وليس معلنا حتى الآن ما تشتمل عليه المساعدات الأميركية لإسرائيل، ولقد عقدت القيادة الإسرائيلية اجتماعا لمدة يومين على مستوى رؤساء الأركان يوم الاثنين 20 أغسطس/ آب الماضي على أثر إعلان المساعدات الأميركية الجديدة لبحث أفضل الطرق لتخصيص التمويل العسكري الذي ينتظر أن يصل عام 2008 إلى 14 مليار دولار (شاملا المساعدات والموارد الأخرى).
وقد صرح ماتان فينائي نائب وزير الدفاع الإسرائيلي قائلا "سنضع في اعتبارنا كل العناصر المتيسرة لنتخذ أصح القرارات من أجل السماح للجيش بمواجهة التحديات في السنوات القادمة".
ورغم أن الاتفاق يجب أن يوافق عليه الكونغرس فإن إسرائيل تتعامل معه باعتبار أنه تمت الموافقة عليه. وتشير التقارير إلى أن جميع أفرع القوات الإسرائيلية (الجيش والأسطول والقوات الجوية) حريصة على أن تحصل على نصيبها من الكعكة.
ووفقا للتقارير فإن القوات الجوية تهدف إلى شراء صفقات جديدة من القنابل الذكية، ومن طائرات النقل الأميركية من طراز "سي130 هيركيوليز" ومئة طائرة من طراز "أف35" التي يصعب اكتشافها بواسطة الرادار (ستيلث). أما الأسطول فهو يهدف إلى شراء غواصتين إضافيتين من طراز "دوفين" وسفينتي قتال من لوكهيد مارتن.
أما وزير الدفاع إيهود باراك فحريص على بناء فرقتين احتياطيتين إضافيتين مسلحة بالدبابة "مركافا"، في حين قال عضو الكنيست من حزب الليكود المعارض يوفال ستينتز إن الأولوية يجب أن تعطى لبناء نظم دفاعية وهجومية لمواجهة تهديدات الصواريخ من الأعداء الرئيسيين حزب الله وإيران وسوريا.
من الواضح مما سبق أن المساعدات المقررة لإسرائيل لم يحدد محتواها من الأسلحة، وأنها تشكل اعتمادا مفتوحا لمقدار من المال من أجل معدات عسكرية، وأن هذا الاعتماد يسمح لإسرائيل بشراء بعض المعدات من صناعتها العسكرية قدرت بنسبة 26.3% من المساعدات، أي أنها وفقا للمساعدات الجديدة تصل إلى 7.89 مليارات دولار خلال عشر سنوات ينتظر أن ينفق الجزء الأكبر منها على تطوير نظم الدفاع الصاروخي.
بينما تعتمد القوات الإسرائيلية في تحقيق خططها للتسليح على باقي الموارد، سواء مواردها الداخلية أو ما تحصل عليه من مساعدات من مصادر أخرى، الجزء الأكبر منها أميركي.
<TABLE id=captionTable width=120 align=left bgColor=#bad8ff border=0>
<tr><td class=TextCaption align=middle>"
السلاح النووي الإسرائيلي لم يستطع أن يلعب دورا في الصراعات المسلحة في الماضي، ومن المشكوك فيه أن يلعب دورا في المستقبل القريب
"</TD></TR></TABLE>المساعدات والتوازن العسكري في المنطقة
الحقيقة أن التوازن العسكري الحالي في المنطقة قائم أولا على وجود احتلال أميركي في العراق يقدر بنحو 170 ألف جندي مسلحين بأسلحة حديثة وخاصة القوات الجوية، كما أن قواتها البرية مسلحة بالمروحيات المسلحة والصواريخ، وتساندها أجهزة المخابرات بما تمتلكه من أقمار صناعية وتقنية استطلاع، كما تشتمل على قدرات تدميرية هائلة.لكن القوات الأميركية في العراق تعاني من فشل في تحقيق الأهداف وعجز عن تأمين نفسها وتأمين النظام القائم في بغداد، وهي في ذلك غير قادرة على التأثير الموازي لقواتها على المنطقة، لكن هذه القوة لا بد من وضعها في الحساب وخاصة قوتها التدميرية في أي صراع مسلح.
تتميز إسرائيل بتفوق نوعي على كل دول المنطقة بما تحصل عليه من مساعدات تقنية ودعم لصناعتها العسكرية من الولايات المتحدة، كما تتفوق على أغلب دول المنطقة عدديا بعد إجراء التعبئة العامة.
ويتركز تفوقها بدرجة أكبر في مجال القوات الجوية وفي مجال المدرعات، لكنها قد عانت من هزيمة في حربها في لبنان صيف عام 2006 بحيث اهتزت درجة تفوقها وبدت عاجزة عن تحقيق أهدافها وإدارة الصراع المسلح على نحو يمكنها من الانتصار.
ولا تعاني إسرائيل حاليا من نقص في الأسلحة أو المعدات العسكرية، ورغم أن لديها صواريخ يصل مداها إلى أكثر من 1500 كلم وأنها قادرة على تسليحها برؤوس نووية، فإن هذه الصواريخ لم تلعب دورا في الصراع المسلح في الماضي، ولا ينتظر أن تحقق في المستقبل القريب أكثر مما تحققه القوات الجوية الإسرائيلية.
كذلك فإن إسرائيل تتميز بكونها الدولة النووية الوحيدة في المنطقة رغم اتباع إستراتيجية الغموض النووي، ولا يمكن القول بأن السلاح النووي الإسرائيلي استطاع أن يلعب دورا في الصراعات المسلحة في الماضي، ومن المشكوك فيه أن يلعب دورا في المستقبل القريب.
تعتبر إيران في الوقت الحاضر القوة الإقليمية التالية لإسرائيل، ولكنها ربما تكون أكثر فاعلية، فهي لديها قاعدة عددية كبيرة، وهي تعمل بجد من أجل تحقيق تقدم نوعي سواء في بناء قواتها المسلحة أو في بناء صناعتها العسكرية.
وتتميز القوات الإيرانية بأنها تشتمل على عناصر المقاومة المسلحة ممثلة في الحرس الثوري إلى جانب القوات النظامية، وهي نفس العناصر التي أدت إلى هزيمة إسرائيل في لبنان والتي تعاني منها القوات الأميركية في العراق.
رغم تأكيد إيران أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، فإنه لا بد أن يوضع في الاعتبار أن الحصول على التقنية النووية يسهل بناء الأسلحة النووية في حال صدور قرار بذلك من القيادة السياسية. لكن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى أن إيران لا تستطيع إنتاج أسلحة نووية قبل نحو خمس سنوات.
تعاني الدول العربية عموما من ضعف في قواتها المسلحة لأسباب مختلفة، بعضها يتعلق بعدم توافر أسلحة على مستوى مناسب من التقدم التقني، وبعضها بعدم توافر التمويل اللازم لإعداد الدولة والقوات المسلحة للحرب، كما تتأثر القوات المسلحة العربية بباقي العناصر السياسية والاجتماعية.
<TABLE id=captionTable width=120 align=left bgColor=#bad8ff border=0>
<tr><td class=TextCaption align=middle>"
من المتوقع أن تزيد القدرات التدميرية لدى الدول التي تحصل على المساعدات الأميركية، غير أن احتمال استخدام هذه القدرات بواسطة دول عربية ضد دول عربية مثل سوريا أو ضد إيران احتمال ضعيف للغاية
"</TD></TR></TABLE>وبالنسبة للدول العربية التي تعتبر صديقة للولايات المتحدة فإن علاقتها بها لا تمكنها من الحصول على أسلحة متطورة على نفس المستوى التقني المتقدم الذي تحصل عليه إسرائيل، ولا تغير المساعدات الأخيرة من هذا الوضع.عانت سوريا من فترة جمود عسكري كما عانت من عزلة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتضاؤل الدور الروسي، وقد عملت أخيرا على تحديث قواتها المسلحة بالحصول على بعض الأسلحة بصعوبة من روسيا ومن إيران، كما عملت على الاستفادة من الدروس التي خرجت بها من الحرب بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، كما أنشأت جبهة تحرير الجولان مما سبب قلقا لدى بعض القيادات الإسرائيلية.
لكن سوريا ما زالت بعيدة عن القدرة على الدخول في مواجهة عسكرية تقليدية مع إسرائيل، غير أنه من الواضح أنها حصلت على كميات من صواريخ أرض-أرض التي تمكنها من إلحاق أضرار بإسرائيل في حال تعرضها لعدوان إسرائيلي، كما أنه من المتوقع أن تكون لديها عناصر مقاومة قادرة على إرهاق القوات التي يمكن أن تعتدي عليها.
يبدو أن صفقة الأسلحة الأميركية الجيدة لا تغير كثيرا من الميزان العسكري في المنطقة باعتبار أن عامل الأسلحة ليس هو العامل الحاسم دائما، وأن التفاوت في الميزان التقليدي -وهو ما يمكن للمساعدات أن تؤثر فيه- كبير إلى درجة أن الصفقة لا تغير منه كثيرا، وأن عوامل التفوق التقليدي الأميركي والإسرائيلي لم تحقق نجاحا في الصراع مؤخرا.
مع ذلك يظل من المتوقع أن تزيد القدرات التدميرية لدى الدول التي تحصل على المساعدات الأميركية، غير أن احتمال استخدام هذه القدرات التدميرية بواسطة دول عربية ضد دول عربية مثل سوريا أو ضد إيران احتمال ضعيف للغاية.
أما التغير فسيكون في القدرة على اعتراض الصواريخ التي يحتمل أن تتعرض لها هذه الدول نتيجة لوجود قواعد وتسهيلات عسكرية أميركية بها، لكن هذه القدرة تظل في النهاية محدودة.
التوازن المتوقع
تعتبر القوات الجوية هي السلاح الرئيسي لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل في أي حرب متوقعة مع إيران أو سوريا، وتليها صواريخ أرض-أرض وصواريخ كروز بحر-أرض، بينما الغالب أن لا تلعب القوات المدرعة والقوات البرية عموما دورا كبيرا. وهذه الأسلحة تواجهها صواريخ أرض-أرض التي يتوقع أن تطلقها كل من إيران وسوريا والمقاومة الفلسطينية واللبنانية، وتعمل المقاومة في نفس الوقت على شل وإرهاق أي تدخل بري من جانب الولايات المتحدة أو إسرائيل.
كذلك من المتوقع أن تكون الحرب في حال حدوثها اختبارا لفاعلية نظم الدفاع المضادة للصواريخ، سواء بالنسبة للولايات المتحدة أو بالنسبة لإسرائيل.
__________________
</TD></TR></TABLE>