..................السعي الايراني لامتلاك السلاح النووي وانعكاساته الشرق أوسطية.......................
سلاح الدمار الشامل ليس مجرد أداة للقتال كالحجارة والعصي بل أداة مرعبة لتدمير البشرية"
جان كورد سواء أكان وزير الدفاع الأمريكي أو نائب الرئيس أو وزيرة الخارجية، أثناء الجولات التي يقومون بها في
منطقة الشرق الأوسط، فإنهم جميعا يؤكدون على الخطر الكبير للسعي الايراني وراء امتلاك السلاح النووي على
مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية والبترولية، واستقرار المنطقة العربية،
وأمن اسرائيل الذي يعتبر أحد أهم خيوط السياسة الدولية للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي على حد سواء.
قنبلة ناغازاكي (الصغيرة نسبيا: 18 كم ارتفاع الفطر الناجم عنها) عام 1945
قد يكون في هذا شيء من التهويل و"توحيش العدو" إعلاميا وسياسيا، بهدف ممارسة مزيد من الضغط على ايران لتحد
من نشاطاتها النووية وتخضعها لرقابة الطاقة النووية الدولية ، وتحذيرها من القيام بمغامرات عسكرية كالتي قام
بها صدام حسين بغزوه الكويت، وردعها عن دعم سوريا المتاخمة لاسرائيل حدوديا وحزب الله وحماس بالصواريخ
والأموال، وكذلك لايقاف تدخلها السافر في الشأن العراقي الداخلي... إلا أن في الأمر شيء من الحقيقة، فامتلاك
السلاح النووي بحد ذاته ليس حلا عقلانيا، سواء أكان الساعي لامتلاكه دولة عظمى أو قوة اقليمية، وعلى العالم كله
العمل من أجل تقليص حجم الترسانة النووية العالمية، ولتقليل عدد الدول المالكة له، إذ أن هذا السلاح ليس
مجرد أداة للحرب، بل آلة تدمير للبشرية، ومن الحكمة التخلص منه نهائيا، ليس في الشرق الأوسط وبؤر النزاع
الأخرى فقط وانما في العالم كله، وعلى المجتمع الدولي أن لايسمح لأحد لأن يزيد في الطين بلة...والذريعة بأن
امتلاكه يقلل من فرص نشوب الحروب ذريعة باهتة وضعيفة، فالحروب تنشب مع ذلك هنا وهناك في العالم، ولاتستطيع
الدول المالكة للسلاح النووي منعها، بل هي متورطة فيها بشكل أو بآخر، وتسعى لاضرامها لأسباب نفعية واستراتيجية
ولضرورات ومبررات تراها هامة بالنسبة لها.
موقع ايراني نووي
وهنا يجدر بنا الاجابة عن سؤال هام: لماذا تصر ايران على امتلاك القوة النووية وتغامر بشكل خطير لدرجة أنها قد
تعرض نفسها لعقوبات دولية قاسية تذكرنا بليبيا والعراق، أو قد تصبح عرضة لشن حرب مدمرة كجارتها الغربية؟
لايخفى على أحد أن حلم استعادة مجد الامبراطورية الفارسية التي امتلكت فترة من الزمن أطراف الجزيرة العربية حتى
باب المندب، لايزال يدغدغ عقول القائمين على النظام في طهران، وهم كانوا أطفالا في عهد الشاه الذي كان
يلقن الأطفال الفرس دروسا تذكرهم بالأمجاد التاريخية وتدعوهم إلى استعادتها، ونعلم بأن الملالي بقيادة الخميني الذين
سيطروا على دفة الثورة الشعبية العارمة لم يخفوا بعد نجاحها الكبير فكرة "تصدير الثورة الإسلامية!" إلى مختلف
أرجاء العالم الإٍسلامي، وبخاصة العالم العربي الذي يمتلك أسباب القوة البترولية الهامة في ادارة الصراع، وكان
الخمينيون يحلمون بالسيطرة على الساحل الشرقي للخليج العربي / الفارسي بمجرد أن يتوجه الإمام الخميني (روح الله
وآيته!) إلى الشعوب العربية المسلمة بالنداء لتنتفض ضد الملوك والأمراء والدكتاتوريات العسكرية التي كانوا يصفونهم
بأزلام الامبريالية والصهيونية، ولايمكن تجاهل أن هذا الإرهاب الفكري والتلويح باستخدام "الثورة" ضد الجيران كان
أحد الأسباب الهامة وراء القلق الكبير لدول الخليج ومن ثم قيام صدام حسين بتمزيق معاهدته السابقة لعام 1975 التي
عقدها آنذاك مع الشاه الايراني في الجزائر لضرب الثورة الكوردية (1961-1975)، وشنه حربا استباقية لما يقارب
عقدا من الزمن على ايران، كلفت شعوب المنطقة الكثير الكثير من الضحايا وهدرت أموالا لاتحصى وتركت جراحا
عميقة ...وتلقى صدام حسين آنذاك دعما ماليا ومعنويا كبيرا من العالم العربي باستثناء النظام السوري الذي وقف مع
ايران ضد العراق وفق مصلحته الخاصة (حصوله على أموال طائلة من طهران) وبسبب توجهاته العقيدية (حكم
الطائفة العلوية) ولعمق الخلافات الحزبية بين شقي البعث العربي الاشتراكي الحاكم في البلدين الجارين آنذاك وكره
الأسد لصدام لدرجة المقاطعة التامة.