كشفت مؤسسة حقوقية ليبية عن تحديد موقع مقبرة ضحايا مجزرة سجن بوسليم التي ارتكبها نظام العقيد معمر القذافي عام 1996 وراح ضحيتها قرابة 1200 معتقل، وهي المجزرة التي كانت من بين أبرز القضايا التي تسببت في انطلاق الثورة الليبية في 17 فبراير/ شباط الماضي.
رئيس مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان في ليبيا خالد العقيلي قال إن المؤسسة توصلت إلى موقع المقبرة بمساعدة حراس سابقين للسجن وشهود عيان، وتحدث عن إجراءات قانونية ستتخذ للاستعانة بخبراء ومنظمات دولية لحظة استخراج جثث الضحايا الذي قال إنه سيجري خلال الأيام القادمة.
وتقول روايات إن قوات خاصة تابعة لنظام القذافي داهمت يوم 29 يونيو/ حزيران عام 1996 سجن بوسليم الواقع في ضواحي العاصمة طرابلس وقامت بإطلاق النار على السجناء وأغلبهم من ذوي التوجهات الإسلامية بدعوى تمردهم داخل السجن بعد تنظيمهم اعتصاما مفتوحا طالبوا خلاله بتحسين ظروف الاعتقال. وتشير تلك الروايات إلى أن تلك القوات قامت بدفن الجثث في باحة السجن، وكذلك في مقابر جماعية متفرقة في ضواحي العاصمة طرابلس.
وقد ظل نظام القذافي يتكتم على هذه الجريمة البشعة وينكر حدوثها حتى عام 2008 عندما قال سيف الإسلام نجل العقيد القذافي إن مسؤولي الشرطة وسجن بوسليم سيقدمون للمحاكمة بسبب تلك الحادثة.
شرارة الثورة
ومن يونيو/ حزيران عام 2008 وحتى فبراير/ شباط 2011 صعّد أهالي الضحايا حركاتهم الاحتجاجية أمام محكمة بشمال بنغازي وشوارع المدينة لمطالبة نظام القذافي بالكشف عن مصير جميع المعتقلين وفتح تحقيق في هذا الملف.
وكان الأهالي يخرجون كل يوم سبت للاحتجاج الذي بدأ بالمطالبة بكشف الحقيقة وتحول بعد ذلك إلى مطالب سياسية، بحسب محامي الدفاع عن الأهالي في مجزرة سجن بوسليم وعضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي حاليا فتحي تربل.
ويقول تربل للجزيرة نت إنه تعرض لضغوط كبيرة من نظام القذافي وتم اعتقاله واقتحم بيته ليلا وتمت مضايقته هو وأسرته، كما تعرض لمحاولة اغتيال في 17 أبريل/ نيسان عام 2010 عندما اندس ضابط أمن ليبي وسط مظاهرة في أحد شوارع بنغازي وضربه بساطور على رأسه ونقل على إثره ذلك إلى المستشفى.
وأشار تربل إلى أن الأهالي قبضوا على المهاجم وسلموه لمركز الشرطة، لكنه أخرج بعد ذلك في حين تم احتجازه هو ولم يُطلق سراحه إلا بعد ضغط كبير من الأهالي على السلطات.
وفي 15 فبراير/ شباط عام 2011، قامت قوات الأمن باحتجاز تربل والمدوّن الناشط على موقع الفيسبوك فرج الشراني، فكان هذا الاعتقال بمثابة الشرارة التي ألهبت الثورة.
ويكشف تربل أنه نقل لمقابلة رئيس جهاز المخابرات الليبي آنذاك عبد الله السنوسي الذي ساومه بقبول تسوية مالية مقابل "طمس الجريمة" والتوقف عن مقاضاة أجهزة الدولة، لكنه رفض هذا العرض.
ويشير تربل إلى أن السلطات أطلقت سراحه فجر اليوم التالي بعد خروج مظاهرات في بنغازي تندد باعتقاله، ثم انطلقت مظاهرات في أماكن أخرى في ليبيا والتحمت الجموع في 17 فبراير/ شباط 2011 وهو موعد انطلاق الاحتجاجات الليبية الكبرى التي توجت بالإطاحة بنظام القذافي.
وعن الخطوات اللاحقة بعد اكتشاف مقبرة ضحايا مجزرة بوسليم، أكد تربل أنه سيتم تجميع كل الأدلة ومقابلة شهود العيان على الحادثة والاستماع إلى رواياتهم عن تفاصيل الجريمة، تمهيدا لتقديم القذافي والسنوسي للمحاكمة فور إلقاء القبض عليهما.
كما تحدث تربل عن مطالب أخرى من بينها تعويضات مادية لأهالي الضحايا وتعويضات معنوية من الدولة لإقامة نصب تذكاري لتخليد ذكرى ضحايا المجزرة.
المصدر: الجزيرة