الشبكة الأمريكيةعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت دائما إحدى أقوى الدول ذات النفوذ العسكري في المنطقة، فإن أوضاع انتشار قواتها حاليا يعد نتيجة لتطورات محددة. فقد كانت "التسهيلات العسكرية" المؤقتة أو المحدودة هي التي تمثل الشكل الرئيسي للوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط حتى عام 1990، إذ لم تكن هناك "قواعد عسكرية رئيسية" على غرار القواعد الأمريكية في ألمانيا وإيطاليا واليابان، أو ما كان قائما بالمنطقة ذاتها خلال حقبة الاستعمار (الحبانية في العراق، وعدن في اليمن، وهويلس في ليبيا).
وقد أدّت تداعيات حرب الخليج الثانية (1991) إلى تحول كبير في شكل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج تحديدا، في اتجاهين:
الأول، اتساع نطاق التسهيلات العسكرية المقدمة للقوات الأمريكية في قواعد، ومحطات، وموانئ، ومطارات، ومعسكرات، ومراكز الغالبية العظمى من دول المنطقة ذات العلاقة بالولايات المتحدة، وبعض الدول التي لا يبدو أنه تربطها علاقات سياسية قوية بها. وتتضمن تلك التسهيلات، حق استخدام المجال الجوى، وزيارة المواني، واستخدام المطارات العسكرية، وعمليات النقل الجوي والانتشار المتقدم، وخدمات الوقود والصيانة، وتخزين الأسلحة، إضافة إلى المناورات العسكرية المشتركة.
الثاني، تزايد عدد القواعد العسكرية الرئيسية ليصل إلى خمس قواعد عسكرية في دول الخليج. وتأتي أهمية تلك القواعد أنها تشكل مراكز عمليات رئيسية شبه متكاملة، تتمتّـع باستقلالية نسبية، وقدرة عامة على دعم عمليات قتال جوية أو برية أو بحرية، سواء من خلال تمركز عناصر من تلك القوات فعليا فيها، أو تجهيز القاعدة لانتشارها وقت الحاجة.
ويُـمكّّـن ذلك القوات الأمريكية من إدارة عمليات عسكرية رئيسية بشكل سريع في اتجاهات مختلفة، دون حاجة لخطط حشد كبرى، كما حدث عام 1990 في عملية "درع الصحراء"، أو إتمام ذلك الحشد بشكل سريع كما تم قبل حرب العراق الاخيرة.
لكن ما حدث بفعل حرب الخليج الثالثة (2003)، كان أكثر إثارة. فقد قامت القوات الأمريكية باحتلال إحدى دول المنطقة، وهي العراق، التي تتمركز بها اليوم قوة أمريكية ضخمة.
فمن بين ما يقدر بحوالي 350 ألف جندي أمريكي ينتشرون في حوالي 130 دولة حول العالم، يعمل أكثر من 100 ألف جندي أمريكي، انطلاقا من أكثر من 150 موقع عسكري داخل العراق، بحيث أصبح سائدا أن الولايات المتحدة أصبحت إحدى دول الشرق الأوسط، خاصة بالنسبة لدول كإيران وسوريا.
القواعد العسكرية في الخليجإن التفاصيل هنا توضّـح العمليا الاستراتيجيه العسكري الأمريكي للانتشار في جزيرة العرب
فالقوات الأمريكية تتمتّـع بوجود عسكري قوي في البحرين، يرتبط بتسهيلات مختلفة في ميناء سلمان، ومطار المحرق، وقاعدة الشيخ عيسى الجوية، لكن قاعدة الجفير العسكرية القريبة من المنامة، تمثل واحدة من أهم القواعد العسكرية في الخليج، حيث تضم مركز قيادة الأسطول الخامس الأمريكي، ومركز قيادة القوات الخاصة.
كما تتمركز عناصر مختلفة من القوات الأمريكية في معظم المواقع العسكرية الكويتية الرئيسية تقريبا، في قاعدة أحمد الجابر الجوية، ومعسكر الدوحة، وجزيرة فيلكا، ومطار الكويت الجوي، وميناء الأحمدي، لكن أهم المواقع العسكرية الأمريكية توجد في قاعدة علي السالم، ومعسكر أريفجان، حيث تتمركز قوة جوية وبرية رئيسية، وعناصر تابعة لقيادة الجيش الأمريكي.
وقد أصبح الوجود العسكري الأمريكي في قطر يتسم بالقوة في الفترة الأخيرة. فقد كانت التسهيلات العسكرية الأمريكية تتركز في وجود مخازن أسلحة ومعدات لتشكيل عسكري بحجم لواء، وتسهيلات مختلفة في معسكر السيلية ومطار الدوحة الدولي ومنطقة أم سعيد. لكن قاعدة العديد العسكرية تحوّلت إلى واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، خاصة بعد نقل مقر القيادة المركزية من فلوريدا إليها عشية بدء الحرب على العراق.ولقد كانت التسهيلات العسكرية السعودية تُـمثل أقوى مواقع تواجد للقوات الأمريكية في الخليج منذ عام 1990، قبل أن تشهد علاقات الطرفين تحوّلات هامة قبل حرب العراق، خاصة قاعدة الأمير سلطان الجوية جنوب الرياض، التي كانت تضم قيادة القوات الجوية الأمريكية في الخليج، ولا تزال هناك، على ما يبدو، تسهيلات عسكرية مختلفة لعناصر متعددة من القوات الأمريكية في الدمام، والهفوف، والخبر، وتبوك، وينبع، والظهران.
كما أصبحت سلطنة عُـمان من أكثر مواقع الوجود العسكري فعالية في المنطقة، خاصة بعد مشاركة القوات الأمريكية والبريطانية المتواجدة بها في حرب أفغانستان. وتتركّـز التسهيلات العسكرية الممنوحة للولايات المتحدة في ميناء قابوس، وميناء صلالة، ومطار السيب الدولي.
وهناك عناصر رئيسية تابعة للقوات الجوية في قاعدة المثنى الجوية، وقاعدة تيمور الجوية، وتمثل قاعدة مصيرة العسكرية واحدة من أقوى مواقع التمركز الأمريكي – البريطاني في الخليج.
وتتمتع القوات الأمريكية أيضا بعناصر مختلفة من التسهيلات العسكرية في عدد من المواقع الإماراتية، كقاعدة الظافرة الجوية بأبو ظبي، ومطار الفجيرة الدولي، وعدد من الموانئ البحرية، كميناء زايد، ومينائي رشيد وجبل على بدبي، وميناء الفجيرة. وتتواجد في الإمارات وحدة عسكرية أمريكية، وبعض طائرات الاستطلاع.