الجيش العربي الموحد .. حل بديع أم إضافة أزمة
وأنا أتأمل موقف الجيش المصري من الأحداث الأخيرة التي مرت بها مصر خطر لي أن هناك حلاً عبقرياً لمعظم المشاكل العربية إن لم نقل كلها , فالطريقة التي تعامل بها الجيش المصري مع االثورة المصرية تنم عن مدى الوعي والحكمة والرشد لدى قيادات وأركان الجيش المصري , وإحساسها بالمسئولية الوطنية والقومية التي تحتم عليها الظهور بأروع المواقف انطلاقاً من كون مصر تمثل مركز الثقل في العالم العربي ويتحتم على جيشها أن يكون أكثر عقلانية , وانحيازاً إلى جانب الشعب , لأن الشعب يبقى والأنظمة تزول , وكذلك موقف الجيش التونسي.
تدخل قوات درع الجزيرة لإنقاذ الوضع في البحرين , وموقف الجيش المصري من الثورة المصرية أعطيا إشارة إيجابية ومبشرة لإمكانية وجود حل بديع وشمولي لأكثر المشاكل العربية تعقيداً , وعندما نتأمل ملياً بشيء من الجدية والتعمق وبعد النظر في السطور التالية ربما خلصنا إلى أننا أمام أفضل الحلول وأعظمها فائدة وشمولية وأقلها كلفة .
الحل يتمثل في إنشاء مجلس عسكري عربي يضم قيادات مشتركة تمثل جميع قطاعات القوات العربية المسلحة , عدا الأمن الداخلي (وزارات الداخلية)ويتم اختيار أعضاء هذا المجلس عن طريق الانتخاب الحر والمباشر , يقترع فيه العسكريون فقط ,لاختيار اثنين وعشرين عضواً يمثلون اثنتين وعشرين دولة عربية , ويكون ترتيب القيادة فيه بحسب النتيجة الانتخابية , على أن تكون القرارات الصادرة عن هذا المجلس تتخذ إما بالإجماع أو بالأغلبية .
خصائص هذا المجلس :-
مهمة هذا المجلس حماية كافة التراب العربي من المحيط إلى الخليج واعتبار أي عدوان على جزء منه اعتداء عليه جميعاً
الاستقلال التام وعدم التأثر بأي قرار سياسي تتخذه الأنظمة السياسية للدول العربية تجاه بعضها , وأنه مهما اختلفت الحكومات فليس له أن يختلف.
الحيادية التامة في التعامل مع القضايا الداخلية للدول العربية , التي تتطلب تدخلاً من هذا المجلس
وحدة القرار العسكري العربي تجاه أي قضية داخلية أو خارجية
عدم التدخل في شئون السلطات المدنية إلا في حالات الضرورة القصوى , كفض النزاعات التي تعجز عنها الأجهزة الأمنية
يقوم هذا المجلس بدور رقابي وإشراف على الانتخابات السياسية وإقرار نتائجها
يتحكم هذا المجلس بكل القطاعات العسكرية للدول الأعضاء ويمتلك حق تحريكها من بلد إلى آخر
يقوم هذا المجلس بتعيين القادة الأكفاء لإدارة شئون القوات العربية المشتركة
يتولى هذا المجلس شأن تسليح قطاعاته العسكرية بالتصنيع أو بالشراء المباشر من الخارج
يتولى هذا المجلس حصرياً إبرام معاهدات واتفاقيات السلم والحرب
يتولى هذا المجلس وضع ميزانية خاصة به تمولها الدول الأعضاء كل دولة بحسب إماكاناتها
يتم رفد هذا المجلس بالمجندين من كافة الدول الأعضاء نسبة إلى عدد سكان كل دولة
مدة صلاحية هذا المجلس أربع سنوات تجرى بعدها انتخابات لاختيار مجلس جديد
فوائد هذا المجلس
سيكون لهذا المجلس العسكري منافع كثيرة وفوائد جمة من أهمها:-
منع الاستبداد السياسي والتفرد بالسلطة , وقمع الشعوب , ومصادرة حرياتها
إعطاء الحياة المدنية شكلها الطبيعي بعيداً عن الصراعات المسلحة التي تفتعلها الأنظمة , والإرهاب بمطرقة الجيش
إنهاء المشكلات الحدودية بين الدول الأعضاء , ولن يكون باستطاعة أي دولة أن تشن حرباً على دولة أخرى لعدم امتلاكها القرار العسكري
احتواء كل المظاهر المسلحة خارج نطاق الجيش العربي , من خلال دمج المجاميع المسلحة داخل هذا الجيش أو مصادرة أسلحتها وتحويلها إلى أحزاب سياسية , أو مجاميع مدنية , كحزب الله اللبناني والفصائل الفلسطينية والحوثيين والجماعات العراقية المسلحة والجماعات المسلحة السودانية وجبهة البوليساريو وغيرها , مما سيتيح للدول الأعضاء الاسترخاء الأمني والتفرغ للبناء والتنمية
الإشراف المباشر على العمليات الإنتخابية المدنية ومنع عمليات التزوير للوصول إلى السلطة بشكل غير قانوني
توفير الأمن للدول الأعضاء على حد سواء بحيث تتمتع أصغر دولة بالأمن والحماية بنفس القدر الذي تتمتع به أكبر دولة
قطع الأطماع الأجنبية ووقف التغلغلات الإيرانية داخل الصف العربي , سيما وقد اعترفت العديد من الدول العربية ببروز إيران كعدو مؤكد للعرب.
الاستغناء عن الوجود الأجنبي الذي وجد بزعم الحماية وإخلاء قواعده
استعادة هيبة العرب ومكانتهم التي يستحقونها , وإرغام القوى الأخرى على التعامل معهم كمنظومة واحدة لها ثقلها وتأثيرها على الساحة الدولية.
الأنظمة العربية الحاكمة ستظل قائمة لن تتأثر أبداً بأي قرار عسكري إلاّ تأثراً إيجابياً , وسيكون على الجيش العربي حمايتها من أي خارج عليها , إلا أن ترتكب جرماً في حق الوطن أو المواطن العربي فسيكون على الجيش العربي ردعها ومحاسبتها..
إن الشروع بخطوة كهذه أصبحت ضرورة ملحة لإصلاح الوضع العربي المتدهور سيما وأنها خطوة قليلة الكلفة وعظيمة الفائدة , خاصة في ظل المتغيرات الكبيرة التي تمر بها المنطقة العربية وتحتم على العرب التغيُّر إزاءها ومواجهتها بما يكافئها ..
أما عن مرجعية هذا المجلس فتتمثل في إنشاء محكمة عليا يناط بها مراقبة هذا المجلس والتفتيش عليه ومحاسبته ..
ورغم إيماني العميق وقناعتي الشديدة أنا وملايين العرب بجدوى هذا الحل وضرورة الإسراع في تنفيذه فإنا نعلم يقيناً أن مشروعاً كهذا سيواجه بالنفرة وربما السخرية من القلة التي لا يخدم هذا المشروع مصالحها وأطماعها , وإنا على يقين أيضاً من أنه لو طرح هذا المشروع للتصويت على مستوى الوطن العربي لحصل على التأييد بنسبة 99% كأقل تقدير, ولا ينقصه سوى قليل من الترويج الإعلامي ثم مبادرة شجاعة يتقدم بعض الزعماء ,والضغط باتجاه تحقيقها, وسيكون هذا المشروع أنجع من عشرات المبادرات التي قدمت لإصلاح الشأن العربي ولم تفلح , وقد جعلت العنوان باباً مشرعاً للنقاش والحوار مع من لديه شك في جدوى هذا الحل..