في خلافة الوليد بن عبد الملك و هو الخليفة الأموي الذي حكم من سنة 86 و حتى سنة 96 فتحت الأندلس سنة 92 هـ . و كثير من البلاد فتحت في عهد الدولة الأموية و منها ليبيا و حتى أواخر المغرب، نعم لقد بدأت الفتوح في هذه البلاد في عهد عثمان بن عفّان لكن كثيراً من البلاد ارتدت عن الإسلام بعد ذلك و أعيد فتحها في عهد الدولة الأموية و فتحت أيضاً أفغانستان و جمهوريات جنوب روسيا. حكمت دولة بني أمية من سنة 40 إلى سنة 132 هـ .
دخل الإسلام إلى الشمال الإفريقي من سنة 23 هـ لكن كانت دائمة الإرتداد عن دين الله سبحانه و تعالى. يسكن هذه المناطق قبائل ضخمة جداً هي قبائل البربر. و قبائل البربر كلما أسلمت ارتدت، حتى استقر الإسلام في النهاية في أواخر 85 أو 86 هـ على يد موسى بن نصير رحمه الله.· المسافة بين المغرب و الأندلس 13 كيلومتر على الأقل و ليس عند المسلمين سفناً كافية لتخطي هذه العقبة المائية الكبيرة. فمعظم فتوحات المسلمين كانت برية. لهم بعض المواقع البحريّة مثل موقعة ذات الصواري أو فتح قبرص لكن ليست لهم سفناً ضخمة تحمل جيوشاً تعبر بها مضيق جبل طارق في هذا الوقت. جزر البليار تقع شرق الأندلسوهي في يد الوم والنصارى. و لو دخل موسى بن نصير إلى الأندلس ستكون هذه الجزر في ظهره. و قد تعلم أن يحمي ظهره حتى لا يقع في أخطاء السابقين. ميناء سبتة لم يفتح حتى الآن و يحكمه رجل يدعى يوليان أو جوليان و هو رجل نصراني له علاقات طيبة بملك الأندلس الأسبق الذي يدعى غيطشة. ........... و قد حدث إنقلاب على غيطشة و تولى الحكم رجل اسمه رودريك التي أصبحت في العربية لوذريق. .... لم يطمئن موسى بن نصير إلى التحالف مع يوليان رغم أن يوليان كان على خلاف مع لوذريق لأنه لا يضمن أن يتحالف يوليان مع لوذريق في مقابل مادي و ما إلى ذلك.
· قوات المسلمين الفاتحين التي جاءت من الشام و من الحجاز و اليمن و العراق و مصر كانت قوات محدودة قليلة و هي منتشرة في كل الشمال الأفريقي فكيف يأخذ كل هذه القوات و ينتقل إلى منطقة الأندلس.......... لو حدث هذا يمكن أن تنقض عليه بلاد الشمال الأفريقي و قد لا يستطيع فتح بلاد الأندلس.
· أن قوات النصارى في الأندلس كان عددها ضخماً جداً و عدة كبيرة و قلاع و حصون.
· أن أرض الأندلس بالنسبة لموسى بن نصير و من معه كانت مجهولة تماماً. و إن كانت الأنباء تترامى أن هذه البلاد صعبة جداً جداً في الفتح لطبيعتها الجبلية مع حركة الجيوش في هذه الآونه بالخيول و البغال و أيضاً بها أنهاراً كثيرة و بحيرات كثيرة. ..... و قد تكون لديه مشاكل أخرى لفتح الأندلس و لكننا لا نعلمها، و مع ذلك فهو يصر على فتح بلاد الأندلس.
بدأ موسى بن نصير رحمه الله في أناة شديدة يرتب هذه الأمور:
أولا:
بدأ في إنشاء السفن و الموانيء. بنى أكثر من ميناء في منطقة الشمال الأفريقي و أشهرها ميناء القيروان. كان العمل يحتاج إلى وقت طويل جداً و لكن موسى بن نصير كانت لديه همه عاليه.
ثانياً:
بدأ يعلم البربر الإسلام في مجالس خاصة و بدأ يكون فرقاً من البربر لتكون هي جيش الإسلام ولى طارق بن زياد قيادة الجيش الإسلامي المتجه إلى فتح بلاد الأندلس... و قد جمع طارق بن زياد بين التقوى و الورع و الكفاءة الحربية و الجهاد في سبيل الله و الرغبة في أن يموت في سبيل الله و هو بربري ليس بعربي.
فتح طارق بن زياد جزر البليار لحماية ظهره من ناحية الشرق. حيث أن جزر البليار تقع شرق بلاد الأندلس في البحر المتوسط. .... بقيت عنده عدة مشاكل : منها مشكلة سبتة و واليها يوليان . و سبته هذه : ميناء حصين جداً. و قد حل مشكلة الجيش من البربر و حل مشكلة السفن نسبياً في وقت قليل. و لا يزال يجهل طبيعة أرض الأندلس.في شهر رمضان المبارك إحدى وتسعين للهجرة بدأ فتح الإسلام لبلاد الأندلس (الفردوس الإسلامي المفقود).
ويروي التاريخ أن أول من دخل جزيرة الأندلس من المسلمين لفتحها والجهاد فيها هو "طريف البربري" التابع للبطل الفاتح موسى بن نصير، وكان طريف مع سرية مجاهدة قوامها مائة فارس، وأربعمائة راجل، وكان دخوله في شهر رمضان المعظم في السنة الحادية والتسعين بعد الهجرة النبوية، وقد نقلا هذه السرية في أربعة مراكب من شمال إفريقيا إلى أرض أسبانيا.
واستعان طريف في غزوته تلك بالكونت يوليان، الذي كان نائبًا للإمبراطور البيزانطي في مدينة سبتة؛ حيث سهل هذا النائب للمسلمين طريق النزل لأول مرة في أرض الأندلس؛ حيث كان هناك أحقاد بين يوليان ولذريق صاحب الأندلس (ويُروى أن سبب ذلك أن لذريق اعتدى على عِرض ابنة يوليان بعد أن استأمنه عليها) المعجب ص 33.
وكان موسى بن نصير بطل شمال إفريقية قد استأذن من أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، في أن يوسِّع دائرة الغزو والفتح في بلاد الأندلس؛ لتمكين كلمة الإسلام فيها وتحرير أهلها من نِيْر الطاغين الطارئين عليها من القُوط الغربيين، فكتب إليه الوليد يقول له: خُضها بالسرايا حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال.
وردَّ عليه موسى يبين له أنه ليس ببحر زخار، وإنما هو خليج منه يبين للناظر ما خلفه، فكتب إليه الوليد يقول: إنه لا بد من اختبار هذا البحر بالسرايا قبل اقتحامه.
فبعث موسى تابعه طريفًا، كما ذكرنا، وعاد طريف بعد توفيقه في غزوته يثني على البلاد وينوِّه بها، فبعث موسى إلى الأندلس بالبطل الفاتح طارق بن زياد، فتخطى البحر فبلغ جبل طارق المنسوب إليه حتى اليوم، في شعبان سنة ثنتين وتسعين للهجرة.
ويُروى أن طارق بن زياد حينما وصل اليابسة من بلاد الأندلس، أحرق السفن التي عبروا البحر فوقها، لكي يقطع طريق العودة على جنوده، فيجعلوا كل همِّهم في النضال والكفاح، وخطبهم خطبته الرائعة التي قال فيها بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وحثَّ المسلمين على الجهاد ورغَّبهم فيه:
( أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية (يقصد لذريق) فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة، وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت.
وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة، ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي، واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقِّ قليلاً، استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي ).