الحماية البالستية
لدبابــــات المعركـــة الرئيســـة
بشكل عام ، تتوفر الدروع الحديثة بشكلين متميزين ، هما دروع سلبية Passive Armour ، ودروع نشيطة Active Armour ، الدروع السلبية تصنع من تشكيلة متنوعة من المواد الغريبة ، وهي قاسية جداً ، حيث تقوم فكرة عملها على إمتصاص الضربات المتعددة . أما الدروع النشيطة ( وتعرف كذلك بالدروع الفعالة ، والدروع التفاعلية ، والدروع الذكية ، والدروع الكهربائية ... ) فتقوم فكرة عملها على التفاعل والإشتباك مع المقذوف قبل وصوله للدروع الرئيسة للهدف المدرع .
الدروع السلبيــة Passive Armour
يحرص المصممون عند هندسة وبناء دروع الدبابة الرئيسة على مواجهة نوعين من التهديدات المحتملة ، قذائف الطاقة الحركية ، وقذائف الطاقة الكيميائية . فمن ناحية تهديدات قذائف الطاقة الحركية ، فإن النوع الوحيد الذي لديه القدرة على إختراق قوس الدبابة الأمامي الثقيل ، هي القذائف المخترقة للدروع نابذة للكعب المثبته بزعانف APFSDS . حيث يُصنع خارق Penetrator هذا النوع من الذخائر من اليورانيوم المستنزف DepletedUranium ، أو كربيد التنغستن Tungsten Carbids ( سبيكة التنغستن هي الأحدث ) . وتستطيع الخوارق المصنوعة من هذه المواد ، عند سرعتها القصوى ( 1700 – 1750 م/ث ) إختراق الفولاذ التقليدي المصلب بسهولة شديدة " كما يخترق نصل السكين قالب الزبدة " حيث يعتمد هذا النوع من القذائف على عاملي السرعة ومتانة مادة الخارق في تحقيق عملية الإختراق . ويوفر هذان العاملان موجات إهتزاز صدمية Shock Wave تنتقل بالتأثير خلال التدريع ، مما يؤدي إلى نسف جزء من السطح الداخلي للتدريع ، فتتولد شظايا قاتلة تلحق أضرار شديدة بالطاقم والتجهيزات الداخلية . تتمثل فرصة التدريع الوحيدة لمواجهة خطر هذا النوع من الأسلحة ، في تمزيق أو تحطيم الخارق عند مرحلة الإرتطام .
إن تحقيق هذه النتيجة يتطلب تقييم ودراسة الفرضيات التطبيقية ، التي تفسر عملية " الإختراق المثالي للدروع " ويمكن القول في هذا المجال ، أن الإختراق المثالي للدروع يتحقق عندما يلتحم الخارق Penetrator مع سطح التدريع وتفوق سرعة بدء إختراقه للتدريع ، سرعة إنتشار الصوت في مادة الخارق . في هذه الحالة يتفاعل الخارق مع مادة التدريع فقط عند التلامس ، وهكذا لن تنتقل أي قوى تشويهية Deformetion Force لباقي أجزاء الخارق . حيث لا توجد أي موجات صدمية Shock Wave تستطيع أن تنتقل عبر الوسط المادي للخارق بسرعة أكبر من سرعة إنتشار الصوت في هذا الوسط .
تبلغ سرعة إنتشار الصوت في المعادن الثقيلة نجو 5000 م/ث ( كلما تقاربت جزيئات المادة كلما كانت سرعة إنتقال الصوت خلالها أعلى ) . وفي المقابل فإن سرعة المقذوفات الخارقة للدروع المثبتة بزعانف APFSDS تبلغ نحو 30% من القيمة المذكورة أعلاه ، لذلك فإن هذه القذائف لن تستطيع تحقيق الشروط المثالية لعملية إختراق سلس للتدريع .
إن النظريات التطبيقية الخاصة بقذائف التأثير الحركي ، هي مبهمة وغاية في التعقيد ، فنتيجة للفرضيات التي تحدثنا عنها في الأعلى ، فإن الخارق ( ونتيجة لسرعته الأقل من سرعة إنتشار الصوت في الوسط المادي للمقذوف ذاته ) يتعرض لتشويه تدميري أثناء عملية الإختراق ، ولذلك فإن نموذج الإختراق النظري يضحى غامضاً ومبهماً لكل النماذج الرياضية فيما يتعلق من تشويه وسحق وإندماج الخارق بالدرع . ولذلك لا يمكن إعطاء معيار ثابت لوصف المجريات الدقيقة لعمليات الخرق ونتائجه ، فالنتائج التدميرية التي سنحصل عليها ستكون مختلفة حسب الحالات التشويهية الواقعة على الخارق أثناء الإرتطام ( تمدد Elongation ، إنضغاط Compression ، شد وإنحناء Bending ) .
أما بالنسبة لقذائف الطاقة الكيميائية ، فإننا هنا نتحدث عن نظريات تطبيقية بسيطة وواضحة ولا تثير الجدل ، حيث أن سرعة إندفاع النفاث Jet – وحسب الشروط المثالية – هو أكثر بكثير من سرعة إنتشار الصوت في المادة التي تغلف وتحيط بالشحنة الجوفاء . ونحن هنا نتحدث عن نوعين من أنماط أسلحة الطاقة الكيميائية ، قذائف HEAT ( إختصار المتفجر عالي الطاقة ، المضاد للدبابة ) ، وقذائف HESH ( إختصار متفجر عالي الطاقة ذو الرأس المهروس ) .
النوع الأول يعتمد على توليد كمية من الضغط العالي HighPressure – وليس الحرارة كما هو مفهوم خطاء – على منطقة من الدرع لإختراقها ، حيث يساهم شكل الشحنة المصممة على شكل مخروط Cone Hollow Charge في توليد نفاث من المادة المصهورة ( مادة المخروط وعادة من النحاس ) يخترق الدرع بواسطة الضغط الشديد ، بسرعة تقارب 10000 م/ث .
يمكن مواجهة هذا النوع من الذخائر ، إما عن طريق تشتيت النفاث Dissipating وإضعافه على مسافة كافية من درع الدبابة ، وذلك عن طريق إضافة حواشي Skirt على مسافة نحو نصف متر من جسم التدريع ( كما فعلت ذلك الدبابات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية مع ملاحظة أن النفاث يمتلك مسافة حاسمة ومؤثرة Critical Spacing تبلغ أقل من مترين ، وبعدها يتشتت النفاث ويقل تأثيره بشكل كبير ) أو تكون المواجهه عن طريق إضافة دروع تفاعلية Reactive Armour ، والتي تقوم بعملية تمزيق Disrupting للنفاث قبل وصوله لدروع الدبابة . وتقوم القوى المتولدة عن إنفجار وحدات هذا النوع من التدريع ، بالإضافة إلى الصفيحة المعدنية ****l Plate بتمزيق تركيز النفاث وحرفه Deflect ، مما يجعله يفقد الكثير من طاقته وفاعليته الإختراقية .
الطريقة الثالثة لمواجهة هذا النوع من الذخائر ، تكون عن طريق إمتصاص طاقة النفاث وتشتيتها داخلياً ، وهذا ما تفعله الدروع المركبة Composite Armour ( كالبريطاني Chobham ) . وتكمن الفكرة الرئيسة هنا في المرحلة التي تلي عملية إختراق طبقة التصفيح – القشرة – الأولى للتدريع ، ومن ثم وصول النفاث Jet لطبقة السيراميك الداخلية Ceramic Layers ، مما يؤدي لتحول المادة الخزفية إلى مسحوق حبيبي Pulverized ( أشبه بالغبار الكثيف لحبيبات السيراميك ) . وتحت الضغط العالي HighPressure ، فإن هذا المسحوق يتحول إلى سائل Fluid يقوم بالتدفق والإندفاع بعنف اتجاه نفاث الشحنة الجوفاء ، مما يبطل ويحيد طاقته .
النوع الثاني من قذائف الطاقة الكيميائية ، هو المتفجر عالي الطاقة ذو الرأس المهروس HESH ، ويعمل هذا النوع من الذخائر على إلتصاقه وتسطحه على تدريع الدبابة ( مثل كتلة الطين Lump Clay ) ومن ثم يقوم صاعق بتفجير الشحنة ، مما يتسبب بإنتقال قوى التفجير والموجات الإهتزازية Shock Wave من خلال معدن الدرع للداخل . إن هذه الموجات تتسبب في تحطيم وفصل القشرة الداخلية للدرع ، وتوجيهها كشظايا قاتلة للطاقم والتجهيزات الداخلية .
وعلى العموم هذا النوع من الذخائر فقد أهميته وفاعليته بشكل كبير تجاه الدروع الحديثة المركبة ، والتي تعمل على إمتصاص الموجات الصدمية والتخفيف بشكل كبير من قدراتها ( إلا أن مفعوله أكيد تجاه الدروع المتجانسة ) .
__________________