فى عام 1965 ثورة إندونيسيا كانت ـ ثورة مسبوقة.. قبلها ثورات.. لكن إندونيسيا كانت محطة ما يأتي بعدها لا يشبه ما كان قبلها.
الاتحاد السوفيتي كان يشعر أن أمريكا تبتلع إيران ــ وتعيد الشاه ــ لأنها تريد النفط.
والصين تريد النفط
وفي جاكارتا راديوهات الترانسستور ــ الذي كان اكتشافًا جديدًا ــ كانت تصيح بالأغنيات من كل محلات السوق المزدحم
والمحطة الإذاعية الرئيسية تقطع برامجها فجأة لتذيع ــ أغنية اسمها الطائر الأزرق الجميل
لتصبح الأغنية هذه هي أشهر بيان رقم «1» في التاريخ.
الأغنية كانت هي الإشارة المتفق عليها بين خلايا الحزب الشيوعي الصيني هناك للانطلاق
والمذبحة انطلقت!!
وأحد أشهر وأبرع قادة الجيش هناك «عبد الحارث ناساتون» طفلته ذات الأعوام الثلاثة تنقذ إندونيسيا من الشيوعية
الطفلة كانت في منتصف الليل تصرخ من شيء في معدتها
والأب يذهب بها إلى المستشفى
وعند عودته ــ وبعيون القائد المتمرِّس ــ يلاحظ أن شيئًا ــ غير طبيعي ــ يجري حول منزله
وعبد الحارث يروغ
كان الانقلاب الشيوعي يبدأ باغتيال عدد من الشخصيات
وحين تعلم غرفة القيادة أن ناساتون قد أفلت يصرخ أحدهم صرخة أصبحت إندونيسيا كلها تردِّدها
الرجل صرخ
يا إلهي .. لقد أفلتوا ناساتون
كان يعلم ما يعني هذا
وبالفعل: عبد الحارث يقود المقاومة التي جعلت طلاب جامعة إندونيسيا يشنقون الشيوعيين من زملائهم على الأشجار
والصور تحملها مجلة التايم
لم يكن الفكر ــ لا الشيوعي ولا غيره ــ هو ما يقود المعركة
ما يقود كان هو الصراع على الطاقة
على النفط بالذات
كان هذا في آسيا التي انفجر نفطها مبكراً
والآن.. ومنذ عام 2004م وتقرير باتريك يأتي دور نفط إفريقيا
ودور السودان
ولما كانت المعركة هذه تدور سنة 1965 هناك كان صبي في الرابعة عشرة يلعب جناحًا أيسر لفريق في منطقة العشرة اسمه علي عثمان محمد طه..
وكان آخر في مثل عمره في حوش بانقا يعمل ــ عامل بناء ــ ويسقط يومًا ويكسر سنه ـ واسمه عمر حسن أحمد البشير
وكان صبي في مثل سنهم في منطقة «جقلي» في الجنوب اسمه جون قرنق و...
وفي كسلا كان شاب في الثلاثين يكمل دراسته في باريس اسمه حسن عبدالله الترابي
وكل شيء يستعد للإمساك بخناق كل شيء
وما يمد ذراعًا طويلة من إندونيسيا وحتى السودان كان هو
أن الصين التي تفقد أضخم حزب شيوعي «صيني» في آسيا عام 1965 بضربة الحزب الإندونيسي ــ وبمساعدة السوفيت ــ الصين ترد التحية
وتجعل موسكو تفقد أقوى حزب شيوعي في إفريقيا
الحزب الشيوعي السوداني بضربة هاشم العطا 1971م
لكن الصين لعلها لم تكن تعلم أنها تقدِّم السودان للمخطَّط البترولي الأمريكي
كان هذا أول السبعينيات..
ليضحك كل شيء حين تكون الصين هي من يدير بترول السودان الآن..