نديم قلب الأسد :
محمد نسيم الفهد الأسمر .. كان محمد نسيم من ذلك الطراز من الرجال الذى
يمتلك قلب أسد كما أطلق عليه رفاقه .. و عقل الثعلب .. و صبر الجمال .. و
اصرار الأفيال .. كان نادرا بحق .. رحمه الله و طيب ثراه ..
و عندما تولى اللواء صلاح محمد نصر الشهير بصلاح نصر رياسة جهاز المخابرات
العامة كان محمد نسيم أحد مديري العمليات بالجهاز و رجل المهام الصعبة و
يكفي لبيان مدى سمعته الخرافية أن رئيس الجمهورية كان يتصل به مباشرة فى
عدد من العمليات فائقة الحساسية و ما أكثرها فى ذلك الوقت .. و فى بداية
الستينيات كان جهاز المخابرات العامة مكتمل البناء .. و خاض العديد من
العمليات العملاقة فى تاريخه ضد المخابرات الاسرائيلية و الأمريكية .. و
للحق .. فان انشاء الجهاز على صورته تلك .. كان لجهود رجاله و ادارة صلاح
نصر رئيس الجهاز .
و كانت أولى عمليات محمد نسيم التى أكسبته سمعته
الرهيبة بين رفاقه .. اعادة تأهيل العميل المصري الأشهر " رفعت الجمال "
الشهير باسم " رأفت الهجان "
كان رفعت الجمال قد سافرالى اسرائيل فى
منتصف الخمسينيات و استقر بها بعد أن نجح فى زرعه رجل المخابرات العتيد
اللواء " عبد المحسن فائق " المعروف باسم " محسن ممتاز فى المسلسل الشهير
الذى حكى قصتة .. و منذ أن تم زرعه فى اسرائيل و حتى بداية الستينيات لم
تستفد منه المخابرات المصرية شيئا الا المعلومات التى أرسلها فى حرب
العدوان الثلاثي و يقال معلومات عن موعد العدوان الاسرائيلى فى 67 .. و
للحق فلم يكن هذا تقصيرا من رفعت الجمال .. أو معلمه عبد المحسن فائق .. بل
كانت الظروف أقوى منهما لضعف الامكانيات التدريبية التى تلاقاها رفعت و
كان جهاز المخابرات لم يزل وليدا فى ذلك الوقت .. و علم المخابرات تطور
تطورا مدهشا و سريعا عبر السنوات الخمس التى أمضاها رفعت فى اسرائيل فكانت
الحاجة ماسة الى رجل مخابرات من طراز فذ يتمكن أولا من السيطرة على رفعت
الجمال صاحب الشخصية شديدة العناد و يقوم بملئ الفراغ الذى تركه اللواء عبد
المحسن فائق فى أعماقه .. و ذلك حتى يتمكن من اقناعه بمواصلة التدريب و
العمل .. وكان ضابط الحالة الذى تولى عملية الجمال هو عبد العزيز الطورى
الشهير باسم " عزيز الجبالى " .. و بعد دراسة عميقة لشخصية رفعت .. و مع
استحالة عودة اللواء عبد المحسن فائق من مقر عمله فى الولايات المتحدة فى
ذلك الوقت .. لم يجد عبد العزيز الطورى الا قلب الأسد محمد نسيم المعروف
بصرامته و شخصيته القوية و نبوغه الفائق و هو النموذج المماثل لعبد المحسن
فائق .. و تم اللقاء بين قلب الأسد و بين رفعت .. و لم تمض ساعات على
لقائهما الا و كان محمد نسيم و هو بالمناسبة الشهير باسم " نديم هاشم " فى
مسلسل " رأفت الهجان .. و قام بدورة باقتدار بالغ الفنان المصري نبيل
الحلفاوى فى واحد من أعظم أدواره على الاطلاق لا سيما و أن نبيل الحلفاوى
كان يشبه اللواء محمد نسيم فى الشكل و الأداء الى درجة مذهلة .. لم تمض
ساعات على اللقاء بين العملاقين رفعت و نسيم .. الا و كان نسيم قد ألقي
بغياهب شخصيته الفريدة فى وجه المتمرد النابغة رفعت الجمال .. و كان رفعت
الجمال قد أبصر بعيونه عبر المعايشة لليهود . كيفية التقدم المدهش هم فى
مجال الأمن .. و كان فى أمس الحاجة الى من يريه تفوق بلاده .. و قد كان ..
تمكن نسيم عبر التدريبات المكثفة من اقناع رفعت بمدى التقدم المدهش الذى
أحرزه المصريون على الاسرائيليين فى المواجهات المباشرة بينهما .. و بعد
أسبوعين من التدريب المستمر و الشاق .. خرج رفعت الجمال فى مستوى ضابط حالة
و هو المستوى الأعلى لأى عميل مدنى فى نظم المخابرات .. و وقع تحت الاشراف
المباشر لعبد العزيز الطورى و للتدريب على يد محمد نسيم لتكتسب مصر كما
رهيبا من المعلومات بالغة السرية التى أرسلها رفعت أهمها خارئط خط بارليف و
أماكن خظانات النابالم لا سيما بعد تمكنه من بسط علاقاته و نفوذه فى مجتمع
تل أبيب بتعليمات نسيم عبر شركة " سي تورز " و المعروفة باسم " ماجى تورز "
و فى قلب تل أبيب واصل نجم المجتمع الاسرائيلي " جاك بيتون " و هو الاسم
المستعار لرفعت الجمال و هو الاسم الذى عرف فى المسلسل بـ " دافيد شارل
سمحون " .. و بلغت علاقاته حدا جعله صديقا شخصيا للجنرال موشي ديان و جولدا
مائير رئيسة الوزارة الشهيرة .. كل هذا بفضل نبوغ رفعت الشخصي .. و براعة
معلمه الفذ " محمد نسيم