الكبيرة الثانية
قتل النفس
الكبيرة الثانية
قال تعالى : " و من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعد له عذاباً عظيما" و قال تعالى : " و الذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهاناً * إلا من تاب و آمن و عمل عملاً صالحاً " و قال تعالى : " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ، و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " و قال تعالى : " و إذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت " .و قال النبي صلى الله عليه و سلم " اجتنبوا السبع الموبقات " فذكر قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق . و قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلم : أي ذنب أعظم عند الله تعالى ؟ قال : " أن تجعل لله نداً و هو خلقك قال : ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك . قال : ثم أي ؟ قال أن تزاني حليلة جارك " فأنزل الله تعالى تصديقها : " و الذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون " الآية . و قال صلى الله عليه و سلم " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار " قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال " لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه " .
قال الإمام أبو سليمان رحمه الله : هذا إنما يكون كذلك إذا لم يكونا يقتتلان على تأويل ، إنما على عداوة بينهما و عصبية أو طلب دنيا أو رئاسة أو علو ، فأما من قاتل أهل البغي على الصفة التي يجب قتالهم بها ، أو دفع عن نفسه أو حريمه فإنه لا يدخل في هذه ، لأنه مأمور بالقتال للذب عن نفسه غير قاصد به قتل صاحبه إلا إن كان حريصاً على قتل صاحبه . و من قاتل باغياً أو قاطع طريق من المسلمين فإنه لا يحرص على قتله ، إنما يدفعه عن نفسه ، فإن انتهى صاحبه كف عنه و لم يتبعه . فإن الحديث لم يرد في أهل هذه الصفة . فأما من خالف هذا النعت فهو الذي يدخل في هذا الحديث الذي ذكرنا ، و الله أعلم .
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً " و قال صلى الله عليه و آله و سلم أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ، و في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا " ، و قال صلى الله عليه و سلم : " الكبائر الإشراك بالله و قتل النفس و اليمين الغموس " و سميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار ، و قال صلى الله عليه و سلم : " لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل " مخرج في الصحيحين ، و قال صلى الله عليه و سلم " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ، و إن رائحتها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً " أخرجه البخاري .
فإذا كان هذا في قتل المعاهد ـ و هو الذي أعطى عهداً من اليهود و النصارى في دار الإسلام ـ فكيف يقتل المسلم . و قال صلى الله عليه و سلم " ألا و من قتل نفساً معاهدة لها ذمة الله و ذمة رسوله فقد أخفر ذمة الله و لا يرح رائحة الجنة و إن ريحها ليوجد من مسيرة خمسين خريفاً " صححه الترمذي و قال صلى الله عليه و سلم " من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى " رواه الإمام أحمد . و عن معاوية رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً " . نسأل الله العافية