بعد
نحو 33 عاماً من القطيعة السياسية، أعادت ليبيا فتح قنوات التعامل
الاقتصادي والتجاري مع لبنان، في قرار شمل سويسرا أيضا ومنح حرية التعامل
معهما أسوة بالدول الأخرى. فماذا في خلفية القرار الاقتصادي؟ وما هو موقع
السوق الليبية بالنسبة إلى لبنان؟

ففي تصريح نقلته "وكالة الأنباء الليبية"، أعلن وكيل وزارة الاقتصاد أحمد
الكوشبي، أن الحكومة الليبية اتخذت قرار رفع الحظر عن التعاون التجاري
والاقتصادي مع لبنان وسويسرا، موضحا أن تلك العلاقات مع البلدين ستكون
سليمة. وقال إن "ليبيا ستبني علاقات تعاونها مع الدول على أسس الاحترام
المتبادل والتعامل المثمر بما يحقّق مصلحة شعبها وتلك الدول، سواء في لبنان
أو سويسرا".

ويأتي القرار بعد قطيعة علنية استمرت نحو 33 عاماً على خلفية خطف الإمام
موسى الصدر ورفيقيه وتغييبهما، بما دفع لبنان الى الادعاء قضائيا على
العقيد الليبي معمر القذافي وأركان حكمه، إضافة الى التغيب عن القمة
العربية التي انعقدت في ليبيا اخيرا قبل سقوط نظام القذافي. وجاءت حادثة
اقتحام سفارة لبنان في ليبيا لتضاف الى التراكم السلبي في العلاقات
الثنائية. فتقدمت وزارة الخارجية والمغتربين عبر بعثة لبنان الدائمة لدى
الامم المتحدة في نيويورك، بشكوى ضد النظام الليبي على خلفية الاقتحام،
وتقدمت الوزارة بشكوى مماثلة لدى الامانة العامة لجامعة الدول العربية.

ولم تكن القطيعة قائمة فعلا. اذ فرض نظام القذافي حظرا تجاريا واقتصاديا
على لبنان، ومنع تاليا تسجيل الشركات والسلع الموردة من البلدين ودخولها.
الا ان ثمة خروقا كانت تسجل بين حين وآخر، خصوصا مع جهات معينة كان يختارها
النظام الليبي ليستورد منها سلعا محددة، منها التفاح، فيما كان يتأخر
مزاجيا في تسديد فواتيره.

واشار الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة الى ان التبادل المشترك تعرقل
بسبب العلاقات السياسية، "لكنه شمل سلعا غذائية ومفروشات وتكستيل، ومعظمها
لم يكن يصدّر مباشرة الى ليبيا بل عبر مصر والجزائر". الا ان نائب رئيس
جمعية "ليد" (جمعية لبنانيون من اجل الاقتصاد والتنمية) روي بدارو، قال ان
التعاون استمر بين البلدين لكنه اقتصر على ما صدره لبنان الى ليبيا، مشيرا
في هذا السياق الى تصدير سلع زراعية وغذائية وألبسة ولوازم مدرسية وسواها.
واوضح ان وتيرة التصدير كانت تتوقف على الجهة الليبية (النظام) التي كانت
تختار مع اي طرف ستتعامل وتحدد طريقة الدفع وزمانها، "بما جعل الامور اكثر
من صعبة".

ويرى حبيقة ان سوق ليبيا ستكون واعدة واساسية للبنان. "فهي سعودية
الستينات والسبعينات. تملك ثروات واموالا ضخمة، وتفتقر الى كل شيء بدءا من
البنى التحتية وصولا الى اصغر سلعة يمكن التفكير فيها". واذ رأى ان
الاوروبيين والفرنسيين تحديدا سيحصلون على معظم عقود العمل في ليبيا، تحدث
عن فرصة للشركات اللبنانية في توقيع عقود Subcontracting (التعاقد الثاني)
في مجالات واعدة مثل النفط والغاز، اضافة الى فرص عمل وفيرة للبنانيين
الافراد". لكن ذلك يحتاج في رأيه الى استقرار سياسي وامني وبناء الدولة،
متوقعا ان تكون ليبيا في نهاية الـ2012 هي السوق الأكثر جذبا للاعمال
والاستثمار وفرص العمل "ولا سيما في ظل الانكماش المحلي وضيق سوق الخليج،
بما يرشح السوق الليبية ان تكون متنفسا اساسيا لنا".

بدوره، رأى بدارو ان المستقبل سيتيح فرص عمل جيدة "لكننا نريدها ان تكون
مستدامة وآمنة"، ملمحا الى اهمية الاستقرار الامني "فبنغازي اكثر امانا من
طرابلس الغرب"، ومعتبرا ان لبنان قادر على تصدير العديد من خدماته ولا سيما
في مجال التعليم الجامعي والمصرفي.



http://www.lebanese-forces.com/web/MoreNews.aspx?newsid=187368