أحد المؤسسين لمشروع النهر الصناعي: المشروع مكسب مهم وإستراتيجي لليبياالنهر الصناعي ،هذا النهر الذي يضخ كميات هائلة من المياه من عمق الصحراء إلى مناطق الساحل الليبي، هذا النهر الذي لطالما تباهى معمر القذافي وسمى نفسه بأنه مهندسه ومؤسسه وصاحب فكرته، هذا النهر الذي دفع الشعب الليبي عن طريق الضرائب المفروضة عليه والأيادي العاملة تكاليفه وإنجازه، متى وردت فكرته، وهل كان مشروعاً مجدياً وهل يستحق تلك المصاريف، وماهي كمية المياه التي ينقلها … للإجابة على هذه التساؤلات وغيرها التقت قورينا الجديدة بأحد العناصر المؤسسة والمشاركة في أعمال هذا المشروع منذ ثمانينات القرن الماضي والموظف السابق في “مشروع نقل مياه تازربو” النهر الصناعي محمد محمد غانم…
بداية قال غانم، دلت الدراسات الفنية والهيدرولوجية التي قامت بها عدة هيآت استشارية متخصصة منذ بداية ستينيات العصر الماضي على وجود خزانات جوفية هائلة للمياه في المناطق الصحراوية جنوب ليبيا في مناطق السرير وتازربو والكفرة ووادي الشاطئ وجبل الحساونة ومرزق”.وأضاف، بينت الدراسات حجم مخزون المياه في هذه المناطق قدر بعشرات المليارات من الأمتار المكعبة من المياه ،بل إننا لا نبالغ إن قلنا الخبراء أجمعوا على أن مخزون هذه الأحواض من المياه يساوي مياه نهر النيل الجارية لمدة 200 عام.
ويتابع غانم حديثه : كما ذهب مركز البيئة والتنمية العربية وأوروبا المعروف اختصاراً cadare” ” إلى أبعد من ذلك بأن دلل على ضخامة مخزونات واحتياطيات المياه الجوفية بتلك الأحواض في تقرير له بأن كميات المياه العذبة المخزنة بمنظومة الخزان الجوفي الذي يمتد من ـ تأكيداً لما ورد من معلومات حول حوض الكفرة فقط ـ على أنه بحيرة من المياه تحت الرمال مساحتها “2.5″ مليون متر مربع تشارك فيها وتتقاسمها كل من ليبيا ومصر والسودان وتشاد بحوالي “373.3× ” متر مكعب”.
وأوضح غانم، أن إجمالي المياه الجوفية المستخرجة منها حتى عام 2000 في هذا الخزان يقدر بحوالي ” 8.9 × ” متر مكعب، أي ما يعادل تقريباً 2.4 % من حجم مياه مخزون واحتياطيات الخزان.
وأكد أن التقرير الصادر عن المركز، قدر أنه في حالة استمرار الضخ من هذا الخزان على الوتيرة الحالية التي تقدر بــ” 1.38″ مليار متر مكعب من المياه سنوياً للأقطار الأربعة فإن المخزون الجوفي لن ينفد إلا بعد مرور أكثر من 4880 عاماً.
فكرة المشروع
وذكر غانم، أن فكرة نقل المياه من الصحراء إلى المدن جاءت بعد اكتشاف كميات هائلة من المياه الجوفية بالصحراء الليبية، تم العثور والتعرف عليها من قبل الشركات الأجنبية التي كانت تقوم بالتنقيب والحفر واستكشاف النفط، منذ ستينيات القرن الماضي ، حيث نصح في أواخر السبعينيات بالاستفادة من هذه المياه، خاصة وأن ليبيا تعاني شحاً شديداً في مصادر المياه الجوفية العذبة.
وقال الموظف السابق “أنشئت في عام 1978هيأة لبناء مدينة السرير لوضع دراسات وتصاميم وتصورات لإقامة مدن حديثة وعصرية بالصحراء لنقل الناس إليها بالقرب من منابع المياه، ثم أنشئ عام 1980 مشروع مغاير لذلك يتمثل في وضع تصور ودراسة لنقل المياه من الصحراء إلى الساحل”.
ويواصل المسؤول حديثه “أصبح هناك خياران لاستثمار المياه ، إما بإنشاء مدن بالصحراء ونقل الناس إليها أو نقل المياه إلى السواحل الليبية للاستفادة منها ، واختارت ” اللجنة الشعبية العامة” في ذلك الوقت نقل المياه إلى الساحل عام 1983 وهذه فكرة النهر”.
جنود مجهولون
وأوضح غانم، أن كل من المهندس محمد الجهاني من وزارة الزراعة، والمهندس نوري السنوسي شركة نقل مياه تازربو السرير والدكتور مختار العجيلي شركة أم الجوابي النفطية والمهندس علي بالنجاح من وزارة الصناعات الثقيلة وعبدالحميد الطيار مشروع نقل مياه تازربو وأبوبكر الشواشي من وزارة الزراعة بالإضافة إلى محمد غانم كانوا الجنود المجهولين الذين آلو على أنفسهم إلا أن يقدموا عملاً رائعاً شفافاً لليبيا في وقت ساد فيه الظلم والجبروت وكانوا هم أصحاب التصور، لما يملكوه من الخبرات والتخصصات الفنية والإدارية والمالية الرائدة.
وأكد بقوله “إن مشروع النهر الصناعي ملك للشعب الليبي وليس ملكاً للقذافي، والشعب الليبي هو الذي فكر فيه وبناه وموله من دمه، عن طريق الرسوم المفروضة عليه في التبغ والبنزين ومواد التموين وضريبة الجهاد ، وتذاكر السفر، والرخص بأنواعها ، وغيرها من الرسوم الأخرى”.
ولفت غانم، إلى أن مشروع النهر قد يكون هو العمل الوحيد الذي تم تنفيذه في عهد القذافي لتوفير المياه العذبة للشعب الليبي على طول مدن الساحل الليبي وعمقه، تلك السلعة النادرة – المياه – اللازمة لحياة الإنسان والحيوان والنبات على وجه هذه الأرض.
جودة المياه
وقال الموظف “إن مياه النهر الصناعي هي الأعلى جودة ونوعية عن نظائرها المحلاة من مياه البحر وكذلك الأقل تكلفة حيث تقدر تكلفة إنتاج المياه المحلاة من البحر في ليبيا بما يتراوح ما بين دولار ونصف إلى الثلاثة دولارات أمريكية للمتر المكعب، في حين أن تكلفة مياه النهر تتراوح ما بين 190 درهما إلى 211 درهما للمتر المكعب”.
وأشار إلى أن تحلية مياه البحر تشوبها بعض السلبيات والمشاكل متمثلة في التكلس أو الترسبات، واتساخ معدات التحلية، وارتفاع الطاقة المستهلكة، بالإضافة إلى تآكل المعادن والسبائك والمواد العالقة والبكتيريا.
تحلية مياه البحر
وأكد غانم، أن نسبة الملوحة – حسب ما تقول الدراسات – في المياه المحلاة من مياه البحر تتراوح ما بين 35 في المئة إلى 60 في المئة إلى جانب أن إزالة المواد العسرة مثل البكتيريا التي تعتبر أكبر عقبة تواجه محطات التحلية، ولكي تصل النقاوة إلى 98 في المئة وإزالة المواد العالقة والكبريتات باستخدام أغشية “النانو” المتناهية الدقة فإنها تحتاج إلى مبالغ مالية إضافية ترفع من تكلفتها.
وذكر أن لمحطات تحلية مياه البحر تأثيرات سلبية على البيئة، وهذا جانب خطير للغاية، وتلويثها بالنفايات والعوادم والكربون المتصاعد عند تشغيل المحطات واحتراق الغازات أو الوقود المشغل لمولدات محطات التحلية ، إلى جانب أن مياه البحر المحلاة خالية من كافة العناصر والأملاح والمركبات الكيميائية التي يحتاجها جسم الإنسان والحيوان والنبات الموجودة في الماء.
وأضاف الموظف السابق بمشروع نقل مياه تازربو، أن لمحطات التحلية سلبيات كيميائية تؤثر على البيئة، حيث يتم تصريف الفضلات الناجمة عن التحلية في المناطق الساحلية والداخلية يترتب عليها انعكاسات سلبية مختلفة ويترك تلوث “ايكولوجية بحرية”.
وأفاد أن الإضافة الكيميائية المستخدمة ضد النمو الفطري تؤثر على نوعية المياه المحلاة المنتجة وانبعاث غازات الصوبة نتيجة الطاقة المستخدمة أو المستهلكة في إنتاج المياه المحلاة، وتأثير الرجيع على البيئة البحرية، بالإضافة إلى التأثيرات المرئية على المناظر الطبيعية والضجيج.
تأثيرات النهر
وأضاف الموظف السابق “لا توجد أي تأثيرات سلبية أو كيمائية على البيئة لمياه النهر الصناعي، وإن وجدت فهي بنسبة ضئيلة لا تذكر وليست مؤثرة، وإنتاج مياه النهر يعتمد على وسائل أسستها العلوم والتقنيات الحديثة المبنية على التقنية السلمية والنظيفة والصديقة للبيئة، التي توفر الحد الأعلى من المنافع الاجتماعية والاقتصادية في وجود احتياطات هائلة من المياه الجوفية العذبة التي لا تنضب ذات النوعية الجيدة الغنية بالأملاح والعناصر والمعادن اللازمة لجسم الإنسان”.
وأشار غانم إلى أن مياه النهر الصناعي هي الأعلى جودة عن نظائرها المحلاة من مياه البحر، وكذلك الأقل كلفة في إنتاجها، لافتا إلى أن هذه نعمة من النعم التي وهبها لنا الله ونتمنى أن نحافظ عليها ونقدرها حق قدرها ونستخدمها الاستخدام الأمثل وألا نهدرها.
تكلفة النهر
وقال الموظف “فيما يتعلق بتكلفة المشروع وما أنفق عليه منذ تأسيسه من مصدر بالنهر الصناعي بالإضافة إلى ما سمعته من مدير عام المالية السابق بلقاء تلفزيوني علي حبري يوم 2-10-2011 بأن التكاليف التي تم صرفها وإنفاقها عليه منذ تأسيسه وبداية دراساته وتصاميمه منذ أن كان نهراً على الورق في ثمانينيات القرن الماضي حتى الآن قد قدرت بأحد عشر مليار دينار ليبي، غطت كافة الأصول والمواد الضخمة والمصانع والخزانات والمواد والعمالة وغيرها من الأعمال والمواد الخام المكملة”.
وأضاف “أن أكثر من نصف هذه القيمة إن لم نقل ما قد يصل إلى ثلثيها قد أنفقت داخل ليبيا في شراء مواد خام للمشروع مثل الإسمنت والمرش والرمل والمياه العذبة الداخلية في التصنيع، وما تحصلت عليه من أموال العديد من الشركات العامة والخاصة الليبية في تنفيذ أعمال المشروع، وما صرف من مرتبات لعدد كبير من أرباب الأسر الليبية العاملة في مختلف المواقع من عمالة المشروع ومهندسيه، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، يفوق عددها سبعة آلاف مستخدم إلى جانب تأهيلهم وتدريباتهم في الداخل والخارج.
وأكد غانم قائلا “إن مشروع النهر مكسب مهم واستراتيجي لليبيا والليبيين لأنه يزودنا بما نحتاجه من المياه العذبة، أي أنه يقوم بتزويدنا بما يزيد عن النصف مليون متر مكعب يومياً للمناطق من سهل بنغازي إلى سرت وما يحيط بها من مناطق مروراً بالمناطق الواقعة بينهما، وبما يزيد على المليون متر مكعب لمناطق طرابلس وسهل الجفارة والمناطق المحيطة بها، بفضل الله والجنود المجهولين المتمترسين في مواقعهم لإنتاج المياه وتزويدنا بها عذبة نظيفة رائعة وصحية.
http://qurynanew.com/2012/01/أحد-المؤسسين-لمشروع-النهر-الصناعي-مشر/