أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
الـبلد : العمر : 35المهنة : طالب المزاج : محلل التسجيل : 12/03/2008عدد المساهمات : 1519معدل النشاط : 562التقييم : 18الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: ذبابة المقاومة الثلاثاء 13 مايو - 18:39
فلتنتزع طمأنينة المجتمع وائل عادل - الجزيرة توك انطلقت الفتاة فجأة ودفعت اللص. فالتفت إليها مغضباً.. تمكن منها فأوجعها ضرباً، وأخرج شفرة حادة شق بها وجهها الناعم لتكون عبرة لمن تُسَوِّل له نفسه فعلاً مشابهاً، هوت الفتاة على الأرض بعد أن صرخت صرخة كبرى. التف الناس حولها – بعد أن هرب اللص، حملوها ليذهبوا بها إلى مشفى قريب ليخففوا عنها جراحها، وما دروا أنهم يزيدون من طعناتهم لها بتلك العبارات التي تفوهت بها ألسنتهم، “لماذا تفعلين في نفسك كل ذلك؟”، “هذا مجرم لا قِبَل لك به… لم تضيعين مستقبلك؟!”، لم يكونوا أقل إجراماً من ذلك اللص، ولم تكن شفراتهم أقل حدة؛ بل كانت أكثر فتكاً، فقد رشقوها في قلب الفتاة، ليميتوا فيها الضمير.
كان زميلي أحد هؤلاء الخطباء المفوهين الذين أثخنوها بمزيد من الجراح، سألته أن يتمهل وليتب عن جريمته. لكنني اكتشفت أن هذه الخطب العصماء كانت ضرورية بالنسبة لهم، فقد كان كل فرد يخاطب نفسه ليبرر لها قعودها بصوت مسموع. لقد زعزعت هذه الفتاة طمأنينة الضمير لدى الجموع الواقفة، فحتى ذلك الذي ينعتها بالتهور خالفت قسمات وجهه ثرثرة شفاهه، لم يكن مشفقاً عليها بقدر ما كان يشعر بتأنيب الضمير، كونه لم يحرك ساكناً. حقاً فلتحيا الذبابة!! استمر زميلي في محاولة تهدئة ضميره بعبارات يسمعني إياها، فأخذ يتحدث عن فشل الفتاة في تحقيق أي هدف، فهي لم تمسك باللص، وخسرت جمالها. قلت له: صحيح، لقد أخطأت الفتاة، كان عليها قبل أن تتخذ ذلك القرار الفوري أن تقضي أياماًَ في فكرة عميقة، ثم تأتي ومعها الحبال الغلاظ التي ستقيد بها اللص، ومن المهم أيضاً أن تأتي بمقاعد مريحة ليجلس عليها أمثالك من المشاهدين حتى لا تتعبهم أقدامهم ويستمتعوا بالمشاهدة. أما المشروبات الغازية والتسالي فليأت بها كل متفرج على حدة. وفي النهاية … تحيا الذبابة!! إذا نجحت الفتاة في استرداد ما سرقه اللص سيعتبرها المجتمع بطلة عظيمة، وسيحتفي بها سعيداً كأنه هو صاحب الإنجاز، ثم يعود يمارس حياته بشكل طبيعي دون أن يشعر بالأرق كونه لم يفعل شيئاً، لقد تحول إلى لص كبير يسرق الإنجازات، ويحتال لينال راحة البال. أما إن أخفقت الفتاة في مهمتها – التي كان يفترض أن تقوم بها الجموع، سيبدأ الجمهور يشعر بألم نفسي كلما تذكر المشهد. أي أن العقوبة المباشرة التي وجهها اللص للفتاة هي سبب تكدير صفو ضمائرنا، فولا الصرخة، والوجه الدامي، لما حُفر المشهد في ذاكرتنا. ولما شعرنا بأنه كان يفترض علينا أن نفعل شيئاً.. فهل العقوبة – إن استثمرت- تكون جزءاً من فلسفة المقاومة؟؟ لقد بدأت أشعر أن الفتاة كان مدركة أنها لن تنال من اللص، لكنها ستنال منا، لم تكن تقاوم اللص، بل كانت تقاوم صمتنا، لم تكن تطارد اللص، بل كانت تطارد ضمائرنا التي اختبأت داخل أحشائنا هاربة من أداء دورها. وربما كان ذلك هو هدفها. إنني على يقين أن الفتاة أقضت مضاجع ضمائر الجموع الواقفة، وأنهم قبل أن يضعوا رءوسهم على وسائدهم ليلاً سيزورهم المشهد بتفاصيله من جديد، وستصبح تلك الفتاة قصة أو أسطورة تغشى مجالس من رأوا الحادثة. أسطورة الذبابة!! إننا عندما نقاوم الظلم كأفراد فإننا نستعيد آدميتنا، كخلق مكرم يأبى الظلم. ولا تسعى مقاومة الظلم فقط إلى التخلص من المستبدين، بل تسعى أيضاً إلى إيقاظ الضمائر، إلى انتزاع الطمأنينة الاجتماعية وتفتيت وهم الشعور بالرضا، وصفع مبررات الرضوخ للواقع داخل كل فرد. أي أن مقاومة الظلم في النهاية تكدر صفو المجتمع إن أراد أن يغض الطرف عن الظلم، متخلياً عن أحلامه ومتجاهلاً واجباته. فأكرم بالذبابة!! إن المقاومة سلوك، نابع من بشريتك كإنسان، فهو واجب فردي به تكتمل إنساناً، سواء عاونك الناس أم خذلوك، فإن عاونوك فربما تقهر الظلم، وإن خذلوك فحسبك أنك قاومت الظلم الأكبر… ظلم الجموع الصامتة. وعليك أن تبدع في إيجاد الوسائل التي تؤرق بها بال كل مستكين مسترخ. فإن رأيت ظلماً في أي مكان فقاومه ولو كنت وحدك، في بيتك، في عملك، في مدينتك، في بلدك، في العالم، ولا تفكر دائماً بمنطق هل سيزول ظلم الخصم؟؟ لأنك إن لم تستطع وحدك إزالة الظلم فإن واجبك يتحول إلى مقاومة ظلم أولئك الصامتين الذين كان عليهم أن يشاركوك المعركة. فلا بأس أن تغير اتجاه المعركة لتعلن خوض معركة زلزلة الضمائر، حين تقتحم أمام الملأ وحدك بصدرك العاري وقبضتك المشدودة. حينها ستتحول إلى عملاق، يشعر من حوله أنهم أقزام. فيا لها من ذبابة!! وكلما اكتشفت وسيلة أقرب للنجاح في مقاومة الظلم، كلما أثر ذلك بإيجابية على الجموع من حولك لتؤمن بإمكانية الفعل، واعلم أن رسالتك الرئيسة هي أن تثبت لنفسك أولاً أنك إنسان سوي، ثم تقض مضاجع الضمائر النائمة، ولتتفنن في ذلك كيفما استطعت، فأنت حتماً المنتصر. ألست أقوى من الذبابة؟!
اتجهت مع زميلي إلى أقرب مطعم، حضر الطعام الشهي، إلا أن زميلي قضى معظم وقته في محاولة طرد تلك الذبابة المزعجة، وإقناعها أن أنفه ليس المهبط الخاص بها، تململ وأبدى نفوره، فقد قطعت عليه لذة الطعام، أخبرْتُه أنها تكمل تلقينه الدرس لتقض مضجعه، وإن كان قد تمكن من الهروب بضميره أمام سلوك الفتاة؛ فلن يتمكن من الإفلات من الذبابة، أخبرته أننا في حاجة إلى آلاف الذباب الذي يغشى طنينه كل مكان، وكيف لا وقد كان سقراط يرى أثينا كحصان كسول، ويعتبر نفسه الذبابة التي تحاول إيقاظها وإبقاءها حية!!
موضوع: رد: ذبابة المقاومة الثلاثاء 13 مايو - 21:48
بعمليه تجميل بسيطه يمكن ان تستعيد تلك الفتاه جمالها ولكن كيف والجميع متواطىء بل متحالف مع اللص ... اللص الذى سرق نفطهم واحتل اراضيهم واعتدى عليهم وفى النهايه يدينوا الفتاه فاصبحت الذبابه اشرف منهم جميعا ... " لك الله يا بلاد الرافدين "