خف الضجيج الخاص بالمواجهة العسكرية المحتملة، أو المفترضة، بين ايران والولايات المتحدة. وفي الأصل لم يكن هذا الضجيج مؤشرا على معركة محتومة.
لقد دار الكثير من الحديث حول قدرات ايران الهجومية وذراعها الصاروخية، التي سوف تستند اليها في أي منازلة مقبلة. بيد أن قليلا من الحديث تطرق الى الوجه الآخر من المعادلة، وهو قدرات الدفاع الجوي الايراني. وبعد الاجراءات التي اعتمدتها طهران على هذا الصعيد، والسؤال هو: هل أصبحت ايران بمنأى عن الصواريخ؟
قبل الاجابة نشير الى أن قدرا وافرا من المبالغة قد انتاب تناول الوضع الصاروخي الايراني. وكان لكل فريق أهدافه من سياسة التضخيم هذه، بيد أن النتيجة بقيت واحدة: تضخيم متزايد يتم استثماره يوميا.
ببساطة، فان الولايات المتحدة قادرة بواسطة أقمارها الصناعية على اكتشاف الصواريخ الايرانية لحظة انطلاقها. كما أن الرادارات الموجودة على قطعها الحربية في بحر العرب يمكنها هي الأخرى رصد هذه الصواريخ، فالبحرية الأميركية تعتمد ثلاثة مستويات من أنظمة الدفاع الجوي القادرة على تشخيص الصواريخ والاشتباك معها ضمن ارتفاعات مختلفة.
هذه الأنظمة هي: الصاروخ Standard Missile SM-2 للدفاع البعيد المدى، حيث يبلغ مداه الفعال حوالي 80 كلم، وقد أنتج منه نماذج من الفئة الأولى حتى الرابعة، والفئة الأكثر استخداما هي SM-2 Block III A. كما أنتجت منه الصاروخ فئة A4 الذي يستطيع الدفاع حتى مدى 150 كلم وارتفاع 50 كلم، فهو يؤمن الدفاع ضد الصواريخ الباليستية في أعالي الغلاف الجوي، واعتمد بعد التخلي عن انتاج الصاروخ SM-3 الذي خطط له أن يدمر الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي. وللمدى المتوسط تعتمد الولايات المتحدة الصاروخ ESSM انتاج شركة Raytheon الذي يبلغ مداه الفعال 50 كلم وسرعته 3 ماك، ويطلق من قواذف عمودية VLS وهو عالي المناورة. وللمدى القريب تعتمد الصاروخRAM انتاج شركة Raytheon لمدى 9 كلم وهو فعال ضد الطائرات والصواريخ الجوالة، وتستعمل أيضا المدفع Phalanx MK 15 السداسي السبطانات، عيار 20 ملم الذي يرمي بغزارة 3 آلاف طلقة بالدقيقة وفعال حتى 1.5 كلم. فالسفن الأميركية اجمالا مزودة بأنظمة دفاع جوي للمديين القريب والمتوسط، والسفن الكبرى منها مزودة بثلاثة مستويات من أنظمة الدفاع الجوي اذا أضفنا الدفاع الجوي للمدى البعيد.
بموازاة ذلك، تبدو القدرة الصاروخية الهجومية لأميركا قوية وفائقة، وهي قادرة على أن تطال أي بقعة في ايران، ليس عبر اطلاقها من بحر العرب وحسب، بل كذلك من قاعدة ديغوغارسيا في المحيط الهندي، ومن القواعد الأميركية في جنوب شرق أوروبا. والأكثر من ذلك، أن الادارة الأميركية تسعى حاليا لوضع رؤوس تقليدية على الصواريخ الباليستية الاستراتيجية من طراز Trident التي تطلق من البحر. بيد أن خطوة كهذه مازالت تواجه معارضة من قبل الكونغرس، الذي رفض تخصيص أي مبالغ لها في موازنة الدفاع لعام 2008 ، وأقدم الكونغرس على هذه الخطوة على الرغم من طلب وزير الدفاع روبرت غيتس شخصيا 'عدم مس" هذا البرنامج، لأنه مهم لتنفيذ مشروع 'الضربة العالمية السريعة" Prompt Global Strike. كذلك، أقرت واشنطن، ضمن عقيدتها العسكرية، في السنوات الأخيرة امكانية استعمال السلاح النووي التكتيكي. ويملك الأميركيون حاليا بين 150 - 200 قطعة سلاح نووي تكتيكي في أوروبا، معظمها قنابل جوية.
كذلك، ليس ثمة مجال للواقعية في الدخول في مقارنة بين القدرات الجوية الضاربة لكل من ايران والولايات المتحدة. وتقتضي الأمانة الاشارة الى أن ايران تمتلك بعضا من المقاتلات ذات القدرة على التأثير في مسار أي معركة جوية محتملة، مثل المقاتلة MiG-29 وSu-24. وقد قضى الاتفاق الروسي الايراني الذي بدأ العمل به في مطلع عام 2007 بتحديث هذه المقاتلات، السوفيتية الصنع.
وخلال اجراء تحديث القاذفات من طراز Su-24 ومقاتلاتMiG-29 سيكون توسيع قدراتها القتالية ممكنا عن طريق اكسابها خواص تعددية الوظائف وامكانية اصابة الأهداف الأرضية والجوية. ويتمثل العامل الأكثر أهمية في الطيران المعاصر في امكانية مهاجمة الأهداف البحرية بشكل سريع وفعال مع الابتعاد عن أماكن مرابطة الطائرات.
وقد يشمل تحسين مقاتلات MiG-29 بصفة أساسية تحديث راداراتها. ويعد أحدث رادار في هذه الطائرات هو A B I-16، المستخدم في المقاتلة MiG-31 الذي يعمل بتكنولوجيا المسح الالكتروني السلبي.