أعلن مصدر مسئول بوزارة الدفاع البريطانية أوائل هذا الشهر عن نيّة الحكومة البريطانية في امتلاك نوع من أنواع الأسلحة الخاصة بالقتال داخل المدن يُسمَّى بسلاح الضغط الحراريthermobaric weapon أو بسلاح الوقود الهوائي fuel-air weapon.
وقد أثار هذا الإعلان الجدل في وسط المجتمع البريطاني عن سبب حاجة بريطانيا لمثل هذا السلاح الخطير.
فقد علّق "جوست هلترمان" العضو بالمنظمة العالمية لمراقبة حقوق الإنسان بشكّه في مدى شرعية مثل هذا النوع من الأسلحة؛ إذ إن هذا السلاح قد يتسبب في إصابة عدد كبير من المدنيين مخالفا بذلك قوانين حقوق الإنسان الدولية التي تمنع بوضوح أية أسلحة قد يصعب التحكم في استخدامها ضد الأهداف العسكرية فقط.
سلاح الضغط الحراري
يتكون هذا النوع من السلاح من وعاء يحتوي على وقود، وشحنتين متفجرتين منفصلتين، ويحتوي الوقود في الغالب على بارود التترانايت، بعد إطلاق القذيفة، تتفجر أولى الشحنتين لتفتح الوعاء، وينتشر الوقود على هيئة سحابة بخارية؛ ليختلط بالأكسجين الموجود في الجو، وينتشر داخل الأبنية وحولها؛ فتتفجر الشحنة الثانية؛ لتفجّر هذه السحابة البخارية المنتشرة مما يؤدي إلى حدوث سحابة لهبيّة شديدة الحرارة تقوم بحرق جميع ما يقابلها، واستهلاك الأكسجين الموجود بالمكان مؤديًّا إلى حدوث ضغط عالٍ للغاية أو ما يُسمَّى بموجة الانفجار؛ مما يؤدي إلى سحق كل ما في طريقها، وفي خلال عدة أجزاء من مليون من الثانية يصل الضغط في مركز الانفجار إلى 30 كجم لكل سنتيمتر مربع (أي حوالي 29 ضعف قيمة الضغط الجوي العادي عند مستوى البحر)، وتصل درجة الحرارة إلى 2500-3000 درجة مئوية.
كما ذكرنا؛ فإن هذه الموجة تسحق جميع الأشخاص الموجودين بداخلها بالإضافة إلى أنها تنتشر بسرعة3000 متر في الثانية مؤدية إلى حدوث فراغ vacuum والذي يسحب الأشياء غير الثابتة؛ ليملأ الفراغ.
وبالتالي، فإن مثل هذا السلاح له آثار الأسلحة النووية نفسها فيما عدا آثارها الإشعاعية؛ ولأن الوقود ينتشر على هيئة سحابة؛ فإنه يمكن أن يدخل الأبنية والكهوف والدبابات دون خرقها؛ بل يدخل من خلال الفتحات الطبيعية بها، وإذا تم إطلاق القذيفة داخل إحدى المباني؛ فإن تحديد السحابة بداخلها يضاعف من الآثار التدميرية على المبنى ومحتوياته.
الآثار التدميرية للسلاح على الإنسان
في]في عام 1993 قامت وكالة المخابرات الدفاعية الأمريكية بعمل تقرير حول هذا السلاح قالت فيه: إن أسلوب هذا السلاح في القتل فريد من نوعه وغير لطيف، إن الذي يقتل هو موجة الضغط الساحقة والفراغ الذي ينشأ بعدها؛ مما يؤدي إلى انفجار الرئتين. وحتى في حالة احتراق الوقود دون انفجاره؛ فإن استنشاق الوقود المحترق ليس أقل فتكًا من استنشاق أي من الأسلحة الكيماوية بما أن الوقود المستخدم في هذا النوع من السلاح عادة ما يكون أكسيد الإثلين أو أكسيد البروبلين الشديدين السميّة.
وفي تقرير آخر للوكالة نفسها تقول: إن موجة الضغط لا تؤثر غالبا على أنسجة المخ وبالتالي؛ فإنه من المحتمل أن ضحايا هذا السلاح لا يفقدون الوعي، بل يتعذبون عدة ثوانٍ أو دقائق بينما يختنقون.
وفي كل الأحوال؛ فإن هناك ثلاث مناطق واقعة تحت تأثير هذا السلاح المدمر: المنطقة الأولى: هي مركز الانفجار؛ حيث يموت جميع الأشخاص الموجودين به بسبب السحق أو بسبب الاحتراق، المنطقة الثانية: هي الواقعة على أطراف الانفجار، ويحدث للموجودين داخلها إصابات شديدة من حروق وكسور وإصابات من الأشياء المتطايرة وعمى. كما أن الإصابات الناتجة عن سحق بعض الأعضاء قد تؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية بالهواء، أو إلى ارتجاج في المخ، أو إلى نزيف داخلي في الكبد والطحال، أو إلى خروج العينين من تجويفها، أو انفجار في طبلة الأذن، أما الأشخاص الواقعون في المنطقة الثالثة: فمع أنهم غالبا في حماية إلى حد ما من الأشياء المتطايرة إلا أن موجة الضغط غالبا ما تؤثر عليهم وعلى أعضائهم الداخلية، بالإضافة إلى إصابتهم بحروق، ولكن من الممكن حماية العينين في هذه المنطقة بمجرد لبس النظارات الواقية.
السلاح مُستخدَم في الشيشان
يمتلك هذا السلاح: الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، والصين، وبلغاريا، وروسيا. وتُعتَبَر روسيا هي الرائدة في استخدام سلاح الضغط الحراري؛ حيث استخدمته في أفغانستان لقتل المجاهدين داخل الكهوف في الجبال، ثم في حربها مع الشيشان بين عامي 1994-1996 خارج مدينة جروزني، ضد القرى والمقاتلين المختبئين في الجبال، ثم في عام 1999 استخدمت روسيا سلاح الضغط الحراري في بعض القرى بـ"داغستان"، وبعد ذلك استخدمته لقتل المجاهدين داخل المباني بمدينة "جروزني" الشيشانية.
اسم سلاح الضغط الحراري الذي يستخدمه الروس هو RPO-A Shmel (الطنّانة)، والذي بدأ تصنيعه عام 1984 وتم قَبوله بالجيش الروسي عام 1988. تزن الطنّانة 11 كجم، ويتم إطلاقها من على الكتف. يبلغ مدى آثارها التدميرية 80 مترًا مكعبًا داخل المباني، أما في حالة استخدامها ضد جنود في ساحة مفتوحة؛ فيبلغ مدى آثارها القاتلة 50 مترًا مربعًا. وأقصى مدى للطنّانة 1000 متر، وتُستخدَم في درجات حرارة تتراوح بين -50 إلى +50 درجة مئوية. ويبلغ طول السلاح 920مم، ويمكن نقل السلاح من وضعه فوق الظهر في أثناء الترحيل إلى وضع الإطلاق وإطلاقه بالفعل في 30 ثانية فقط.
ملصق على السلاح تعليمات واضحة لاستخدامه، وحسبما يقول الجيش الروسي: فإنه لا يستغرق أكثر من دقيقتين؛ لتعليم أي شخص كيفية استخدامه، وساعتين لتعليم الشخص دقة التصويب.