لعله ليس
من قبيل المصادفة أن يأتى التوصل إلى إتفاق بين الجمهورية المصرية والدولة
الإسرائيلية فيما أطلقوا عليه (اتفاقية كامب ديفيد) فى يوم 17 سبتمبر عام
1978 م .
هذا التاريخ له علاقة
بإتفاقية اللاءات الثلاثة والتى وقعت فى الخرطوم باشتراك ثمان دول عربية .
وهذه اللاءات هي ( لا اعتراف بإسرائيل ولا مفاوضات ولا سلام ) .
إتفاقبة
الخرطوم كانت فى الفاتح من سبتمبر 1967 م وكان يومها يشغل السيد محمد أحمد
محجوب السياسى المحنك رءاسة وزراء السودان والممثل الأساسى للعرب فى الأمم
المتحدة ، يصول ويجول فى أضابير كافة القضايا العربية .
إسرائيل
قررت من جانبها وبمعزل عن شريكتها العربية فى التوقيع على كامب ديفيد قررت
الإحتفال بهذا اليوم الذى يمثل الذكري الثلاثين للتوقيع على الإتفاقية .
فالمصريون لا يرون أي ضرورة للإحتفال بهذا اليوم ، بل إن الرأي السائد
عندهم أن مصر والعرب عموماً ما استفادوا شيئاً من هذه الإتفاقية التى كلفت
الرئيس محمد أنور السادات حياته .
إسرائيل قد احتفلت ، وهنا أكبر العظات والعبر التى ترينا الكيفية التى تفكر بها العقلية اليهودية .
اليهود
دائماً يعملون ألف حساب للرأي الآخر ، وكلما قوي صاحب الرأي الآخر كلما
ازدادت هيبته فى نفوس اليهود . والدول الغربية هي الآن صاحبة الرأي الآخر
القوي ، وبالتالى تكون هي المعنية بأن تحسن إسرائيل صورتها أمامها .
إستراتيجية
إسرائيل التسليحية قائمة على إظهار نفسها أمام المجتمع الغربى بأنها أمام
الخضم المتلاطم من المسلمين الذين يحيطون بها من كل الإتجهات تبدو كالورقة
فى المحيط .
إنها بإستراتيجيتها هذى تتمكن من استدرار عطف الدول الغنية الكبرى والتى تهيمن على القرار العالمى .
إسرائيل
بهذه الإستراتيجية (إستدرار العطف) حققت ما لا يحصى من المكاسب .
فمفاعلاتها النووية فى ديمونة لم تخضع لأي عملية تفتيش منذ إنشائها وحتى
اليوم من قبل وكالة الطاقة النووية ، وليس هذا إلا عطفاً على إسرائيل .
تريد
إسرائيل من خلال احتفالها وإظهار فرحتها بتوقيع سلام مع دولة عربية أن
تبرهن للعالم الغربى أنها داعية السلام المرفوض من قبل العرب وأنها مفتوحة
الزراعين لكل سلام على شاكلة كامب ديفيد التى أيدها الغرب وصفق لها كثيراً .
ما
زالت اتفاقية الخرطوم بلاءاتها الثلاثة هي التى تسيطر على العقلية العربية
. وحتى الشعب المصرى تقول كل التقارير أنه ما تواءم قط ولا انسجم ولا
تكيفت أوضاعه مع ما رسمته كامب ديفيد من صورة لامتزاج الشعبين الإسرائيلى
والمصرى . فالعرب جميعاً ما زالوا أوفياء لإتفاقية الخرطوم . وما زالت كامب
ديفيد بكراً حتى إزاء التعرف على بنودها القليلة التى لا تتجاوز التسعة
بنود ولا يعلمها إلا القليل .
العقيد / الصوارمي خالد سعد - النطق الرسمي بأسم القوات المسلحه