* تونس ـ «الشروق»:
لأنه تونسي الروح والكيان، عاد أمس الى أرض الوطن قادما من أمريكا العالم التونسي الكبير بوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» محمد الأوسط العياري محمّلا بالشوق والحبّ وبمنظار «الشاهد» لرصد الهلال، قبل ان يسافر من جديد الى مدينة «مرسيليا» الفرنسية ليعرض اختراعه المذهل على عدد من الخبراء والعلماء لتقييمه ثمّ يعود الى تونس ليعلن رسميا عن ميلاد «الشاهد» من مدينة القيروان يوم 30 جوان الجاري.
ولقد أصرّ العالم محمد الأوسط العياري على ان يزور تونس صحبة اختراعه وفريق عمله قبل عرضه على العلماء، اعترافا بالجميل لهذه الارض الطيّبة التي نشأ وتربى وترعرع ودرس، ودرّس فيها..
وهذا ما أكده لنا شاكرا وممتنا ومفتخرا بأنه تونسي ويحمل في أعطافه كل حب الدنيا لهذا الوطن العزيز، وهو لذلك وعلى ذلك يهدي اختراعه «الشاهد» لكل التونسيين والعرب والمسلمين عامة، والى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي راعي الشباب والعلماء والباحثين خاصة... وهذا ما قاله لنا العالم محمد الأوسط العياري سعيدا ومعتزّا ومعترفا بالفضل.
ومعلوم ان الأنظار ستتجه بداية من يوم الاثنين 23 جوان الجاري الى مدينة «مرسيليا» لمتابعة فعاليات الملتقى العلمي العالمي الذي سيقام بقصر المؤتمرات ويقدّم خلاله العالم التونسي محمد الأوسط العياري اختراعه الشاهد لرصد هلال رمضان والأشهر القمرية، للعالم أجمع.
وسيحضر هذا الملتقى العلمي التاريخي عدد كبير من مختلف خبراء العالم تمّ استدعاؤهم لمائدة مستديرة للنقاش حول الأبعاد التكنولوجية لـ «الشاهد» على امتداد أيام الملتقى الذي تحتضنه مرسيليا من 23 الى 28 جون الجاري.
ولقد كانت «الشروق» سباقة في التحدث مع العالم محمد الأوسط العياري حول منظار «الشاهد»... وتنفرد اليوم بنشر صورة له قبل عرضه على العلماء.
* تعريف بـ «الشاهد»و»الشاهد» هو جهاز صمم خصيصا للتحقق من رؤية الهلال اعتمادا على العلم والتكنولوجيا، كما ان هذا الجهاز صمّم لمراقبة وتلبية متطلبات عمليات الرؤية التقليدية التي تتم بواسطة العين المجرّدة مع الأخذ في الاعتبار الحسابات الفلكية.
وبالتالي فإن هذا الجهاز، يساعد على حلّ كل الاشكاليات المتعلقة برؤية الهلال ويمكن استخدام مركز المراقبة وكل محطات الرصد طيلة السنة لكل الأنشطة السياحية والتعليمية ويمكن ان يحوي مركز المراقبة مختبرات تقوم بأبحاث تخصّ الرؤية وتوفير المعطيات والمعلومات لمحطات الرصد. وبالإمكان بث صور الهلال التي يتم إلتقاطها من مختلف المناطق في العالم الى أجهزة الحاسوب الشخصية وذلك عبر الانترنات ومحطات التلفزيون.
وفي هذا الإطار أيضا وفي شيء من التفصيل أفادنا العالم محمد الأوسط العياري ان اختراع «الشاهد» هو الأول من نوعه لتوحيد رؤية الهلال وهو عبارة عن عين الكترونية متطوّرة تسهل رؤية الهلال، وبالتالي تأكيد دخول الاشهر القمرية الهجرية وأن المنظار يحوي آلة تصوير ومحرّكا وجهاز اتصال مدعما ببرنامج تكنولوجي على صلة بأجهزة كمبيوتر وأن مهمة المنظار متابعة تحرّكات الهلال مع غروب الشمس لتحديد موقعه في السماء ثم ارسال إشارات ضوئية تتيح لمن يريد التثبت من الهلال ان ينظر الى المنطقة المحددة ولا يوجه بصره الى مواقع أخرى وأن مراكز المراقبة في مناطق مختلفة تتكفل بالتقاط صور الهلال حال بروزه ما يؤكد رؤيته ولا يدع مجالا للشك.
ويضيف: ولعل المذهل في هذا الاختراع العظيم والأول من نوعه في التاريخ انه يمكن ان يصوّر الهلال من جوانب مختلفة وحتى عندما تكون السماء ملبّدة بالغيوم والطقس شتائي.. ان هذا الجهاز سيرفع كل إلتباس عن حسابات الناس الخاطئة الآن كل شيء فيه قد ضبط بطريقة علمية دقيقة جدا. ولعل العرب والمسلمين يصومون شهر رمضان مستقبلا متحدين... وهذا ما أرجوه لهم صادقا... فضلا عن مزايا أخرى «للشاهد».. على مستوى الأبحاث والعلوم... ولقد جرّبته وكانت النتائج مذهلة والحمد لله.
أما عن كلفة هذا المشروع العلمي المذهل، فلقد أفادنا العالم محمد الأوسط العياري بأنها تصل الى 30 مليون دولار، وأن هذا الاختراع قد استغرق انجازه مدة عامين من البحث والمتابعة وهو جزء من برنامج متكامل اطلق عليه «الشاهد من أجل عالم جديد».
وحول شعوره بعدما أنجز هذا الاختراع الضخم ـ فضلا عن انجازات علمية أخرى وكبرى يضيق المجال عن ذكرها الآن ولقد تعرضت لها «الشروق» سابقا ـ قال العالم التونسي محمد الأوسط العياري بتواضع جمّ: طبعا شعوري هو مزيج بين الفخر بأني تونسي والسعادة الغامرة بأني حققت للانسانية قاطبة ما من شأنه ان يساعد على مزيد التعمّق والبحث في أسرار الكون، وأحلم بإقامة مركز بحث علمي متخصص تحت اشراف رئيس الدولة.. فلو نظرنا الى تقدّم أمريكا العلمي كله لوجدناه منحصرا في عشر جامعات، فليس ضروريا دعم الجميع في مجال البحث العلمي، ولكن دعم المتخصص فقط من اجل التطوّر!! إني فخور بهذا الانجاز، وستعقبه انجازات علمية أخرى ان شاء الله في قادم الأيام.. (قالها بخجل ظاهر وبتواضع العلماء)!
•احتفاء بالعالم في القيروانوتواصلا مع هذا الحدث العلمي الهام. أفادنا الدكتور محمد الاكبر العياري شقيق العالم محمد الاوسط العياري، والقائم بأعماله في تونس انه سيتم الاحتفاء بالعالم محمد الأوسط العياري وفريق العمل الذي يشرف عليه في مدينة القيروان مهده الأصلي، ومرتع الصبا، حيث سينظم له لقاء ليعلن رسميا من هناك بعد ملتقى «مرسيليا» عن ميلاد «الشاهد» كإنجاز علمي فريد من نوعه وقد تبنّت هذا الحدث الهام جمعية رياضيات وتطبيقات بالقيروان بالتنسيق مع السلط الرسمية والجهوية والمحلية لإنجاح هذا الحدث التاريخي الذي هو من إنجاز أحد أبناء الجهة.
مع العلم ـ يؤكد الدكتور محمد الأكبر العياري ـ ان ملتقى مرسيليا له هدفان: التعريف بالشاهد... وتقييمه تقنيا وعلميا بحضور 8 آلاف من علماء العالم... مع العلم ايضا ان محمد الأوسط العياري هو العالم العربي الوحيد الذي يقدّم في هذا الملتقى اختراعه أمام هذا الكمّ الكبير من العلماء والخبراء. وهذا بلا شكّ مبعث فخر واعتزاز يتجاوز شخصه ليشمل جميع التونسيين وعلى رأسهم سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي الذي أرسلنا إليه نشكره على وقفته المشرّفة الى جانبنا بتكريمه لأبننا العالم البار في يوم العلم من سنة 2005، فضلا عن رعايته الموصولة والمتواصلة وتوصياته المتكررة بمساعدة محمد الأوسط العياري على مزيد التألق والابداع والنجاح في بحوثه واكتشافاته العلمية من أجل تونس والانسانية قاطبة... وان تونس لجميلة برئيسها ومسؤوليها ومواطنيها وعلمائها وباحثيها وبكل من ساهم ويساهم في بناء نهضتها... وحضارتها والمحافظة علىها من هبوب رياح السموم الخارجية؟!
ولا يمكن ان ننهي هذا الحديث عن هذا الانجاز العلمي التونسي الهام الذي ستشرئب له الاعناق والعيون والأسماع لرصد خفاياه وأسراره في ملتقى مرسيليا العلمي والعالمي، دون ان نسأل الأم التي حضنت العالم محمد الأوسط العياري وربّته وأرضعته حليب الصدق والطهر الى جانب اخوته الخمسة الدكاترة والعلماء.. عن مشاعرها الفيّاضة والمتدفقة وهي ترى ابنها يقدّم للعالم «الشاهد» اكتشافه الكبير.. وهذا ما سألناها عنه... وبهذا أجابت!!
تقول الأم نفيسة عميرة أم الستة دكاترة بفرحة غامرة «إني سعيدة جدّا بهذه المكانة العلمية التي وصل اليها «سي الأوسط» وسعيدة أكثر بهذا الانجاز الذي فتح آفاق الكون امام عقل وعين الانسان وان سعادتي لا توصف عندما قدّمت للبشرية هذا الابن البارّ بي وبإخوته وبالناس جميعا ليفيد الناس بعلمه وخبراته واكتشافاته، وسأكون حاضرة ان شاء الله في مرسيليا لمواصلة احتضانه وتشجيعه ـ كما هي رغبته دائما في مثل تلك الملتقيات ـ وسط ذلك الكمّ الهائل من العلماء.. ان «سي الاوسط» ابن ممتاز وشخصية جبّارة وكفاءة علمية نادرة... انه يعيش لغيره لا لنفسه... انه يحبّ العمل والاجتهاد ويحبّ لتونس كل الخير... والتقدّم... ان ابني جميل في بساطته وتواضعه وخجله... ولكنه غزير في علمه... مجتهد في عمله... مخلص في حبّه لي ولإخوته وللبشرية جمعاء.. اني أشعر من خلاله بأني قد أحسنت تربية أبنائي... وإني لسعيدة ـ كما اسلفت الذكر ـ وسأسعد أكثر عندما تستفيد الانسانية من «شاهد» «سي الاوسط»!
.. وإلى هنا نزل الستار على مشهد كان مضيئا بالفكر والعلم والمشاعر الفياضة والمتدفقة لنعلم حضرات القرّاء ان «الشروق» ستكون حاضرة في فرنسا ـ بإذن الله ـ لتغطية ملتقى مرسيليا العلمي والعالمي ممثلة في كاتب هذا المقال..( محمد الماطري صميدة ).