تبدأ المحكمة الجزئية في محافظة جدة، اليوم الثلاثاء، جلسات محاكمة 332 متهماً بالتسبب في كارثة السيول التي ضربت المحافظة أواخر عام 2008، وتلاحق المتهمين الذين ستكون البداية مع 4 منهم تهم عدة، تبدأ بالفساد الإداري والمالي مروراً بسوء استغلال السلطة وانتهاء بالتربح من الوظيفة، وستكون محاكمات الجميع علنية بحسب ما تم الإعلان عنه سابقاً.
وكانت هيئة التحقيق والادعاء العام بجدة أحالت قبل أسبوعين ملفات 8 متهمين في أسباب كارثة سيول جدة للمحكمتين العامة والجزئية، حيث استقبلت المحكمة العامة ملفات 4 متهمين فيما استقبلت المحكمة الجزئية ملفات 4 متهمين آخرين بحسب الاختصاص.
ووفقاً لمصادر في وزارة العدل، فمن بين المتهمين الأربعة الذين ستبدأ محاكمتهم اليوم متهم كان يعمل بمرتبة وكيل لأمين أمانة جده للمشاريع والتعمير بالتزامن، فيما تولى المتهم الثاني منصب مدير عام الطرق بأمانة جدة ورئيس لجنة الأمطار والسيول، أما المتهم الثالث فتولى منصب مدير إدارة الإشراف على مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول بأمانة جدة، وبالنسبة المتهم الرابع الذي تمت إحالة ملف قضيته للمحكمة الجزئية فهو رجل أعمال.
وستتم محاكمة المتهمين الأربعة في المحكمة الجزئية بجرائم إتلاف الممتلكات العامة والشوارع والتسبب في إزهاق الأرواح البشرية وتماديهم في الإفساد، وهي تهم تستوجب محاكمتهم في المحاكم المتخصصة بتطبيق العقوبات التعزيرية (المحكمة الجزئية) والتي تصل عقوباتها التعزيرية - بحسب مصادر قضائية - إلى الحكم بالقتل تعزيراً في حالة ثبوت الإدانة ضد المتهمين.
وسيتم في جلسة اليوم تسليم المتهم الأول المسؤول في أمانة جدة لائحة الاتهام الموجهة ضده، وستحدد المحكمة جلسة أخرى لكي يتمكن المتهم من الرد على هذه اللائحة، فيما سيلحق بالمتهم ثلاثة متهمين آخرين سلمت ملفاتهم إلى المكاتب القضائية 12 و19 و7.
وتمّت إعادة ملف المتهم الرابع لهيئة التحقيق والادعاء العام لاستكماله قبل إعادته مرة ثانية للمحكمة الجزئية على أن تفتتح بعض الجلسات القضائية بداية شهر شوال المقبل.
يرفضون الترافعمن جهة أخرى، رفض عدد من كبار المحامين في جدة قبول الترافع عن المتهمين؛ كونهم يرون أن إداناتهم شبة مؤكدة ولكبر الجرم الذي ارتكبوه، وكشف المستشار القانوني طارق الشامي لـ"العربية.نت" أنهم كمحامين رفضوا قبول مهمة الترافع عن كبار المتهمين.
وقال: "كثير من المتهمين لن يجدوا محامين يترافعون عنهم؛ لأننا كمحامين عزفنا عن قبول الترافع عنهم، خاصة من نعلم أنهم مدانون فعلاً.. وقد يقبل بعض المحامين الترافع عنهم لضمان محاكمة عادلة لهم فهذا أمر آخر"، ويتابع: "رفضنا الترافع عنهم لأن هناك إدانات قوية ولأن الأمر مسّ أقرباء لنا وأهلنا.. يكون هناك أبرياء بين المتهمين ولكن لم يأت للمكاتب الكبيرة سوى الهوامير".
وكشف الشامي عن أن جلسات الغد ستكون لإعلان التهم، مردفاً: "ستكون جلسات الغد جلسة استماع للتهم واستلام لوائح الاتهام.. وإمهال المتهمين لتقديم ردود مكتوبة".
ويضيف: "نتمنى فعلاً أن يحاكموا محاكمة عادلة وأن تثبت عليهم الإدانات بما يواكب الجرم الذي ارتبكوه وأن يأخذ كل ذي حق حقة وأن يكونوا عبرة لكل من يتبوأ كرسياً في هذه الدولة وأن يعطي كل ذي حق حقه".
ويقلل المستشار القانوني من كون المحاكمات علنية لأنه لن يسمح للناس العاديين حضورها.. ويقول: "المبدأ العام أن المحاكمة علنية ولكن لا يسمح للجمهور بالحضور وسيبعد القاضي من لا علاقة له بالجلسة.. مبدأ العلنية على الورق وغير معمول فيه حتى الآن.. ولكن ستكون علنية للإعلام فقط لينشروا ما يحدث في الجلسة مع أن مبدأ العلنية أن كل من يرغب في الحضور لمشاهدة الجلسة يمكنه الحضور".
332 متهماًوكشفت مصادر لـ"العربية نت" أن لجنة مكونة من هيئة الرقابة والتحقيق استكمال أعمال التحقيق وأرشفة القضايا والتهم التي تضمنتها محاضر الاستدلال المرفقة بملفات المتهمين في كارثة سيول جدة تمهيداً لإحالة جميع المتهمين والبالغ عددهم 332 متهماً للقضاء.
وتواجه اللجنة المتهمين بالأدلة والقرائن التي تضمنتها محاضر الاستدلال المرفقة بملفات قضاياهم.. وأوضحت المصادر أن توجيهات مشددة صدرت لأعضاء اللجنة بضرورة الالتزام بالسرية التامة حيال كافة القضايا والمرفقات التي تتضمنها محاضر الاستدلال، وكذلك أوراق الأدلة والبراهين التي تحتويها ملفات المتهمين.
ورفضت المصادر الحديث عن هل تم تسجيل اعترافات من عدمه، أو علم اللجنة بأسماء تم تبرئتها، مشيرة إلى أن أعمال اللجان ركزت على جوانب فحص الأدلة، وربطها بالقرائن تمهيداً لإحالتها للجهات القضائية.
وقالت إن محاضر الاستدلال الموثقة ضد 332 متهماً تتضمن قضايا متشعبة، تتطلب دقة الإجراءات التحقيقية، وفحص دقيق لمختلف جوانب الأدلة والقرائن المرفقة بالمحاضر، التي تثبت التهم، ما يتطلب مزيداً من الوقت لإنهاء إجراءات إعداد لوائح الادعاء ضد المتهمين.
وطالت إجراءات التحقيق قضايا تتعلق بالتستر والغش التجاري مع متهمين لا تربطهم علاقة مباشرة بكارثة السيول، وتم فرز أوراق هذه القضايا بصفة مستقلة تمهيداً لاستكمال إجراءاتها وفق أنواع التهم.