عدد من الآلاف من ضباط وجنود الجنوب والشمال في نادي الضباط في الخرطوم مساء الخميس.. يودِّعون الجنوبيين..
والمشاعر كلها.. فرح لا.. حزن
الضباط الجنوبيون والشماليون يعانقون بعضهم مودعين بحرارة باكية.
والفرقة الموسيقية تغني «يا هو دا السودان».. والملحقيون العسكريون ينظرون في دهشة صاعقة لجيشين متقاتلين يودع بعضهما بعض بالعناق والبكاء.. والضابط المتحدث باسم الجنود الجنوبيين يقول قدمتم لنا انفصالاً .. لكن الزمالة تبقى.
وجهة ثالثة تصنع مشاعر ثالثة غير الحزن والفرح في السودان كله، لأنها هى التي صنعت الانفصال. والطرقات في مصر وتونس ولبنان وقناة الجزيرة تستطلعهم وكلهم يتفقون على شيء واحد. هو ان جهة ثالثة هي التي صنعت انفصال الجنوب.. هكذا يقولون كلهم.
إيقا رئيس برلمان الجنوب يشهد احتفال انفصال الجنوب بجلباب وعمامة وعباءة بيضاء..
والشعور الرابع هو .. الاقتصاد!!
وإحسان عبد القدوس روايته عن ضربة (76) كان اسمها لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص وإيقا يعرف أن الراقصين اليوم يفيقون غداً أمام الصحون الفارغة والبطون الفارغة .. ثم يطلبون .. ثم يغضبون.. ثم؟!!
وشعور اخر آخر يجعل الجنوب يتأرجح الآن بين جنونه وهو يحاول انتزاع أبيي من الخرطوم وهو يشتم الخرطوم، وبين جوعه الصاعق الآن ومستقبلاً وهو يتوسل للطعام من الخرطوم. لكن.. ما يتخطى المشاعر ويجيب على الأسئلة كلها كان للغرابة كلها هو شيء يجلس خلف سلفا كير والبشير في المنصة أمس أمام قبر جون قرنق.
هم المندوبون من دول أمريكا وأوروبا كانوا هم الإجابة.. التي صنعت كل شيء وسوف تصنع.. وتصنع بخطة تقود العالم منذ سنوات. والعالم = لو أن رسالة صغيرة سمح لها بالخروج يصبح إذن شيئاً يتحول بكامله كل بيت فيه = ليصرخ .. والرسالة عن جماعة صغيرة هي من يدير كل مليم في العالم اليوم ومنذ أربعين سنة. الرسالة يكتبها أحد المجموعة هذه ذاتها عام 2009م ويسرد فيها برقة كيف أن دول البترول .. كلها كلها.. لا يذهب شعبها بأكثر من ثلاثة دولارات من كل مائة دولار. وأن القروض ظلت بتطوير رائع هى الصنارة لاصطياد كل دولة بحيث يستحيل على كل سمكة أن تفلت من الصنارة بعد ابتلاعها.
والرسالة تحكي كيف اصطادت السودان مع آخرين.
والهوامش الصغيرة في الرسالة تجزم بأنه «لا معونة لدولة بعد اليوم».
ودولة الجنوب تنتظر المعونات لتحيا.. أو تفقدها لتموت
صاحب الرسالة يحدث كيف أن بعض الرؤساء ممن رفض الطعم «عمر توريز في بنما وجيمس روو ولز من الإكوادور» يقتلون... ويقول وأموال القروض للعالم الثالث في حقيقة الأمر لا تغادر العواصم الغربية أبداً.. إنها تذهب للشركات التي تتولى المشروعات.
والدولة المستدينة عليها أن تدفع الأرباح ورأس المال ..
وتعجز.. فالمخطط يوضع بحيث تعجز الدول هذه عن تسديد ديونها.. فالعجز يدر أرباحاً أكثر مما يدره التسديد.والعجز «الصنارة» مطلوب في ذاته... والبترول وأمواله؟؟ الإكوادور تصبح نموذجاً.. الإكوادور اكتشفت البترول عام 1970م والفقر «ينمو» بعدها من 05% إلى 07%، والدين عليها ينمو من 240 مليون دولار إلى «61» مليار دولار.
ديون العالم الثالث بالأسلوب ذاته ترتفع نقود ارتفاعها بدقة هكذا يقول الرجل إلى اثنين ونصف تريليون دولار. تريليون وليس مليوناً ولا ملياراً. ومن كل مائة دولار من النفط تحصل الشركات على خمسة وسبعين دولاراً من المائة هذه..
يكفي؟! .. لا.. ما يتبقى يذهب ثلاثة أرباعه إلى الديون الخارجية.. والديون والعجز كلاهما مطلوب لهذا بالذات. يكفي؟
لا.. وثم ثلاثة دولارات من المائة هذه هي ما يذهب للمواطن في الدولة البترولية.. والدولارات الثلاثة هذه يبتلعها الفساد!
الرسالة المثيرة تقول ما يعني أن السودان يذهب الآن إلى دولتين، شمال يوقف انفلات الديون.. والبشير يعلن أن أمريكا لن ترضى عنا مهما فعلنا.
وجنوب يبدأ دولته ببيع 9% من أرضه..
وحتى أموال البيع هذه.. اختفت.
ونحكي ما فعلته المجموعة هذه بكل دولة من دول العالم.. وبالسودان.. الحكاية ليست رقيص.