لاحداث ساقية سيدي يوسف
اليوم 8 فيفري 2012 ذكرى أحدث ساقية سيدي يوسف أين اختلط دم التونسيين مع دم اخوانهم الجزائريين
يوم 8 فبفري 1958 وقعت أحداث ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية
التونسية، كرد فعل عنيف من فرنسا الاستعمارية على الدعم التونسي للثورة
الجزائرية والتي سقط فيها العديد من الشهداء الجزائريين و التونسيين.
مع هذه المناسبة ماض ومصير واحد و حتى لا ننسى تضحيات الجيل الأول من التونسيين والجزائريين الذين ضحوا بانفسهم لاستقلال البلدين و طرد المستعمر ننقل لكم جانبا من الحادثة
تقع ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية التونسية على الطريق المؤدّي من
مدينة سوق أهراس بالجزائر إلى مدينة الكاف بتونس وهي قرية تونسية صغيرة
قريبة جدًا من مدينة لحدادة الجزائرية التابعة إداريا لولاية سوق أهراس،
وبذلك شكلت منطقة استراتيجية هامة و ملجء امن لوحدات جيش التحرير الوطني
الجزائري المتواجد على الحدود الشرقية في استخدامها كقاعدة خلفية للعلاج
واستقبال المعطوبين و تهريب السلاح و التدريب.
ما جعل فرنسا تلجأ إلى أسلوب العقاب الجماعي وذلك بضرب القرية الحدودية الصغيرة
سبق القصف عدّة تحرشات فرنسية على القرية لكونها نقطة استقبال لجرحى
ومعطوبي الثورة التحريرية و لكونها ايضا نقطة هامة لتزويد الثوار
الجزائريين بالسلاح و المال و العتاد من طرف اخوانهم التوانسة وكان أوّل
تحرّش سنة 1957 إذ تعرضت الساقية يومي 1 و 2 أكتوبر إلى اعتداء فرنسي بعد
أن أصدرت فرنسا قرارا يقضي بملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي
بتاريخ أول سبتمبر 1957 ثم تعرضت الساقية إلى إعتداء ثاني في 30 جانفي 1958
بعد تعرّض طائرة فرنسية لنيران جيش التحرير الوطني الجزائري ليختم
التحرشات بالغارة الوحشية يوم 08/02/1958 بعد يوم واحد من زيارة روبر
لاكوست للشرق الجزائري
يوم السبت 8 فيفري 1958 هو يوم سوق أسبوعية
بقرية ساقية سيدي يوسف ولم يكن المستعمر الفرنسي يجهل ذلك عندما اختار هذا
اليوم بالذات للقيام بعدوانه الغاشم على هذه القرية الآمنة.
وقد صادف ذلك اليوم حضور عدد هام من اللاجئين الجزائريين الذين جاؤوا لتسلم بعض
المساعدات من الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي.
وقد كانت مفاجأة كل هؤلاء المدنيين العزل كبيرة عندما داهمت القرية حوالي
الساعة الحادية عشرة أسراب من الطائرات القاذفة والمطاردة وراحت تدكها دكا.
واستهدف القصف دار المندوبية (المعتمدية) والمدرسة الإبتدائية وغيرها من
المباني الحكومية ومئات المنازل فيما كانت المطاردات تلاحق المدنيين العزل
الفارين بأرواحهم بعيدا عن القرية.
تواصل القصف باستمرار نحو ساعة
من الزمن مما حول القرية إلى خراب وقد بلغ عدد الشهداء 80 شهيد منهم 12
طفلا أغلبهم من تلامذة المدرسة الإبتدائية و 9 نساء وعون من الجمارك فيما
بلغ عدد الجرحى قرابة 100 جريحا.
أما الخسائر المادية فتمثلت في تحطيم خمس سيارات مدنية منها شاحنات للصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر
التونسي. وتحطيم المباني العمومية التالية : دار المندوبية، مركز الحرس
الوطني، مركز الجمارك، إدارة البريد، المدرسة الإبتدائية، إدارة الغابات
وإدارة المنجم. وتحطيم 43 دكانا و 97 مسكنا.
وقد كان مندوب الصليب الأحمر (هوفمان) متواجدا بساقية سيدي يوسف أثناء القصف.
فقد وصل ومعاونوه حوالي الساعة العاشرة قصد توزيع الإعانات الغذائية وغيرها على اللاجئين الجزائريين.
وقد كان بصدد زيارة مأوى اللاجئين صحبة المعتمد عندما وقع القصف.
وصرح في شهادته أن القاذفات الفرنسية التي هاجمت الساقية ودمرتها حطمت
أيضا عربات الشحن التابعة للصليب الأحمر... وهي أربعة عربات: ثلاثة عربات
منها تابعة للصليب الأحمر السويسري وواحدة تابعة للهلال الأحمر التونسي
وكلها مشحونة بالملابس المعدة لتوزيعها.
وقد نددت الصحف في مختلف أرجاء العالم بهذا العدوان الغاشم فكان حصاد فرنسا من هذه العملية إدانة
المجتمع الدولي لهذه الجريمة النكراء. اضافة إلى هذه الجريمة النكراء حاول
الاحتلال الفرنسي انذاك: ـ تجنيد قوة عسكرية هائلة و الإستعانة بالحلف
الأطلسي و بمرتزقة من دول أخرى (اللفيف الأجنبي).
ـ أستعمال كافة الأسلحة بما فيها الأسلحة المحضورة كالنابلم.
ـ إ نشاء مناطق محرمة في الأرياف الجزائرية.
ـ إتباع سياسة القمع والإيقاف الجماعي.
احداث ساقية سيدي يوسف شاهدة عبر التاريخ على أن الحواجز والحدود لم تفصل
يوما بين الشعبين المتجاورين العربيين المسلمين تونس و الجزائ
***
يطيب لي ونحن نحي الذكرى الرّابعة و الخمسين لأحداث ساقية سيدي يوسف أن
أتقدم بإسم حزب المبادرة و كلّ مناضليه إلى الشعب الجزائري الشقيق
بالتحية متمنيا له مزيد التقدم و الإزدهار.
و إذ نستحضر هذه الذكرى الخالدة التي تجسم عمق و متانة ما يجمع بلدينا من وشائج الأخوة و عرى
التضامن فإننا نقف بكل إجلال و إكبار أمام أرواح شهدائنا الأبرار الذين
إمتزجت دماؤهم على أرض تونس يوم 8 فيفري
1958 اثر اعتداء استعماري غاشم و بذلك ساهموا بحياتهم من أجل الإستقلال و
استرجاع السيادة و الكرامة.
و إننا على يقين من أن أحداث ساقية سيدي يوسف ستبقى رمزا خالدا في الذاكرة الجماعية لشعبينا و منارة تضيء درب أجيالنا القادمة في مسيرة التعاون و التضامن و التكامل نستلهم منها العبر و
تحفزنا على مزيد توثيق أواصر العلاقات الأخوية المتميزة بين بلدينا و الإرتقاء بها دوما إلى الأفضل لتحقيق طموحات شعبينا الشقيقين و إستكمال بناء اتحاد مغربنا العربي و دفع مسيرته لما فيه خير و مصلحة شعوبه الشقيقة.