عيد الأضحى .. يوم سرور وفرح وتقرب إلى الله
عمان - الدستور
يوافق غدا الأحد العاشر من ذو الحجة عيد الأضحى المبارك، حيث يحتفل العالم الإسلامي بهذه المناسبة في كل أنحاء الأرض، ويمتد حتى 13 ذو الحجة، حيث ينهي الحجيج مناسكهم قبله بيوم واحد وهو آخر الأيام التي يتم بها الحج. أما العالم الإسلامي فيحتفل تضامنا مع هذه الوقفة في ذلك الموقف. أما أول ايام العيد فيقوم الحجاج هناك في "منى" بتقديم الأضحيات لوجه الله. ومعهم كل قادر من المسلمين في كافة بقاع الأرض.
وللمؤمنين في الدنيا ثلاثة أعياد، عيد يتكرر في كل أسبوع وهو يوم الجمعة، وعيدان يأتيان في كل عام مرة، وهما عيدا الفطر والأضحى.
لمَّـا قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "إنّ الله قد أبدلكم يومين خيراً منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى".
عيد الأضحى الذي ينتظره المسلمون كل عام بشوق، يجمع في مكة المكرمة الاف الحجاج من كل أقطار العالم، وهذا اليوم يعتبر مقدسا عند المسلمين لروحيته والتقرب من خلاله الى الله تعالى، شعور لا يشعر به إلا من أتى بيت الله حاجا، فيرمون فيه جمارَهم، ويتقرَّبون بهداياهم، ويحلقون رؤوسهم، ويُحلِّون من إحرامهم، وفيه رُكنا الحجِّ: الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة.
معنى الأضحى
عيد الأضحى هو بالفعل عيد التضحية والفداء، والقصة بدأت عندما كاد النبي إبراهيم "عليه السلام" أن يذبح ولده، فلذة كبده الوحيد، تلبية لنداء ربه، حتى فداه الله بكبش عظيم. كان ذلك الاختبار عظيما وصعبا ومؤلما، كاد أن يأخذ كل شيء من حياة النبي إبراهيم عليه السلام.
لكن الله اللطيف بعباده بعد أن علّم إبراهيم "عليه السلام" قوة الإيمان والإذعان لمشيئته، أراد أن يختبر مقدرته كأب على خسارة ولد، وقوة تضحيته في سبيل الله، وكان أن خّرج من نسله أعظم أنبياء الله على الإطلاق محمد "صلى الله عليه وسلم".
كيف يحتفل المسلم بالعيد؟
العيد في الإسلام يوم سرور وفرح وزينة، يحب الله أن تظهر فيه أثر نعمه على عباده، بلبس المسلم الجديد من الثياب، ويتناول الطيب من الطعام بدون إسراف ولا مخيلة. ويجهِّز نفسه لصلة رحمه.
وقد تختلف الأعراف والتقاليد وتتنوع المشاهد الاحتفالية بين دولة وأخرى في عيد الأضحى لكن بشكل عام يعم الجو الاحتفالي بعيد الأضحى (العيد الكبير) وتكتظ الأسواق بالناس بعضهم لشراء الملابس الجديدة كبارا وصغارا أولشراء الحلويات والبعض الآخر للبحث عن خاروف لشرائه كأضحية وتوزيع لحمه على الفقراء والأقارب والجيران.
والله سبحانه وتعالى قد أحل الطيبات من الطعام واللباس في ذلك اليوم، ولكنه حدد ذلك بعدم الإسراف، حتى لا ينسى المسلمون المعنى الطيب من العيد، وهو شكر الله على إنعامه وتوفيقه. ولعل في ذلك توجيها إلى من ينسون الغاية من الأعياد في الإسلام، فيعكفون على ما حرم الله، ويستبيحون لأنفسهم المحرم من الطعام والشراب، فيقلبون نعمة الله نقمة، تعرضهم لغضب الله ونقمته وعذابه.
والمسلم لا يحتفل بالعيد بالبهجة والسرور، والزينة فقط، بل يتأمل في معنى هذه المناسبة ومغزاها. ومن المعلوم أن عيد الفطر وعيد الأضحى يأتيان بعد عبادتين هما ركنان من أركان الإسلام، فعيد الفطر يأتي بعد صوم شهر رمضان، وهو يمثل مجاهدة النفس للشهوات والأهواء، وعيد الأضحى يأتي بعد أداء فريضة الحج بما تمثله من جهاد النفس والبدن معا.
ولا يدرك معاني هذا العيد الا الحاج بالدرجة الاولى ثم يتبعه المسلمون في بلادهم، فالحاج يحتفل بهذا العيد وقد تجرد من متاع الدنيا واقبل على الله بقطعة قماش تحتضن قلبه النابض بــ :"لبيك اللهم لبيك".
وكان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك.
الفرحة بقدوم العيد
من السنة أن يبدأ المسلم بالتكبير من ليلة العيد.. في البيوت، وفي والأسواق، وفي الطرقات، وقبل الصلاة، ودبر الصلوات المكتوبة.
وتبدأ احتفالات عيد الاضحى بأداء صلاة العيد فجر اليوم الأول من العيد الذي يستمر اربعة ايام. وتصلى هذه الصلاة في المساجد أو في مصليات خارج "المساجد". أيضا وبعد أداء الصلاة ينتشر المسلمون ليقوموا بذبح اضحياتهم تطبيقا للآية الكريمة من قول الله تعالى: "انا اعطيناك الكوثر ،فصلّ لربك وانحر".
ومن السنة أيضا يوم العيد أن يشارك المسلمون جميعاً في حضور صلاة العيد. روت أم عطية: أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نخرج في الفطر والأضحى العواتق والحيّض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين.
ويصف لنا جابر بن عبد الله صلاة العيد مع الرسول فيقول: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة. ثم قام متوكأ على بلال . فأمر بتقوى الله . وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن. فقال "تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم" فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله! قال "لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير" قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن."
ومن السنة أن يلبس المسلم أحسن ثيابه ويتطيب لصلاة العيد، وأن يصل أهله، وأرحامه، وجيرانه، وأن يصافي ويعافي من بينه وبينه شحناء.
ذبح الأضحية
تبدأ أماكن بيع الأضاحي في الاردن بالإنتشار في مختلف الأماكن قبل العيد بيومين أو ثلاثة، ويبدأ الناس بالتوافد عليها لشراء أضحياتها التي يتنوع مصدرها بين البلدي والروماني والجورجي والأثيوبي وغيرها.
ويبدأ وقت ذبح الأضحية من بعد صلاة عيد الأضحى، وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة. أي أن أيام الذبح أربعة: يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده . والأفضل أن يبادر بالذبح بعد صلاة العيد، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يكون أول ما يأكل يوم العيد من أضحيته .
روى أحمد عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَلا يَأْكُلُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ، فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ .
والأضحية له أن يأكل منها، ويتصدق، ويدخر، مالم تكن هناك جائحة، ولا يحل له أن يبيع شيئا منها.
والأضحية سنة مؤكدة على الموسرين من الرجال والنساء، المقيمين والمسافرين، المتزوجين وغير المتزوجين، من الأحرار والعبيد، أما المعسر فلا حرج عليه في ذلك.
"وتقبل الله منا ومنكم".
التاريخ : 05-11-2011