أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
الـبلد : المهنة : حرامي غسيل في وزارة الدفاعالمزاج : سنريهم اياتنا في الافاق (مسلم)التسجيل : 20/12/2011عدد المساهمات : 5125معدل النشاط : 5155التقييم : 525الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: القدرة النووية والاتجاهات السلمية العربية الأربعاء 11 أبريل 2012 - 8:13
بسام العسلي
هناك مقولة من موروث ادب الحرب تقول: ان افضل السبل لضمان السلام والامن هو الاعداد الدائم للحرب والاستعداد لها ولقدعاشت القدرة النووية تجربة عمرها اكثر من ستة عقود تعرضت خلالها في مجال التسلح كما في مجال الاستخدام السلمي لازمات كثيرة ومشكلات معقدة. فقدرة التسلح النووي هي قدرة مرفوضة، وغير مطلوبة، لدى معظم شعوب الارض. اما استخدام هذه القدرة للاغراض السلمية سواء أفي الطب ام في توليد الطاقة الكهربائية وفي تحلية المياه وسواها ايضا. فقد أخذت كثير من الدول في تقييد مجالات اختباره حتى الحد الادنى. او حتى الاستغناء عنه اذا امكن - بعدما وقع في كوارث وازمات - فهل يمكن اعتبار الجهد العربي المبذول للتعامل مع القدرة النووية، بعدما اصبحت هناك دولتان لدى واحد منهما قدرة نووية قتالية وهي اسرائيل والثانية لديها قدرة نووية - كامنة - ومحاطة بضباب كثيف وهي ايران هو جهد ضائع ام هو ضرورة لضمان السلم والامن؟
تجارب عالمية في القدرة النووية ضرب زلزال عنيف واعصار تسونامي، مدينة فوكوشيما اليابانية يوم ١١ آذار - مارس ٢٠١١، ونتج عن ذلك وقوع كارثة نووية تسببت في ٢٠ الف ضحية بين قتيل ومفقود بسبب الاشعاعات. ذلك ان المحطة رقم ١ قد اختلت اجهزة تبريدها، فانفجرت مفاعلاتها، وهذه المحطة هي واحدة من ست محطات تؤمن الكهرباء لمدينة طوكيو العاصمة. شكلت مجمعا ضخما واتخذت الحكومة اليابانية اجراءات لاستخدام مصادر اخرى من الطاقة البديلة. وكانت كارثة تسرب الاشعاعات في مفاعلات تشيرنوبل الروسية قبل سنوات نذيرا لما تحمله المفاعلات النووية من اخطار. وجاءت كارثة محطة فوكوشيمو لتقنع قادة اوروبا الحريصين على أمن شعوبهم على اتخاذ قرارات في فرنسا والمانيا بانهاء استخدام المفاعلات النووية المستخدمة لانتاج الطاقة الكهربائية. واغلاق اكثر من عشرين محطة كهرذرية خلال سنوات العقد الحالي. وغريب ما في الامر ان جهود الدول الاوروبية وخاصة فرنسا قد تركزت في السنوات القريبة الماضية على بناء محطات نووية تستخدم قضبان اليورانيوم المخصب في عدد من بلدان العالم. فهل حياة البشر في تلك البلدان لا قيمة لها؟ ام ان المحطات التي ستقيمها الدول النووية في اقطار العالم ومنها اقطار عربية ستكون افضل اتقانا واكثر امانا مما لم يتوافر للمفاعلات على الارض الاوروبية؟ هنا يمكن التوقف عند موقف ايران من قضية اقامة محطة بوشهر لتوليد الطاقة. ففي يوم ٢٣ ايلول - سبتمبر ٢٠١١ كان نائب وزير الخارجية الروسي يصرح امام مجموعة من الصحافيين الذين التقاهم في مقر الامم المتحدة بنيويورك، على هامش اجتماعات الهيئة العامة للامم المتحدة فتعرض سيرغي ريابكوف لقضية الملف النووي الايراني بقوله: ان محطة بوشهر الكهرذرية في ايران قد برهنت للاسرة الدولية مدى قدرة موسكو وطهران على التعاون الناجح في مجال الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، وتعتبر المحطة نموذجا يقتدى به لحل قضية تطوير الطاقة الذرية مع الضمان الكامل لتهدئة جميع المخاوف والهواجس المتعلقة بالانتشار النووي. وستواصل روسيا تعاونها مع ايران في مجال الطاقة النووية، ومن المحتمل قيام روسيا ببناء محطة كهرذرية جديدة في طهران. اكد انجاز بناء محطة بوشهر الكهرذرية في ايران ان روسيا هي شريك مسؤول قادر على ايجاد آليات لازالة قلق شركائنا الاوروبيين. وان قرارات مجلس الامن الدولي قد حددت اطار التعاون مع ايران في مجال الطاقة النووية، وتلك القرارات لا تحظر تطوير قطاع استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية. اعتبر هذا التصريح بمثابة تأكيد لمجموعة من الحقائق التي باتت معروفة ومنها ان قضية تصدير تقانة القدرة النووية هي من وجهة نظر الدول النووية الكبرى مجرد قضية تجارية - مثلها كمثل اي سلعة اخرى مما تشمله حاوية السلع الاستهلاكية. ومنها ايضا ان روسيا مستعدة لاقامة مفاعلات ومحطات نووية اخرى في ايران. فالصفقة هنا مربحة جدا. واما النقطة الثالثة، فالتزام موسكو بتطبيق قوانين الحظر النووي المتعلقة بالانتشار النووي. اذن فهل كان نجاح تشغيل مفاعل بو شهر وتقديم التعهدات المطمئنة لاوروبا هو وضع حد نهائي للضجيج الانفعالي طوال اكثر من عشر سنين في قضية الملف النووي الايراني؟ واذا كان الجانب الروسي معني بطمأنة اوروبا بسلمية المشروع الايراني، فهل باستطاعته اعادة الطمأنينة للطرف العربي المواجه للخطر النووي الايراني؟ يمكن هنا التوقف عند تصريح وزير الخارجية الايراني، علي اكبر صالحي، يوم ٢٨ ايلول - سبتمبر ٢٠١١ والذي جاء فيه: لقد وجهت ايران الدعوة الى الامين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية - يوكيا امانو - لزيارة ايران، وبالسماح ايضا لمفتشي الوكالة لتفتيش محطة الماء الثقيل - في اراك في وسط ايران، والمراكز الخاصة بالابحاث في اجهزة الطرد المركزي المتطورة. وان هذه الخطوة قد جاءت لتؤكد الشفافية التي يعمل بها المسؤولون الايرانيون. وانني اؤكد بهذه المناسبة على الطابع السلمي للنشاطات النووية الايرانية، التي تتم وفق الالتزامات في مضمون معاهدة حظر الانتشار النووي، وبالتالي فما من السبب لوجود مشاعر القلق عند البعض تجاه نوايا ايران. وخاصة ان تلك المعاهدات الدولية لم تضع شروطا او بنودا على اساس نوايا البلدان. هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى، ففي موضوع علاقات ايران بدول الجوار، فانني استطيع التأكيد ان من اولويات ايران اقامة علاقات حسنة مع جميع الدول المجاورة، وحل المشاكل معها، ولدينا رغبة باقامة علاقات متينة مع العالم الاسلامي في جميع المجالات وخاصة منها الاقتصادية والثقافية. قد لا تكون هذه البيانات والمقولات كافية لاستعادة الثقة المفقودة بين ايران والجوار العربي حتى لو صدقتها اطراف اوروبية واخرى دولية، اذ ان المواقف والممارسات الايرانية على الاتجاه المضاد للسلام هي اكبر واوضح من اغطية الاقوال الخداعية. وبالتالي، فانه اذا لم تكن هناك نصوص تتعامل مع النوايا فانه عندما تظهر هناك مؤشرات تلتقي فيها الاعمال والممارسات والتحركات والشواهد الثابتة مع النوايا يصبح بالمستطاع الحكم على النوايا والتي لم تقدم للعرب ما يخفف من مشاعر القلق لديهم من القدرة النووية سواء أتلك الموجودة في ترسانة اسرائيل النووية ام في الملف النووي الايراني. صدرت صحيفة موسكو تايم يوم ١٨ ايلول/سبتمبر ٢٠١١ وكان فيما تضمنته بحث عنوانه نحو عالم خال من السلاح النووي وكان مما جاء فيه: على الرغم من ان مخزون الولايات المتحدة وروسيا من الرووس الحربية النووية ما زال يشكل اكثر من تسعين في المائة في العالم. الا ان هدف نزع السلاح النووي اصبح اكثر صعوبة في التحقيق، نظرا لما حدث من تغيير كبير في العالم منذ نهاية عصر الحرب الباردة وحتى اليوم. فلقد ادى التوسع الكبير في استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية الى انتشار كبير في الاسلحة النووية حول العالم. قد تكون الصين والهند وباكستان وايران واسرائيل، بعيدة عن التأثر بالمعاهدة الاميركية - الروسية في مجال تخفيض مخزون الاسلحة النووية، اذ ان هذه الدول تكتفي بمخزون صغير من الاسلحة النووية. ولكن هذا المخزون يكفي لاثارة مخاوف الدول الاقليمية في جنوب شرق آسيا، وفي منطقة الشرق الاوسط. لقد كان غياب الثقة بالنوايا والقلق الممزوج بالخوف من التعرض للخطر النووي سببا مباشرا لتفكير كثير من الشعوب وقياداتها الى عقد معاهدات لخلق مناطق منزوعة السلاح، او خالية، من الاسلحة النووية، بين دول اقليمية متجاورة، مثل معاهدة تلا تيلو لكو في اميركا اللاتينية ومعاهدة واروتونغا في جنوب المحيط الهادىء. اما معاهدة نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية والتي صدر اعلان بشأنه سنة ١٩٩٢ بين سيؤول وبيونغ يانغ فقد تعثرت وبقيت مرتبطة بحالة السلم والحرب بين الدولتين والكوريتين. وقد يكون من المتوقع على ضوء ما تقدم ان يكون للتسلح النووي والانتشار النووي مجالا لاثارة المخاوف العربية مما قد يتعرض له الأمن العربي من الأخطار الكامنة وراء تطوير الانتشار النووي في قلب الوطن العربي وعلى تخومه.
الدرع الصاروخية والقبة الفولاذية اذا كانت اقطار الوطن العربي وقياداته تبذل كل جهد مستطاع لحماية أمنها ضد الاخطار النووية، والتي تتهددها على الجبهتين الشرقية، من ايران والغربية من اسرائيل، فلماذا تخاف ايران واسرائيل من الخطر النووي، وهما تمتلكان قدرة الردع النووي، مع امتلاكهما ايضا الحماية بتوافر الدرع الصاروخية الاميركية والروسية علاوة على ما اطلق عليها اسم القبة الفولاذية التي تغطي اسرائيل من الصواريخ المتوسطة المدى والقصيرة المدى؟ ان ذلك يبرهن على ان انتشار التسلح النووي في قلب الوطن العربي وعلى تخومه، هو انتشار تضمنه حماية دولية لاهداف سياسية، اكثر منها عسكرية، اذ من المحال وبوجود هذه الحماية، ان تتمكن ايران او اسرائيل من اللجوء الى الخيار النووي بصورة انفرادية، ودون موافقة الدولة التي تضمن الحماية، وتؤمن لها متطلباتها. وهنا يمكن قراءة ملامح هذه السياسة الاستراتيجية عبر تطوراتها الحديثة، ففي يوم ٢٨ كانون الثاني/يناير ٢٠١١ وقع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قانون المصادقة على معاهدة الحد من الاسلحة النووية الاميركية - الروسية ستارت ٢ بعد ان اقرها البرلمان الروسي، وهي المعاهدة التي كان قد اقرها ووقعها الرئيسان الاميركي والروسي في براغ في نيسان/ابريل ٢٠١٠. وتم رفع هذه المعاهدة الى الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي رحب بالتصديق عليها من الطرفين الدوما الروسي والكونغرس الاميركي غير ان بان كي مون افاد من هذه المناسبة لاطلاق تخذيره من تعثر المفاوضات العالمية بشأن المواد الانشطارية، اذ ان مثل هذا التعثر قد يزيد من اخطار الانتشار النووي ومن وقوع الاسلحة النووية الانشطارية في ايدي جماعات سياسية متطرفة. جاء هذا التحذير من الأمين العام للامم المتحدة بمثابة طلب الى روسيا واميركا لممارسة دورهما في دعم منتدى ٦٥ دولة تعمل تحت رعاية الامم المتحدة للحد من الانتشار النووي وللعمل من اجل تأمين سيطرة دولية متعددة الاطراف على الاسلحة النووية. وقد يظهر انه من الغريب حقا الا تعمل الدولتان النوويتان الكبيرتان اميركا وروسيا على حرمان الدول النووية الصغرى الهند وباكستان وكوريا الشمالية وايران واسرائيل من امتلاك اسلحة نووية، فيما تعلن الدولتان مخاوفهما من وصول الاسلحة النووية الى تنظيمات او اطراف ارهابية مثل حزب الله ونظائره فتعملان على اقامة الدروع الصاروخية الوقائية. ونظرا لتقدم اميركا في مجال تنظيم واقامة محطات او قواعد الدروع الصاروخية فان روسيا تمارس ضغوطا باستمرار للافادة من تقانة الدروع الصاروخية الاميركية عبر اقامة تعاون مشترك، وهو ما ترفضه اميركا باستمرار، مما يشير الى ان اعلان اميركا وروسيا مخاوفهما من وصول الاسلحة النووية او الانشطارية الى تنظيمات ارهابية متطرفة، لا يشكل اكثر من ذريعة، وان المخاوف الحقيقية هي خوف كل طرف من الآخر خوف روسيا من اميركا او العكس. فلماذا بالتالي كل ذاك الضجيج بالوصول الى معاهدة ستارت ٢ للحد من الاسلحة الاستراتيجية النووية. لقد حاولت اميركا تهدئة مخاوف روسيا من نشر دروعها الصاروخية في اوروبا، وقررت اقامة محطة جديدة في تركيا، بصورة مبدئية حتى الآن. وفي يوم ١٥ ايلول/سبتمبر ٢٠١١ صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش بما يلي: لم يبقَ امام روسيا من خيار سوى اتخاذ قرارات تقنية عسكرية مناسبة للرد على نصب الدرع الصاروخية الاميركية، اذا لم يتم الاتفاق على هذه القضية، وتجاوز معوقاتها في الافق المنظور. ان الصراع الروسي - الاميركي بشأن الدرع الصاروخية ليس حدثا جديدا، بل انه يعود لاكثر من عقدين، ظهر خلالهما ان سبب هذا الصراع هو الاختلاف في وجهات النظر، اذ ان الولايات المتحدة الاميركية لا تعتقد ان درعها الصاروخية يشكل عقبة على طريق العلاقات الروسية - الاميركية، وانما يقدم فرصة للتعاون بين روسيا وحلف شمال الاطلسي في مواجهة خطر الصواريخ الباليستية، فيما يعتقد الروس، او هكذا يقولون، بان الدرع الاميركية المقترح يشكل حاجزا امام اعادة اطلاق العلاقات الروسية - الاطلسية، وخاصة مع واشنطن، بل يذهب الروس الى ما هو أبعد من ذلك، عندما يصرحون بان هذه الدرع هي بماثة عودة الى عصر الحرب الباردة، وقد ابدت روسيا استعدادها لحماية الفضاء الاوروبي في اطار نظام دفاعي مشترك مع اوروبا واميركا، ولكن الاميركيين يصرون على ان مخططاتهم الدفاعية لا تحتاج لاي تغيير، فيما ترد موسكو على ذلك بالقول: ان الدرع الصاروخية الاميركية يشكل تهديدا خطيرا لقواتها الاستراتيجية. ولم يتوقف البحث بين الطرفين الروسي والاميركي عن السبل للتعاون في موضوع الدرع الصاروخية واعلان يوم ٢٣ ايلول/سبتمبر ٢٠١١ ما يلي: بحث الأمين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راشموسين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في نيويورك في قضايا التعاون بشأن الدرع الصاروخية ووضع الرقابة على الاسلحة التقليدية في اوروبا، واظهر الطرفان رغبة في مواصلة الحوار السياسي والتعاون العملي من اجل التصدي للاخطار والتحديات العامة التي تواجهها دول مجلس روسيا - الناتو كافة. واذا كان الامر كذلك، فما هو مضمون التصريح الذي ادلى به وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي يوم ٢٨ ايلول/سبتمبر ٢٠١١، وجاء فيه: لقد اعلنت ايران بوضوح لتركيا انها تعارض نصب الدرع الصاروخي على الارض التركية باعتبار ان ذلك يتهدد الأمن الايراني؟
وطن عربي دون التسلح النووي قد يكون بالمستطاع بعد ذلك التوقف عند المواقف العربية من قضية التسلح النووي الذي اقتحم الوطن العربي من بوابة اسرائيل. فعندما بدأت اسرائيل اقامة مفاعل ديمونة في مطلع الخمسينات، لم يكن هناك حديث عن سلاح نووي اسرائيلي وانما كان الحديث الاعلاني والاعلامي مركزا على ان هذا المفاعل هو مجرد واجهة علمية قدمتها فرنسا واوروبا في جملة الوسائل التجميلية والتزيينية التي اضفيت على اسرائيل. ثم بدأ الحديث عن سلاح نووي اسرائيلي بعد حرب السويس ١٩٥٦. غير ان تصاعد الحديث من جانب الدول صاحبة المشروع الصهيوني اوروبا واميركا وحتى الاتحاد السوفياتي السابق لم يدفع الدول العربية للبحث عن تسلح نووي مضاد، بتأثير ردود الفعل او الانفعال الشعبي، فيما اتجهت بعض الدول العربية لبذل الجهود في محاولة اكتساب التقانة النووية، وكان العراق في المقدمة، ثم لحقت به الجماهيرية الليبية. وقصة تدمير المفاعل العراقي حزيران - يونيو - ١٩٨٢، وتنازل ايران عن كل المختبرات والمنشآت والمواد الاشعاعية وغيرها، في اوروبا واميركا من القصص المثيرة والغريبة والمخزية ايضا. وكانت الدروس المستخلصة من ذلك هي: اذا ما اراد العرب الحصول على القدرة النووية فلا بد اولا وقبل كل شيء ان يكون الامر خاضعا لقرار عربي متفق عليه بالاجماع بجيث تقع المسؤولية على كاهل الشعب العربي - ولا بد بعد ذلك من ان يكون المشروع النووي العربي تحت سيطرة دولة نووية كبرى من الدول الاعضاء الدائمين في مجلس الامن. وخاضع لرقابة وقوانين وكالة الطاقة الدولية. بدأ التوجه لجعل منطقة الوطن العربي في الشرق الاوسط منطقة منزوعة من السلاح النووي. وقد بذلت جمهورية مصر العربية بخاصة، ومعها كل الدعم العربي جهودا معروفة في المحافل الدولية. لاقناع الدول صاحبة القرار الدولي بعدالة مشروع جعل المنطقة خالية من السلاح النووي - وزاد هذا التوجه قوة مع دخول ايران دائرة امتلاك القدرة النووية - او ما يعرف باسم الملف النووي الايراني نتيجة المواقف الايرانية غير الواضحة من التزام طهران بمشروعها ليبقى سلميا. وقد امكن الوصول الى نتائج واضحة ومحددة من حيث تشكيل قناعة دولية بضرورة وامكان جعل منطقة الوطن العربي بمثابة منطقة خالية من السلاح النووي. وبحيث يمكن لمثل هذا القرار ان يشمل كل انواع اسلحة الدمار الشامل البيولوجية والكيميائية وتم اتخاذ قرار دولي بان تتم مناقشة مثل هذا المشروع بصورة دقيقة في العام ٢٠١٢ مع العلم ان الامم المتحدة قد اتخذت قرارا في العام ١٩٩٥ بالعمل مع كل الاطراف للوصول الى اتفاق يجعل منطقة الشرق الاوسط - منطقة منزوعة السلاح النووي. تتضمن محفوظات ارشيف الجامعة العربية محاضر كثيرة، وتسجيلات مؤتمرات عربية واسلامية ودولية تتعلق بمعالجة الجوانب المختلفة والمتنوعة من قضية ابعاد الوطن العربي عن اخطار التهديدات النووية. وجعل الوطن العربي منطقة سلام خالية من السلاح النووي واسلحة الدمار الشامل ومن ذلك على سبيل المثال محضر اجتماع كبار المسؤولين الذين اجتمعوا في مقر الامانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة يوم ٩ كانون الثاني - يناير ٢٠١١ وذلك بهدف التحضير لمشاركة الدول العربية في مؤتمر السنة الحالية ٢٠١٢ لاخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية. وتضمنت كلمة افتتاح المؤتمر ما يلي: لقد بُذلت جهود عربية كثيرة لاخلاء منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل. وان اجتماع اللجنة اليوم يكتسب اهمية كبيرة باعتبار ان هذا الاجتماع هو مقدمة لمرحلة جديدة من اجل جعل المنطقة خالية من السلاح النووي. ولا بد من التنويه الى القرار الذي اتخذه مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في العام ٢٠١٠ بشأن مخاطر السلاح النووي الاسرائيلي واسلحة الدمار الشامل الاسرائيلية الاخرى على السلم الدولي والامن القومي العربي. وقد حددت الجامعة العربية هذا العام موعدا لانعقاد اللجنة، من اجل التنسيق والتشاور والاعداد لمؤتمر اللجنة الحالي، وحتى العام ٢٠١٥، حيث سيستمر عمل اعضاء الدول لوضع معاهدة منع الانتشار النووي لدول المنطقة، ورفع تقريرها الى رئاسة مؤتمر المراجعة في العام ٢٠١٥. يظهر ذلك ان اجتماعات الجامعة العربية والمجتمع الدولي هي اجتماعات دورية مقترنة بمجموعة المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالانتشار النووي والرقابة الدولية. وبالتالي فان قضية التسلح النووي الاسرائيلي، وكذلك قضية الملف النووي الايراني، ليست من القضايا الداخلية، وانما هي قضية تكتسب اهميتها من الوضع المتفجر في الوطن العربي سواء أعلى جبهته الشرقية لايران ام على جبهته الغربية الاسرائيلية. ويعني ذلك ببساطة ان الاخطار التي تتهدد الامن العربي هي اخطار قد يكون من المحال ابعادها او عزلها عن الامن العالمي. واذا ما انكرت اطراف صناعة القرارات الدولية او تنكرت لعلاقة الوضع العربي والفلسطيني باحداث ١١ - ايلول - سبتمبر ٢٠٠١ وكذلك علاقة الثورة العربية الكبرى ٢٠١١ بمعاناة الجماهير العربية وبالتحديات الامنية والضغوط الدولية. فان الشعب العربي وقياداته السابقة واللاحقة تدرك يقينا ان النار الكامنة تحت الرماد في وسط الشعب العربي هي اقوى من النار النووية واخطارها المتوقعة، ومن اجل ذلك اخذ الاهتمام بقضية السلاح النووي في الوطن العربي وعلى تخومه يتزايد عمقا واتساعا ليأخذ حجمه الحقيقي.
ذرائع النووي والسلام العربي تركز الجهد العربي في السنوات والعقود الماضية، بمجموعة المواقف العربية: سواء أبالتحرك السياسي - الديبلوماسي على صعيد الدول العربية، وفي طليعتها جمهورية مصر العربية ام بتحرك الجامعة العربية، وذلك بهدف الزام اسرائيل بمعاهدة حظر الانتشار النووي، ومن المناسب هنا العودة للمؤتمر العسكري الدولي الذي استضافته اسرائيل في اعقاب حرب ٦ تشرين الاول - اكتوبر - ١٩٧٣. حيث ضم هذا المؤتمر مجموعة كبيرة من الخبراء العسكريين من معظم دول العالم الكبرى، ومعظمهم من اصدقاء اسرائيل. ولكن رغم ذلك، تضمنت المحاضرات والابحاث التي اعلنت في المؤتمر كثيرا من الدروس المستخلصة من تجربة الحرب ومن بينها التعرض لقضية التسلح النووي الاسرائيلي، واحتمالات اللجوء الى خيار الحرب النووية وكان هناك ما يشبه الاجماع بما في ذلك الابحاث الاسرائيلية على ما يلي: اولا - ان اسرائيل المسلحة حتى الاسنان لا تحتاج للسلاح النووي. ثانيا - ان اقدام اسرائيل على الآخذ بالخيار النووي. سيضعها امام عزلة دولية، ويضع اسرائيل امام اخطار ضربات انتقامية نووية يستطيع العرب تأمينها من قبل دول صديقة قد تكون الصين في طليعتها. ثالثا - ان المخزون النووي الاسرائيلي ونتيجة لانه من المحال استخدامه يشكل عبئا ثقيلا يرهق كاهل اسرائيل - باكثر مما هو مفيد لها. رابعا - ان تمسك اسرائيل بالقدرة النووية، وبحسب مزاعم قادة اسرائيل، هو مرحلي ومؤقت ريثما يتم الوصول الى تسوية سلمية للصراع العربي الاسرائيلي، ويعني ذلك الزام اسرائيل بالسير على طريق السلام الذي يضمن لها الامن. ولكن هل باستطاعة اسرائيل التكيف مع التزامات السلام؟ لقد تطور العالم كثيرا بعد ذلك، وما زالت القيادة الاسرائيلية مصرة على الربط بين السلام وبين امتلاك التسلح النووي، مع ابتعاد اسرائيل عن بذل اي جهد حقيقي للوصول الى السلام الحقيقي. وهذا ما اكسب الجهد العربي دعما دوليا للوصول الى الزام اسرائيل بمعاهدة حظر الانتشار النووي مما يعني وضع المنشآت النووية الاسرائيلية تحت الرقابة الدولية الوكالة الدولية للطاقة النووية وهو ما ترفضه اسرائيل باستمرار. وهو ما افادت منه طهران للحد من تدخل الوكالة الدولية للطاقة في تطوير المنشآت النووية الايرانية وبخاصة المفاعلات الحديثة في محيط مدينة قم. وبات من المتوقع بعد توقيع معاهدة الحد من الانتشار النووي ٢٠١٠ ان يتم ارغام اسرائيل على قبول ما ترفضه حتى الان، فالقضية اصبحت قضية دولية بقدر ما هي قضية الامن العربي ايضا. كما ان امتلاك ايران للقدرة النووية سيدفع دولا اقليمية كبرى تمثلها مصر وتركيا لتشكل عامل ضغط اضافي من اجل فرض حظر شامل لمنع الانتشار النووي في الوطن العربي ومحيطه الشرق الاوسط. لقد أصبح واضحاً ان تيار السلام في الوطن العربي هو تيار له وجوده ويمتلك القدرة والقوة رغم ان مكوناته تعتمد على الأكثرية الصامتة. وهذا التيار مثله كمثل التيارات السلمية والتنظيمات المعادية لسياسات الحروب، تبقي رهينة في قبضة القوى صانعة القرارات الدولية. ونظراً لأن هذه القوى وفي مقدمتها روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية هي التي أظهرت حرصها في السنوات الأخيرة على التعامل مع قضية التسلح النووي والانتشار النووي بصورة ايجابية وبحماية أيضاً. فمن المتوقع نظرياً على الأقل ان تثمر الجهود العربية في فرض القيود الدولية لالزام اسرائيل بالخضوع لتلك القيود والالتزامات. يبقى السؤال الأكثر أهمية: هل تشكل التهديدات والأخطار النووية المصدر الرئيسي للقلق العربي بشأن مستقبل الأمن العربي؟ ام ان هذا الأمن لديه من الهموم والهواجس ما هو أكبر حجماً وأشد خطراً من التهديد النووي؟ لقد شغل الملف النووي الايراني مجالاً واسعاً جداً من الاهتمام الأميركي والأوروبي والاسرائيلي، وأظهر العرب أيضاً نوعاً من الاهتمام بهذا الملف وطلبوا الى ايران الالتزام بقوانين الامم المتحدة والشرعية الدولية ذات العلاقة، ولكن هذا الاهتمام لم يصل الى صعيد الاهتمام الدولي. وليس ذلك بالتأكيد استهانة بالخطر النووي الايراني، وانما هو بسبب اقتران المشروع الايراني بالمشروع الاسرائىلي، مما يستدعي التعامل مع التهديدين النوويين على قاعدة واحدة. وقد يشكل ذلك عاملاً اضافياً لحشد جهد أكبر من أجل جعل الوطن العربي وطناً خالياً من الأسلحة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، أليس من الضروري التعامل مع سياسات الحروب ومع سباق التسلح التقليدي، بدرجة من الحزم. ومن الوضوح بمثل ما يتم بذله من جهود في مجال التعامل مع الانتشار النووي؟ ألم تشكل الأسلحة التقليدية، الحديثة والمتطورة، بحسب الشواهد المتوافرة في العراق وليبيا خطراً يتهدد الأمن العربي بأكثر مما تتهدده أسلحة الدمار الشامل؟ لقد اعلن يوم ١٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، ان انكلترا وفرنسا والولايات المتحدة وجهت لجنة كبيرة من ١٥ خبيراً للبحث في ليبيا عن الصواريخ الحديثة المضادة للطائرات والتي اشترتها ليبيا في العهد السابق. ومعرفة مصير هذه الصواريخ التي يشكل انتقالها الى خارج ليبيا خطراً يتهدد الطيران الأوروبي وربما الاسرائيلي، اذا ما وصلت هذه الصواريخ الى الفلسطينيين؟ ويعود السؤال: أليس الأمن العربي يقف اليوم امام ترسانات من الأسلحة المتطورة في معسكري اسرائيل وايران؟ ألم تجاهر القوى المحاربة في القاعدتين العسكريتين الايرانية والاسرائيلية باستعدادهما لضرب أهداف يزيد عددها على الآلاف في حال تعرضهما لخطر الحرب؟