mood128
عمـــيد
الـبلد : العمر : 33 المهنة : سياسى المزاج : اخر تمام التسجيل : 09/12/2010 عدد المساهمات : 1507 معدل النشاط : 1591 التقييم : 37 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: معركة كفار داروم الجمعة 11 نوفمبر 2011 - 23:33 | | | معركة كفار داروم كانت محاولة احتلال مستعمرة كفار داروم عام 1948م قصة طويلة في ملحمة البطولة والتضحية والتي سطرت بدماء عشرات من عناصر الإخوان ، وكانت صفحة من صفحات مسيرة المقاومة والتي كانت دليلا على صدق التوجه واقتران الفكر بالممارسة . كان الإخوان في الفترة الأولى من الحرب يجهلون المستعمرات الصهيونية وطرق تحصينها فظنوا أن في مقدورهم مهاجمتها واحتلالها رغم ما كانوا يعانونه من نقص في الأسلحة والمعدات ولقد تمت المحاولة الأولى في الساعة الثانية من صباح (14) أبريل سنة (1948) وكان الغرض منها احتلال مستعمرة (كفار داروم) المحصنة وهذه المستعمرة وإن كانت صغيرة الحجم إلا أنها كانت مقامة في وضع بالغ الأهمية لقربها من الحدود المصرية ولوقوعها على طريق المواصلات الرئيس الذي يربط مصر بفلسطين وكان في استطاعة حراسها أن يراقبوا خلف أبراجهم المسلحة دون أن يتعرضوا لشيء من الأذى لذلك كله اهتمت القيادة الصهيونية بهذه المستعمرة وبالغت في تحصينها وإقامة الأبراج الشاهقة حولها وأحاطتها بحقول كثيفة من الألغام والموانع السلكية الشائكة ثم زودتها بعدد كبير من نخبة رجال (الهاجاناه) وفرقة (البالماخ) الفدائية. هاجم الإخوان المستعمرة في وقت مبكر من صبيحة ذلك اليوم ونجحوا في المرور خلال حقول الألغام عبر ممرات أعدوها طوال الأسبوع الذي سبق المعركة واجتازوا عوائق الأسلاك الشائكة كل هذا تم بدقة وسرعة دون أن ينتبه حراس المستعمرة لما يجرى حولهم ولم يفيقوا إلا على صوت انفجار هائل أطاح بأحد مراكز الحراسة ثم بدأت المعركة داخل الخنادق وعلى الأبراج و(الدشم). وأبدى الإخوان في هذه المرحلة من ضروب البطولة والفدائية ما لا يمكن حصره وتصويره واستطاع الصهاينة أن يسدوا الثغرات التي أحدثها المجاهدون في دفاعات المستعمرة ثم حاصروا القوة الصغيرة التي نجحت في التسلل إلى أوكارهم ومضوا يحصدونها ببنادقهم ورشاشاتهم. وهكذا فشلت المحاولة الأولى ومضى الإخوان يحملون شهداءهم وجرحاهم وكان عددهم 46 شهيدا وحوالي 30 جريحا وانتهت المعركة على هذه الصورة المؤسفة ولكنها ظلت مثلاً فريداً للبطولة والتضحية. وظل الإخوان طوال فترة الحرب يتذاكرون المثل العليا التي سجلها المجاهدون فيها والتي أعادت للأذهان صوراً حية من جهاد الصدر الأول فهذا أحدهم وهو المجاهد (محمد سلطان) من مجاهدي الشرقية يزحف على بطنه حاملاً لغماً هائلاً وهدفه أحد مراكز الحراسة في المستعمرة ينتبه إليه الحراس وهو على قيد خطوات من هدفه فيطلقون عليه رصاصات تصيبه في ذراعه وتعجزه عن المضي في زحفه ولكنه يتحامل على نفسه ويزحف بصعوبة والدماء تنزف من جراحه والرصاص يتناثر من حوله ويظل يجاهد بعناد حتى يقترب من هدفه فيشعل اللغم فينفجر ويدمر الحراسة ، ويقضى على البطل الفذ ويمضى ليلاقى ربه شهيداً. وهذا المجاهد (عبد الرحمن عبد الخالق) يقود إحدى جماعات الاقتحام في المعركة ، ويستمر في قتاله الرائع رغم أوامر الانسحاب التي صدرت إليه فيقول: كيف ننسحب وإخواننا في داخل المستعمرة؟ ثم يذكر من معه بقول الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار} ويظل يقاتل بشدة حتى تصيبه رصاصة قاتلة في رأسه لتضع اسمه في عداد الشهداء الخالدين. وهذا مجاهد آخر هو (عمر عبد الرءوف) تصيبه رصاصه في صدره فتبدو على وجهه ابتسامة مشرقة ويهتف بمن حوله (أترون ما أرى)؟ ثم يأخذ نفساً طويلاً ويقول هذه هي الجنة.. إنني أراها.. وأشم رائحتها ثم يلفظ أنفاسه الطاهرة ليمضى إلى جنة ربه الموعودة. ولكل شهيد من شهداء هذه المعركة قصة في البطولة لا يزال إخوانهم الأحياء يرددونها بمزيد من الإعجاب والتقدير. انتهت هذه المعركة وخرج الإخوان منها بنتيجة واحدة فهموها ، وظلوا يعملون على أساسها طوال الفترة التي قضوها في فلسطين فهموا أن مهاجمة المستعمرات الصهاينة بهذا النقص الواضح في الأسلحة والمعدات هو انتحار محقق ، وفهموا كذلك أنهم لم ينجحوا إلا في حرب عصابات ينزلون فيها الضربات على خصومهم خارج هذه المستعمرات دون التعرض لحصونهم واستحكاماتهم. وعلى هذه الطريقة بدأ الإخوان يضمون أنفسهم في عصابات صغيرة ترابط على طريق المواصلات وتهاجم شبكات المياه ومراكز التموين حتى اضطر الصهاينة إلى إخراج كثير من قواتهم لحراسة المواصلات والقوافل فاستطاع الإخوان بذلك أن يوقعوا بهم ضربات حاسمة سريعة وأن يغنموا منهم كميات وفيرة من العتاد والسلاح. وقد حاول البكباشى أحمد عبد العزيز حين أراد أن يجرب حظـه معها ، ولم يكن لديه من الأسلحة والمعدات ما يصلح لهذه المهمة وأمر سراياه بالهجوم عليها وفق خطة وضعها بنفسه وكانت تلك هي المرة الثانية التي حاول فيها الإخوان المسلمون اقتحام ((كفارديروم)) دون نجاح. وبعد تجربة كفار داروم اعتمد مقاتلو الإخوان على الخطة التي تتلخص في الآتي : 1- استدراج سكان المستعمرات للأرض المكشوفة وإرغامهم على القتال فيها. 2- فرض الحصار على المستعمرات وإرهاقها بأعمال الإزعاج والقناصة ، ولتحقيق الهدفين السابقين تم اتباع عدة تكتيكات ، منها قطع طرق المواصلات ، ولإقامة الكمائن ونسف أنابيب المياه وضرب المشاريع والمنشآت المنعزلة ، وكان طبيعياً أن ينظم العدو غارات على المراكز المتقدمة في النقب ، وكانت هي الفرصة المناسبة للمجاهدين ، ومع هذه الحركات أصبح النقب الجنوبي في مثلث واسع قاعدته تمتد من غزة إلى رفح ورأسه عند بئر السبع ميداناً لمعارك مستمرة ليلاً ونهاراً ، وكانت أشبه ما تكون بالحرب الخاصة التي كانت كثيراً ما تبدو كأنها معزولة عن الحرب الواسعة وقليلاً ما تتقيد بما طــرأ عليها من قيود والتزامات كقرارات الهدنة ووقف إطلاق النار. أما عن مستعمرة كفارديروم فرض عليها الإخوان حصارا محكما وإزعاجا مستمرا طيلة بضعة شهور ويبدو أن سكانها تعرضوا لأنواع شتى من الضيق والآلام ولكنهم صمدوا بشجاعة حتى اضطروا لإخلاء المستعمرة في منتصف يوليو عام (1948) ، وكان ذلك نجاحاً بارزاً للخطة التي تقوم على الحصار من ناحية والاستدراج للأرض المكشوفة من ناحية أخرى ، وقد شجع نجاح الحصار على كفارديروم إلى فرض حصار مماثل على مستعمرات أخرى مثل (نيريم) ، و(بيرون إسحاق) ، أو (المشبه) كما يسميها البدو ، ولقد حاول العدو في مناسبات عديدة اختراق الحصار بواسطة القوافل المصفحة ولكن النظام الذي وضع للإنذار المبكر عن طريق الحلفاء من البدو كان يمنح وقتاً كافياً للاستعداد وتحضير الكمائن وبث الألغام على طرق المواصلات وفي مرات كثيرة كانت قوافل العدو تقع في هذه الكمائن وتكون سياراتها وأسلحتها وشحنات تموينها غنائم ثمينة في كثير من الأحيان تقدم هدية للبدو ، ولا شك أن هذه المعارك العديدة قد ساعدت على تطوير أساليب القتال وابتكار وسائل جديدة حسب الظروف ، وحين أيقن العدو أن لا أمل له في اختراق الحصار على المستعمرات المحاصرة ولاسيما كفارديروم لجأ إلى إنزال الإمدادات بالمظلات ولكن نيران المجاهدين الأرضية وضيق مساحة المستعمرة كانت تجعل عملية الإنزال غير محكمة ، وهكذا كانت الصناديق تنزل على المجاهدين وعلى العشائر البدوية المجاورة وكأنها موائد مباركة من السماء!! ولكن هذا الحصار لم يؤت نتائجه المرجوة في احتلال تلك المستعمرات فيما عدا كفار ديروم ، لأن أكثرها لم تكن معزولة تماما عن المنطقة الصهيونية كما أن الجيش المصري لم يلبث أن تصدع تحت الهجوم الصهيوني الشامل مما جعل استمرار الحصار للمستعمرات أمرا غير عملي وغير مجد.
|
|