يوجد في الجيش الصيني جندي عادي ذاعت شهرته في الجيش بمهارته بالرمي منذ العام الماضي اعتمادا على جهوده الدؤوبة في الدراسة والتدريبات العسكرية. وهو الجندي خه شيانغ مي في منطقة نانجينغ العسكرية، ويلقّب بملك الرماة البارعين في الجيش الصيني.
ولد خه شيانغ مي في عام 1981، وقامته ليست طويلة ولكنه قوي الجسم ومفتول العضلات ولون بشرته برونزي وعيناه حادّتان مثل الصقر. وهو رجل صادق متواضع وبسيط وطيّب القلب. وبرغم أنه قليل الكلام، لكنه قنّاص ممتاز على أعلى مستوى ويجيد إطلاق الرصاص ولا يخطئ الهدف.
وانضمّ خه شيانغ مي إلى الجيش الصيني قبل عشر سنوات، ويستطيع قتل العدو برصاصة واحدة وحصل على الشهادات المهنية للقفز بالمظلّة وقيادة الطائرات والغطس واستوعب المهارة العسكرية للغطس في البحر العميق وتسلق الجروف والقفز بالمظلّة وغيرها من أصعب المهارات العسكرية، ولذلك، يعتبر جنديا متفوقا يمتلك مختلف المهارات اللازمة في المعارك البرّية والبحرية والجوية. وحصل على لقب شرف كبير كجندي شابّ نموذجي في الجيش الصيني. وقال الرائد (الميجر) تيان وي دونغ – قائد السريّة التى يخدم فيها الجندي خه شيانغ مي:
" إن خه شيانغ مي جندي قوي في القدرة القتالية. ولديه كافة المهارات اللازمة في المعارك البرّية والبحرية والجوية لأنه شجاع في مواجهة التحديات ويرغب في تجربة الأشياء الجديدة ولا يخاف من الصعوبات والمشاقّ. "
وأجرى مراسل إذاعتنا مقابلة صحفية مع الجندي خه شيانغ مي مؤخرا في إحدى ساحات الرماية في منطقة نانجينغ العسكرية. حيث كان الجندي خه يلبس ملابس القنّاص أي ملابس التخفّي المصنوعة بتقنيات التمويه الضوئي وينبطح على الأرض المعشبة الرطبة للتدريب على الرماية بانهماك. وكانت الريح تهبّ بشدّة على ساحة الرماية. وأطلق الجندي خه ثلاث طلقات متتالية، وأصابت كل الرصاصات النقطة السوداء في اللوحة التى تبعد عنه بأكثر من مائتي متر. واندهش مراسلنا بمهارته الرائعة. وتحدّث معه على هامش التدريبات لمعرفة مشواره. حيث قال الجندي خه شيانغ مي:
" في الحقيقة، لم أعرف كيفية استخدام البندقية وغيرها من الأسلحة قبل انضمامي إلى الجيش. ولم أر البندقية القنّاصة قبل ذلك. ويوجد في الجيش أعداد غفيرة من المدرّبين الممتازين، وهم يدرّبونني ويرشدونني بدقّة وصبر كبيرين. وبفضل ذلك، استوعبت هذه المهارات المتخصصة حاليا. "
وفي نهاية عام 1999، غادر الفتى خه شيانغ مي الذي بلغ سن الثامنة عشرة من عمره غادر بيته في المنطقة الجبلية النائية بمقاطعة جيانغشي وسط الصين وانضمّ إلى الجيش في منطقة نانجينغ العسكرية. وفي عام 2005، قررت منطقة نانجينغ العسكرية اختيار مجموعة من الجنود البارزين لإعداد فريق من القنّاصين. ويعتبر خه شيانغ مي جنديا عاديا من مظهره، لأن قامته تبلغ 169 سنتمترا فقط ووزنه 80 كيلوغراما. ويبدو أن أحواله البدنية لا تطابق المواصفات المطلوبة للقنّاص. ولكن، بعد الاختبارات القاسية، تمّ اختيار الجندي خه وانضمامه إلى فريق خاصّ بتدريب القنّاصين من خلال المنافسات العنيفة.
إن التدريبات في الفريق كانت شاقّة للغاية. حيث يجب على أفراد الفريق حمل جذع شجرة ثقيل واختراق خطّ الحصار والهجوم بالنيران والسباحة عبر البركة العميقة وغيرها من التدريبات الشاقّة لمدة عشرة أشهر. وثابر الجندي خه شيانغ مي على القيام من النوم مبكرا كل يوم لممارسة تدريباته الجسمانية والمهنية حيث كان يلبس الصدرية المملوءة بالرمال الثقيلة للتدرب على الركض لمسافة طويلة وتكرار حركات رفع البندقية والتسديد والرماية. وكان القائد تشو وي تشونغ يتدرّب معه في نفس الفريق، وراجع ذكرياته قائلا:
" تعود خه شيانغ مي على القيام من النوم قبلنا بساعة واحدة صباحا كل يوم. وثابر على التدريبات الجسمية خلال هذه الساعة. وإذا لم تمطر السماء ولم تعصف الريح، ثابر على الركض في البرّية لمسافة طويلة مع جميع الأسلحة الخاصة للقنّاص بالإضافة إلى الصدرية ولفافة الساق المملوءتين بالرمال الثقيل.
ومن أجل إحكام تصويب الرماية، قد وضع القنّاص خه حصوة مستديرة الشكل وغلاف الخرطوشة على البندقية للتدرّب على الرماية، وكان يحمل البندقية ويحافظ على وضعية التصويب لمدة ساعتين. ومن المعروف أن الريح والمطر والضغط الجوي والمسافة ودرجة الحرارة وغيرها من العوامل الخارجية تؤثر بصورة كبيرة على دقّة الرماية. ويحتم على الرامي تعديل نقطة التصويب حتى ولو طرأ تغير ضئيل لهذه الأحوال الخارجية. ويحفظ خه شيانغ مي مختلف المؤشرات الخاصة بالرماية بصورة جيدة في قلبه. وخلال ثوان قليلة، يستطيع خه قياس مؤشرات الرماية بصورة دقيقة طبقا لاتجاه الريح وسرعة الريح وتقدير المدى بينه وبين الهدف. وفي خصوص الرماية بالمسدّس، يستطيع إطلاق الرصاص ب 0.58 ثانية فقط منذ استلال مسدّسه.
وخلال مؤتمر قمة منظمة شانغهاي للتعاون الذي أقيم في مدينة شانغهاي الصينية عام 2006، كانت التدابير الوقائية لقادة الدول المشاركة في هذا المؤتمر مهمّة رئيسية للأجهزة الأمنية. ومن أجل ضمان سلامتهم مائة في المائة، اختارت الأجهزة الأمنية المعنية ستة قنّاصين بارعين للمشاركة في التدابير الأمنية، حيث عيّن خه شيانغ مي أول قنّاص بين القناصين الستة المختارين لاحتلاله المرتبة الأولى في اختبار الرماية بالإضافة إلى أدائه الرائع في مختلف المهارات العسكرية. وجدير بالذكر أنّه شارك لأول مرة في هذه التدابير المهمة. وكان الميجر جو يونغ خه في منطقة نانجينغ العسكرية أحد القادة الرئيسيين لاختيار القنّاصين. حيث قال لمراسلنا:
" كان الموضوع الرئيسي في اختبار القنّاصين المشرّحين هو إصابة دريئة على صورة إنسان على بعد أكثر من ثلاثمائة متر، ولكن القنّاصين لم يعرفوا المسافة المضبوطة. وطلب منهم الحكم إصابة جزء معيّن من صورة الإنسان قبيل الاختبار. وسمح كل قناص بإطلاق رصاصة واحدة فقط. وقبل الرماية، طلب القائد من خه شيانغ مي إصابة دائرة يبلغ قطرها خمسة سنتمترات على الركبة اليسرى على صورة الإنسان، ولم يستطع أي شخص رؤيتها بوضوح بالعين المجرّدة. ولكن خه أطلق النار بدقة، وأصابت الرصاصة الجزء المحدد في الدريئة بصورة محكمة. وبعد القياس الدقيق، كانت الرصاصة تبعد عن النقطة المركزية للدائرة المعيّنة بثلاثة مليمترات فقط. لذا، حصل الجندي خه على أعلى درجة في هذا الاختبار، فاختاره الحكام لتولي منصب القناص الأول أثناء التدابير الأمنية لمؤتمر قمة منظمة شانغهاي للتعاون."
يلقّب القناص الأول بملك الرماة البارعين في الجيش. ولكن خه شيانغ مي لم يتكاسل بعد ذلك، بل يكثّف جهوده في تعلّم المهارات العسكرية، وحصل على شهادات مهنية متتاليا لقيادة الطائرات والغطس والقفز بالمظلّة وغيرها، واستوعب مختلف المهارات العسكرية اللازمة في المعارك البرّية والبحرية والجوية. وحصل على لقب شرفي كقدوة لجميع الجنود في الجيش الصيني كله في عام 2007. وسرعان ما ذاعت شهرته وأصبح نجما لامعا في صفوف الجيش. وإعجابا بشخصيته الشهيرة، زار عدد من كبار القادة لجيش التحرير الشعبي الصيني منطقة نانجينغ العسكرية خصيصا لمشاهدة تدريباته على الرماية.
وفي عام 2008، سلطت العديد من وسائل الإعلام الصينية الكبرى الأضواء على الجندي خه شيانغ مي، فانتشر صيته بصورة واسعة داخل البلاد، وصار شخصية معروفة لدى الجماهير الصينية وبطلا محبّبا في قلوب الشباب الصينيين داخل الجيش وخارجه. وبعد ذلك، أصبح خه مشغولا أكثر، وتلقّى كثيرا من الدعوات من الوحدات الأخرى في الجيش الصيني والجامعات لإلقاء المحاضرات ومتابعة التدريبات العسكرية. ولكنه ظلّ يجتهد في الدراسة والتدريبات كما كان عليه في الماضي. كما رفض دعوات من مديري الشركات عدة مرات للعمل فيها براتب كبير. ويتطوّع لخدمة الجيش وتقديم مساهمته في بناء الجيش. وقال الميجر جو يونغ خه: برغم أن خه شيانغ مي جندي عادي، لكنه نموذج ممتاز للجيش الصيني. ها هو يقول:
" توجد لخه شيانغ مي قدرة كامنة كبيرة. وهو جندي جلود لن يتراجع أمام الصعوبات والمشاقّ. كما يتمتع بالبساطة والإخلاص، ولم يتأثر كثيرا بالظروف الخارجية. ومن الطبيعي أن يلاقي هذا الجندي ترحابا شاملا لدى الشعب، بينما يأمل الشعب في إعداد المزيد من الجنود الممتازين مثله في الجيش الصيني. يا ترى، ما هي المزايا التى يتعين على العسكريين المعاصرين التميز والتملى بها؟ نجدها من الجندي خه شيانغ مي. "
وبعد حلول عام 2010، بدأ الجندي خه يسعى إلى تحقيق هدف جديد في هذا العام. ها هو قال خه شيانغ مي:
"وسأبذل أقصى جهودي لتحسين التدريبات. وسأظلّ أخدم في الجيش طالما احتاج الجيش إلي. وسأنقل لزملائي في الجيش كافة خبراتي وتجاربي في التدريبات العسكرية بهدف جعلهم عسكريين أفضل مني....."الجندي خه شيانغ
مي
-------------------------------منقول-----------------------------------