ثوار غير ثوريين وثورات غير ثورية
أخطأنا؟.
نعم أخطأنا، فما يحصل في الوطن العربي ليس مؤامرة. لأن المؤامرة شيء صغير. ودائرتها ضيقة. وأهدافها محدودة. ورقعتها محددة. ورجالها سرّيون.
إننا أمام مخطط كبير، يتم تنفيذه على المكشوف، ويقوده زعماء العالم المنقادين من إسرائيل. وأدواته «جماهير» عربية قررت أن تلحق البوم الغربي وصولاً إلى الخراب. ويروّج له مثقفون تعودوا ركوب الموجات.
مخطط دموي وتدميري. ينفّذ بلا رادع إنساني، وبلا مبررات شرعية.
مخطط يقرأه الأمي والأعمى. ومع ذلك يقوم ضحاياه، تحت تأثير مخدر لشعارات الحرية والديمقراطية، بالتضحية من أجله.
أي طفل عربي لم يسمع عن الفوضى الخلاقة؟.
وأي جاهل عربي يجهل السعي الأميركي إلى الشرق الأوسط الجديد؟.
إذاً، جميعنا نعرف المخطط، ونعرف أخطاره، ونرى فيه إسرائيل حاضرة... وإن غابت.
ليس ثمة من يشك في أن قطار التقسيم والحروب الأهلية قد انطلق. وأن محطاته العربية لن تتوقف عند ليبيا وسوريا واليمن. فالخرائط التي أعدها مهندسو المشروع التفكيكي، لم تغفل دولة عربية قابلة لقسمة شعبها ولتقاسم ثرواتها.
وما يثير الاستغراب والاستهجان، أن عرباً جرى تهييجهم، قد تحولوا إلى ثيران هائجة في مشروع يضعهم أمام خيارات سوداء، أقلها قتامة مصالح إسرائيل.
لقد أدرك المخطط أن الوطن العربي يعاني من مجاعة الحريات. فوضع أصحابه في صنّارتهم المتوحشة طعماً «ديمقراطياً»، سهّل عليهم اصطياد العملاء البسطاء، الذين يجهلون أنهم وقعوا في العمالة.
وهكذا تعقدت مواجهة المشروع التدميري.
ثوار غير ثوريين. وثورات غير ثورية. إن قاومتها وقاومتهم، فأنت تقتل شعبك... وإن استسلمت لها ولهم فأنت تقتل وطنك وشعبك معاً.
معادلة غير عادلة. اختلط فيها خبث المخططين الكبار، ببراءة وغباء المنفذين الصغار.
إن سفكوا هم الدماء... فهذا ثمن الحرية. وإن قاتلتهم فأنت ترتكب جرائم ضد الإنسانية. وإن قبضت عليهم لتحاكمهم فهم سجناء الرأي.
وسط هذا المخطط الجهنمي ماذا يفعل المسؤول عن النظام العام ووحدة الوطن؟.
هل يترك البلاد مباحة للانحراف ومستباحة للمنحرفين؟.
هل يردع، وينقذ وطنه من الفوضى الخلاقة. وشرقه الأوسطي من تقطيع جديد لدوله وشعوبه؟.
لقد أقسم الرئيس بشار الأسد اليمين أمام شعبه للدفاع عن وحدة الوطن وحماية أمن شعبه. ولم يقسم يميناً أمام الكونغرس الأميركي لحماية مصالح أميركا ومخططاتها.
لهذا يترتب عليه المحافظة على قسمه منعاً للتقسيم. وإذا كان ثمن ذلك دماً سورياً... فليدفع المتورط ثمن تورطه.
أما قائد الثورة الليبية معمر القذافي، فسيبقى متهماً بجرائم ضد الإنسانية، حتى ولو ألقى على المتمردين الغذاء والدواء.
إن دعواته لمسيرات سلمية ومواكب لمّ الشمل، لا تجدي أمام وحشية المتمردين، الذين استبدلوا الدعاء إلى الله لحماية ليبيا باستدعاء صواريخ الناتو وقنابله لتدمير الجماهيرية.
فرضوها... وفرضت... وحماية البلاد فريضة من السماء.
http://www.kifaharabi.com/ArticleDisplay.aspx?ArticleId=22190&ChannelId=5&EditionId=416