تمكَّن العالم التونسي بوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» محمد الأوسط العياري، من إنجاز علمي باهر سيفتح أبواب الفضاء الخارجي لمزيد من البحث والاكتشافات، هذا الإنجاز تمثَّل في جهاز سماه «الشاهد» لرصد هلال الأشهر القمرية، وذلك بعد فترة طويلة من البحث انتهت بالكشف عن الشاهد ومصادقة «ناسا» أثناء أشغال الندوة العلمية بمرسيليا حضرها علماء عديدون من أمريكا وكندا والسعودية وليبيا، وفي أول عرض رسمي لجهازه في تونس كان لـ«الرسالة» هذا اللقاء مع مخترع الجهاز.
يقول العياري ابتداءً: أولا يجب أن أشير إلى أن الشاهد ليس منظارا وإنما هو منظومة متكونة من برج مراقبة ومحطات استطلاع. وهو كجهاز يعمل بدقة عالية لرصد هلال رمضان وباقي الأشهر القمرية. لكن وظيفته لن تقف عند هذه النقطة فقط بل تتجاوزها إلى قياس درجات تلوث الكرة الأرضية ورصد حالة الطقس.
منظومة كاملة
ويتابع العياري: هذه منظومة كاملة متكونة من مركز مراقبة ومن مراكز للاستطلاع متواجدة في كل أنحاء المعمورة، لما يدخل الليل مركز الاستطلاع يخاطب مراكز الرصد الموجودة في خط الغروب بصفة مستمرة، وكل جهاز للرصد فيه إمكانية النظر في الأفق ثم يقع تعديله ثم يبيِّن مكان تواجد الهلال ثم يحلل في ذلك المكان بطريقة أوتوماتكية ويعطيك صورة، وتلك الصورة ترسل عبر الأقمار الصناعية فهناك جهاز اتصال يرسل الصورة بالأجهزة المكبرة يظهر الهلال في ذلك المكان، فالشاهد له القدرة على معرفة المكان بالتحديد حتى في ظل تحرك الشمس قبل غروبها. وللشاهد عدسة وعين إلكترونية هذه العدسة تتغير من عدسة مكبرة إلى عدسة توازي العين المجردة، فأصحاب الرؤية بالعين المجردة يمكن لهم المراقبة وتجميع المعلومات إلى أصحاب القرار وعلماء الدين حتى يحكموا إن دخل الشهر أم لا.
وحول إمكانية توحيد المسلمين في شهر رمضان رغم فوارق التوقيت بين الشرق والغرب يقول العياري: الهلال هو واحد، أنا سوف أسبق الحدث ولكن لو وضعت منظومة الشاهد نقول حساباتنا 99/، نحن متحققون إذا شوهد الهلال فوق تونس سيشاهد فوق المغرب لكن يبقى للأهل القرار الحكم، ومع هذا نحن لدينا البرهان بصورة ومكان تواجد الهلال، إن شاء الله 99.9./، إذا كان هناك مركز للاستطلاع يمكن الجميع الاتفاق على من يرى بالرؤية بالعين المجردة، والرؤية بالشاهد إن شاء الله كلهم يتوافقون في دخول الشهر، وهذا دون أي شك.
رد فعل الفقهاء
وحول توقعاته لرد فعل الفقهاء وعلماء الدين تجاه «الشاهد» يقول العياري: أنا كمهندس لا أفهم في العلوم الدينية أنجزت الشاهد من أجل توحيد رؤية هلال رمضان وتجاوز الاختلاف سنويا حول هذا الموضوع الذي يتم رصده باستعمال المنظار والحساب والرؤية. وكل هذه الطرق موجودة في هذا الاختراع. وبالتالي أنا وفرت الوسائل الضرورية لتجاوز الصعوبات التي قد تعترض إحدى طرق رصد الهلال ولأهل الذكر من علماء الدين والفقهاء الحكم الأخير. وعندما بدأت العمل على المشروع مع الإخوة كنت أعرف أهميته، وكنت أعرف أنه سيحرك المشاعر وسيأتي النبأ إن شاء الله.
دعم إسلامي
وفيما اذا كان يتوقع دعما من الدول الإسلامية، يقول العياري: لقد كلَّف الشاهاد سنة 2007 حوالى 67 مليون دولار، 44 مليون دولار لنشره والبقية للمتابعة لمدة 3 سنوات، وهي حسابات أولية وحسابات أخذت بعين الاعتبار عددا معينا من مراكز للرصد، وخيارات معينة، حسب رأيي ليس باهظا ونحن ما شاء الله ملياران من المسلمين، فهو بخس جدا وهو نفسه له دخل مادي لأنه له تطبيقات أخرى متعددة ممكن استعمالها والاستفادة منها.
وحول المدى الزمني لاستعماله تابع العياري: سيأخذ وقتا لإنجاز باقي التعديلات لن تتجاوز السنتين، وبعد ذلك سيعطي النتائج المرجوة منه. نحن قمنا بالتجارب اللازمة وعرضناه حتى على عديد العلماء والفنيين، وعرضه أيضا على مهندسين، واجتمعنا كلنا حول دائرة مستديرة في مرسيليا ونجحنا والحمد لله بتأكيد جدواه وفاعليته.
ولمعرفة كيفية وصوله إلى وكالة الفضاء «ناسا» قال العياري: أنا صاحب بخت (ضاحكا) والتقى ذلك مع الطموح إذ فتح لي باب «الناسا» عندما تمت دعوتي لإصلاح عطب طرأ على تيليسكوب «هابل» حيث قمت بمهمتي بنجاح وانطلقت رحلتي مع الهندسة الفضائية والعمل بالناسا منذ سنة 1995. حيث ساهمت فيما بعد مساهمة فاعلة في إنجاز عربتي «سبيريت» و«أوبرتينتي» اللتين تتابعان منذ سنة 2004 عملية البحث في التاريخ الجيولوجي للمريخ.