منذ عدة سنوات سعدت بزيارة احد المواقع الهامة في التاريخ
العسكري المصري برفقة عدد من المحررين العسكريين نظمتها ادارة الشؤون
المعنوية للقوات المسلحة واكاديمية ناصر العسكرية العليا وكان الموقع
العسكري هو للمكان الذي دارت فيه " معركة المزرعة الصينيه"
وبعد ان اطلعنا العميد المرافق علي بعض ملامح المعركة
اخبرني ان قائدها هو المقدم حسين طنطاوي الذي تولي بعد سنوات منصب وزير
الدفاع واصبح مشيرا .
المعركة التي كنت قرأت عنها بغير تعمق وتردد اسمها علي
سمعي عدة مرات عاودت بعد الزيارة القراءة عنها علي مهل وهالني ماكتبته عنها
دوريات العسكرية العالمية وسطروا لها اشادة ومديحا ربما يخجلنا امام
انفسنا ومبعث الخجل ان هناك ملايين من ابناء شعبنا لا يعرفون تفاصيل تلك
المعركة التي وصفت بأنها من اصعب واشد معارك الدبابات في التاريخ العسكري
كله واكثرها ضراوة .
وقعت المعركة بعد ان طالبت القيادة السورية من نظيرتها
المصرية تطوير الهجوم المصري في عمق سيناء لتخفيف الضغط عن الجبهة السورية
واستجابت القيادة المصرية –رغم ان هذا لم يكن ضمن الخطة العسكرية المرسومة
في ذلك الوقت – واثناء ذلك كشفت الاقمار الصناعية الامريكيه وجود فجوة بين
الجيشين الثاني والثالث علي الجبهة المصرية واخبرت حليفتها اسرائيل بالامر
وهنا نفذ شارون من خلالها محاولا عمل ما سمي انذاك بثغرة الدفرسوار.
وكان قدر فرقة المشاة التي كان يقودها المقدم طنطاوي
ورفاقه هو مواجهة هذه القوات الزاحفة نحو العمق المصري وواجهت القوات
المصرية قوات الاحتلال الاسرائيلي بعدد من الدبابات بلغ حوالي 500 دبابة في
مواجهة الف دبابة اسرائيلية علي احدث طراز وأبلت فيها القوات المصرية بلاء
اذهل العدو وتم وصف المعركة من جانب القادة العسكريين الصهاينة والاجانب
بعشرات الاوصاف يمكن للقارئ الكريم متابعة تفاصيلها اذا اراد .
الا ان ما شدني من هذه المعركة التاريخية ان هناك جنودا
مجهولين لم نقرأ كثيرا عنهم ولم يقم الفنانون ولا الشعراء ولا غيرهم
بالتغني لضرباتهم العسكرية رغم انهم يستحقون تكريما اكثر من ذلك .وكانت تلك
بداية معرفتي الحقيقية ب"الانسان" المصري حسين طنطاوي.
عرفت انه واحدا من خيرة ابناء هذا الشعب من طهارة يد وخلق
رفيع واخلاص ووطنية لا يحق لاحد ان يزايده عليها خاصة انه قدم لوطنه هو
ورفاقه ما لم يقدمه ملايين غيرهم .
ومادفعني لكتابة ما سبق انني كنت وما زلت ممن يملؤهم
الامل في حسن قيادته لوطنه وحنكته في التعامل مع اخطر واعقد مراحل تاريخه
شاكرا الله ان وضع رجلا في قيمته واخلاصه في موقع القيادة في هذه المرحلة
الصعبة والفارقة من تاريخ البلاد.
الا انني رأيت مثل غيري بعضا من المواقف الاخيرة التي
تجعلني اوجه لسيادته تساؤلات عنها وهو الوحيد القادر علي تبديد مخاوفنا
منها .. فلماذا يا سيدي لم يتم حتي الان -ونحن علي مشارف الانتخابات -
تفعيل قانون الغدر والعزل السياسي لمن افسدوا حياتنا السياسية والاقتصادية
علي مدي اكثر من ثلاث عقود في الوقت الذي حددت فيه موعد الانتخابات القريب
؟..ولماذا يا سيدي مددت العمل بقانون الطوارئ بحجة القضاء علي البلطجة
وانت تعلم ان لدينا قوانين قادرة علي ردعهم والقضاء عليهم خلال ايام قلائل
اذا توافرت الارادة؟ ولماذا يا سيدي أعدت اغلاق الفضائيات وانت تدرك ان من
سبقك فعل هذا ولم تغن عنه شيئا ولم تغلق سماوات مفتوحة تستعصي علي التلجيم ؟
ولماذا يا سيدي لم تستجب لتخوفات السياسيين والاحزاب من قانون مجلس الشعب
الذي سيأتي حتما بمن اقمنا ثورتنا ضدهم ؟
ارجوك يا سيدي ان تكمل ما سطرت في صفحتك البيضاء ..نحن
بحاجة لنموذج مثلك لنروي لابنائنا واحفادنا ان هذا الوطن حافل بالرجال
الذين اعطوه حتي النهاية ولم يبددوا ما بنوه علي مدي عقود طوال في ايام
واسابيع قد نندم عليها في وقت لا ينفع الندم
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - المقدم والمشير