القناة لها مخاطر أمنية واستراتيجية وبيئية كبيرة على مصر والأردن والسعودية فهى أكبر من مجرد قناة وإنما مشروع استراتيجى كبير وسيدمر بيئة البحر الأحمر
http://www.midadulqalam.info/midad/modules.php?name=News&file=article&sid=546
حقيقة الأهداف الإسرائيلية في قناة البحر الميت.. بقلم اللواء حسام سويلم
مخاطر تنفيذ المشروع اقتصاديا وأمنيا
مع تجدد الحديث مؤخرا عن مشروع قناة البحرين في إسرائيل، والتي تربط
البحر الأحمر بالبحر الميت، وذلك عقب موافقة البنك الدولي على تمويل هذا
المشروع، وما أعلنه وزير المواصلات الإسرائيلي في فبراير الماضي عن اتفاق
مع الأردن على مشروع مشترك لإنشاء خط سكة حديد يمتد من إسرائيل إلى العراق
ودول الخليج عبر الأردن.. مع تجدد الحديث حول هذا المشروع تبرز عدة
تهديدات أمنية واقتصادية تضر بالأمن العربي على مستوييه القومي والقطري،
ينبغي التنبيه لمخاطرها والتحسب جيدا لمواجهتها مبكراً.
نبوءة هرتزل وتطورها(1) لا يدرك الكثيرون أن هذا المشروع كان أحد أحلام -أو نبوآت- الزعيم
الصهيوني تيودور هرتزل التي طرحها، وإن كان بشكل مختلف، في كتابه "الأرض
الموعودة" ونشره عام 1902، حين تحدث عن قناة لوصل البحر المتوسط (من
هاديرا) بالبحر الميت، حين قال: فعلا سيكون هذا مشهدا رائعا رائعاً
للغاية، مع انسياب المياه بوفرة إلى أسفل على التروس البرونزية العملاقة
للتوربينات التي تتحرك بسرعة فائقة وصاخبة ومنها تخرج قوة الطبيعة الهمجية
التي تم وقفها والسيطرة عليها لتنقل إلى مولدات التيار الكهربائي، ومن
ثَمّ وبسرعة إلى الأسلاك الممدودة في كل أنحاء البلاد، البلاد
الجديدة-العتيقة التي أحيتها هذه القوة وغمرتها حتى أضحت حديقة كبيرة
ووطناً لهؤلاء الناس الذين كانوا من قبل فقراء وضعفاء ويائسين ومنبوذين"
(آرئيل شنيال معاريف 51/3/2004) وبعد ذلك بسنوات وضع عدد من المهندسين
البريطانيين والألمان مشروعات لمد نفس القناة من البحر المتوسط إلى البحر
الميت ولكن بغرض توليد الكهرباء، كما نوقش في المؤتمرات الصهيونية التي
عقدت بعد ذلك.
وفي الخمسينيات من القرن الماضي، وبعد قيام إسرائيل
عام 1948، قام د. والتر لودرميلك -الخبير في التربة ويطلق اسمه حاليا على
كلية الهندسة الزراعية في معهد التخنيون الإسرائيلي- بتقديم اقتراح لإنشاء
مسار ثان مختلف على البحر المتوسط يصل ما بين حيفا والبحر الميت.
وفي
عام 1977 قامت الحكومة الإسرائيلية بتشكيل لجنة تخطيط لدراسة ثلاثة
اقتراحات لربط بين البحرين الميت والمتوسط، وعرض آخر بربط البحر الأحمر
بالبحر الميت عند إيلات، وكانت النتيجة النهائية لتوصيات هذه اللجنة
التأكيد على أفضلية مشروع توصيل البحر الميت بغزة، باعتبارها الأكثر جدوى
اقتصاديا أما اقتراح توصيل البحر الميت بإيلات فقد اعتبرته اللجنة هو
الأسوأ والأقل من حيث الجدوى الاقتصادية. وينبغي أن نضع في الاعتبار أن
غزة في هذه الفترة من السبعينيات كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ حرب
1967.
وفي الثمانينيات وعن طريق البنك الدولي قامت شركة "هارزا"
للهندسة -وهي شركة أمريكية مقرها في شيكاغو- بعمل دراسة للمشروع كان يتوقف
من حين لآخر، حتى عام 1996، وهو تاريخ آخر دراسة أجرتها هذه الشركة
لمشاريع كان معظمها يهدف إلى توليد الطاقة لإسرائيل. لكن في دراسة عام
1996 تم تغيير جوهر المشروع وهدفه، حيث استبدل بقناة ربط البحر الميت
بالبحر المتوسط، قناة أخرى تربط البحر الميت بالبحر الأحمر، كما تم تغيير
الهدف من المشروع ليتحول إلى استهداف تحلية مياه البحر بواسطة الطاقة
الكهربائية المنتجة من المشروع. ويرتبط هذا التغيير الحاد في جوهر المشروع
وهدفه باتفاقية السلام التي وقعت آنذاك بين الأردن وإسرائيل، والتي يوصي
بذلك البند العشرون منها -ولاسيما أنّه قد شجعت عليه أيضاً خطة عمل
كوبنهاجن التي تضمنت 35 مشروعا كان أكبرها مشروع "خطة تطوير وادي الأردن"،
من خلال اللجنة الاقتصادية الثلاثية والتي تضم الولايات المتحدة والأردن
وإسرائيل وذلك في عام 1993، وفي عام 1994 أقرت المجموعة الخامسة
–والمسماة- مجموعة العمل الإقليمية للتنمية الاقتصادية في اجتماعها
بالرباط هذا المشروع. ثم أعلن رسميا إحياء هذا المشروع في القمة العالمية
للتنمية المستديمة التي عقدت في جنوب أفريقيا في عام 2002.
وفي جلسات
مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في الأردن في عام 2003 وفي مايو
(أيار) 2005 عقدت عدة اجتماعات ضمت وزير البيئة التحتية الإسرائيلي يوسف
بارتيسكي، ود. أفيشي بريمرمان رئيس جامعة بن جوريون بالنقب، ووزير الري
الأردني، وقد استهدفت الاجتماعات مناقشة ثلاث نقاط رئيسية هي:
أولا: هل المشروع ممكن تنفيذه من الناحية التقنية.
ثانيا: ما التكلفة المالية للمشروع؟
ثالثا: ما الجوانب السلبية للمشروع.
وبالطبع
لم يكن الجانب الإسرائيلي بحاجة إلى هذه الدراسات، فقد أجرى دراسات كثيرة
معمقة حول المشروع طوال السنوات الماضية، ولكنه كان بحاجة إلى تسويق
الفكرة القديمة، خاصة بعد أن روّج لها شيمون بيريز نائب رئيس وزراء
إسرائيل في كتابه المعروف "شرق أوسط جديد"، حين تحدث عن مجالات التطبيع في
العلاقات بين إسرائيل والدول العربية في إطار توقيع اتفاقيات سلام معها.
فكرة المشروع وأهدافه من وجهة النظر الإسرائيلية يعتبر البحر الميت -من اسمه- بحيرة لا قيمة لها، تشكل جزءا من الحدود
بين إسرائيل والأردن، شديدة الملوحة، إذ تبلغ نسبة الملوحة بها تسعة أضعاف
ملوحة المحيط، ولذلك تنعدم فيها وحولها مظاهر الحياة. وتتزايد الملوحة بها
باستمرار رغم أن نهر الأردن يصب بها بعض مياهه العذبة، وكذلك جداول مائية
أخرى. ويمتد البحر الميت بطول حوالي 85 كم فاصلا الأردن عن إسرائيل،
وبعرض1،8 كم في المتوسط. كما يقع مستواه تحت سطح البحر بحوالي 993 مترا،
ولذلك يعتبر أكثر الأماكن انخفاضا في العالم.
وتتحكم الحقائق العلمية
والجغرافية في هذا المشروع، فوادي عربة ارتفاعه يتراوح بين 100 و200 متر
عن سطح البحر ولذا فإن أي مشروع يستلزم أن يتم حفر قناة تسير من إيلات على
خط الحدود الإسرائيلي-الأردني بطول عشرة كيلو مترات ثم ترتفع المياه
بواسطة طلمبات عملاقة إلى أعلى لتتحور في مواسير أو أنفاق داخل الجبال، من
خلال ترعة صناعية، وذلك بطول إجمالي للقناة التي ستربط البحرين الأحمر
والميت يبلغ 320 كم، وعبر هذه القناة سيتدفق 2 مليار متر مكعب بشدة من
مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت شديد الانخفاض، أو قد تنفذ خطة
إسرائيلية أخرى تقترح أن يمدّ المشروع داخل أراضيها، ثم تمر المياه عبر
طلمبات إلى الجانب الأردني حتى تصل إلى البحر الميت.
وتسعى إسرائيل
إلى الإسراع في بدء تنفيذ هذا المشروع لخدمة عدة أهداف، منها ما هو معلن
ومنها ما هو خفي، أما المعلن منها فيتمثل في الآتي:
1- إنقاذ البحر
الميت من الجفاف بعد أن جفت مصادر المياه العذبة التي كانت تصب فيه، حيث
حولت إسرائيل 29 في المائة من المياه التي كانت تذهب من الأنهار إلى البحر
الميت لصالح استخداماتها الزراعية، خاصة نهر الأردن، وبحيث يعود منسوب
المياه الذي كان عليه بداية القرن في غضون 20 عاما من بدء تشغيل المشروع.
2-
أن تضمن إسرائيل صناعة تحلية المياه ووجود عميل دائم يعتمد عليها في
الحصول على احتياجاته من مياه البحر المحلاة. ففي المخطط الإسرائيلي أن
تقنع إسرائيل كلا من الاردن والسلطة الفلسطينية بإنشاء مصانع تحلية مياه
تعتمد على الخبرة الإسرائيلية -وهي محدودة- في هذا المجال لتنفيذ هذا
المشروع باهظ التكاليف، وبالتالي يقوم الطرفان الأردني والفلسطيني بتسديد
قروض المشروع لأجل غير مسمي.
3- استغلال فارق الارتفاع بين البحرين
في توليد الكهرباء وزيادة قدرة إسرائيل على إنتاجها بحوالي 25 في المائة،
مع توفير كمية من المياه المحلاة تساوي 57 في المائة من استهلاك المياه في
إسرائيل من خلال منشآت تحلية المياه التي سيتم إنشاؤها على امتداد القناة.
أما الأهداف غير المعلنة لهذا المشروع فتتمثل في الآتي(3)
1- أن
تحصل إسرائيل مجانا بموجب هذا المشروع على مياه لتبريد مفاعلاتها النووية
الجديدة التي تنوي إقامتها في النقب، حيث تنوي إسرائيل إقامة مفاعل في هذه
المنطقة بعد أن بلغ مفاعل ديمونة سن "الشيخوخة" وتعدّى العمر الافتراضي
(20 سنة) ليصل إلى 34 سنة. فقد بدأ تشغيله في عام 1963، وحدثت به تشققات
وتسرب إشعاعي أصاب أكثر من 120 عاملا في المفاعل بأمراض سرطانية، وأعلنت
القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي أنهم رفعوا دعاوى قضائية ضد
حكومة إسرائيل مطالبين بتعويضات.
2- السيطرة على مزيد من مياه أنهار
الأردن واليرموك ومياه الضفة الغربية العذبة، بينما تزود الأردن
والفلسطينيين بمياه بحر محلاة، وذلك عبر خمس محطات تحلية مياه، توجد
دراسات لبنائها، ثلاث منها داخل إسرائيل، وواحدة في شمال الأردن، وواحدة
في غزة، وهذا سيوفر لإسرائيل المياه العذبة التي تحتاجها لإقامة مجتمعات
عمرانية جديدة تجذب 1-2 مليون مهاجر جدد، وتساعد على إعادة توزيع السكان
المكدسين في المنطقة الساحلية ووسط إسرائيل، وبما يقلل المخاطر الأمنية
التي قد يتعرضون لها من قصف الصواريخ العربية والإيرانية، هذا إلى جانب
مشاريع زراعية وصناعية، يتم تصدير إنتاجها إلى الخارج بدءا بالدول العربية
المجاورة في إطار عمليات التطبيع المستمرة في العلاقات.
3- خلق
صناعات إسرائيلية جديدة كصناعة تحلية المياه وضمان عميل دائم يعتمد على
إسرائيل في استمرارها ويشتري قطع الغيار وغيرها، حيث ستبيع للأردنيين
والفلسطينيين المياه المحلاة بنسبة الثلثين إلى الأردن والثلث للفلسطينيين
بسعر دولار و30 سنتا، بينما تبلغ تكلفة ما تحصل عليه إسرائيل من مياه
تحلية 52 سنتا للمتر المكعب، لذا تتعجل إسرائيل في تعليم متخصصين، وتتبني
شركات لها أسماء كبيرة (عائلة برونجمان) استعدادا لتلك الخطوة من خلال
مشروع تحلية المياه في عسقلون، على الرغم من ان إسرائيل ليس لها تاريخ
يذكر في هذا المجال.
أسئلة معلقة تكشف حقيقة الأهداف الإسرائيلية رغم الواجهة البراقة لهذا المشروع فإن تجاهل إسرائيل حقائق علمية واضحة
تطلق علامات استفهام كبيرة حول تمسكها بمشروع نقل مياه البحر الأحمر إلى
البحر الميت، بدلا من نقل مياه البحر المتوسط إليه، حيث تؤكد هذه الحقائق
العلمية أن نقل مياه البحر المتوسط أكثر جدوى وأوفر اقتصاديا، وتتمثل هذه
الحقائق في الآتي:
1- إن متوسط درجة الملوحة في البحر المتوسط 25
جراما في اللتر، بينما تبلغ ملوحة مياه البحر الأحمر 42 جراما في اللتر
-أي أن ملوحة البحر الأحمر تزيد 72 في المائة على ملوحة البحر المتوسط،
فلماذا تصر إسرائيل على تحلية المياه الأكثر ملوحة إذا كان الهدف هو تخفيض
درجة ملوحة البحر الميت؟!
2- أما ما تزعمه إسرائيل عن إنقاذ البحر
الميت ليكون مصدرا للسياحة فإن الخبراء ينفون ذلك لأنه في حالة نقل مياه
البحر الأحمر الأكثر ملوحة إليه سيتحول لون مياه البحر الميت إلى اللون
الأبيض ثم الأحمر الدامي نتيجة تفاعل بكتيريا الحديد، وهو ما ينفي الحديث
عن تشجيع السياحة، خصوصا أن منطقة البحر الميت شديدة القسوة والحرارة
المرتفعة معظم شهور السنة، ولا توجد أحياء مائية تذكر في البحر الميت.
3-
إن حفر قناة من أشدود على البحر المتوسط إلى البحر الميت لن يزيد طولها
على 80 كم وسيكون الحفر سهلا في أراضي مستوية تمر بالقرب من مدينتي بيت
جبرين والخليل. هذا في حين أن حفر قناة من إيلات على البحر الأحمر وعبر
وادي عربة إلى مدينة سدوم على البحر الميت ستكون مسافتها 320 كم وعبر أرض
بها صخور نارية يصل ارتفاعها في بعض المناطق إلى أكثر من 200 متر، وهو ما
سيزيد تكاليف شق القناة إلى أكثر من 50 مليار دولار، لذلك فإن تسديد
قروضها لن يكفيه عائدها بالكامل لعشرات السنين، فلماذا إذن تصر إسرائيل
على شق قناة من البحر الأحمر إلى البحر الميت بطول 320 كم وعبر أراض صعبة
وبتكلفة أعلى، في حين ترفض شق قناة من البحر المتوسط إلى البحر الميت بطول
80 كم وعبر أراض سهلة وبتكلفة أقل!
ارتباط قناة البحرين بمشروعات استراتيجية إسرائيلية أخرى(4) إن إصرار إسرائيل على تنفيذ مشروع شق القناة من البحر الأحمر إلى البحر
الميت رغم الصعوبات السابق ذكرها مقارنة بشق القناة من البحر المتوسط إلى
الميت، يؤكد نظرية المؤامرة في هذا المشروع، كما يؤكد أيضاً صحة الأهداف
الإسرائيلية غير المعلنة للمشروع والسابق الإشارة إليها، خاصة أن هذا
المشروع بوضعه الحالي يرتبط بمشروعات استراتيجية إسرائيلية أخرى تتمثل في
الآتي:
1- ما أعلنه وزير المواصلات الإسرائيلية في فبراير 2007 على
الاتفاق مع الأردن على مشروع لإنشاء خط سكة حديد يمتد من إسرائيل إلى
العراق ودول الخليج، وإنشاء منظومة للنقل الإقليمي يكون محورها الأساسي
إسرائيل، ويستهدف هذا المشروع تحويل مينائي حيفا وأشدود ليكونا بوابة
للشرق على حد قول الوزير الإسرائيلي، وذلك من خلال برنامج طموح بدأ بالفعل
لتوسيع البنية التحتية للمينائين. ويقتضي المشروع إنشاء خط سكة حديد أكثر
تطويرا بين حيفا وعفولة وبيسان، ثم يُربط هذا الخط بخط السكة الحديد
الأردني في منطقة معبر الشيخ حسن، ومن هناك إلى العراق ثم من العراق إلى
دول الخليج العربية من خلال إحياء بعض أجزاء من خط سكة حديد الحجاز
القديم. والهدف واضح وهو نقل البضائع الواردة من مختلف دول العالم في شمال
البحر المتوسط إلى تلك المنطقة من موانئ إسرائيل على البحر المتوسط إلى
العراق ودول الخليج عبر الأردن، وهو ما يوفر حسب دراسات المشروع آلاف
الكيلو مترات من طريق مرور هذه البضائع عبر قناة السويس والدوران عبر شبه
الجزيرة العربية ويكون أقل تكلفة مادية، وقد جاء تجاوب الأردن مع المخطط
الإسرائيلي المذكور ارتباطا بما يمكن أن يضخه المشروع من عائدات ومزايا
مادية يحتاجها الاقتصاد والأردن بصورة كبيرة. وغني عن القول ما يحمله هذا
المشروع من مخاطر على عائدات قناة السويس وبالتالي الاقتصاد المصري.
2-
مشروع إسرائيلي آخر لنقل بترول غرب سيبيريا الروسي عبر إسرائيل إلى شرق
آسيا، وذلك باستخدام خط تيب لاين الإسرائيلي القديم (وكانوا قد سموه بهذا
الاسم تحديا لخط الأنابيب السعودي القديم إلى لبنان وكان يسمي تاب لاين)
وهو مشروع يشكل تنافسا حادا لقناة السويس التي تمر ناقلات النفط العملاقة
عبرها من مصادر إنتاجها في الدول المصدرة للنفط إلى الدول المستهلكة له،
وبالتالي يطرح تحديات جديدة أمام الاقتصاد المصري.
مخاطر أمنية وبيئية على مصر 1- مما لا شك فيه أن شق قناة مائية تربط البحر الأحمر بالبحر الميت،
وتوليد الكهرباء منها وما يستتبع ذلك من إقامة مجتمعات عمرانية، وجذب مزيد
من المهاجرين والسكان في منطقة النقب سيزيد من قدرات إسرائيل
الجيوبوليتيكية ومعالجة عناصر الضعف التي تعاني منها بالنسبة لقلة السكان
ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة والصناعة والعمران، خصوصا أنه من المخطط
أن تستوعب إسرائيل حوالي مليون مهاجر إضافيين حتى عام 2150. وما يستتبع
ذلك بالضرورة من بناء هياكل عسكرية إضافية للدفاع عن هذه المجتمعات
العمرانية الجديدة.
2- إن أقامة مفاعلين نوويين إضافيين في منطقة
النقب يتم تبريدهما بمياه القناة المقترحة، سيؤدي إلى مضاعفة حجم الوقود
النووي الذي تحصل عليه إسرائيل عدة مرات، سواء كان يورانيوم 235 مخصب
بنسبة تزيد على 90 في المائة أو بلوتونيوم 239. فإذا كان مفاعل ديمونة
الحالي بعد أن زادت طاقته من 62 ميجاوات إلى 70 ميجاوات ثم بعد ذلك إلى
150 ميجاوات ينتج حاليا 45 كيلو جراما بلوتونيوم سنويا، فلنا أن نتصور حجم
ما يمكن أن ينتجه مفاعلان نوويان يعمل كل منهما بطاقة 1000 ميجاوات في
المستقبل، وإذا كان السلاح النووي الواحد ذو قدرة 20 كيلو طن يحتاج إلى
6-8 كيلو جرامات بلوتونيوم 239، أو 25 كيلو جراما يورانيوم 235 مخصبا
بنسبة 90 في المائة فأعلى، فان إسرائيل في حالة بنائها المفاعلين النوويين
الجديدين في النقب سيكون لديها من الوقود النووي الصالح لبناء أسلحة نووية
ما يمكّنها من بناء مئات من القنابل ورؤوس الصواريخ النووية، ناهيك عما
سيترتب على ذلك من زيادة حجم النفايات النووية الناتجة عن هذه المفاعلات،
والتي ستزيد من تلوّث البيئة في منطقة البحر الأحمر كلها، حيث تقوم
إسرائيل بدفنها في النقب ومنطقة جبال الخليل.
3- لا يمكن استبعاد
استكمال المرحلة الأولى من المشروع -وهي قناة تربط البحر الأحمر بالميت-
بمرحلة ثانية للمشروع توصل البحر الميت بالبحر المتوسط، وبما يشكل منافسة
خطيرة لقناة السويس التي تعتبر أحد الموارد الرئيسية للعملة الحرة بالنسبة
للاقتصاد المصري، وسوف تمكن التقنيات الحديثة في مجال حفر القنوات في
الأراضي الصعبة وتعميق مجرىً ملاحي في البحر الميت من التغلب على الصعوبات
التي سيواجهها مثل هذا المشروع، وبما يسلب مصر أحد مصادر قوتها
الاقتصادية. إن اعتماد الأردن والفلسطينيين على مياه تحلية مياه البحر
التي تبيعها لهما إسرائيل بأسعار مرتفعة، سيجعل إسرائيل تضع يدها على مصدر
رئيسي للحياة وهي المياه العذبة الصالحة للشرب والزراعة، وبتحكم إسرائيل
في هذا المصدر الحيوي للحياة، سوف تشكل عامل ضغط شديد على الشعبين الأردني
والفلسطيني.
4- لا شك أن تدفق حوالي 2 مليار متر مكعب سنويا من مياه
البحر الأحمر إلى البحر الميت سيحدث تأثيرات بالغة الخطورة على كنوز
وثروات البحر الأحمر في المنطقة المصرية، حيث مناطق الشعب المرجانية
وحدائقها التي لا تقدر بثمن، والأسماك الملونة النادرة التي ازدهر بها
جنوب سيناء سياحيا. إذ ستتغير الخصائص البيئية للبحر الأحمر وتياراته
المائية، فمن المعروف أن أي تغيير في خصائص مياه البحار والأنهار يحدث
تغييرا في حياة الأحياء المائية الموجودة به، مما سيحدث تدميرا للشواطئ
والأحياء المائية والشعب المرجانية التي تعيش في بيئة البحر الأحمر منذ
آلاف السنين.
5- ولما كان من المعروف أن القشرة الأرضية في منطقة
البحر الأحمر بشكل عام غير متماسكة ورقيقة، الأمر الذي عرضها في الماضي
لعدد من الزلازل والهزات الأرضية الخطيرة. لذلك فإن نقل 2 مليار متر مكعب
من مياه البحر الأحمر سنويا إلى البحر عبر القناة المقترحة، وإسقاطها من
ارتفاع يزيد على 200 متر سيزيد من اضطراب القشرة الأرضية وتشققها وحدوث
مزيد من الزلازل والهزات الأرضية التي ستتأثر بها جميع بلدان المنطقة كما
حدث في الماضي.