استقال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ د. محمد الصباح، ما وضع حكومة الشيخ ناصر المحمّد في وضع حرج، ولاسيما أنها تعاني ضغطاً نيابياً وشعبياً غير مسبوق على خلفية فضيحة «الإيداعات المليونية»، يطالب برحيل كامل الحكومة التي ستواجه أيضا استجوابا سيقدم غداً الخميس.
وكان النائب مسلم البراك أمهل وزير الخارجية محمد الصباح حتى اليوم للإجابة عن اسئلته الخاصة بالتحويلات المالية المليونية الخارجية، وإلا فإنه سيقوم بعرض مستندات ووثائق في ساحة الارادة خلال تجمع «السيادة للأمة»، تثبت تورط وزير الخارجية كوسيط في تحويلات مالية مليونية مرتبطة برئيس مجلس الوزراء، وسط تقارير عن برود العلاقة بين المسؤوليْن الكويتيّيْن منذ فترة.
مرحلة سيئة
وفور انتشار نبأ استقالة محمد الصباح، التي أفادت مصادر مطلعة مساء أمس بأن الحكومة قبلتها، توالت ردود الأفعال النيابية مرحبة، حيث اعتبر النائب مبارك الوعلان أن الاستقالة مؤشر جديد على مدى التردي الذي وصلت إليه حكومة الشيخ ناصر المحمد الحالية، مشيداً في الوقت نفسه بالخطوة الجريئة التي أقدم عليها وزير الخارجية برفضه الزج بتاريخه في ظل حكومة أساءت إلى الحياة السياسية والبرلمانية للمرة الأولى في تاريخ الكويت بفضيحة الايداعات المليونية التي طالت بعض نواب الأمة في ذممهم.
وأكد الوعلان أن الاستقالة التي قدمها محمد الصباح هي استحقاق سياسي لمرحلة من أسوأ المراحل في تاريخ الديمقراطية الكويتية بسبب محاولات الحكومة المستمرة لإفساد الحياة النيابية من خلال تقديم الرشى المالية والصفقات التجارية والسياسية لبعض الأوساط بهدف إطالة عمرها على حساب كل القيم والأعراف التي عرفت بها الكويت على مر تاريخها، متوقعاً أن تكون هذه الاستقالة هي نقطة البداية لسلسلة متواصلة من الاستقالات من حكومة فقدت كل رصيدها لدى الشارع الذي أزكمت أنفه رائحة الفساد، وأكد أن هذه الاستقالة سوف تشجع باقي الوزراء على الهروب من سفينة أوشكت على الغرق بسبب أطنان الفساد التي تحملها.
بدوره، قال النائب د. وليد الطبطبائي: «كنا واثقين بأن الوزراء الشرفاء لن يستمروا في هكذا حكومة ونحن ننتظر من بقية الوزراء أن يلحقوا بمحمد الصباح»، لافتاً الى ان حكومة ناصر المحمد غارقة في الفساد، بحسب وصفه. واضاف: «سترحل هذه الحكومة عاجلا أم آجلا».
موقف مشرف
في هذه الأجواء، أكد النائب د. جمعان الحربش أنه في حال الحكومة الحالية لم تسقط من الداخل فسيسقطها الشعب الذي مل الفساد والرشوة والاعلام الفاسد، مشيراً إلى أن الشعب سيسقط هذه الحكومة في ساحة الارادة التي تتسع رقعتها يوما بعد يوم، وقال إن «الاستقالة من هذه الحكومة موقف مشرف والبقاء فيها شراكة في افساد البلد وانتهاك الدستور والرشوة وأي وزير يبقى فيها سيحمله الشعب المسؤولية الاخلاقية وسنحمله المسؤولية السياسية».
كما أوضح النائب فلاح الصواغ انه لا يستطيع أحد أن يتهم الشرفاء عند اتخاذهم نهجاً يعتقدون ان من خلاله يصلون الى نتيجة إيجابية لصالح الكويت لأن الأمانة ثقيلة، لافتاً إلى أن الشعب الكويتي على المحك، لأن الفساد انتشر بصورة بشعة والمشاركة واجبة على الجميع في ساحة الإرادة يوم الأربعاء تحت شعار «السيادة للأمة»، وأضاف أن «انهيار الحكومة كان نتيجة حتمية للفساد الذي رعته طيلة عمرها».
من جانبها، رحبّت النائب د. اسيل العوضي باستقالة محمد الصباح، معربةً عن أملها أن ترحل الحكومة برئيسها «كي نبدأ مرحلة جديدة برئيس جديد ونهج جديدين»، بحسب وصفها، وقالت ان المرحلة المقبلة «صعبة للغاية وتحتاج توحيد الجهود من الخروج الى بر الأمان».
خلاف نيابي نيابي
الى ذلك، شن النائب خالد العدوة هجوما على النواب الذين انتقدوا أداء الشيخ محمد الصباح، وقال: «تدخلوا في عمله ونازعوه صلاحياته»، في إشارة إلى تهديدات النائب مسلم البراك بكشف ما لديه من أوراق تبيّن حجم الفساد المتفشي في الوزارة، لافتاً إلى أن الذين يكيلون سيل الإطراء والمديح هم أول من تدخلوا في عمله ونازعوه صلاحياته وأحرجوه في طبيعة عمله وهو يقود العمل الدبلوماسي الكويتي، وأضاف «بعضهم أصبح بقدرة قادر وزير خارجية، يتدخل في كل كبيرة وصغيرة، ويلوحون بالاستجواب في كل مناسبة وغير مناسبة، وهذا قمة التناقض والتخبط».
ليست رسمية
أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء والناطق الرسمي باسم الحكومة علي الراشد ان استقالة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية ليست رسمية حتى الآن، مشيراً إلى أن هذا الأمر متعلق بالحكومة.
وشدد على استعداد رئيس الوزراء والحكومة للاستجواب المرتقب.
وجدد الراشد خلال لقائه قيادات الاطفاء رفض الحكومة للإضرابات العمالية التي أخلّت بالنظام، مؤكداً الاسـتعانة بضـباط مـن الجيـش والشرطة أو المتقاعدين للقيام بأعمال الإطفائيين في حال قيامهم بالإضراب مجددا.
وقال إنه «من لا يعجبه العمل في النظام المعمول به في الإطفاء فليبحث عن عمل في مكان آخر».
تعاملات مشبوهة
كشف النائب فيصل المسلم أن لديه معلومات جديدة عن تعاملات مشبوهة لرئيس الوزراء مع نواب مجلس الأمة، سيكشفها في ساحة الإرادة اليوم الأربعاء.
وقال المسلم إن «استقالة وزير الخارجية استحقاق فات أوانه ولن يغنينا عن مطلبنا الرئيسي بمرسوم حل الحكومة والمجلس، بدلا من مرسوم افتتاح دور الانعقاد»، مشيراً إلى أن مجلس أمة «قبّيض» لا يؤتمن والاستقالة نقطة في بحر مطلبنا، واعتبر استقالة وزير الخارجية شهادة من أحد أفراد الأسرة والحكم والشعب والحكومة على أن هذا البلد ينهار.
http://www.albayan.ae/one-world/arabs/2011-10-19-1.1522446