بموازاة احتفال إسرائيل بما تعتبرها ذكرى قيامها، أحيا
فلسطينيو الداخل ذكرى النكبة بزيارات للقرى المدمرة منذ نكبة 1948، وبمسيرة
شعبية لقريتي عمقا والكويكات في قضاء عكا واللتين هجر أهلهما منهما إثر
النكبة.
المشاركون في المسيرة الخامسة عشرة التي نظمتها جمعية الدفاع
عن المهجرين داخل أراضي 48 والبالغ عددهم اليوم نحو ربع مليون نسمة، رفعوا
الأعلام الفلسطينية والرايات السود ولافتات تحمل أسماء مئات القرى المدمرة،
وحرصوا على توحيد الشعارات السياسية.
وردد المشاركون هتافات وطنية متنوعة مثل "ثورتنا ثورة إنسان،
اللاجئ فيها العنوان" و"حق العودة ما بيضيع، لو بكى طفل رضيع" و"الحرية
لأسرى الحرية"، كما غنوا الأهازيج والأغاني الوطنية الحماسية.
وشارك في المسيرة -كتقليد سنوي للسنة الخامسة عشرة على
التوالي- الآلاف من الفلسطينيين، خاصة من الشباب الذين اعتمروا الكوفيات
الوطنية، وقد تقدمهم علم فلسطيني عملاق.
وقد عكر أجواء المسيرة صوت الأغاني العبرية التي أطلقها عبر
مكبرات الصوت يهود من مستوطنات تقوم على أنقاض القرى الفلسطينية المهجرة
التي لم يبق منها سوى كروم الصبار والزيتون وخرائب منازل ومقام تاريخي.
وقد اقتربت سيدة مسنة مشاركة في المسيرة نحو المستوطنة المجاورة وغرست راية فلسطينية في الأرض، متحدية المستوطنين.
وتوّجت المسيرة الشعبية على أرض الكويكات بمهرجان خطابي
وفني ألقيت فيه بعض القصائد. وتحدث ممثل لجنة المتابعة العليا لشؤون
فلسطينيي الداخل عوني توما رئيس مجلس كفرياسيف الذي أكد أن عودة اللاجئين
هي لب القضية الفلسطينية، ولن تشهد فلسطين طعما للهدوء دون عودتهم إلى
ديارهم.
من جانبه أكد أديب نصرة في كلمته نيابة عن أهالي الكويكات، أن الحق لن يضيع طالما وراءه مطالب، وهو حق مقدس لا يتقادم مع الأيام.
كما شددت برير موران -وهي ناشطة يهودية يسارية- في كلمتها على
أن استمرار تجاهل إسرائيل للرواية التاريخية والحقوق الشرعية للفلسطينيين،
لن يحقق أي نوع من المصالحة.
وردا على سؤال للجزيرة نت، أوضح رئيس الهيئة الإدارية لجمعية
الدفاع عن حقوق المهجرين أحمد الشيخ محمد أن الجمعية تنكب على بلورة
إستراتيجية جديدة في التعامل مع حق العودة داخل أراضي 48.
وقال إن الجمعية ستنتقل من مرحلة النضال لصيانة الهوية
الوطنية نحو النضال الفعلي على الأرض لعودة المهجرين داخل أراضي 48 إلى
قراهم المدمرة منذ النكبة.
|
فلسطينية في عزم تشبثها بأرضها (الجزيرة) |
نكبة مستمرةولفت
الشيخ محمد إلى أن النكبة لم تنته، ودلل على ذلك باستمرار تهجير العرب في
النقب ومدن الساحل كيافا وعكا، داعيا إلى تدويل قضية العودة. كما انتقد
المفاوضَ الفلسطيني الذي يقتصر عمله على إدارة المفاوضات بدلا من العمل على
التخطيط للعودة.
ويؤكد عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية عبد الحكيم مفيد
أن المشاركة الجماهيرية الواسعة في مسيرة العودة، تدلل على "أننا مصممون
على حق العودة رغم الفرقة والتهجير".
وأشاد بثبات الفلسطينيين على ذاكرتهم وحقوقهم، وتابع "تؤكد
مشاركة آلاف الشباب فشل المخطط الصهيوني الذي راهن على وفاة الكبار ونسيان
الصغار".
وأشار إلى أن الجيل الشاب يبدي اليوم اهتماما بالقضية
الفلسطينية، وهو -بخلاف الجيلين السابقين- قد تحرر من صدمة النكبة، وهو جيل
منتصب القامة يبحث عن جذوره وهويته الوطنية رغم محاولات التجهيل في
المدارس الرسمية وقطع الفروع عن الأصول. وأضاف "هذا كيد مرتد على الحركة
الصهيونية التي سعت لخلق عربي-إسرائيلي خنوع ومتعاون".
وهذا ما يتفق عليه رئيس كتلة التجمع البرلمانية النائب جمال
زحالقة الذي شدد على أن حق المهجرين في العودة إلى قراهم ومدنهم "يبقى
ثابتا ومتأصلا لهم ولعائلاتهم مهما طال الزمن" ورغم الترغيب والترهيب.
" جمال زحالقة: الواجب الأخلاقي والوطني والسياسي يحتم على فلسطينيي الداخل التمرد على تجزئة الشعب الفلسطيني " |
عودة اللاجئين
واعتبر
زحالقة أن مسيرة العودة هذه تنطوي على تصحيح لغبن تاريخي لحق الشعب
الفلسطيني والذي يكون أولا بعودة اللاجئين. وتابع "مطلبنا ليس الاعتراف بحق
العودة فحسب، بل إتاحة المجال لعودة المهجرين في وطنهم فعليا لوطنهم".
وأكد أن الواجب الأخلاقي والوطني والسياسي يحتم على فلسطينيي
الداخل التمرد على تجزئة الشعب الفلسطيني وعدم الخنوع لها، مشددا على أن
مهمة الفلسطينيين الأولى هي "العمل على لم شمل شعبنا وتجميعه، فشعب فلسطين
لا يقبل القسمة إلا على واحد".
ودعا زحالقة إلى إتمام المصالحة وتفعيلها على الأرض ووقف نهج
الانقسام الكارثي الذي يصب الزيت على آلة المشروع الصهيوني القائمة على
مهمة تفكيك الشعب الفلسطيني.
وأكد أن المشاركة الشبابية الواسعة في مسيرة العودة خير دليل
على أن "شعبنا بخير، وأن الجيل الجديد أكثر إصرارا على رفع الذل وتحقيق
العدل لشعب فلسطين".
http://www.aljazeera.net/news/pages/3b52966c-20f0-4af0-a3fb-3f3ca565f2dd?GoogleStatID=9