع سيادة كبير الأطباء الشرعيين فاعلية الجرعة الثانية فى إحداث الوفاة بسرعة مفاجئة وخلال دقائق أن سيادة المشير تناولها على معدة خالية، وهنا يظهر التساؤل جليا لماذا لم تحدث الجرعة الأولى نفس الأثر المفترض من سيادته على أن المشير تناولها فى منزله مع أنه أيضاً ثبت بالدليل القاطع أن معدة السيد المشير كانت خالية عند وصوله إلى المستشفى وعلى هذا فإن فرض كبير الأطباء الشرعيين يتضح بالأدلة القاطعة أنه بُنى على خيال غير سليم بالمرة.
ومن جميع ما سبق تفصيله نخلص إلى أن تقرير كبير الأطباء الشرعيين فقد أى علاقة بين الأعراض الإكلينيكية السابقة للوفاة وسم الأكونيتين وهذه أولى الدعائم «المحاور» الثلاث التى بنى عليها كبير الأطباء الشرعيين رأيه فى سبب الوفاة.
المحور الثانى أو الدعامة الثانية لأساس بناء الرأى هى كانت المظاهر التشريحية والتى انتهى منها سيادته بأنها «مظاهر تشريحية غير محددة والتى تماثل المظاهر التشريحية فى حالات الوفاة من الهبوط الحاد فى الدورة الدموية والقلب وأكد سيادته أن هذا يتفق تماما مع ما يحدثه الأكونيتين»، وبدورنا نناقش هنا ونفند أسبابنا بانهيار هذه الدعامة أيضاً حيث إن مجموعة «أشباه القلويات» نباتية الأصل جميعها لها تأثير سام فى الجرعات السامة والتى منها الأتروبين والنيكوتين والكوكايين والإرجوتامين والديجيتوكسين والاستركنين والأمينوفليين والأفيون والأكونيتين والذى يعتبر أقواها جميعا.
أشباه القلويات كلها تسبب الوفاة فى الجرعات السامة بطريقة واحدة تقريبا وهو تنبيه الجهاز العصبى أولا ثم تثبيطه إلى حد الشلل بعدها إذن لماذا أكد سيادة كبير الأطباء وأوجد العلاقة الوثيقة بين الصفة التشريحية والأكونيتين بالذات؟! بالرغم من سلبية تحاليل الأنسجة والسوائل العضوية الخاصة بسيادة المشير لسم الأكونيتين تحديداً كما أوردت معامل الطب الشرعى!. بينما كان ينبغى عليه كخبير محايد ألا يتأثر رأيه بميل معين أو فكرة مسبقة وأن يخلص إلى أن «المظاهر التشريحية بالجثة تتفق وحالات التسمم بأشباه القلويات ويتعذر علينا تحديد أى منها».
الدعامة الثالثة التى بنى عليها الرأى هى نتائج التحاليل للسوائل العضوية والأنسجة والتى أجريت بمعامل المصلحة التابعة لسيادته مع الإشارة والعلم المسبق للكيميائيين القائمين بالتحليل بأن سبب الوفاة تسمم بالأكونيتين حاد وسريع بعد التعاطى بدقائق، الأمر الذى يستتبع نجاح المعامل فى تحديد الأكونيتين وكشفه ومع ذلك جاءت جميع التحاليل لسوائل الجسم وأنسجته خالية وسلبية من الأكونيتين بالذات، إذن كيف يستند ويؤكد كبير الأطباء الشرعيين أن سبب الوفاة كان تعاطى الأكونيتين؟! ثم يعلل ويسبب «بأنه سم سريع الاختفاء والتحلل ويصعب الكشف عليه»، هذا قول ليس بحق وأريد به باطل.
ووصف كبير الأطباء الشرعيين الواقعة بأنها انتحار بناء على عدة وقائع.
ونحن إذ نستمع لهذا السيناريو والتخيل وخلق روابط وعلاقات مفتعلة نتساءل عن أمور ألا وهى:
1 - لماذا لم يقم كبير الأطباء الشرعيين بعمل الفحص الميكروسكوبى الباثولوجى للأنسجة.
2 - جاء بالصفحة الثانية من التقرير 506ك سنة 1967 أنه بتحليل الدم والبول والأنسجة وجدت خالية من آثار مادة النوفالجين بينما أثبت الطبيب مصطفى بيومى أنه أعطى المشير حقنة نوفالجين بالوريد الساعة 4 صباحاً فى نفس يوم الوفاة 14/9/1967، وكذلك أثبت الطبيب إبراهيم على البطاطة أنه أعطى المشير حقنة جفاريل الساعة 4 مساء بالوريد أى قبل الوفاة بساعتين ونصف فأيهما نصدق يا كبير الأطباء الشرعيين؟!.
5 - السادة الأطباء الشرعيون قاموا بوصف مفصل ص31 لجاكتة البيجاما التريكولين بلون رصاصى شوهد بها بعض بقع صغيرة قليلة محمرة جافة على هيئة طرطشة خفيفة تشبه التلوثات الدموية تنتشر على أعلى البدنين الأماميين كما وجدت نفس البقع على أعلى يسار الفتحة العليا الأمامية للبنطلون ثم صدمنا بأن المعامل «ص38 فقرة ج» تسلمت فى 19/9 من كبير الأطباء الشرعيين حرزا تبين من الفحص أنه يحوى جاكتة بيجاما زرقاء اللون وجد بخلفية الكم الأيسر تلوثات خفيفة صفراء 20*10سم «ولماذا يا كبير الأطباء لم تقم بتحريز جاكتة البيجاما التى كان يرتديها المشير لحظة الوفاة وعليها من البقع ما أخذتم 4 سطور فى وصفها من تقريرك الشرعى»؟
وفى رأينا أن الطرطشة الدموية فى أعلى بدنى جاكتة البيجامة إنما نتجت عن محاولة الحقن الوريدى بسرعة فى وريد تم استعماله مسبقاً للحقن فانسد وعند دفع دواء الحقن تحت ضغط المحقن، ارتدت الخثرة الصغيرة السادة للوريد ومعها هذه الطرطشة الدموية.
6 - ثم لماذا يا كبير الأطباء سلمت الجاكتة الزرقاء التى حرزتها النيابة ولم تسلم ملاءة السرير التى حرزتها النيابة أيضاً والموجودة بحجرة النوم والتى كان بها بعض تلوثات يميل لونها إلى الحمرة ص32 وحرزتها أيضاً النيابة؟
7 - ولماذا يا كبير الأطباء لم تقم وقت المعاينة بتحريز أى من مخلفات الاستراحة فى فترة الـ24 ساعة المنقضية، خصوصاً أن فرضية التسمم هى الأولى فى حادث الوفاة كما تشير الظروف المحيطة خاصة أن شخص المتوفى يمثل رمزاً وشخصية عامة وكان المفروض أن يكون الأداء المهنى على قدر كاف من الدقة والحنكة والتسجيل.
8 - تمت الوفاة الساعة 6.30م حسب دفتر الأحوال أو الساعة 6.40م حسب أقوال د.بطاطة أو الساعة 7.30م حسب ملاحظات د.شريف عبدالفتاح الذى وجد الجثة مازالت دافئة بالرغم من وجود مروحة كهربائية مدارة موجودة بين الحائط والسرير المسجاة عليه جثة المشير، بينما وصلتم الاستراحة جميعكم الساعة 12.50ص وبدأتم الكشف المبدئى الساعة 1.30ص أى بعد الوفاة بحوالى سبع ساعات كاملة؟ فهلا بينتم سيادتكم ماذا لو كان المتوفى عسكرياً عادياً فى أقصى المدينة بالله عليكم ما فترة التأخير المتوقعة للمعاينة؟! مع العلم بسهولة المرور فى عام 1967.
9 - كبير الأطباء الشرعيين لم يرد منه تعليق على خلو الأمعاء بقسميها من المواد الغذائية والبراز الشىء الذى يدل على أن المشير لم يتناول أى نوع من الأطعمة لمدة أقلها 48 ساعة قبل الوفاة أى أنه «تجويع» يؤاخذ عليه «بيومى وبطاطة»، وكذلك لم يضع تفسيراً لما لاحظه من سيولة بالدم مع زيادة عن العادى فى درجة اللزوجة؟! ولم يلفت انتباهه أن هذا يعنى أن المشير تعرض للجفاف «Dohydration» يعنى كمان «تعطيش»، ألم يشعر سيادته بتعاطف مع المشير ضد بيومى وبطاطة؟
دلالات مهمة بعد دراسة تقرير الطب الشرعى:
- نستبعد شبهة الانتحار تماماً وذلك لعدم وجود ما يشير إليه فى مكان حدوث الوفاة، هذا وقد أثبتت جميع التحاليل والبحوث أن المشير لم يتناول أياً من السميات المشار إليها سابقاً خاصة الأكونيتين قبل وصوله المستشفى وكذلك لم يتناول الأفيون.
- آثار المورفين الضئيلة التى أثبتتها معامل الطب الشرعى فى البول والدم هى نتيجة تناول المشير دواء البنيلين قبل الوفاة بساعات قليلة والذى يمتد وجوده فى الدم 24 ساعة بعد التعاطى بينما يمتد وجوده بالبول 6 أيام بعد التعاطى.
- أثبتت تحقيقات النائب العام أن الأكونيتين المعبأ فى جزء، شريط الريتالين الذى ألصق بجثة المشير مصدره الوحيد معامل المخابرات العامة المصرية، وتأكد هذا من خلال الفحص المقارن الذى أجراه السيد الدكتور كبير الأطباء الشرعيين عند فحص الأحراز المسلمة بمعرفة مندوب المخابرات العامة السيد/مختار ذكرى، والشريط اللاصق المنزوع من على جثة عبدالحكيم عامر.
من جماع ما سبق كله يتضح لنا أن الوفاة حدثت لحظياً نتيجة لوصول المادة السامة لدم السيد المشير فأحدثت حالة تسمم حاد «بأحد أشباه القلويات» وذلك من خلال الأثر المباشر على عضلة القلب حيث أحدثت خللاً فى كهربية الخلايا وهو ما أدى إلى حدوث الارتجاف البطينى مؤدياً للوفاة، ونحن نرى استبعاد الأكونيتين حيث إنه كان الهدف المراد للكشف عنه بالتحاليل من قبل المعامل الكيميائية الطبية الشرعية والتى أفردته بسلبية العينات جميعها منه كما أن الأعراض الموصوفة قبل الوفاة مباشرة لا تتفق وأعراض التسمم الحاد من تعاطى الأكونيتين بالفم.
الرأى
توفى إلى رحمة الله تعالى السيد المشير/ عبدالحكيم عامر بالهبوط حاد فى القلب والدورة الدموية نتج عن حدوث الارتجاف البطينى كأثر مباشر للتسمم الحاد بمادة من أشباه القلويات بالحقن الوريدى، هذا وقد تبين لنا انتفاء شبهة الانتحار واستبعاد سم الأكونيتين تحديداً كمسبب للوفاة.
تقرير الطب الشرعى عام 1967 : الوفاة نشأت عن التسمم بـ«الأكونيتين».. والمادة السامة كانت فى شريط لاصق على الجثة
المعاينة وفحص الطب الشرعى المبدئى أجراه كبير الأطباء الشرعيين د. عبدالغنى سليم البشرى، وكبير المفتشين الفنيين بمصلحة الطب الشرعى د. كمال السيد مصطفى فى الساعة الواحدة والنصف صباح يوم 15/9/1967.
ثم انتقل د. عبدالغنى سليم البشرى، ود. كمال السيد مصطفى إلى دار التشريح، وانتدب كل من د. يحيى شريف، أستاذ الطب الشرعى بكلية طب عين شمس، ود. على على عبدالنبى، أستاذ الطب الشرعى بكلية طب القاهرة، وقام الجميع بتوقيع الكشف الظاهرى على الجثة وإجراء الصفة التشريحية والتحفظ على العينات اللازمة للفحص.
وفى رأى كبير الأطباء أن السيد المشير تناول جرعة ثانية من عقار الأكونيتين بعد الساعة 6م بقليل يوم 14/9/1967 على معدة خالية مما استتبع ظهور أعراض التسمم بسرعة مفاجئة، وحصول الوفاة فى خلال دقائق قليلة.
أما النتائج التى توصل إليها كبير الأطباء الشرعيين فكانت:
1- إن المظاهر التى أثبتها الفحص الطبى الشرعى، ظاهرياً وتشريحياً، تدل على أن الوفاة نشأت عن حالة سمية أدت إلى هبوط سريع بالقلب والدورة الدموية والتنفس.
2- إنه فيما تحقق لدينا من وجود سم الأكونيتين بالشريط المعدنى الذى عثر عليه لاصقاً بالجثة، بالإضافة إلى المظاهر التشريحية التى اتضحت من الفحص- هذا مع ظهور معروف من طبيعة تأثير السم على الجسم، كل ذلك يدل على حصول الوفاة نتيجة التسمم بالأكونيتين.
3- إن عدم العثور على الأكونيتين عن طريق التحليلات الكيماوية التى أجريت على الأحشاء والعينات المضبوطة أمر متوقع ومسلم به علمياً للأسباب السابق ذكرها.
4- تأسيساً على كل ما تقدم، مع استمرار تأثير المادة السامة، هذا مع وجود الشريط الحامل للأكونيتين محتفظاً به مخفياً بالطريقة التى شوهدت بالجثة، كل ذلك لما يتفق وحصول الوفاة فى هذه الحالة انتحاراً بتناول هذا السم، وقد مضى على الوفاة لحين الفحص الطبى الشرعى الكامل حوالى اثنتى عشرة ساعة.
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=299358&IssueID=2158